المعلوم من الدين بالضرورة أن أرضَ فلسطين، أرضَ الإسراء والمعراج، هي أرض إسلامية، إذ فيها المسجد الأقصى المباركُ حولَه، أولى القبلتين وثالث المسجدين، التي لا تشد الرحال إلا إليها. وقد ربطها الله عز وجل بعقيدة كل مسلم آمن بالله وبخاتم رسله محمد -صلى الله عليه وسلم-. فهي أمانة في عنق كل مسلم، سوف يُسأل عنها، أحفظها أم ضيعها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. [الأنفال: 27].
نعم المعلوم من الدين بالضرورة، أن أرض الإسراء والمعراج أرض إسلامية مباركة والدليل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. أما القرآن فقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأََقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ… } [الآية الأولى من الإسراء]، وأما السنة فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».
وبناء على ما تقدم فإن أرض فلسطين هي أرض إسلامية خراجية لا يملك أحد من المسلمين رقبتها، ولكن يملكون الانتفاع بها فقط. أما ملك رقبة الأرض فتعود لأجيال المسلمين إلى يوم القيامة. ولا يملك أحد التنازل عنها كائناً من كان، ولا عن أي جزء منها للغاصبين أياً كانوا فكيف إذا كان الغاصبون هم اليهود، أشد أعداء الإسلام والمسلمين!! قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ… } [المائدة: 82].
لقد أعطى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض-رضي الله عنه- عهداً باسم الإسلام والمسلمين، وعهده واجب الوفاء. نعم أعطى عهداً عندما افتتح بيت المقدس لأهلها جاء في ما نصه بالحرف: «ولا يسكن بإيلياء (القدس) معهم أحد من اليهود» راجع تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري رحمه الله، السنة الخامسة عشرة تحت عنوان «افتتاح بيت المقدس» حيث ما عرف عند المسلمين بالعهدة العمرية. ولقد ختم كتاب عمر بن الخطاب للنصارى من أهل القدس ما نصه: «وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين».
وبناءً على ما تقدم من القرآن والسنة، والعهدة العمرية، كان الاعتراف باليهود الغاصبين باطلاً شرعاً، ولو على أي جزء من أرض فلسطين، وغير ملزم للمسلمين، وكأنه لم يكن.
وعلى المسلمين من أهل فلسطين، فالذين يلونهم من دول الطوق، الاستمرار في حالة الحرب مع اليهود، حتى تحرير كامل أرض فلسطين من اليهود، فإذا لم يكفِ أهل فلسطين وأهل دول الطوق للتحرير، يصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة حتى التحرير الكامل لفلسطين. فالمسلمون في حالة حرب فعلية مع اليهود الغاصبين لفلسطين وباقي الأراضي العربية.
وبناءً على ذلك الحكم، فدم أي يهودي يحمل التابعية (الجنسية الإسرائيلية) جنسية الدولة الغاصبة لفلسطين المحتلة المسماة (بإسرائيل) مباح وكذلك أمواله… هذا هو حكم الإسلام في الاعتراف بأنه باطل شرعاً غير ملزم للمسلمين.
أما حكم الإسلام في المعترفين باليهود الغاصبين ـ (سواء أكانوا من أبناء فلسطين الخونة، أو من الحكام المسلمين ومنهم العرب ـ عبيد الكفار ت الذين يتلقون الأوامر من أسيادهم الأميركان وخاصة حكام مصر، الذين نفذوا أمر أسيادهم الأميركان، فأوجدوا منظمة التحرير الفلسطينية، وفرضوها الممثل الشرعي الوحيد، وذلك من أجل تسليم فلسطين لليهود) ـ فإنه حكم واحد في جميع الخونة، فحكم الإسلام في المعترفين باليهود هو أن يقتلوا إن لم يتوبوا ويرجعوا عن الاعتراف. نعم أن يقتلوا كفاراً، ولا يغسلوا ولا يكفنوا ولا يُصلّى عليهم، ولا يدفنوا في مقابر المسلمين، والدليل على ذلك من القرآن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ… } [المائدة: 51] قال الزمخشري وهو يفسر الآية: «فهو من جملتهم وحكمه حكمنهم» راجع الكشاف.
وفي هذا المعنى صدرت الفتاوي الكثيرة، راجع على سبيل المثال لا الحصر الفتوى التي صدرت عن المؤتمر الأول لعلماء الدين بفلسطين يوم 25/01/1935م صفحة 505 من كتاب «التيار الإسلامي في فلسطين وأثره في حركة الجهاد 1917 ـ 1940 للأستاذ حسن محمد صالح، الطبعة الأولى 1409هـ، 1988م مكتبة الفلاح ـ الكويت.
وعن تساؤل البعض عن البديل سواء أكان بحسن نية أو بسوء نية، نجيب: البديل في القرآن، وفي قوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]. وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. وقوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} [النساء: 104]. وقوله تعالى: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ… } [محمد: 35].
وبعد فهذا هو حكم الإسلام في المعترفين باليهود الغاصبين. وعلى القادرين من أبناء الأمة الإسلامية من أهل العقد والحل ومن حملة السلاح خاصة تنفيذ حكم الإسلام.
قال إمام الحرمين الجويني في كتابه «الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد» صفحة 132 الطبعة الأولى 1405هـ 1985م مؤسسة الكتب الثقافية ما نصه بالحرف: «وإذا جارَ والي الوقت (الحاكم) وظهر ظلمه وعشمه ولم يَرعَو عمّا زُجِر عن سوء صنيعة بالقول. فلأهل الحل والعقد (أهل القوة) التواطؤ على درئه. ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب».
لطفي الشنيك