ارتقاء المسلمين واستقرارهم في الإسلام لا في الديمقراطية
2005/07/07م
المقالات
1,907 زيارة
ارتقاء المسلمين واستقرارهم في الإسلام لا في الديمقراطية
يتساءل البعض أوليست الديمقراطية هي التي أمنت الرقي والاستقرار في الغرب؟! أوليست تلك القيم هي غاية ما يسعى لتحقيقه البشر؟! أوليس من الغباء أن نترك مجتمعاتنا طريحة التخلف والاضطراب، يعبث بها حكامٌ فاسدون، ومفتون منافقون، بينما نستطيع أن نسمو بها من خلال الديمقراطية؟!
والجواب هو: لا شكّ بأن الغرب قد حقق تقدماً ملحوظاً في المجال السياسي والاقتصادي، وقد وضع أسساً تتسم بالاستقرار عموماً في هذين المجالين، كما أنّه متفوق مادياً على العالم الإسلامي بشكل واضح لا ينكره أحد. إلا أنّ المغالطة الكبرى الواقعة في البحث هي ربط تلك النهضة التي يحياها الغرب بتحقق الديمقراطية فيه، كما أنّ المغالطة الأكبر هي ربط الواقع المأساوي البشع الذي تحياه الأمة الإسلامية بالإسلام.
=================================================================
إن إطلالة سريعة على تاريخ الغرب الديمقراطي تظهر النقيض من ذلك الادعاء، حيث غرقت أوروبا الديمقراطية في عدة صراعات دموية طاحنة، وكانت الحربان العالميتان أشنع ما أنتجته تلك الديمقراطيات من حروب على مر التاريخ. ويتضح من خلال تتبع أحوال الغرب عموماً أن الخيار الديمقراطي لم يكن هو الأسلم أو الأكثر ضماناً للأمن والاستقرار، ويكفي التذكير بأنّ هتلر وموسوليني وبوش إنما أوصلهم النظام الديمقراطي إلى كراسي الحكم، مع أن برامج هؤلاء تقوم على فكرة إبادة الخصوم، وتحطيم الآخرين، والحرب الوقائية، بغية تحقيق أهداف نفعية أو عصبية عنصرية، وأخرى هشة وتافهة في مجملها.
ومن الجدير ذكره أن تلك الحالات لم تكن نشازاً في الغرب الديمقراطي، إذ طالما نشأت صراعاتٌ داميةٌ بين القرى المختلفة فيه. أضف إلى ذلك أن دول الغرب الديمقراطية عموماً مارست ومازالت تمارس الاستعمار بأبشع أشكاله، بحق الشعوب المغلوبة على أمرها، كما هو الواقع في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مما يضع علامات استفهام حول ماهية معنى التفول الديمقراطي، الذي يطلق العنان للإنسان للإطباق على أخيه الإنسان، ضمن قوانين يسنها ويتحكم بها الأقوى للسيطرة على الأضعف، مزيناً إياها بوضعها في خانة عولمة قيمه الخاصة تحت عنوان القيم الإنسانية المطلقة، مستعملاً إمكانياته الضخمة وآليات الاتصال الحديثة لتحقيقها، معتبراً أن قوته تمنحه الحق بفرض هيمنته وتصوراته على الآخرين، ليس لإنهاضهم وتحريرهم، إنما من أجل استغلالهم واستعبادهم، وهذا مشاهدٌ على مدار قرون من الزمان، ومازال قائماً محسوساً في أيامنا هذه.
وما حلّ بالعالم الإسلامي جراء تحكم الغرب الديمقراطي فيه لم يكن إلا نماذج ساطعة على ذلك، فها هي مأساة أهل فلسطين ماثلة للعيان، وقد صنعتها لهم بريطانيا العظمى صاحبة أهم وأقدم ديمقراطية موجودة في العالم الحالي، إضافة إلى جريمة تقسيم بلاد المسلمين التي دبرت بمكيدة فرنسية بريطانية صرفة، وبالسيطرة على ثروات الأمة الإسلامية ونهبها، وتنصيب أتباعهم الخلص لهم عليها، من حكام تربأ وحوش الغاب أن تتشبه بهم، بل ودعمهم معنوياً ومادياً وسياسياً بكل ما يلزم؛ لشل الأمة الإسلامية، ولشد القيد على معصميها، وإرغامها على التقوقع والانكفاء عن حركة النهضة والارتقاء. فهذه نماذج لا يمكن أن تخطئها العين، أو تنساها الذاكرة، مما أنتجته الديمقراطية الغربية في العالم ككل، وفي العالم الإسلامي بشكل خاص. ثم هذه أفريقيا تكاد لا تزال تعيش القرون البدائية بعد حوالى قرنين من الاستعمار والاستعباد. بينما نجد في المقابل أن الإسلام دخل الأندلس لينقلها، في عقود معدودة، إلى مستويات تعدل مستوى بلاد الفاتحين أنفسهم، بل تفوقه في بعض جوانب الحياة. فأين الثرى من الثريا؟
وبوضع فكرة الديمقراطية ومقتضياتها في سياقها الطبيعي والمنطقي الذي يحكمها من خلال معطيات الفكرة نفسها، نجد أنّ فكرة تقديس الإنسان لنفسه ورغباته، وجعله الحكم والحاكم على الأفعال والأشياء بالخير والشر، والحق والباطل، والمحظور والمسموح، إنما تعزز لا محالة عند صاحبها الناحية الفردية، فتسيطر عليه الأنانية، وتجعله يرى العالم ويتعاطى معه من زاوية واحدة معينة هي مصلحته فقط، مما يعلي عنده القيمة المادية على غيرها من القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية؛ فتهيمن عليها تدريجياً إلى أن تسحقها؛ لأن الأصل لديه هو تحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة التي يتصورها لنفسه، بمعزل عن تلك القيم، التي قد تستغل بدورها في تحقيق طموحه ورغباته؛ مما يطلق العنان للغريزة لإشباعها إلى حد التخمة، ويتحول العقل إلى مجرد أداة تستعمل في استثمار كل شيء لتحقيق أكبر قدر من اللذة، حيث تساوي هذه لديه السعادة الوحيدة ذات المعنى المبرر عقلاً. ولا يغير من هذه النتيجة شيئاً أن يشرّع للناس مجموعة منتَخَبة من بينهم، لأن فكرة المنفعة القائمة على تحقيق القيمة المادية الخالصة هي المُشَكِّلَة لمفاهيمهم، والمسيطرة على إراداتهم.
وانطلاقاً مما سبق، فقد نتج في الغرب الديمقراطي عموماً التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي، وسيطرت الحياة الفردية الأنانية على سكانه، الذين يجتمعون ويتفرقون على أساس فكرة المنفعة، مما يلغي آدمية الإنسان ويحوله إلى بهيمة ترى في الإشباع المادي كل شيء. وبما أن إشباع الجوعات العضوية منها والغرائزية متناهيةٌ ومقصورةٌ على أعمال طبيعية محددة، يندفع الكثيرون، خصوصاً المترفون منهم، إلى البحث عن أنماطٍ جديدة غير مألوفة للإشباع، وهو ما يعزز استباحة فكرة الشذوذ على أوسع مدىً ممكن. كما يؤدي ركون الإنسان إلى القيمة المادية بسد آفاق الناحية الآدمية لديه، فيوصله إلى الاكتئاب، ويحفزه على الانتحار.
ومن هنا كانت الديمقراطية تُعنَى بشكل مباشر ومتلازم بعزل الدين، وأبحاثه، ومتعلقاته، وكل ما يتصور أن له قداسة ما، عن التأثير بحياة الإنسان، ليُترَك له هو وحده الخيار المطلق لتحديد معالم سيره في الحياة، استناداً إلى حقائق نسبية وأخرى مطلقة، نتاج قوانين طبيعية مزعومة، والتي تخلص إلى كف إرادة الخالق عن التدخل بشؤون الإنسان، وتحريره من كل قيد سوى ما يراه مناسباً لاستمرار تلك الحرية على أمثل وجه يراه في الحياة، مما لزم معه فرض العقد الاجتماعي، ونموذج الدولة المدنية الحديثة؛ لتأمين استمرارية إطلاق الفرد لحريته، وضمان عدم المس بها (وهذا كله مقدوح بصحته إذ يتحول معه الإنسان إلى مجرد عبد أسير لقوانين أصحاب اللعبة من الأقوياء والمتنفذين، وغالباً ما يعامل كالسلعة المجردة لا أكثر).
من هنا نرى أن ما أنتجه الغرب من فلاسفة وباحثين، ومن أنظمة حكمٍ بمختلف أشكالها، واختراعات تقنية بمختلف إبداعاتها بإيجابياتها وسلبياتها، ليس من لوازم فكرة الديمقراطية، كما أنها ليست أصلاً من أصولها، ولا حتى فصلاً من فصولها، بما فيها أبرز ما في أنظمة الحكم القائمة في الغرب في أيامنا هذه من فصل السلطات الثلاث، إذ هي مما ارتآه المفكرون مناسباً لضمان استقرار المجتمعات بعيداً عن استئثار شريحة منه، أو فئة ما دون غيرها، بالملك والسلطة، وتحويلها إلى مزرعة خاصة بها مملوءة بالعبيد، تمتلكها تلك الفئة، ويتوارثها الأقوياء!! بل إن وجود السلطة أصلاً هو مخالف لحرية الإنسان لما تفرضه من قيود وأنظمة، وتلك السلطات لم تكن موجودة قط في ديمقراطية أثينا، حيث كان الناس هم الحكام والمحكومين، وكانوا يقترعون بشكل مباشر في المدينة على كل شيء. والسلطة المجردة هي أمر لا بد منه من باب الحاجة إليها لتنظيم شؤون الناس، وليس لأنها واجبة؛ ولذلك لا يوجد عهد أو عقد ثابت ملزم حتمي لنظام الحكم، إنما يترك أمر اختياره وتطويره للناس أنفسهم.
وبالتالي فقد يطرأ تغير على تلك النظرة لموضوع السلطات، خاصة في ظل التحولات الهائلة في ثقافة الإنسان ومعارفه وسرعة الاتصال والتواصل، وصراع الحضارات وتنافس الأقوياء أو توافقهم في زمن العولمة، مما يفرض دراسات تعالج كيفية إدارة شؤونه في ظل عدم جدوى استمرار السلطات القطرية والوطنية وصغر حجم الكوكب نسبياً، حيث ينبغي أن يخضع الجميع لقانون الأقوى الذي يصدر القرار ويلزم الجميع بالتنفيذ على الصعيد العالمي، بل ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البشر، مما يلغي الشأن الداخلي للدول، ويفرض نظاماً ذا صبغة عالمية، تحكمه قوانين نسبية مستمدة من ثقافة القوى المتحكمة. مما يعني أن فصل السلطات هو اقتضاء مرحلي يعالج أزمة حكم زمانية ومكانية معينة، يمكن الانصراف عنها إلى ما يوائم الواقع أكثر حين تغيره من المنظور الديمقراطي، وهو ما نشاهد حصول بعض منه على الصعيد العالمي الآن.
لذلك فإن الرخاء والاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يحياه الغرب يرجع في مجمله إلى عوامل أخرى لا أثر للديمقراطية فيها إلا بقدر ما تؤمن تلك العوامل، وعلى رأسها انسجام شعوب الغرب مع أنظمة الحكم فيها، ووفرة الثروات الناتجة عن استعباد الآخرين والهيمنة على مقدراتهم، إضافة إلى التقدم التقني الكبير، والقوة العسكرية الضخمة، والهيمنة السياسية، والاستئثار بمقدرات 80% من ثروات شعوب الأرض لصالح البقية القليلة.
أما بالنسبة للأمة الإسلامية فقد عاشت ثلاثة عشر قرناً من الزمان تتنسم فيها معنى الوجود، حملت فيها رسالة الإسلام بسماحته الخالصة، لتخرج الناس من عبادة المادة إلى عبادة الله، وبنت فيها حضارة زاهرة في الأندلس وآسيا الوسطى وما بينهما، من طنجا إلى جاكرتا مروراً بالقاهرة ودمشق وبغداد، واتسمت أحوالها بشكل عام بالاستقرار، والوحدة، ورهبة الجانب، والعزة، والاعتزاز بما لديها، مع الاعتراف بوقوع كثير من العثرات والشكاوى والإساءات التي وقعت هنا وهناك، بسبب التقصير في تطبيق الإسلام، وبسبب طبيعة حياة البشر التي لا تخلو من كدر وهم وتقصير وصراع، وهذه هي سنة الله في خلقه، وهي ما يدفع بالعباد على الدوام إلى الإبداع والتغيير والتحسين، وهي ما يحفز الأمم عادة بالعمل على دوام الارتقاء.
كانت الأمة تهيمن عليها حقيقة واحدة هي: إن علاج مشاكلها إنما يكون بالثبات على الإسلام، وإن تصحيح أوضاعها المعوجة إنما يكون بالتزام منهجه، وتطبيق معالجاته، وتجسيد أنظمته، إذ كانت معايير تمييز رقي الأمة من انحطاطها دوماً مرتبطةً بمدى ارتباطها بدينها. وبهذا الميزان كانت تسير الأمة حتى زمن إسقاط دولة الخلافة عام 1924م، وإزالة نظام الحكم في الإسلام تماماً من واقع الوجود في العالم، حيث تحول المسلمون نهبة لغيرهم، ولقمة سائغة يلتهمها أعداؤهم، يحكمهم التخلف والتشرذم والضعف والجمود الذي رسم لهم بعناية فائقة. وبات المسلمون يلهثون وراء كل ناعقٍ يصيح لهم بالتنوير والتطور والتقدم، والسير على درب الغزاة المستعمرين ممن حارب الأمة واحتل ديارها وشرذمها وأذلها وسامها سوء العذاب، وصار المسلمون يتأرجحون بين اشتراكية شيوعية ملحدة تغنوا بها ردحاً من الزمان، وليبرالية ساقطة ساقتهم من خذلان إلى خذلان، وبين هذه وتلك سقطوا في فخ القطرية الضيقة، والوطنية المقيتة، والقومية المنتنة، وعندما ثاب المسلمون إلى رشدهم، وبدأوا يعون حاجتهم إلى الارتباط بدينهم، والالتزام بشرع ربهم، وإعادة دولة الإسلام، دولة الخلافة الراشدة من جديد، بدأت مرحلة جديدة من إلغاء الدين، حيث اكتفى البعض بالمطالبة بتطبيق مقاصده العليا بعد تفريغه من محتواه، وحشوه بما ينقض غزله عروة عروة بديمقراطية تشترط خضوع الإنسان لثقافة غربية غريبة عن الإسلام، لا يمكن أخذها من غير أخذ مفاهيمها عن الحياة، والمناخات التي تشكلت فيها، والتي تؤمر الأمة اليوم بأخذها جملة أو سحقها جملة.
ونسي المطالبون بالارتماء في أحضان الغرب، المنادون بثقافته وديمقراطيته وقيمه، الداعون إلى مسايرته لتخليصهم مما ابتلاهم هو فيه، أن من لا يستطيع أن يحرر إرادته من براثن أزلام أعدائه، لهو أعجز من أن يتخلص من عدوه الحقيقي، ولهو أشد عجزاً من أن يأخذ ويطالب بالمزيد، لأنه عبد وليس بسيد مختار.
إن الأزمة الفكرية الحقيقية التي تكمن عند تبيان علاقة الإسلام بالديمقراطية، هو ما رسخ من مفاهيم عن علاقة الديمقراطية بالكنيسة، وإسقاطها على الإسلام، متناسين طبيعة الظروف التي نشأت فيها الديمقراطية، والمناخات التي تحكمها، وغافلين عن طبيعة الإسلام في نفس الوقت، حيث إن فصل الدين عن الحياة في أوروبا ساهم بشكل مباشر في إحداث نقلة نوعية في تاريخها، لخلو النصرانية التي حكمت أوروبا من التشريع أصلاً، مما كان يعني أن استمرار تطبيقها هو لتأمين مصالح فئة ضيقة منتفعة منها، وهو ما فرض قيود التخلف والظلام على تلك الشعوب عدة قرن.
أما الإسلام فإنه لا يمكن مقارنته بحال مع تلك النصرانية، حيث كان سببا واضحاً لاستقرار الأمة ورقيها وتقدمها، وما سحق الأمة الإسلامية لجبروت فارس والروم، وتحرير البلاد والعباد من ظلمهما، وهيمنتها على الوضع الدولي قرونا طويلة، ودخول شعوب بأكملها فيه، إلا بعض دلائل ذلك النجاح الباهر، ودلائل واضحة على عظم أثر الإسلام في الشعوب التي اعتنقته وجاهدت في سبيل نشره.
ولذلك كانت عصور النهضة والرقي والإشراق في حياة الأمة هي زمن إحسان تطبيق الإسلام فيها. وأن المشكلة الحقيقية التي جابهت الأمة وجعلتها تتلكأ، هي ما لحق دولة الخلافة من ثغرات إثر التهاون بالتطبيق الكامل لأحكام الشرع، كغمط الأمة حقها في انتخاب حكامها، وتحول الدولة إلى ملك وراثي، وقلة المحاسبة، وما شاكل؛ لذلك كان التقصير في تطبيق الإسلام، هو الذي أنتج تلك الإخفاقات. وهذا على عكس الكنيسة التي كان وجودها في السلطة سبب إنهاك البلاد وإهلاك العباد، حيث تحولت إلى وسيلة يستثمرها الحكام وأصحاب النفوس الدنيئة في السيطرة، وجمع الثروات، واستعباد الآخرين. والحق يقال إن رجال تلك الكنيسة الظلامية المشؤومة في أوروبا، في عصور نعتت بأنها القرون الوسطى وعصور الظلمة، تشبه أحوال حكام العرب والمسلمين في أيامنا هذه، حيث إنهم على أتم استعداد للتضحية بالأمة ومصالحها في سبيل نزواتهم، واستتباب أمور الحكم لهم، ولو كان ذلك فوق جثث الناس الذين يطالبونهم بأبسط حقوقهم المشروعة.
ولذلك فإن العودة إلى الإسلام تغني عن المناداة بالديمقراطية، تلك، التي لم تشعر الأمة بحاجة إليها ولا إلى غيرها من الثقافات طوال فترات تطبيقها دينها، بل كانت الأمم الأخرى عالة على المسلمين وعلى حضارتهم الرائعة، فأمة أعزها الله بالإسلام، أرقى من أن تتركه لاهثة وراء فضلات البشرية.
المهندس حسن الحسن
2005-07-07