حوادث تدنيس القرآن أكبر وصمة عار تلحق بأميركا وحضارتها
2005/06/07م
المقالات, كلمات الأعداد
1,878 زيارة
حوادث تدنيس القرآن أكبر وصمة عار تلحق بأميركا وحضارتها
أقرّ البنتاغون حصول ثلاث عشرة حادثة أساء خلالها المحققون في سجن غوانتانامو إلى المصحف الشريف، ثماني وقائع منها حصلت بصورة غير متعمدة، ما يعني أن الخمس الأخرى وقعت عمداً. هذه هي أميركا، إنها، منذ نشأتها، لا تتغير، في أفكارها، وأساليبها، ووسائلها، سجل أسود مكتوب بالخط الأحمر، إجرام يتلوه إجرام، يتلوه إجرام، حتى يشكل تاريخها بماضيه وحاضره ومستقبله… إن هذا الخبر يتوقع أن تتعامل معه أميركا كما تعاملت مع حالات التعذيب التي فضحت تصرفاتها الشنيعة في سجن «أبو غريب»: لجان تحقيق، ومساءلة في الكونغرس، ودعايات هوليودية تظهر عدالة أميركا الزائفة التي تنتهي بكبش محرقة تطال بعض الجنود المأمورين، وتغطي عن مسؤوليهم الكبار المأفونين.
إن أميركا تخسر بامتياز في حربها الحضارية ضد المسلمين، إنها تدلل مرة تلو مرة أن سجلها في انتهاك حقوق الإنسان هو أسوأ سجل عالمي، ولا يضاهيها فيه إلا يهود أبناء القردة والخنازير. إن حوادث تدنيس القرآن هي أكبر وصمة عار تلحق بالولايات المتحدة، وتشي بانحطاط الحضارة التي تعتنقها، وزيف الحرية التي تدّعيها.
إن الحضارة الغربية أثبت القائمون عليها أنها شر وداء، ولا دواء له إلا الاستئصال والزوال. إنها حضارة حكامها شياطين يقبعون فيما يعرف بـ«البيت الأبيض» و«وداوننغ ستريت 10» و«الإليزيه» و«الكرملين»… حضارة تقوم مفاهيمها الشيطانية على إبعاد الدين عن الحياة والحكم، والتحلل من كل قيمة روحية، أو إنسانية، أو خلقية، حضارة تقوم على أنانية فردية مفرطة، وشهوانية حيوانية دنِسة، حضارة رأسمالية متوحشة تقوم على استعمار واستحمار الشعوب… إن كره هذه الحضارة من الدين، والقائمون عليها أبالسة وشياطين. وإن الصراع الحضاري بين المسلمين وأميركا هو صراع بين الإيمان والكفر، بين ما يدعو إليه الله الرحمن الرحيم وما يدعو إليه الشيطان الرجيم، هذه هي حقيقة الصراع الذي لا حلول وسط فيه، ولا التقاء معه في منتصف الطريق، وليس فيه تقاطع مصالح، أو ما يزعم من مثل تلك الأقوال الفارغة بل الفاسقة.
إن أميركا تتصرف بخسة مع المسلمين ودينهم لأنها لا دين لها. وفضيحة تدنيس القرآن هذه ليست جديدة على التصرف الأميركي. فمن من المسلمين ينسى تعذيب المسلمين المهين وهم عراة في سجن «أبو غريب» وممارسة أبشع أنواع الرذيلة بحقهم؟! ومن منهم ينسى ارتكاب مجزرة سجن قلعة خانجي في أفغانستان؟! ومن ينسى استعانة أميركا بيهود في العراق، وتفتيش المسلمات بشكل مهين، واعتقال العلماء المسلمين وإخضاعهم للتعذيب والمهانة، وقصف المساجد وتدنيسها، وإجبار المسلمين المساجين على تناول لحم الخنـزير استخفافاً بدينهم؟! ومن منهم ينسى ما تقدم به 30 عضواً في الكونغرس لإعداد قانون أساسي أو دستور يلزم الأنظمة التي تحكم المسلمين بمنع استعمال «بسم الله الرحمن الرحيم» من باب وقف تسييس الدين، وذلك على سبيل الإصلاح وتطوير الخطاب الديني أو أمركته؟! ومن منهم ينسى إعلان بوش أن حربه على المسلمين صليبية، وتحذير رامسفيلد وباول وكيسنجر ومايرز من الخلافة؟! ومن منهم ينسى ذلك الصحفي الأميركي الذي دعا لقصف مكة والمدينة بالسلاح النووي؟! ومن منهم ينسى وصف مرشد بوش الروحي القس فالويل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نبي كاذب.
وليس هذا فحسب، بل فتحت أميركا باب الحرب على الإسلام والمسلمين أمام جميع دول العالم، بما فيها الدول العميلة الخائنة التي تحكم المسلمين، وجعلتها الزاوية الأساس لسياستها الدولية، فأصبحت دول العالم تتبارى فيما بينها في ملاحقة المسلمين بحجة محاربة الإرهاب، وصار الذي لا يحارب الإرهاب يبدو وكأنه خارج السياسة الدولية، وأصبحت حقوق المسلمين المتهمين بالإرهاب مهدورة وخارج ما يسمى بحقوق الإنسان، ومن يجيرهم يتهم بأنه داعم للإرهاب… وبناء على هذا الضوء الأخضر الأميركي أخذت الهند تقتل المسلمين في كشمير من غير حسيب. وقتلت روسيا حوالى 250 ألف مسلم شيشاني من أصل مليون، واشتركت مؤخراً مع جزار أنديجان الملعون كريموف في قتل آلاف المسلمين الذين لم ينقموا منهم إلا أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد، وذلك وسط صمت الدول الغربية الكافرة المنافقة التي تدعي زوراً وبهتاناً الحريات العامة والسلام العالمي وحقوق الإنسان، إنه دجل ما بعده دجل. وتحت ستار محابة الإرهاب ارتكب شارون، «رجل السلام» عند بوش، أسوأ المجازر بحق المسلمين في فلسطين، ومثلهم فعلت الصين في تركستان… وأصدرت ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا… القوانين الجائرة بحق المسلمين، ولاحقت وسجنت الكثير منهم فقط على الشبهة، وكثرت التصريحات والمقالات والدراسات التي تهاجم الإسلام… وراحت الأنظمة التي تحكم المسلمين تقوم، أكثر من غيرها، بدروها في محاربة الإسلام والمسلمين أصالةً ونيابةً. وهكذا اشترك الجميع في دماء المسلمين، والطعن في دينهم… ومن هذا المنطلق يصدق القول إنها حرب عالمية ثالثة…
لقد اجتمع الشر كله على محاربة الإسلام والمسلمين. لماذا؟ لأن الشر بطبعه يكره الخير، والحق، والعدل، المتمثل بالإسلام. إنهم يكرهونه لأنه يقوم على عبادة الله وحده، لأنه يحرم الربا، والزنا، ويمنع الاحتكار، لأنه يصون المرأة، ويحافظ على الأعراض والأنساب… إنهم يكرهونه لأنهم لا يألفون العفة والطهارة، ولا الصدق والاستقامة، إنهم يكرهونه لأنه يكشف رجسهم ودناءة نفوسهم.
إن الإسلام نظيف شريف في صراعه الحضاري، وتاريخه القابل للعودة أكبر شاهد على ذلك؛ لذلك تتزعم أميركا تشويه صورة الإسلام وتحارب العاملين له، الذين يعملون لإيصال الإسلام إلى مستوى خوض الصراع الدولي عن طريق إقامة الخلافة.
إن ردة فعل المسلمين تنبئ عن وجود محبة عظيمة لهذا الدين تفوق محبتهم لأنفسهم أو لأي شيء آخر.. ولكن لا يجوز أن تقتصر ردة الفعل على المظاهرات وحرق الأعلام، ومهاجمة السفارات والقنصليات… فمثل هذه التصرفات لا تعدو كونها تفريغاً لمخزون الغيظ والضيق المختزن في النفوس، ثم ليمتلئ من جديد بعد فترة طويلة أو قصيرة، عقب أحداث مماثلة، ثم ليتحول في النهاية إلى شبه تأقلم وتعوّد وتخدير على مثل هذه التجرؤ على الدين ومقدساته… وأميركا تراهن على ذلك…
إننا نتساءل: ألا يتطلب مثل هذا الحدث، ومثل هذه الأوضاع، من المسلمين أن يسلكوا طريق الحل الشرعي الذي يبدأ بحكامهم الصم، البكم، العمي؛ لتقوم على أنقاضهم خلافة راشدة تجمع كل المسلمين، مع كل إمكاناتهم، على صعيد واحد: هو الحكم بالإسلام، والعيش برحابه وهناءته، والجهاد لنشره ونشر الخير الذي فيه، وإزالة كل الكيانات الأخرى الكافرة الظالمة، الجائرة، المسؤولة عن كل مآسي العالم، وإخراج شعوبهم مما هم فيه من حياة الفراغ، والضياع، وتحكم الرأسماليين فيهم، إلى حياة الهدى والرشد التي يدعو الإسلام إليها، تماماً كما كان من قبل؟ قال تعالى: (uهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)) [التوبة].
2005-06-07