في يوم المرأة… بين مفهوم الإسلام والغرب عن المرأة
2000/05/08م
المقالات
2,208 زيارة
تحرير المرأة، يوم المرأة العالمي… عناوين كثيرة وافدة من بلاد الغرب، تحمل دعوة للمسلمين حتى يلحقوا بأصحابها الكفار في نظرتهم إلى المرأة والأسرة والنظام الاجتماعي، فما هي نظرة الغرب أصحاب هذه الدعوة للمرأة؟ وما هي صورة الحياة الحقيقية التي تنشأ عن هذه النظرة؟ إلى أين يراد لمجتمعات المسلمين أن تصل؟ ثم ما هي أهداف هذه الدعوة؟
لكن قبل الحديث عن نظرة الغرب للمرأة فإننا نبدأ ببيان نظرة الإسلام، ونحن لن نكتفي بالقول إن الإسلام هو دين الفطرة، المنـزل من الله سبحانه، وإن كان هذا يجب أن يكفي لكل مسلم حتى يعرض عن دعوات الغرب، ولكننا سنذكر بشيء من التفصيل نظرة الإسلام إلى المرأة وكيف أنها النظرة الصحيحة التي تؤدي إلى نتائج إيجابية خالية من السلبيات.
فالإسلام يجعل أساس النظرة إلى المرأة أولاً أنها أم وثانياً هي ربة بيت وثالثاً هي عرض يجب أن يصان، فالرسول r قد أوصى بالأم ثلاثاً، وجعل حقها أعظم حق، ثم كفل العيش للمرأة دائماً زوجةً وأماً وبنتاً وأختاً… ثم جعل الحفاظ عليها والدفاع عنها من أشرف الأعمال «من قتل دون عرضه فهو شهيد»، ثم بعد هذا حصر علاقة الذكورة والأنوثة بين الرجل والمرأة في الزواج فقط، ثم حرم كل علاقة غيرها، بل حرم كل ما يتعلق بهذه الصلة بينهما، حرم الخلوة وحرم النظر إلى غير الزوجة بشهوة، وحرم النظر إلى العورات وأمر بغض البصر وأمر بالستر، وجعل الأصل فصل الرجال عن النساء في مجتمع المسلمين…
فما هي نظرة الغرب إلى المرأة؟ وهل يدرك هؤلاء الظلاميون والمضبوعون من بيننا أهداف الغرب من هذه الدعوة حين يحملونها ؟
إن المرأة عند الغرب متعة فقط، فالنظرة إليها أنها أولاً متعة وثانياً !! وثالثاً !! لذلك فهي تعرض بكل ما يتيح التمتع بها، في تصميم زيها وصناعة زينتها وعطرها… في العمل والشارع، في السوق والنـزهة وبعد ذلك فهذا المظهر “المرأة” يجب أن يستفاد منه، ليس فقط في تمتع كل من شاء، بل أيضاً في تسويق البضائع والخدمات، حتى صار عرض المرأة وشرفها يدخل في ثمن معظم البضائع والخدمات عندهم.
إن المدقق في حقيقة رغبات الإنسان يرى أن منها ما يمكن إشباعه وهي الحاجات العضوية كالحاجة إلى الطعام والشراب، ومنها ما لا يوجد له حد فإن الإنسان يبقى يطلب المزيد، مثل النار كلما أوقدتها زادت اشتعالاً وهي الغرائز، فعندما يشبع الواحد من الطعام يصل إلى حد لا يحب بعده ذكر الطعام لفرط إعراضه عنه، ولكن الأمر مختلف في الغرائز، فإذا ملك سيارةً ورأى غيرها فإنه يتمناها أو مثلها وهكذا، فغريزة النوع إذا تم إطلاق مظهر الجنس فيها فإنها لن تقف عند حد الزوجة إن وجدت، ولا حد الخليلة! ولا حد المحارم !! ولا حد العلاقة الطبيعية بين الذكر والأنثى!! ولا حد العلاقة بين البشر دون الحيوانات !!، وهذا حال الغرب تماماً، بناءً على ما يظهر منه وأما ما يسكت عنه وما يتم بالرضا فهو الأصل وهو الغالب وهو كثير كثير ؟!
لذلك كانت النظرة المتفقة مع واقع الإنسان وغرائزه هي نظرة الإسلام التي توجد السعادة والطمأنينة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة)بأن حصر علاقة الذكورة والأنوثة في الزواج فقط ثم منع كل ما يؤدي إلى إثارة هذا المظهر الغريزي، ووضع لذلك أحكاماً وتوجيهات وحد حدوداً وفرض عقوبات، كل ذلك حتى يبقى المجتمع مطمئناً معافى من كل نقيصة.
هذه هي نظرة الإسلام إلى المرأة، وهذه هي حالها في مجتمعات المسلمين اليوم بالرغم من عدم الحكم بما أنزل الله وعدم عيش المسلمين في دولة تطبق الشرع، إلا أنها رغم ذلك ورغم أن الحال هو بقية من أثر العقيدة الإسلامية في النفوس، ورسوخ أحكام الإسلام في النظام الاجتماعي في المجتمعات فإن المرأة كالملكة، فهي تتوج بعرس واحتفال، يشهده أهل البلد رجالاً ونساءً ثم تبدأ مملكتها تتسع وكلما امتد بها العمر زاد رعاياها واتسعت مملكتها وتضاعفت ثروتها وكثر خدامها.
وأما نظرة الغرب التي يطبقها على نفسه ويوظف كل الطاقات للإبداع فيها، من عروض الأزياء وملكات الجمال والفنون بكل صورها… فماذا أنتجت تلك النظرة! لقد أنتجت كل منكر وفاحشة، أمراض وجرائم… ثم… فإذا المرأة قد ذهبت نضارتها، فترمى في ركن بعيد حتى لا تزعج أحداَ، كالمتاع القديم، وتترك بصحبة كلب يسليها !!
إن من يحملون هذه الدعوة بين المسلمين عليهم أن يعلموا أن نظرة الغرب إلى المرأة قد يكون لها بداية ولكنها ليست لها نهاية فيما ينشأ عنها من مشاكل بل وجرائم، وما قد يظنه هؤلاء المقلدون أن الأمر لا يعدو أن تقلدهم في زيها ومظهرها وعملها ثم تبقى لها خصوصياتها، فهم إما واهمون مضبوعون أو دجالون فاسدون.
إن هذه الحياة الغربية لا تليق بكريم، فكيف بأمة الإسلام، وإن أهداف هذه الدعوات بين المسلمين إنما هي جزء من العمل الدائم والحرب المستمرة التي يشنها الكفار على الإسلام وأهله.
فالغرب بعد أن رأى أنه قد نجح في إقصاء الإسلام عن الحكم بهدم الخلافة، فإنه صار يعمل لتكريس هذا الحال حتى لا يعود المسلمون إلى استئناف الحياة الإسلامية من جديد، وهو يرى اليوم أن المسلمين أخذوا يتلمسون طريقهم، فإنه صار يتطلع إلى النظام الاجتماعي لإفساده وهدمه، لأنه البقية التي تحفظ لمجتمع المسلمين صفات وميزات الشرف والعفة والأرحام… ما يجعله باستمرار قابلاً للإصلاح والعودة إلى تحمل مسؤولياته من جديد.
ففي الجزائر “المذبوحة” مؤتمر للمرأة!! وفي الأردن مظاهرة يقودها أقارب الملك لتشديد العقوبة على كل من يدافع عن عرضه وفي مصر تعديلات قوانين تضعف بنيان الأسرة وتضعف قوامه الرجل على المرأة.
إن الدعوة إلى هذه الأفكار إنما هو باعتبارها طراز عيش خاص بالكفار، فالدعوة لتأخير سن الزواج والتحذير من الزواج المبكر، إنما هو لإيجاد الزنا بدلاً منه وذلك أنه يعمل على زيادة كل دواعي الإثارة عند الذكور والإناث ثم تمنع العلاقة الشرعية “الزواج” بحجج منها أن الطفل من الزواج المبكر يأتي ضعيفاً ؟! ثم ماذا يكون… يكون زنا ويكون اغتصاب ويكون حمل ويكون إجهاض وتكون ولادة لأمهات صغيرات “دون سن الزواج القانوني” لكن بدون زواج ؟!
لقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتباع الكفار فقال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: فمن ؟!» فمن غيرهم ؟
إن ما يراد بالمسلمين خطير، من إشاعة للفاحشة والرذيلة وما ينشأ ذلك نراه بأعيننا كل يوم في حياة الكفار، فهم يتحدثون عن قضايا كثيرة سجلت على أنها جرائم عندهم، وكل ذلك قد عافانا الله منه بفضل الإسلام وأحكامه، فجرائم مدينة واحدة في الغرب مثل باريس أو لندن أو نيويورك قد تزيد عن المخالفات عند المسلمين وهذه وحدها تكفي لبيان فساد هذه الدعوات وخطرها على الأمة، فكيف ونحن المسلمين نرى أن ما لم يعتبر عندهم جريمة وفضيحة هو عند الله عظيم كالزنا وغيره وهو أكثر بكثير مما يمكن أن يتصوره مسلم أو حتى يتخيله ! فليكن الجميع على حذر.
(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة).
قارئ للوعـي
2000-05-08