الحملة الرأسمالية على المرأة المسلمة (4) وليس الذكر كالأنثى
2006/03/06م
المقالات
2,286 زيارة
الحملة الرأسمالية على المرأة المسلمة (4)
وليس الذكر كالأنثى
تخضع المرأة المسلمة لحملة شرسة من دول الغرب الرأسمالي الكافر، حيث يريد أن يخرجها من مخدع الطهر، وعفاف العلاقة، إلى جعلها سلعة تجارية، وموضعاً لإشباع الشهوة فقط… إن هذه الحملة بدأت منذ بواكير حملته على الأمة، ولكن وتيرتها زادت في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد 11/9. فكيف ينظر العالم قبل الإسلام، وفي العصر الحديث، إلى المرأة؟ وما الذي تخططه الولايات المتحدة وربيبتها الأمم المتحدة في هذا الموضوع؟.. هذا ما سنبينه إن شاء الله تعالى.
=================================================================
إنّ من يطرح المساواة بين شيئين عليه أن يتأكد -عقلاً- من أن الشيئين متساويان في واقعهما. فهل يتشابه الذكر والأنثى في المكونات الجسدية والوظائف الحيوية تماماً؟!
تعالوا معنا أيها الناس كافة، لتروا هل فكرة المساواة بين المرأة والرجل، التي يطرحها الغرب، فكرة صحيحة أو فكرة خاطئة، وماذا يُراد من هذه الفكرة!!
لقد قضى الله سبحانه وتعالى أن يجعل الإنسان خليفة في الأرض، قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) [البقرة 30]، كما قضى سبحانه وتعالى أن يكون الإنسان من ذكر وأنثى، قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) [الحجرات 13]، وقد خلق الله الأنثى الأولى من الرجل قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) [النساء 1]، وشاءت إرادة الله أن يتشابه الذكر والأنثى في صفات كثيرة، وأن يختلفا في بعض الصفات، وجعل لكل منهما وظيفة حيوية خاصة به تناسب خَلقه وتكوينه، وطلب منهما أن يتعاونا في خلافة الأرض وعمارتها، يعملان ويتكاثران، فجعل الذكر يسكن إلى الأنثى، والأنثى تسكن إلى الذكر، ومَنَّ الله علينا بأن جعل لنا من أنفسنا أزواجاً، وجعل لنا من أزواجنا بنين وحفدة قال تعالى: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) [النحل 72]. وهذه أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين المرأة والرجل.
أوجه التشابه:
الإنسان مدنيّ بالطبع، أي أنّه يميل فطرياً للعيش مع غيره من الناس. وكلّ من المرأة والرجل كائن اجتماعي، أي أنّ الرجل يميل غريزياً إلى المرأة، والمرأة تميل إلى الرجل. وللرجل مشاعر وأحاسيس وعواطف، وللمرأة كذلك، وللرجل غرائز وحاجات عضوية متعددة وللمرأة كذلك. وإذا لم تشبع هذه الغرائز فإنها تؤدي إلى الاضطراب والقلق والشقاء، وإذا لم تشبع الحاجات العضوية فإنها تؤدي إلى الهلاك، فكلاهما عنده غريزة التدين وغريزة النوع وغريزة حب البقاء، لا بد من إشباعها وإلا تألما واضطربا، وكلاهما له حاجات عضوية عديدة: كالتنفس والأكل والشرب والنوم… وإن لم يُشبعا هذه الحاجات العضوية يتعرضا للهلاك، ولكلّ منهما حواس خمس ودماغ يستعملها في الإحساس والتفكير، وكلٌّ منهما يفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، ويخاف ويأمن، وكلاهما يحب ويكره، ويبكي ويضحك، ويرتاح ويتعب. ويتشابه الذكر والأنثى إلى حدّ بعيد في الشكل الخارجي، فلكل منهما رأس وعنق ويدان وأطراف، وظهر وبطن وصدر وعمود فقري، ويتشابهان إلى حدّ ما في أجهزتهما الداخلية، فلكل منهما جهاز عصبي وهضمي وتنفسي…
أوجه الاختلاف:
يختلف الذكر عن الأنثى في بعض المكونات الخَلقية، فهما يختلفان في الجهاز التناسلي، فالجهاز التناسلي للرجل غير الجهاز التناسلي للمرأة، فقد خلق الله تعالى الجهاز التناسلي للرجل ليكون مؤهلاً لوضع النطفة في فرج الأنثى، ثم لتلتقي هذه النطفة مع بويضة الأنثى ليكوِّنا كائناً حياً جديداً يتعلق في رحم الأنثى، وللمرأة جهاز تناسلي مختلف أُعد ليكون مكاناً للحيض والحمل ثم الولادة والرضاعة، كالرحم والمبيض والثدي, كل ذلك للعناية بالجنين حتى ينمو، وينتقل من حال إلى حال حتى تحين الولادة، فيخرج هذا الكائن الحي إنساناً كاملاً، لكنه صغير ضعيف يحتاج إلى الرعاية والعناية من الأم حتى يُكمل فترة الرضاع، ثم يحتاج للحضانة حتى يبلغ سن التمييز ثم سن البلوغ. ولذا نجد المرأة أعظم عاطفة وأرقَّ إحساساً وأعظم حناناً وشفقة، وبخاصة على وليدها، كما أنها أشدّ تحملاً وصبراً على مشقات الحمل والولادة والإرضاع ما لم يجعله الخالق للرجل، لأنه لا يقوم به ولا يلزمه.
كما أنّ الرجل والمرأة يختلفان فيما تشابها به: ففي الأعم الأغلب الرجل أطول من المرأة ورأسه أكبر من رأسها، وشكل صدره يختلف عن شكل صدرها، وحوض المرأة أوسع من حوض الرجل ليساعدها على الحمل والولادة، ووجه الرجل يختلف عن وجه المرأة حيث يكسوه الشعر عند البلوغ، وشعر الرجل فيما عدا شعر الرأس أغزر من شعر المرأة، وصوت الرجل عند البلوغ يصبح خشناً وله نبرة الرجولة الخاصة به، وصوت الأنثى يظلَّ ناعماً وأكثر رقة، له نبرات يُميّز بها. وعضلات الرجل بشكل عام أقوى من عضلات المرأة ، ولهذا فهو مهيأ للأعمال الشاقة، كأعمال الزراعة والصناعة وحمل الأثقال ومقارعة الأبطال، بينما عضلات المرأة ليست كذلك فهي غير مهيأة في الأعم الأغلب للأعمال الشاقة السابقة، وإن كان بعضهن يستطيعها.
والباحث بشكل أدقّ يجد أنّ الاختلافات بين الرجل والمرأة ليست فقط في شكل الأعضاء التناسلية ووجود الرحم والحيض والحمل والولادة والإرضاع، ولا في طول فترة الإخصاب عند الرجل وقصرها عند المرأة، ولا في الاختلافات الظاهرية فحسب، وإنما هناك اختلافات أخرى في تركيب ووظائف بعض الغدد والخلايا. فمن أين تأتي المساواة التامّة بين الرجل والمرأة ؟!
دحض فكرة “المساواة بين الرجل والمرأة”
قلنا إنَّ الذكر والأنثى كائنان اجتماعيان بشريان، يتشابهان في صفات عديدة ويختلفان في أخرى، وإنَّ كلاً منهما أعدّ لخلافة الأرض وعمارتها، كما أعدّ لوظيفة حيوية خاصة غير الوظيفة التي أعدّ لها الآخر. فإذا كان أصحاب فكرة المساواة بين الرجل والمرأة يستطيعون أن يوزعوا الأعباء على الجنسين بالتساوي فليجعلوا الذكر يحيض ويحمل ويلد ويرضع سنة، وتحيض الأنثى وتحمل وترضع سنة أخرى، بل ليجعلوا الذكر يقوم بهذه الوظيفة ولو مرة واحدة في العمر. الإجابة معلومة… فالمرأة تحيض وتحمل وتلد وتقوم برعاية الطفل رعاية متكاملة في حين أنّ الرجل لا يحيض ولا يحمل ولا يلد ولا يرضع ولا يعتني بوليد، فكيف نطالب المرأة أن تقوم بأعمال الزراعة والصناعة والتجارة ومقارعة الأبطال وحمل الأثقال إلى جانب الحمل والولادة والإرضاع، بنفس المقدار الذي يقوم به الرجل مع أنَّه لا يحمل ولا يُرضع. فأيُّ معنى للمساواة بينهما في ذلك؟!
هل تستطيع المرأة عندما تكون حاملاً أو مرضعاً أن تقود الجيوش والمقاتلين وتصارع الأبطال في ساحات الوغى ؟! إنَّ من ينادي بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة يتجاهل حقيقة تكوينها، بل هو يماري ويعاند، ويريد تحدي الواقع الذي خلقه الله تعالى للمرأة وللرجل.
إننا نطالب من ينادي بالمساواة التامة بين الجنسين، ومن يدعي معرفة حقيقتهما، وأنّه حقق الكثير في هذا الأمر، نطالبه أن يجيبنا على بعض الأسئلة التالية:
من أيّ الجنسين كان كلّ الأنبياء والرسل ؟! أمن الرجال أم من النساء ؟! مع أنَّ كلاً من الرجل والمرأة تحمّل حسب طاقته تكاليف حمل الدعوة والصبر على الأذى في سبيلها.
ومن أيّ الجنسيين كان باباوات الفاتيكان على مدار تاريخه ؟!
ومن أي الجنسين تكون معظم الجيوش التي تقاتل في ساحات الوغى ؟! مع أن بعض النساء شاركن فيها، وبخاصة في مداواة الجرحى، وخدمة المقاتلين.
وهل قادة الجيوش العظام الذين خلدهم التاريخ كانوا من النساء أم من الرجال ؟!
ونسألهم أيضاً: كم رئيس دولة أنثى حكم الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا طوال تاريخهم القديم والحديث؟! وكم قائداً أنثى قاد جيوش هذه الدول؟! وكم وزيراً أنثى تولى وزارة الدفاع في هذه الدول أو في غيرها؟! وكم أنثى عملت وتعمل في الأعمال الشاقة ومناصب الحكم في هذه الدول التي تتشدق بتحقيقها المساواة؟ هل فعلاً ساووا في هذه المناصب الحيوية بين الرجال والنساء؟! ومع ذلك يدّعون بأنّ غيرهم من عباد الله ظلموا المرأة وهضموا حقها ولم يمكنوها من مجاراة الرجل!! كيف يتأتى للمرأة الحائض أو الحامل أو النفساء أو مرضعة الأطفال، أو من تعتني بصحة وحياة أولادها، أن تقوم بالأعمال التي ذكرناها آنفاً؟! لا شك بأننا إذا طالبنا الأنثى بالقيام بهذه الأعمال نكون قد ظلمناها وحمَّلناها فوق طاقتها، وفي الوقت نفسه حُلنا بينها وبين القيام بما خلقها الله له على خير وجه. فأي معنى للمساواة بينهما؟!
ولهذا نقول: كما اقتضت سنة الله وحكمته أن يكون للرجل أعمال تناسب تكوينه الجسدي والعضوي، كالأعمال الشاقة والحروب والحكم، اقتضت سنة الله وحكمته أن يكون للأنثى أعمال تناسب تكوينها كأعمال البيت وتربية الأطفال. فهي تحيض وتحمل وتلد وترضع وتقوم بهذه الأعمال بكل رحابة صدر، وتتحمل هذه التكاليف برضا واطمئنان، بل إنها تحسُّ بنقص كبير إن كان هناك ما يمنعها من أداء هذه التكاليف، أو القيام بهذه الأعمال الفطرية. واقتضت سنة الله وحكمته أن يتساوى الطرفان في أعمال كثيرة، كطلب العلم، وحمل الدعوة، ومحاسبة الحكام، وممارسة التطبيب والتعليم والتأليف والأدب، وممارسة التجارة والصناعة والزراعة وغيرها.
فأين ما تدعو إليه الحضارة الرأسمالية الفاسدة من أكذوبة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة؟!
إنّ القائمين على الحضارة الغربية يدركون هذا الواقع للرجل والمراة، ولكن بسبب نظرتهم النفعية، وهي مقياسهم في الحياة، وبسبب تخليهم عن جميع القيم إلا القيمة المادية، يرون أنّ المناداة بفكرة “المساواة بين الرجل والمرأة” ثم تطبيقها أمر نافع، يمكنهم من استغلال بعض الصفات التي خصّ الله بها المرأة دون الرجل، كجمالها ورقتها، وخاصية جاذبيتها الرجال، فاستثمروا هذه الصفات في أعمالهم الاقتصادية كجلب الزبائن والإعلانات، واستثمروا جسدها في بيوت الدعارة واللهو والفنون المنحطة، وفي الدعاية والسكرتارية والتجسس، وعلى المسارح والفضائيات، فجنوا بذلك الأرباح الفاحشة.
هذا ما حصل عندهم، أما مطالبتهم لنا نحن بالمساواة بين الرجل والمرأة، فهو جزء من الحملة الرأسمالية على المسلمين لإبعادهم عن الإسلام، وللحيلولة دون إعادته كنظام حكم إلى الحياة. فهم بهذه الذريعة المغرضة الكاذبة، فكرة “المساواة بين الرجل والمرأة”، يريدون إبعاد المرأة المسلمة عن مكانتها الصحيحة للقضاء على الأسرة المسلمة، ومن ثَمَّ إشاعة العهر والانحلال الأخلاقي بين المسلمين ليضيفوا انتصاراً فكرياً جديداً إلى انتصاراتهم السياسية والعسكرية. إلا أنّ المسلمين قد صحوا من غفلتهم، وها هم يتحسسون النهضة على أساس الإسلام في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بل وفي عقر ديار الكافرين الذين أصبحوا يضيقون ذرعاً بالإسلام والمسلمين، فلا يطيقون أن يروا قطعة من القماش تغطي رأس المرأة المسلمة على أرضهم، وها هي العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار تنتشر في بقاع العالم على الرغم من حملة الكفار الشرسة على الإسلام، قال تعالى: ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [الصف 8].
المرأة في الإسلام:
قبل أن يشرق نور الإسلام كانت النظرة للمرأة -كما أسلفنا- في العالم، وبخاصة عند العرب، نظرة منحرفةً كانحرافهم الفكري والعقدي، فلم ينظروا إلى المرأة أنّها إنسان كالرجل، وأنَّ حكمة الله ومشيئته اقتضت أن تكون بينهما حياة زوجية تقتضي الاحترام لا الاحتقار، ليكوِّن الطرفان أسرة مؤهلة لتربية الأبناء وإعمار العالم.
جاء الإسلام فارتقى بالمرأة، وكرمّها بأحكامه الشرعية الحقّة، وانتشلها من المستنقع الآسن الذي كانت غارقةً فيه عبر العصور في معظم الحضارات، وجعل لها من الحقوق وعليها من الواجبات كالرجل من الناحية الإنسانية. لم يكن ذلك بسبب دعوات أرضية أو ثورات ومطالب اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، بل كان منشأ ذلك هو الإسلام الذي أنزله الله تعالى، خالق الذكر والأنثى. فالإسلام منح المرأة الحقوق الشرعية ابتداءً، دون طلب منها ودون جمعيات نسوية أو منظمات حقوق الإنسان، فالإسلام يستهدف تحقيق منهجه الكامل بكل حذافيره، لا لحساب الرجال ولا لحساب النساء، ولكن لحساب الإنسان والمجتمع المسلم، ولحساب العدل الذي أمر به الخالق. فتكريم الأنثى تكريم للإنسانية، فلا تفاضل بين الناس إلا بالتقوى، ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [الحجرات 13].
[انتهـى]
2006-03-06