كلمة الوعي: أيها المسلمون: الحرب الأهلية خطة أميركا للبقاء في العراق
2006/04/06م
المقالات, كلمات الأعداد
1,942 زيارة
كلمة الوعي:
أيها المسلمون:
الحرب الأهلية خطة أميركا للبقاء في العراق
سيكون شهر تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات النصفية للكونغرس وحكام الولايات، وهو استحقاق قد يكلف الحزب الجمهوري في أميركا خسارة فادحة تشير إليها استطلاعات الرأي التي تظهر أدنى مستوى وصلت إليه شعبية بوش المتآكلة. فقد أجرى معهد غالوب الشهير استطلاعاً للرأي بثت نتائجه شبكة «سي إن إن» وصحيفة «يو أس تودي». وكانت نتيجته أن 60% من الأميركيين يرون أن الوضع سيئ جداً للولايات المتحدة، و57% يقولون إن إرسال قوات إلى العراق كان خطأ، و67% يعتبرون أن الرئيس لا يملك أي خطة لهذا البلد… وفي مقابل ذلك أكد محللون جمهوريون أن بوش بحاجة إلى حدث نوعي مثل القبض على بن لادن لاستعادة الزخم المطلوب.
هذا الرأي العام الذي تكوّن لدى الشعب الأميركي بفعل هذه النتائج أخذ يضغط على أعضاء الكونغرس وحكام الولايات من الحزب الجمهوري ليضغط بدوره على بوش بنفس الاتجاه لأن مصالحهم الانتخابية أصبحت مهددة… ولكن هل يدفع الضغط هذا بوش هذا إلى الانسحاب من العراق، والتخلي عن الأهداف التي كان من أجلها الاحتلال؟
إنه لا يتوقع من بوش ومن معه من أكابر المجرمين أن يتخلوا عن أهداف هي أهداف لزعماء أميركا جميعهم من الجمهوريين والديمقراطيين. وأبرز هذه الأهداف هو محاربة المشروع الإسلامي للنهضة كونه يشكل خطراً على مشروع أميركا لزعامة العالم بامتياز، وكذلك وضع اليد على النفط كونه السلعة الأكثر استراتيجية في العالم. وقد شاء الله سبحانه أن يجتمع هذان الأمران في بلاد المسلمين… وهذان الهدفان غير قابلين للتغيير إلا إذا غيرت أميركا مبدأها، وغيّرت طبيعتها اللاإنسانية المتوحشة القائمة على الاستعمار بأبشع صوره. إذاً ما الذي سيفعله بوش وإدارته أمام هذا الضغط الشعبي المتزايد والذي لا يمكن إغفاله؟
لا شك أن في يد بوش أكثر من ورقة ليلعبها في العراق، فهو إذا فشل في فرض مشروعه عسكرياً فإنه لن ينسحب نهائياً ويعود إلى بلاده، بل سينسحب إلى خط قتال ثانٍ وثالث، وهذا ما وجدنا أنه بدأ العمل به.
إن أميركا تفكر منذ مدة بالخروج من مأزق فشلها العسكري… فقد دعت إلى مؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي كان مخططاً له أن تندمج أطراف المقاومة المسلحة في المشروع السياسي الأميركي كسبيل لاحتوائها، ولكن المؤتمر لم يعقد في أواخر شباط الماضي كما كان مقراًً له… وكذلك فكرت، للخروج من مأزقها، الاستعانة بقوات عربية وإسلامية لحفظ الأمن والسلام الداخليين في العراق لمصلحتها، على غرار ما حدث في لبنان، ولكن يبدو أن الأمر أعقد من أن يتحقق بالسرعة التي يمكنها أن تفوّت الضغط الشعبي على بوش… وهي الآن بصدد الاتصال بإيران من أجل أن تطرح تقاسم المصالح الأمنية والنفطية معها، وذلك في الوقت الذي ترسل فيه رسائل ضغط تفجيرية لقطاعات الشعب العراقي لكي تخضع هذه القطاعات للرغبات الأميركية ولا تخرج عن الخط المرسوم، فتارة تفجر أميركا مسجداً هنا وآخر هناك، وتارة تفجر سوقاً لهؤلاء وسوقاً آخر لأولئك. وهي في كل مرة تختار موقفاً له صبغة معينة ليظن كل قطاع من الشعب العراقي أن القطاع الآخر من الشعب نفسه هو وراء ما حدث، ولها من وراء ذلك هدفان:
أما الهدف الأول الذي فهو ضرب المشروع الإسلامي، فإنها إذا نجحت في بث الفتنة، فإنها تجعل المسلمين يعطون أسوأ صورة عن دينهم بأيديهم، وتجعل بأسهم بينهم بدل أن يكون على عدوهم، وستعقد بين المسلمين حواجز من الكراهية والانقسام والتفرق، وسينجح الشيطان الأميركي ومعه البريطاني، ومعهما اليهودي أن يجعلوا المسلمين يتهارشون ويتحارشون ويظنون ببعضهم الظنونا… إن قوات الاحتلال في العراق هي فقط من يستطيع تفجير هذا النوع من الصراعات فهي موجودة بجيوشها العسكرية، وجيوشها السرية، وبعملائها… إن خطة أميركا في ذلك تقوم على إحداث تفجيرات طائفية، ثم ترك الشارع تتجاذبه ردات الفعل الطائفية، من غير أن يقوموا بأي شيء لمنعه، بل يدفعون قوات الشرطة العراقية ذات اللون الطائفي للتدخل وحسم الأمر، وبهذا يستشري العداء المذهبي الطائفي ويزداد، ويصبح كل طرف يلجأ لأميركا لحل مشاكله، بدل أن يجتمع الجميع على مقاومة المحتل لإخراجه.
أما الهدف الثاني فهو وضع اليد على النفط، فإن العداء الطائفي سيؤدي إلى فرز طائفي، حيث سيعمل على أن تكون هناك مناطق نظيفة للشيعة، وأخرى نظيفة للأكراد، وأخرى نظيفة للسنة… وسيصبح العراق مناطق طائفية ذات لون واحد، وبخاصة الشمال والجنوب حيث مناطق النفط، وتبقى المناطق المختلطة في الوسط البعيدة عن مناطق النفط مسرحاً لرسائل الضغط التفجيرية، تقوم بها أميركا لضبط إيقاع تلك الطوائف مع مصالحها، وهكذا تضمن أميركا وضع يدها على النفط، وهذا يذكرنا بمشروع ليزلي لتقسيم العراق. وما تصريحات رامسفيلد في 19/3 أمام الكونغرس التي يقول فيها إن خطته تقوم على «منع حرب أهلية شاملة في العراق، ولكن إذا نشبت ستتعامل معها قوات الأمن العراقية بقدر استطاعتها بدعم من قوات التحالف». إلا أوضح تفسير لما تخطط له الإدارة الأميركية الحالية في هذا المجال. فهي ستمنع قيام حرب أهلية شاملة في كل العراق، إذ سيكون الشمال والجنوب منطقتين نظيفتين وفق ما تخطط له أميركا، وتبقى (القلاقل) محصورة في الوسط والمناطق المختلطة البعيدة عن النفط. أما قوله «ستتعامل معها قوات الأمن العراقية بقدر استطاعتها» فإنه يعني وضع المسلمين في مواجهة بعضهم، وتذكية النعرة الطائفية، ويعني إبقاء القوات الأميركية بعيدة عن المواجهة وفي مأمن من قتل جنودها، وتكبدها الخسائر المادية…
هذا ما تنويه إدارة بوش الذي لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلاً لإجرامها… فهل يرضى أحد من المسملين أن يكون أداة بيد الشيطان، ويخضب يديه بدماء المسلمين، ويحقق لأميركا ما لم تستطع أن تحققه بيديها الآثمتين؟
إن الأمر واضح لا لبس فيه، وهو كبيرة من أكبر الكبائر، إثمها عظيم، وعاقبتها شر مستطير، فالرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»… إنها فتنة عمياء لا يشارك فيها إلا كل بعيد عن طاعة الله، ولا يهمه رضى الله في شيء… وإن من يشارك فيها كمن يشارك في قتل أمه، وأبيه، وأخيه، وزوجته، وابنه، وحتى نفسه… نظراً لردود الأفعال التي تستلزمها… إنها فتنة لا تبقي ولا تذر، إنها تهلك الحرث والنسل.
إن مشروع الفتنة هذا يجب أن يرد عليه المسلمون بمزيد وحدة وتآخٍ، بمزيد وعي وتبصر وتقوى، بمزيد عزم وعمل على قلع الاستعمار الغربي عموماً والأميركي خصوصاً… إن أفضل رد على أميركا ومن لف لفها هو بالتقاء المسلمين على صعيد واحد: موالاة الإسلام والمسلمين ومعاداة الكفر والكفار، ووحدة البلاد والعباد دونما تجزئة أو تقسيم طائفي أو مذهبي.
إن هذه الفتنة سيستمر أعداء الله ورسوله والمؤمنين أجمعين في إيقاد جذوتها من حين إلى حين حتى تصل إلى مداها المرسوم لها… وإنه لن يوقفها إلا صالحو المسلمين من الطرفين، ومن بيدهم الأمر من العلماء المسلمين المخلصين وأهل الوزن والثقل من العشائر… إن على هؤلاء لجم المشاعر الطائفية المتدفقة لدى العامة ومنع الاقتتال أو المشاركة فيه ببيان حرمته الشديدة، وبالتالي العمل على توعية المسلمين على ما يخطط ضدهم ويراد بهم… إن الوعي العام على هذه المسألة حصراً سيكشف كل من ينخرط في هذه الفتنة، وسيكشف ارتباطهم بأعداء المسلمين المتربصين بالأمة كل شر.
أيها المسملون
هكذا يبدو جلياً أمام أعينكم كيف أن الكفار الغربيين يفتحون أبواب الشر على المسلمين باباً بعد باب… وإنه لن يقف أمام شرورهم إلا المشروع الإسلامي الكبير المتمثل بالخلافة الراشدة الثانية التي تجمع المسلمين على صعيد الإسلام النقي الخالص من العصبيات والمذهبيات، والتي ترد كيد الأعداء في نحورهم، والتي توقف هرج ومرج آخر الزمان، والتي تجعل خير الإسلام يعم البشرية كلها، وتجعل شر الرأسمالية الظالمة المتوحشة العاهرة ينحسر. يا أيها الذين آمنوا تذكروا قول الله تعالى: ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) [الفتح].
2006-04-06