معرض كتاب حزب التحرير – ولاية السودان: عرض كتب قيمة ومناقشات
افتتح حزب التحرير – ولاية السودان معرضاً للكتاب الإسلامي لمدة أسبوع من 11/12 لغاية 16/12/2004م، في ساحة القبة الخضراء في الخرطوم، ويتواكب هذا المعرض مع اختيار الخرطوم عاصمة ثقافية لعام 2005م. وفي هذا المعرض عرض حزب التحرير كتباً قيمة، وقد صحب هذا المعرض بعض المحاضرات والمناقشات التي توضح رؤية حزب التحرير للتغيير، من خلال الدعوة إلى إحياء الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة. وقد تميز هذا المعرض بحيويته، ولفت ابتكاره لأسلوب فتح المناقشات إلى جانب عرض الكتب نظر الكثيرين ممن زاروا المعرض، فكتبوا يثنون ويقدرون نوعية هذا العمل وقيمته. ومن هؤلاء الدكتور محمد موسى البر، والشيخ محمد السماني.
فقد ذكرت صحيفة الحياة السودانية في 7 ذي القعدة 1424هـ الموافق 19/12/2004م مقالاً للدكتور محمد موسى البر بعنوان: «في معرض كتاب حزب التحرير كتب قيمة وردّ بياني على الصليبية» وفيه يقول: «إن الغرب الصليبي يشن حرباً ضروساً ومتنوعة ضد الشرق الإسلامي، يدفعه إلى ذلك حقد قديم ومتجدد… وهي حروب تقودها الأسلحة الفتاكة.. وحروب أخرى باردة عن طريق حفيف الأوراق وصرير الأقلام فيما يسمى بالغزو الفكري.. وقد كان ولا يزال العالم الإسلامي هدفاً لغزو فكري يستهدف المبادئ الإسلامية في كثير من مجالات الحياة.. ويعد الكتاب واحداً من وسائل الحرب الثقافية، ويساهم مساهمة واضحة في نشر المعارف وبناء الحضارات ولا سيما الكتاب الإسلامي، وقد ورد ذكر الكتاب في القرآن الكريم في 242 موضعاً وذلك لأهميته… لكل هذا نحسب أن حزب التحرير – ولاية السودان، أقام معرضاً للكتاب الإسلامي. وكتب حزب التحرير هي بحق كتب قيمة أخذت قيمتها من المبادئ التي تنادي بها، وفيها تتبلور مبادئ حزب التحرير من مصادرها الكتاب والسنة» ثم إن الكاتب استعرض كتب الحزب، وبعض ما جاء فيها، ثم ذكّر أن المعرض لم يجهل إقليم السودان حيث قدم كتاباً معاصراً بعنوان: «السودان الجديد: صياغة على أساس الكفر وتمزيق البلاد» وقدم كذلك كتاباً معاصراً بعنوان: «بوش يبدأ حملته الصليبية الثانية» ثم ذكر أن هناك كتباً عديدة لا يتسع المجال لاستعراضها. وفي نهاية مقاله ذكر: «حسبي أنني لفت النظر إلى معرض يعد من مصدات الثقافة الوافدة على العالم الإسلامي.. وهو معرض يستحق أن يزار، وتشد إليه الرحال.. ويعد مساهمة واضحة في مجال الثقافة الجادة.. وكأنه لابد أن يقال لأمثال هؤلاء المدافعين عن الثغر الثقافي والفكري والتأصيلي: «أحسنتم ومطلوب منكم المزيد» ويقال لغيرهم: «احذوا حذوهم أو أحسن منهم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون» وذلك في مجال الثقافة ونشر الوعي لعلكم تفلحون في إطفاء أوار نيران الثقافة الوافدة، وهي من أسلحة الغزو الفكري الدائر الآن بين الغرب الصليبي والشرق الإسلامي. ومعرض كتاب حزب التحرير بحق نموذج لمهرجان ثقافي بين يدي الخرطوم عاصمة الثقافة».
جامعة القرآن الكريم كلية الدعوة والإعلام
أما الشيخ محمد السماني فقد كتب في صحيفة الوفاق يوم الاثنين في 8 ذي القعدة 1425هـ الموافق 20/12/2004م تحت عنوان «معرض كتاب» وكان مما كتبه: «لفت نظري الأسبوع المنصرم معرض كتاب أقامه حزب التحرير ولاية السودان لمدة أسبوع في الخرطوم. حقيقة إن مثل هذه الأحداث لا تفوت، بل لابد أن يتحدث عنها المجتمع في حياته العامة؛ لأن طبيعة الأفكار المطروحة جديرة بالنقاش، وكذلك العدد الذي زار المعرض لا يستهان به، إذ يقدر بالآلاف من سكان الخرطوم، ومن المدن الأخرى. ومن الأشياء التي استوقفتني طريقة النقاش التي تدار مع شباب حزب التحرير داخل المعرض، الذي رتب له بطريقة جيدة، حيث وضعت الكتب للبيع والعرض في جهة، وتركت ساحة فيها كراسٍ لنقاش واستيضاح الفكرة؛ فكان النقاش هادفاً لتوضيح الفكرة لناس مسلمين وغير مسلمين.
حقيقة إن فكرة حزب التحرير هي فكرة واضحة، وتتمحور في أساسها على أفكار الإسلام. ومن أبرز مفاهيم حزب التحرير الخلافة، التي تعني نظام الحكم في الإسلام، وهي رئاسة عامة للمسلمين لإقامة سلطان الإسلام. وهي تعني وحدة الأمة الإسلامية في دولة بدل هذه الدول، والتي يمعن فيها الغرب لتمزيقها أكثر. ولعل الوضوح في مفاهيم حزب التحرير لم يأتِ من بنات أفكار شبابه، ولا من مؤسسة الشيخ تقي الدين النبهاني، رحمه الله، بل هي أساساً من أفكار ومفاهيم ومشاعر الأمة الإسلامية نفسها، وهي تدرك ذلك، وهي تعلم أن مفاهيمها يجب أن تؤخذ من الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، والقياس، وهذا ما فعله حزب التحرير الآن، في المفاهيم التي يعمل بها لاستئناف الحياة الإسلامية.
إن فكرة المعرض، وما كشف من مفاهيم لحزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية، وخاصة الواقع المرير الذي نرزح تحته، وما حذر منه ويحذر ليل نهار من اتفاقية السلام القادمة التي يتبرم منها السواد الأعظم من الناس، وكذلك واقع الفقر المدقع، والحروب المعلنة وغير المعلنة.. لهي دواعٍ حقيقية للوقوف على طرح حزب التحرير باعتباره طرحاً جديراً بالوقوف عنده بعد ما فشلت كل المفاهيم المطروحة في الساحة. ففي نظري ونظر الجميع، إن حزب التحرير الذي يرفض الوطنية، والقومية، ومفاهيم النظام الرأسمالي، والديمقراطية جملة وتفصيلاً، يملك مفاهيم جديرة بالدرس والمراجعة والوقوف عندها إن كنا جادين لتغيير الواقع، والنهوض بالأمة من جديد، ويكون لها موضع قدم في حلبة الصراع الدولي.
ولعل من أبرز مفاهيم حزب التحرير، كما أسلفت، وحدة الأمة الإسلامية تحت دولة الخلافة. وعندها (الأمة) ما يؤكده من واقع وتاريخ ومقومات… فالأمة الإسلامية في ظل وحدتها، كانت أمة تحترمها الدول والشعوب، وعاشت في اقتصاد قوي، ولم يكتب التاريخ عنها إلا الجميل، في صفحات بيضاء. والتاريخ يحدثنا عن وحدة الأمة الإسلامية كيف كانت في الأدب، والعلم، والأخلاق، والتأثير في الواقع الدولي، وهذا ما يعضد فهم حزب التحرير لإيجاد نقلة نوعية وكمية في طرحه…
هناك مقومات يستند إليها حزب التحرير في طرح مفهوم دولة الخلافة الإسلامية التي يرى حزب التحرير بأنها قاب قوسين أن أدنى.
إن أول مقومات الخلافة وحدة الأمة، وهي متوفرة، وأدل عامل من عوامل وحدة الأمة هو عامل الدين الإسلامي الذي يشكل دين غالبية السكان. وهذا العامل كفيل بأن يجعل من الخطاب السياسي الإسلامي واحداً في الفهم والالتزام، خاصة في القضايا المصيرية، من فقر، وأزمة حكم، وانتهاك لحرماتها ومقدساتها، وتمزيق لأراضيها، وسفك لدمائها، واحتلال لأراضيها. فالخطاب الإسلامي السياسي لهذه الشعوب يجعلها أمام رابط قوي ومتين لتحقيق هدفها.
الأمر الثاني من المقومات العامل الديمغرافي أي السكاني، مما يجعل المسلمين يشكلون أكبر قوة في مجال البناء والحماية وبناء الدولة نفسها، وغيرها من الامتيازات الضخمة.
العامل الثالث هو العامل الجغرافي… إذ يقع العالم الإسلامي في وسط العالم, وهو موقع استراتيجي.. وأخطر عامل هو أمر الموارد التي تتمتع بها المنطقة، من تربة خصبة، ومياه شرب، ومعادن. وأمر النفط فيها عجيب، إذ يملك العراق وحده ثاني احتياطي نفط على مستوى العالم، وهو مخزون استراتيجي يتراوح ما بين 112 و115 مليار برميل، وهو أرخص بترول إذ يكلف البرميل الواحد 7 سنت، أي أقل من دولار واحد. فنجد الدول المستعمرة قد جعلت الشرق الأوسط محط أنظارها، بل جعلتها محميات لا يجوز أن تتصرف فيها أي قوى أخرى، كما قال روزفلت عندما بعث لجنة إلى الشرق الأوسط، زارت كلاً من الكويت، والسعودية، والعراق، وإيران، والبحرين، وقطر. وعند عودتها قدمت تقريرها الذي بدأ بالعبارة التالية: «إن نفط الشرق الأوسط هو أعظم كنـز تركته الطبيعة للتاريخ. والتأثير الاقتصادي والسياسي لهذا الكنـز سوف يكون قادماً» وعندما سأل وزير الخارجية جيمس بيرز الرئيس روزفلت عن الحصة التي ينبغي أن نسيطر عليها، سكت برهة ثم قال: لا أقل من 100%.
إذن نحن حقيقة أمام طرح حزب التحرير، وإن تجربة معرض كتاب حزب التحرير، في تقديري، ناجحة، وأسأل الله أن يوفق حزب التحرير لما يرضي الله ورسوله والمؤمنين، وأن يعمم فكرة هذا المعرض، إن أتيحت الفرصة، وأن تنداح من أمام حزب التحرير العقبات، حتى يترك المجال بين الأمة والحزب، حتى تتأكد الأمة من أحق بقيادتها.