إعرف عدوك: مركز نيكسون للأبحاث يدعو إلى محاربة حزب التحرير
عقد في تركيا مؤتمر بعنوان «تحديات حزب التحرير: فهم ومحاربة الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة» في أيلول 2004م في إستانبول (آخر عاصمة للخلافة الإسلامية)، برعاية مركز نيكسون للأبحاث، على مدار يومين. وقد خصص المؤتمر للبحث في هيكلية حزب التحرير وعقيدته، وطريقة تفكيره، وطريقة عمله، وعدائه للسامية، وانتشاره العالمي.
وتناولت جلسات المؤتمر نشاطات حزب التحرير في الشرق الأوسط، وتركيا، وآسيا الوسطى، وأوروبا، وأميركا. وتطرقت إلى تمويله، وكيفية نشر أفكار إيديولوجيته، وكيف أنه استفاد من الإنترنت في كسب الرجال والنساء، وخاصة غرف الدردشة، واستغل قوانين المجتمعات الغربية المفتوحة لكسب أعضائه.
لقد شارك في هذا المؤتمر العدائي، وزير العدل التركي شيشك، وبعض الحركات التي تسمى زوراً وبهتاناً بالإسلامية، من مثل المجلس الأعلى الإسلامي في أميركا، وحزب الإحياء الإسلامي في طاجيكستان، إلى جانب مشاركة يهود مثل ريوفين باز مدير «مشروع بحث الحركات الإسلامية» في مركز الثقافات في (إسرائيل).
الخلاصات الرئيسية:
لقد خلص المؤتمر، بعد عقد لقاءاته المكثفة، إلى خلاصات رئيسية عن حزب التحرير وملخصها:
– حزب التحرير حركة عالمية إسلامية، متطرفة، سياسية، تهدف إلى قلب الحكومات الغربية والإسلامية، وإعادة الخلافة.
– حزب التحرير لديه سياسة «القلوب والعقول» ذات الثلاث مراحل، والتي تهدف إلى تغيير المجتمع لثورته الإسلامية «السلمية». في المرحلة الأولى يثقف أعضاءه بتاريخ الحزب، وفلسفته، وإيديولوجيته. خلال المرحلة الثانية، يشجع الأعضاء على الاحتكاك والوصول إلى المجتمع، وإيجاد علاقات مع مراكز القوة. وعندما يصل الحزب إلى ثقل معين تبدأ المرحلة الثالثة، حيث يطلب من كل من هو على اتصال بهم أن يقلبوا نظام الحكم سلمياً، وتبلغ هذه المرحلة أوجها عندما يكون الشعب مستعداً لإقامة الخلافة.
– حزب التحرير نفسه لا ينخرط في أعمال إرهابية، إلا أنه لا ينكر ولا يستبعد استخدام القوة للوصول إلى هدفه. وبالرغم من أن حزب التحرير ليس حركة عنفية رسمياً، إلا أن أعضاءه يشاركون في حركات الجهاد المسلح كأفراد، وليس كممثلين عن الحزب.
– أعظم خطر يمثله حزب التحرير هو أثر إيديولوجيته في هيكلة المجتمع المسلم الدولي. عقيدة حزب التحرير القطعية والمليئة بالحقد تتضمن عداء للسامية، ومناهضة الديمقراطية الرأسمالية بقوة.
– نما حزب التحرير ليصبح حركة دولية فعلاً، تعمل بشدة في أوروبا، وتحقق كسباً كبيراً، مستغلة الحريات الموجودة في المجتمعات المفتوحة. والديمقراطيات الغربية مازالت تسمح للحركة بالعمل بالرغم من نشر دعاية العداء للسامية. ونشاطات الحزب الأوروبية تهدف إلى كسب طلبة الجامعات، وأفراد الطبقة المتوسطة. ويعتبر حزب التحرير جذاباً للشباب المحبطين والمهاجرين الذين فقدوا الثقة بالأنظمة التي يعيشون في ظلها، بالإضافة إلى رفضهم للقيم الغربية.
– بالرغم من صعوبة التأكد، إلا أن أعضاء حزب التحرير يقدرون ببضع مئات إلى بضع ألوف في كل دولة يعمل فيها الحزب، ويدار من خلال نظام مركزي عمودي في الخلايا… وكل عضو منهم مدرب إيديولوجياً مما يجعل تأثيره كبيراً.
– خطر حزب التحرير الرئيسي في الغرب هو رسالة «عدم الاندماج» وإذا اختار المسلمون الذين يعيشون في الغرب عدم الاندماج، واستمروا في نهج حياتهم القائم على التعاليم الإسلامية، فمما لاشك فيه حدوث اصطدام بين المسلمين وغير المسلمين على المدى البعيد. وهذه النقطة بالذات مهمة لأوروبا التي مازالت تحاول متعثرة إذابة مواطنيها المسلمين، وبالتالي من الممكن أن تواجه عدم استقرار إذا نجحت سياسة عدم الاندماج.
– المنطقة الثانية من حيث الأكثر فاعلية لعمليات حزب التحرير هي آسيا الوسطى، وخاصة أوزبكستان، حيث الناس في حالة إحباط متزايد، بسبب القمع السياسي، وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية… فهناك العديد من المسلمين، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، يريدون أن يتعلموا دينهم (الإسلام) وبالتالي استطاع حزب التحرير ملء هذا الفراغ في التدريس الذي أحدثته سبعون عاماً من اللادينية السوفياتية.
– حزب التحرير ناجح لعدة أسباب أولاً قدرته على التكيف، مما يجعله قادراً على نسج رسالته وطريقته بما يناسب شعوب دول مختلفة. مما يسمح له بإيصال رسالة موحدة إلى جميع الدول التي يعمل فيها.
التوصيات:
حزب التحرير في طريقه ليصبح ظاهرة دولية. وبالتالي يتطلب من الولايات المتحدة وأوروبا أن تعد استراتيجية شاملة للتعامل مع خطره، ليس فقط في دولهم، ولكن أيضاً في المناطق الأخرى مثل آسيا الوسطى. لذلك تم اقتراح مجموعتين من التوصيات: الأولى تتطرق للحزب في الغرب في أراضينا حيث المجتمعات المفتوحة، والأخرى لمناهضة حزب التحرير في ولايات آسيا الوسطى.
الغرب:
– عدم تعامل دول الغرب مع حزب التحرير من وجهة نظر الحرية الدينية. فحزب التحرير هو حزب سياسي لا يشارك في أي نظام سياسي، ولكن يريد قلب هذه الأنظمة السياسية. وحزب التحرير مناهض للحريات الدينية، فهو يعلم نوعاً معيناً من الإسلام لاستخدامه كأداة سياسية، وليس للتنوير الروحي.
– إدراك أن حزب التحرير يعمل على نشر العداء للسامية، وهو مليء بالكراهية، ومناهض للأفكار الدستورية، مستفيداً من “التسامح” الغربي. وحزب التحرير يستخدم شعارات ومبادئ الغرب لإضعاف الهيكلية الاجتماعية الأساسية، حيث الناس من قوميات مختلفة، وديانات مختلفة، وأعراق مختلفة، يكافحون للعيش بعضهم مع بعض سلمياً. بهذا “التسامح” الغربي، وبترك حزب التحرير ينشر رسالته، فإن الغرب يسمح بنشر “عدم التسامح” في الأوساط الإسلامية. إننا نحتاج إلى وسائل جديدة، مثل تشريع قوانين “جرائم الكره” و”الدعاية إلى الكراهية”.
– التعلم من المثال الألماني، حيث استطاعت ألمانيا أن تحظر حزب التحرير في يناير 2003 بإثبات أن الحزب هو منظمة مناهضة للدستور، ومعارضته للأسس الديمقراطية للدولة. هذه الحجة بنيت حول طريقة عمل الحزب التآمرية للغاية، وتشجيعه على استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهدافه السياسية، ومحاولاته للتحريض على العنف.
– محاربة حزب التحرير والحركات الإسلامية الأخرى المتطرفة على المستوى الإيديولوجي. في الحرب على الإرهاب، اتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها إجراءات أمنية وعسكرية مثل منع القنوات المالية لهذه المجموعات الإرهابية. وعلى المستوى الإيديولوجي، الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمكن حزب التحرير من كسب “قلوب وعقول” المسلمين، يجب التعامل معها مباشرة.
– النقطة الأكثر إلحاحاً هي الحاجة لتغيير الانطباع بأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة “غير عادلة”. إن العدل هو أهم فكرة عند المسلمين، والذين لا تمثل لهم الديمقراطية شيئاً من غير العدل. يجب على الولايات المتحدة أن تعمل أكثر على أعلى المستويات لحل النزاع الإسرائيلي – فلسطيني. طالما أن هذا النزاع موجود، فجماعات مثل حزب التحرير سيجذب له أتباع، لأن القادة العرب سيستخدمون دعم أميركا لإسرائيل كحجة لتأخير الإصلاحات. إن مخالفات حقوق الإنسان، الفقر، والبطالة مرتبطة بشكل مباشر بالأمن الدولي. الدول الصناعية الثمانية بحاجة للإنفاق المادي بصورة أكبر على الفقراء في الدول الإسلامية. هذا يمكنه تغيير وجهة النظر القائلة بأن النظام الرأسمالي الغربي هو نظام عادل “منصف”.
– إيجاد جو للجماعات الإسلامية التي تدعو للتسامح الديني وحوار الأديان، والسماح بإنشاء مدارس فكرية غير عربية للمسلمين في الغرب، هما أفضل طريقة لدحض أفكار حزب التحرير. إلى اليوم، المسلمون الذين يعيشون في الولايات المتحدة وأوروبا تعلموا الإسلام إما من أئمة مدعوين من السعودية وناشطين، وإما من حزب التحرير. العلماء والأئمة الذين تلقوا أفكارهم الإسلامية في دول أخرى مثل تركيا، آسيا الوسطى، أندونيسيا، أو ماليزيا، باستطاعتهم أن يقدموا فهما أكثر تسامحاً للإسلام، والذي تطغى عليه الناحية الروحية، ويرحب بالتعايش السلمي بين الأديان والثقافات.
– دعم الجهود التي تحارب نشر الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة بصورة مناسبة. في التعامل مع المنظمات الدولية، ونشاطات المخابرات، ومحاربة الإرهاب، ومراقبة العمليات المالية، كل هذا يحتاج إلى تعاون دولي، وهو مكلف للغاية. الغرب يحتاج لدعم هذه الجهود مادياً، على سبيل المثال، عن طريق تخصيص نسبة معينة من ميزانيات الدفاع لمواجهة هذا الخطر الأمني.
آسيا الوسطى:
– تقبل شرعية فكرة بأن حزب التحرير حركة غير شرعية، ومحاربته باستخدام النقاش السياسي الرسمي بدلاً من الحجج الدينية. دول آسيا الوسطى لا يجب أن يقال لها بأن تعامل حزب التحرير على أساس أنه حركة دينية. حزب التحرير يدعو أعضاءه لممارسة أعمال غير دستورية لقلب حكوماتهم، ما يوجب اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم. حزب التحرير لا يأبه بالحرية الدينية ولا بالتسامح، بل يعنى بتأجيج التغيير السياسي. على دول آسيا الوسطى أن توصل لأبنائها أن ما يقوم به حزب التحرير من توزيع منشورات ليس له علاقة بالإسلام.
– العمل مع تركيا لإيصال ما يلي:
أ – الإسلام، والديمقراطية، والحداثة، كلها متجانسة ومكملة لبعضها.
ب – كما تعلمتْ تركيا، فالتعذيب يؤدي إلى تشدد أكبر: فالسجون يجب أن تُقَوَّم، ويجب تقديم ظروف معيشية جيدة للسجناء، ومعاملتهم معاملة إنسانية.
جـ – من خلال أئمة تركيا وعلمائها المدربين بكفاءة، تستطيع تركيا المساعدة في تقديم القاعدة الفكرية الجيدة؛ ليزدهر الإسلام التقليدي العرفي في آسيا الوسطى.
– التعاون مع دول آسيا الوسطى للوصول لفهم أفضل حول المحفزات التي يمكن تقديمها لتفعيل جهود الإصلاح، كتلك التي تقدم لتركيا من الاتحاد الأوربي في إطار عضوية الاتحاد الأوربي. بالنسبة لتركيا فإن التواصل (مع الاتحاد) هو الذي شجع الإصلاح وليس الانعزال.
بالإضافة إلى ذلك اقترحت الخطوات التالية على حكومات آسيا الوسطى نفسها؛ لتتعامل مع حزب التحرير بشمولية وفاعلية:
– لا تقوم بسجن أو تعذيب أعضاء حزب التحرير بصورة عشوائية. فمثل هذه الطرق تقوي من اعتقاد العضو بضرورة قلب الحكم.بالإضافة إلى أن السجن هو مكان مثالي لإنعاش إيديولوجيته المتطرفة.
– إدراج مناقشة الثقافة الإسلامية التقليدية في التعليم العلماني. في دول آسيا الوسطى. معظم الذين يلتحقون بحزب التحرير ليتعلموا الإسلام إنما هو لعدم وجود خيارات تعليمية أخرى. من جهة أخرى، فثقافة آسيا الوسطى الأهلية والممتدة لألف سنة، قائمة على أساس التسامح الديني، ما يجعلها الأداة الأقوى فاعلية في منع استيراد الإيديولوجية الشرق أوسطية المتطرفة.
– إيجاد مشيخة (دينية) متعلمة في آسيا الوسطى. تحتاج دول آسيا الوسطى لمقاومة الإسلام المتطرف بإيجاد نسخة من الإسلام التقليدي العرفي الذي كان عبر التاريخ متسامحاً (مع الأديان الأخرى). هذه النسخة من الإسلام يمكن أن تجد لها صدى، وأن تدرَّس عن طريق تحسين جودة المعرفة الإسلامية عند المشايخ.
– فتح باب العملية السياسية، فغياب المنافسة الصحيحة للتعبير عن وجهات النظر والسخط السياسي، لن يترك المجال أمام الناشطين سياسياً في آسيا الوسطى إلا للالتحاق بالحركات السرية مثل حزب التحرير.
– تطبيق إصلاحات سياسية تسمح بدمج الحركات الإسلامية في العملية السياسية سلمياً. بسبب طبيعة أهداف حزب التحرير، ونفوره المطلق من الهيئات الحكومية، فلا يمكن دمجه في العملية السياسية. ولكن باستطاعة حكومات آسيا الوسطى الوصول إلى الجماعات الإسلامية الأخرى التي تحترم الهيئات الدستورية، وبالتالي تعزيز وجود الإسلام المعتدل داخل حدودها.
– إيجاد قاعدة للأمن الاجتماعي والتطوير الاقتصادي للقطاع الخاص في آسيا الوسطى، وهذا سيساعد في اجتثاث جذور التطرف.
– توظيف جميع الموارد الإعلامية لنشر القيم الإيجابية والتفاهم الديني. دول آسيا الوسطى يجب أن تشجع باستمرار حوار الأديان،والحوار الفكري، لتبديد الشكوك، وتقوية التجانس بين الأديان.