كلمة الوعي: «عودة الخلافة» تدخل في حسابات أميركا الاستراتيجية وتخطيطها للمستقبل
2006/02/06م
المقالات, كلمات الأعداد
2,051 زيارة
كلمة الوعي:
«عودة الخلافة»
تدخل في حسابات أميركا الاستراتيجية وتخطيطها للمستقبل
تؤكد التصريحات المباشرة وغير المباشرة، التي تصدر هذه الآونة من حكام الدول الكبرى وكبار مسؤوليها، أن الخلافة قد دخلت في حساباتهم الاستراتيجية وتخطيطهم للمستقبل. فقد ذكرت جريدة مليات التركية في 13/12/2005م نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز أن «أصحاب الصلاحية في إدارة بوش باتوا يتداولون كلمة «الخلافة» في الآونة الأخيرة كالعلكة. لقد باتت إدارة بوش تستخدم وصف الخلافة قاصدةً به الإمبراطورية الإسلامية، التي كانت في القرن السابع تمتد من الشرق الأوسط وحتى آسيا الجنوبية، ومن شمال أفريقيا إلى إسبانيا…». وكتب المعلق الأميركي كارل فيك في صحيفة الواشنطن بوست، في 14/1/2006م، تقريراً مطولاً ذكر فيه أن «إعادة إحياء الخلافة الإسلامية، الذي يهاجمه الرئيس الأميركي جورج بوش، يتردد في أوساط السواد الأعظم من المسلمين»، وذكر أن «المسلمين يعتبرون أنفسهم جزءاً من «الأمة» التي تشكل قلب الإسلام، كما ينظرون إلى الخليفة كشخص جدير بالاحترام». وأشار هذا المعلق إلى أن «حزب التحرير، الذي ينشط في عدد من البلدان عبر العالم، يصرح بأن هدفه هو إعادة الخلافة لسابق عهدها».
إن اعتبار مطلب الخلافة مطلب الأمة الإسلامية بغالبيتها بات حقيقة يلمسها الغرب الرأسمالي الكافر الحاقد، ويسوءه ذلك كثيراً؛ لأنه يعلم أنه أمام وجود الخلافة فإنه يواجه تحدياً حضارياً يهدد الحضارة الغربية من أساسها، ويقضي على كل أحلامه بالسيطرة على العالم واستعماره، بل أكثر من ذلك فإنه يخشى أن تحوّل الخلافة الشعوب الغربية إلى الإسلام نفسه… لذلك نراه يجهد نفسه لكي يجهض ذلك المشروع، ونتوقع منه أن يقوم بأعمال قذرة وإلصاقها بالإسلام وبالعاملين المخلصين له؛ لتشويه الصورة، ونتوقع منه أن يعدّ الخطط المستقبلية؛ لمنع قيام الخلافة، ولمواجهتها إذا قامت، وحتى لكيفية التعامل معها إذا ما قامت واستمرت…
– أما أنه يعد شعبه لمواجهتها فقد جاءت تصريحات كل من بوش، وتشيني، ورامسفيلد، لتربط الخلافة بالقاعدة، وبالحرب على الإرهاب في العراق. فقد صرح تشيني في أيلول سنة 2004م قائلاً: «إن القاعدة تسعى لإقامة الخلافة من جديد، التي ستطبق فيها أحكام الشريعة الصارمة»، والرئيس بوش صرح بداية شهر كانون أول سنة 2005م قائلاً: «القاعدة تسعى لإقامة إمبراطورية دينية إمبريالية تمتد من إندونيسيا وحتى إسبانيا»، وفي الشهر نفسه صرح رامسفيلد «أن العراق قد يشكل مركزاً لانطلاقة الخلافة».
– وأما عن عمله لمنع قيام الخلافة، وتحويل التأييد الشعبي الإسلامي لها، فإنه يظهر من تتبع الوقائع السياسية أنه قرر أن يستعين ببعض المسلمين العاملين ممن يقبلون بالحل الوسط، ويرضون بخوض الانتخابات ودخول البرلمانات، والمشاركة في حكومات غير إسلامية، ويقولون بالديمقراطية… قرر أن يستعين بهم بإيصالهم إلى البرلمانات، وحتى إلى الحكم، وهو يريد بذلك جعلهم شركاء في الحكم مع عملائه بهدف إعطاء صورة سيئة عن الإسلام حين يطبقون غير الإسلام، ويخضعون لشروط الغرب في التعامل الدولي، والتحاكم إلى القانون الدولي، واحترام الاتفاقيات السابقة، وهو سيضغط عليهم ضمن آلية القانون الدولي؛ حتى يفشلوا إذا ما قرروا عدم الانصياع له، وينجحوا إذا ما ساروا بحسب أوامره، وفي كلا الحالتين خير له وشر على المشروع الإسلامي.
– أما مواجهة الخلافة إذا ما قامت، ومحاولة القضاء عليها من أول يوم، أو التهويل على هذا الأمر حتى لا يقوم، فإنهم يعدون أنفسهم لهذا وقد بدأته أميركا منذ غزوها لبلاد المسلمين في أفغانستان والعراق، وما استعمال القنابل ذات الأطنان والأسلحة المحرمة دولياً، واستعمال القوة البالغة والتعذيب المشين بحق المسلمين، إلا لكسر إرادتهم، ولكنها، والحمد لله، لم تستطع. ويؤشر على ذلك أيضاً ما أعلنه البنتاغون منذ أشهر عن نيته أخذ موافقة الدول الأعضاء في مجلس الأمن عن حق أميركا في استعمال أسلحة نووية تكتيكية في حروبها الاستباقية ضد الإرهاب، أي ضد الإسلام، ولكنها لما لاقت معارضة لذلك سحب البنتاغون هذا الإعلان من صفحة الإنترنت التابعة له؛ حتى لا يبقى الموضوع قيد التداول. ويؤشر على ذلك أيضاً ما أعلنه جاك شيراك في 19/1/2006م، في القاعدة النووية الفرنسية ليل لونغ، حيث قال: «إن قادة الدول الذين قد يلجأون إلى وسائل إرهابية ضدنا، كما الذين يفكرون باستخدام أسلحة دمار شامل بطريقة أو بأخرى، يجب أن يفهموا أنهم يعرضون أنفسهم لرد جازم ومناسب من جانبنا. هذا الرد يمكن أن يكون تقليدياً، أو من نوع آخر» أي نووي… إن هذه التصرفات والتصريحات تهدف إلى تخويف المسلمين وجعلهم يرضون بالذل الأميركي والأوروبي… ولكن أنى لهم ذلك، فالمسلمون لم تنفع الآلة العسكرية الأميركية أن تفت من عضدهم، ولا أن تنال من عزيمتهم، ولن تنفع، بإذن الله. بل إن مثل هذه العوائق تزيد المسلمين مضياً في طريقهم إلى إقامة الخلافة، ولن يوقف ذلك أحد بإذن الله، حتى ولو وقف الغرب بكامل قوته وجبروته… فإما فناء العالم كما يخطط له الغرب، وإما إعمار وإحياء البشرية كما يريد الإسلام، ولن يكون إلا ما يريده الله سبحانه الذي بيده ملكوت كل شيء.
– أما التعامل معها إذا ما قامت واستمرت فإنه ليس أمام الغرب إلا هذا الخيار، إذ ليس له إلا هذه الدنيا، فهو لن يتخلى عنها. وماذا يبقى له إذا تخلى عنها؟ فإنه عندما سيجد أن العالم سيقف علىحافة الفناء النووي، والمسلمون لن يتراجعوا، فإنه سيتراجع وسيتعامل مع المسلمين وخلافتهم كأمر واقع لا مناص منه، وسيحوّل صراعه مع الخلافة من صراع عسكري أفلس فيه إلى التركيز على الصراع الاقتصادي: حصار، وتضييق، وإثارة للمسلمين من ناحية فقرهم، وحرمانهم، وأمانهم… وفي الحقيقة إن قوة المسلمين تكمن في أن نظامه من رب العالمين، وهو النظام الحق الصالح للبشر أجمعين، بما فيهم الغرب الذي يحاربه… وحصاره لبلاد المسلمين لن يؤدي إلى انهيار الخلافة بل إلى انهياره هو… إن امتناع المسلمين عن شراء بضائعه، والأجواء المتأزمة جداً، ومنع النفط عنه، ووجود القلاقل والمنازعات التي سـتعم العالم عندها، سـيكون مؤذناً بإفلاس شـركاته، وانتقال المنازعات إلى دياره. وما يدل على صدق ما نقول إنه قد رشحت معلومات عن مؤتمر عالمي اقتصادي قد يعقد في الربيع القادم في بيروت يتناول موضوع كيف يجب أن يتعامل الغرب مع اقتصاد دولة الخلافة…
إننا أمام هذا الواقع الذي يدركه فقط صناع القرار في أميركا وأوروبا، وبعض السياسيين والمفكرين الغربيين، والذي يدركه أيضاً فقط المسلمون العاملون المخلصون الواعون ممن يعملون لإقامة الخلافة… إننا أمام هذا الواقع يجب أن نعرف حقيقة الصراع، وإلى أي مدى وصل… إنه موضوع الإسلام، والخلافة تحديداً، وحده يتقدم على الساحة الدولية… والمسلمون تجاهه يجب أن يرفعوا مستوى صراعهم في عملية التغيير. إن أشد ما يفرح الغرب أن يرى المسلمين يشاركونه في باطله، إنه عندئذٍ مستعد لأن يستبدل هؤلاء الحكام المأجورين بهم…
إن ما يقلق الغرب هو أنه يعلم أن الإسلام لا يستمد أحكامه من نفس المشكاة التي يستمدها هو منه، وهنا مكمن الخطر، والمسلمون يجب أن يقدموا الإسلام على الأساس الروحي القائم على العبودية والطاعة لله وحده في العبادات وتشريعات الحياة كلها، لا على أساس الحلول الوسط مع الفكر الغربي الكافر، إذ ليس بعد الحق إلا الضلال.
إننا نعتبر أنفسنا أكثر المهتمين بما يحدث، وإننا نستبشر كثيراً بما وصلت إليه الأمور، فالخلافة الراشدة على منهاج النبوة نختص بالدعوة لها دون غيرنا، وراية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أصبحت معروفة أنها رايتـنا. والأمة الإسلامية تلتف حول دعوتنا هذه، وهذا كله لم يكن ليكون إلا لأن الله راضٍ، ومن يرضَ عنه اله سبحانه فإنه لابد منصور و ظاهر…
إن كل الإشارات والبشائر تنبئ بقرب ظهور الأمر، بقرب إعلاء كلمة الله، بقرب جعل كلمة الذين كفروا السفلى… لقد آن أوان الخلافة فطوبى لأهلها، ولمن عمل بها، ولمن نصرها، وناصرها، فلتكن قضية المسلمين جميعاً، وليعملوا لها دون لف أو دوران، وليثق المسلمون بربهم، وبدينهم، وبأنفسهم، وليكن رأسهم فوق الريح، إن من يرى ظاهر الأمور يرى المآسي تحل بالمسلمين، ولكن من يرى حقيقة ما يحدث يرى الخير الكثير الكثير يكتب لهذه الأمة من جديد… إن النفس تحنو للجهاد، والنصر، والفتوحات، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وانتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها… نسأل الله أن يجعله قريباً. قال تعالى: ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ @ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [الصف 8-9].
وعلى الله قصد السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2006-02-06