بسم الله الرحمن الرحيم
ارتباط العبادات بالزمن في الإسلام (1)
(الصلاة)
اقتضت حكمة الله تعالى أن ترتبط عباداته بأزمانٍ معينة تُؤدَّى فيها، بل إنها قد تبطل إذا تقدَّمت وقتها المعين لها أو تأخرت عنه. فالصلاة مثلاً، ارتبطت بأوقات معينة، تبطل إذا وقعت في غيرها، فليس لنا مثلاً أن نصلي الصبح قبل طلوع الفجر الصادق، أو الظهر قبل الزوال، أو العصر قبل أن يصير ظلُّ كل شيء مثله، أو المغرب قبل مغيب الشمس، أو العشاء قبل ذهاب الشفق الأحمر… وكذلك الصوم، لابد وأن يكون مرتبطاً بالزمن والأيام المعينة التي حددها الله سبحانه وتعالى، فمن صام غير شهر رمضان، فإن فرْض صيام الشهر لا يسقط عنه بحال… والحجّ لا يصح لنا أن نؤدي مناسكه قبل حلول موعده، أو بعد فوات وقته، فلا نستطيع أنْ نقف بعرفات في اليوم الثامن من ذي الحجة أو قبله، ولا يصح لنا أن نحرم في غير أشهره المحددة… وكذلك الزكاة فإنها جُعلت واجبة في المال كلما حال عليه الحول، وفي الزرع وقت حصاده…
تحديد الصلاة بخمسة أوقاتٍ في اليوم
لقد نبَّه القرآن الكريم – بعد الأمر بإقامة الصلاة – إلى قضية التوقيت في الصلاة. قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). ومعنى كون الصلاة (كتاباً موقوتاً): أي واجبة في أوقات معلومة، لا يجوز إخراجها عنها في شيءٍ من الأحوال. قال صاحب المنار: “موقوتاً: أي منجّماً في أوقاتٍ محدودة، لابد من أدائها فيها بقدر الإمكان، وإنَّ أداءها في أوقاتها مقصوراً منها بشرطه، خيرٌ من تأخيرها لقضائها تامة”
والصلوات هي الخمس المعروفة، في أوقاتها المعروفة؛ ببيانٍ من رسول الله e الذي داوم عليها مدّة حياته، ونُقلت عنه بالتواتر العملي، فتوارثتها الأمّة جيلاً بعد جيل، من غير فترةِ يوم واحد، حتى في أدقّ ساعاتها، وأعظم محنها وأزماتها.
والأحاديث في ذلك كثيرة، ويكفي للدلالة على ذلك ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو أن نبي الله r قال: “إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل”.
وليس في القرآن الكريم ما ينص صراحةً على عدد هذه الصلوات، وأسمائها وأوقاتها، غير أن هناك آيات تدل عليها، وتشير إلى الأوقات التي تقع فيها هذه الصلوات، وهذه الآيات هي:
1- قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). فهذه الآية دالة على أن عدد الصلوات خمس، وذلك ” لأن قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) يدل على الثلاثة من حيث إن أقل الجمع ثلاثة، ثم إنّ قوله تعالى: (وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) يدل على شيءٍ أزْيَد من الثلاثة؛ وإلا لزم التكرار، والأصل عدمه، ثم ذلك الزائد يمتنع أن يكون أربعة؛ وإلا فليس لها وسطى، فلا بدّ وأن ينضم إلى تلك الثلاثة عدد آخر يحصل به للمجموع وسط، وأقل ذلك أن يكون خمسة، فهذه الآية دالة على وجوب الصلوات الخمس بهذا الطريق”. [الرازي، التفسير الكبير، ج2، ص482].
2- قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). فقولـه: (طَرَفِي النَّهَارِ) يفيد وجوب صلاتيّ الصبح والعصر، لأنهما كالواقعتين على الطرفين، وإن كانت صلاة الصبح واقعة قبل حدوث الطرف الأول، وصلاة العصر واقعة قبل حدوث الطرف الثاني. وقوله: (وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ) يفيد وجوب المغرب والعشاء. [انظر: الرازي، التفسير الكبير، ج4، ص209]
وذهب الزمخشري إلى أنَّ طرفي النهار هما: الغدوة والعشيّة، وصلاة الغـدوة هي: الفجر، وصلاة العشية: الظهر والعصر؛ لأنَّ ما بعد الزوال عشيّ. وصلاة الزُلَف: المغرب والعشاء. ومنهم من قال غير ذلك.
3- قـوله تعالى: (أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا). ودلوك الشمس هو زوالها. والغسق هو ظلمة الليل. ويدخل في الفترة الزمنية الممتدة من الدلوك إلى الغسق: صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. وقوله:( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) يدل على صلاة الصبح.
4- قـوله تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ). قال القرطبي: “هذه إشارة إلى الصلوات الخمس. (قبل طلوع الشمس) صلاة الصبح. (ومن آناء الليل) العتمة. (وأطراف النهار) المغرب والظهر؛ لأن الظهر في آخر طرف النهار الأول وأول طرف النهار الآخر؛ فهي في طرفين منه، والطرف الثالث غروب الشمس وهو وقت المغرب” [القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج11، ص261.] وقيل: هذه الآية تدل على الصلوات الخمس؛ لأن الزمان إما أنْ يكون قبل طلوع الشمس أو قبل غروبها، فالليل والنهار داخلان في هاتين اللفظتين.
5- قولـه تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ).
قال الرازي: “وهذه الآية أَبْيَنُ آيات المواقيت” [الرازي، التفسير الكبير، ج2، ص482.]. ويُروَى في ذلك أنه قيل لابن عباس –رضي الله عنهما-: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم، وتلا هذه الآية [انظر: الزمخشري، الكشاف، ج3، ص456. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج14، ص14]. وبيان ذلك أنّ قـوله: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تمْسُونَ) أي صلّوا لـه حين تمسون، وأراد به صلاة المغرب والعشاء. (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح. (وَعَشِيًّا) أراد به صلاة العصر. (وحِينَ تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر [انظر: المصدرين السابقين، ج3، ص456 و ج14، ص14. الرازي، التفسير الكبير، ج2، ص482. البيضاوي، أنوار التنـزيل، ج2، ص218]. هذه هي الأوقات الخمسة للصلوات، ولكنْ ما هي الحكمة في توقيتها بتلك الأزمان المعلومة؟ وما السرّ في تكرارها خمس مراتٍ في اليوم؟.
يظهر في هذا التوقيت مجموعة من الأسرار والحِكم، أهمها:
1- في تكرار الصلاة خمس مراتٍ في اليوم، تطهير للمسلم من غفلات قلبه، وأدران خطاياه، وقد مَثَّل النبي e هذا المعنى في حديثه الشريف، فقال: “أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كلّ يوم خمساً، ما تقول ذلك يُبقي من دَرَنه؟” قالوا: لا يُبقي من دَرَنِه شيئاً. قال: “فذلك مَثَلُ الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا” رواه البخاري. والمسلم قد تغلبه الشهوة، ويستفزه الغضب، ويجذبه تراب الأرض الذي خلق منه، فيقع في الأخطاء، فتكون هذه الصلوات فرصة في كل وقت يثوب فيها إلى رشده ويرجع إلى ربه؛ لأنه بالصلاة تَتَحاتّ الذنوب، مثلما يتحاتّ الورق عن الغصن اليابس، كما جاء عن المصطفى e، الذي يروي عنه سلمان الفارسي- رضي الله عنه- أنه كان معه تحت شجرة، فأخذ منها غصناً يابساً، فهزّه حتى تَحَاتّ ورقه، فقال: “يا سلمان، ألا تسألني لمَ أفعل هذا؟” قلت: ولم تفعله؟ قال: “إنّ المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى الصلوات الخمس، تَحَاتّت خطاياه كما يتحاتّ هذا الورق” ثم قرأ قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).
2- إنّ توزيع الصلاة على ساعات اليوم، يجعل العبد دائم الصلة بالله، متذكراً له في الليل والنهار، وفي أوقاتٍ دورية؛ لئلا تحمله الغفلة على الشر، أو التقصير في الخير. فحينما يتصدع الليل، ويسفر نقابه عن وجه الفجر، يقوم داعيَ الله يملأ الآفاق… موقظاً للنائمين: أن يقوموا للصلاة التي هي خير من النوم فتجيبه الألسنة الذاكرة بدعاء الاستيقاظ الذي يحلّ كل عقد الشيطان؛ فتقوم نشيطة إلى الصلاة… وحين يقوم قائم الظهيرة، وتزول الشمس عن كبد السماء، ويكون الناس غارقين في لُجَج المشاغل الدنيوية، والمتاعب اليومية، يعود المنادي لينادي مرّة ثانية؛ لينتزَع الناس من براثن أعمالهم، أو روتين حياتهم، ليقفوا بين يدي خالقهم دقائق معدودات، يخففون فيها من غلواء التصارع على المادّة، والاستغراق في طلب الدنيا، وذلك في صلاة وسط النهار: صلاة الظهر… وحين يصير ظلّ الشيء مثله، وتبدأ الشمس تميل للمغيب، ينادي المنادي مرّة ثالثة، داعياً إلى صلاة العصر… وحين يختفي قرص الشمس، ويغيب وجهها من الأفق، ينادي داعي الله مرة رابعة، مؤذّناً لصلاة آخر النهار، وأول الليل: صلاة المغرب… وحين يغيب الشفق، يرتفع الصوت الرباني بالأذان الأخير للصلاة الخاتمة ليوم المسلم: صلاة العشاء.
وبهذا يفتتح المسلم يومه بالصلاة، ويختتمه بالصلاة، وهو بين الصلاتين: الفجر والعشاء، على موعد دائم متجدد مع الله، كلما دار الفلك، واختلف الليل والنهار. فهذه الصلوات الخمس، هي وجبات الغذاء اليومي للروح، كما أنّ للمعدة وجباتها اليومية، ففي مناجاة العبد لربه في الصلاة؛ ما ينير قلبه، ويشرح صدره، ويأخذ بيده إلى الله؛ ليقف بين يديه بلا حجاب، ويكلمه بلا تُرجمان، ويناجيه فيناجي قريباً غير بعيد، ويستعيذ به فيستعيذ بعزيزٍ غير ذليل، ويسأله فيسأل غنياً غير بخيل.
يقول الشيخ ولي الله الدهلوي في حِكمة تكرار الصلوات، وتعاقبها في كل يومٍ وليلة: “وسياسة الأمة لا تتم إلا بأن يُؤمر بتعهد النفس بعد كل بُرهة من الزمان، حتى يكون انتظاره للصلاة، واستعداده لها من قبل أن يفعلها، وبقية لونها وصبابة نورها بعد أن يفعلها في حكم الصلاة، فيتحقق استيعاب أكثر الأوقات إن لم يكن استيعاب كلّها.
3- في توالي الصلاة وتخلُّلها لأوقات اليوم واتصالها بأعماله، ما يوحي بأنَّ الحياة كلّها –مهما كانت صروفها- مسرحٌ للتديُّن، فليس التديُّن نشاطاً يُؤخَّر لوقته المخصوص بالقداسة، ويتحلل منه المرء في سائر أوقاته. فإنَّ هذه الصلوات الخمس عندما تتمازج مع صروف الحياة وأعمال اليوم، تنقل إليها روح الدين ومعانيه. فالصلاة وظيفة تعبُّد محض، توقظ في المصلِّي مشاعر الدين الخالصة، فإذا أحاطت طوال اليوم بأعمال الإنسان أفاضت عليها من روح التعبّد، والمصلِّي الذي لا ينفكّ يومه يتجدد مع تلك المعاني، يُقبِل على سائر شؤونه فيُؤسس أعماله جميعاً على نيّة خالصة مبتغياً بها وجه الله. ولولا توالي الصلوات لبعُد بالإنسان العهد، وطالت الفترة، فأدركه النسيان والغفلة، وشغلته الهموم والمصالح العاجلة التي تكتنف أعماله اليومية.
4- ومن الحِكَم في هذا التوقيت والتحديد الزمني؛ أنَّ الأشياء إنْ لم يكن لها وقت معين، فإنَّ ذلك يؤدي إلى التقصير فيها، وعدم المحافظة عليها. فالعبادات إنْ تُركت هكذا دُون توقيت، ربما تساهل فيها الكثيرون، ولو جُعلت الصلاة هكذا دون تحديد، لربما لم يصلّها الكثير من المتكاسلين. ولكنه سبحانه وتعالى بتحديده لأوقات الصلوات الواجبة، يبين الحد الأدنى، فلا يجوز أن يُؤتى بأقل من ذلك؛ لأنَّ من قصر في هذا القدر القليل، الموزّع على هذه الأوقات الخمسة في اليوم والليلة، فهو جدير بأن ينسى ربه ونفسه، ويغرق في بحرٍ من الغفلة، وأما من قوي إيمانه وزكتْ نفسُه، فلا يرضى بهذا القليل من ذكر الله ومناجاته، بل يزيد عليه من النافلة، ومن أنواع الذكر الأخرى، ما شاء الله أن يزيد، ويتحرّى في تلك الزيادة، أوقات الفراغ والنشاط، التي يرجو فيها حضور قلبه وخشوعه.
5- وفي هذا التوزيع، وهذا التوقيت، من التربية العملية للأمة الإسلامية، ما يشبه الوظائف العسكرية، وذلك من حيث ضرورة الالتزام بأداء هذه الصلوات في أوقاتٍ معينة دون هوادة في ذلك. وفي ذلك ما يعلّم المسلمين ضرورة الاهتمام بالوقت وتنظيمه، فإنّ الصلاة وهي علاقة بين العبد وربه، مرتبطة بالوقت، ومحددة في أوقاتٍ معينة، وفي هذا إشارة إلى المسلم لكي تكون علاقته بأخيه المسلم، قائمة على احترام الوقت، والاهتمام بتنظيمه، وعدم هدره فيما لا طائل من ورائه. ففي الصلاة وانتظام أوقاتها المتوالية تنبيهٌ إلى مراحل الوقت وهي تطوي أجل الحياة شيئاً فشيئاً.
6- وفي توزيع الصلاة على خمس مراتٍ في اليوم، مع الحث على أدائها جماعة، أكبر الأثر في تضامن المسلمين. “فالصلاة جماعة تنشئ الاتحاد والمحبة والإخاء بين المسلمين، وتجعل منهم كتلة متراصة، فإنهم عندما يجتمعون ويقنتون لربهم ويسجدون لـه ويركعون معاً تأتلف قلوبهم، وينشأ فيهم الشعور بأنهم أخوة فيما بينهم، ثم إن الصلاة في جماعة تدربهم على طاعة أمير ينتخبونه من بين أنفسهم، وتربيهم على النظام والانضباط والمحافظة على الأوقات، وتنشئ فيهم المواساة والتراحم والمساواة والائتلاف، فتراهم جميعاً غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم، وأعلاهم وأدناهم، يقومون جنباً إلى جنب، فلا شريف فيهم ولا دنيء، ولا رفيع ولا وضيع”.
فأيُّ تضامن في أي مجتمع أفضل من هذا التضامن الإسلامي الذي يقوم على أسس من عبادة الله عز وجل وينبع من صميم هذه العبادة وشعائرها، ويظهر بهذه الصورة المشرقة التي تتجلى في إقامة الصلاة على المستوى اليومي والأسبوعي والسنوي وفي المناسبات العامة التي تتعلق بمصلحة الجماعة وحياتها كالاستسقاء والكسوف والخسوف وصلاة الجنازة وصلاة العيدين…
والصلاة بتواليها خمس مرّات في اليوم الواحد، تهدي المسلمين إلى الاجتماع على كلّ أمرٍ يهمهم، والتعاون على تدبير شؤونهم كافة، لأنهم في كلِّ لقاءٍ يتجدد يتعارفون ويتآلفون، ويقف بعضهم على أحوال بعض، فيصبحون بفضل الصلاة إخواناً متَّحدين في بناءٍ اجتماعيّ متين لا توهنه القطيعة والانعزال، وتسود بينهم مظاهر الوحدة التي وصفها النبي r حين قال: “ترى المسلمين في تراحمهم وتوادّهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.