دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة دولة هداية ورحمة ورعاية وعزة وعدالة
2015/12/05م
المقالات
2,467 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة
دولة هداية ورحمة ورعاية وعزة وعدالة
معاوية الحيجي أبو عبيدة
قال الله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ )
عندما تقرأ التاريخ الإسلامي، تقرأ كيف جعل الله المسلمين خلائفه في الأرض. وعندما ترى كيف كان المسلمون يمتلكون مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا تشعر بالفخر ويملأ الشوق جوانبك للعودة إلى ما كان عليه المسلمون من حضارة وعمران ورقي فكري وتطور مدني، فقد كان الناس في بقية البلاد يشتاقون للعيش تحت ظل الخلافة الإسلامية، وكانوا ينتظرون جيوش المسلمين لتفتح بلدانهم؛ فقد فتحوا القلوب قبل أن يفتحوا البلاد، ودخلت محبتهم الصدور قبل أن تدخل عساكرهم المدن والقرى؛ ذلك أن الخلافة الإسلامية دولة هداية ورعاية ورحمة وعزة وعدالة:
دولة الخلافة الإسلامية دولة هداية: قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) وقال عزَّ من قائل: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ). فحمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة.
فدولة الخلافة الإسلامية جعلها الله دولة للهداية ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور وليست دولة التنفير من شرع الله، ولا دولة تجعل الناس تكره تطبيق الإسلام… هي دولة تشبه عهد الخلافة الراشدة،؛ وتشبه عهد عمر بن عبد العزيز حين أرسل إليه أحد الولاة أن الخزينة فرغت فسأفرض الجزية على من أسلم حديثاً؛ فقال له عمر: «قبح الله رأيك، فإن الله بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً. والله لا تعمل لي عملا أبداً»؛ ثم عزله… هي دولة من أهم سماتها حمل الدعوة، ومن أهم أولوياتها الحرص على هداية الناس، وليس الحرص على تكفير المسلم أو اتهامه بالردة؛ لا دولة تقطع ألسنة الناس كيلا ينطقوا بالشهادة؛ ولا دولة من يرى مسلماً يتشهَّد فيقتله حتى لاينطق بالشهادة ويدخل الجنة… إنها دولة: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } وليست دولة: وإنَّ منكم لمنفِّرين!
جاء في صحيح البخاري (3/ 1096) حين غزا المسلمون خيبر، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه وقال له: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلاً بك خير لك من أن يكون لك حُمُر النَّعم» فرغم أنهم يهود وأنهم أعداؤه قال له ما قال. وما أجمل ما قاله أحدهم لأحد القضاة الظلمة؛ وقد قال له هذا القاضي الظالم: أنت زنديق؛ فقال المتهم: بل أنا مسلم أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فقال له القاضي الظالم: سأضربك حتى تقرَّ بالكفر؛ فقال المتهم: يا سبحان الله؛ كان محمد عليه الصلاة والسلام يجاهد في الله حتى يقر الناس بالإيمان، وأنتم تضربون الناس حتى يقروا بالكفر.
دولة الخلافة الإسلامية دولة الرحمة: قال الله عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما أنا رحمة مهداة». فالشريعة الإسلامية شريعة رحمة، والخلافة الإسلامية هي القائمة على تطبيقها؛ فهي دولة رحمة… وليست دولة تعذيب للبريء حتى يقر على نفسه بالتهمة الموجهة إليه رغم براءته؛ ولا هي دولة حرق للناس وهم أحياء؛ ضاربين بعرض الحائط قوله عليه الصلاة والسلام «لايعذب بالنار إلا رب النار»… وليست دولة الخلافة على منهاج النبوة دولة اعتقالات تعسفية، ولا دولة فروع أمنية ؛ ولا دولة السجون، ولا دولة الخائفين على أنفسهم من بطش الولاة… إنها دولة (وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) وليست دولة (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى)… هي دولة (وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) وليست دولة الذين (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) ولا دولة من (عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ ).
ارجعوا إلى التاريخ لتقرؤوا مثلاً عن مدينة الفسطاط في مصر وسبب تسميتها بهذا الاسم؛ ذلك أن عمرو بن العاص رضي الله عنه حين تجهز لقتال الروم في الإسكندرية شاع خبر أن حمامة باضت في أعلى فسطاطه (أي خيمته) فقال عمرو: قد تحرمت في جوارنا؛ اقرُّوا الفسطاط حتى تطير فراخها؛ وبقيت الخيمة وبنى المسلمون مدينة سموها الفسطاط في مصر… فإذا كانت هذه رحمة المسلمين مع حمامة فكيف تكون رحمتهم بالرعية.
دولة الخلافة الإسلامية دولة رعاية: قال عليه الصلاة والسلام «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ. فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ»
وإنه لمن أهم سمات الخلافة على منهاج النبوة أن يكون مفهوم رعاية شؤون الأمة أمراً أساسياً فيها؛ وليس أمراً ثانوياً. ففي ظل الخلافة على منهاج النبوة تجد الرعية تحب حكامها لأن حكامها بالأصل يسهرون الليل على رعاية شؤونها؛ و طواف عمر بالليل حرصاً على رعيته أمر يعرفه جميع المسلمين.
فالخلافة على منهاج النبوة دولة يكون خليفتهاً مقتدياً برسول الله عليه الصلاة والسلام، باذلاً جهده ليتخلق بأخلاقه والتي منها (عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) وليست دولة قادتها ممن (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ). فالذين يتولون أمر المسلمين لابد أن تكون الشفقة على الرعية، والحرص على ما ينفعها، والسهر على مصالحها، هو محور تفكير هؤلاء الولاة. فإن فعل الولاة والأمراء ذلك؛ كانوا راشدين مهديين وعمت الألفة بينهم وبين الرعية كما وصفهم عليه الصلاة والسلام بقوله: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ: الذين تُحبُّونَهُمْ ويُحبونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عليهم ويُصَلُّونَ عليكم».
والخلافة على منهاج النبوة ليست دولة جباية يغلق فيها الناس محلاتهم ويتوقفون عن زراعة أراضيهم خوف الضرائب باسم الزكاة؛ بل هي دولة تعطي من أموالها للرعية كإقطاع الأراضي، وكإعطائها مالاً لسداد الديون، أو لإعانة الزرّاع… فقد روي عن عمرو بن شعيب قال: «أَقْطَعَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – نَاساً مِنْ مُزْيَنَةِ أَوْ جُهَيْنَةِ أَرْضاً» أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج، وأما إعطاؤهم مالاً لسداد الديون، فالله جعل للمدينين من أسهم الزكاة بقوله جلَّ من قائل: (وَالْغَارِمِينَ ). والرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: «فَمَنْ تَرَكَ دَيْناً فَعَلَيَّ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة، ومعنى قول الرسول «فَعَلَيَّ» أي على الدولة، أي على بيت المال. وأما إعطاء الفلاحين مالاً للزراعة فقد أعطى عمر بن الخطاب t من بيت المال للفلاحين في العراق أموالاً أعانهم بها على زراعة أرضهم، وسدَّ بها حاجتهم دون أن يستردها منهم.
وليس من منهاج النبوة أن يشقَّ القادة على الرعية، فعن عبد الرحمن بن شماسة المهدي – رحمه الله – : قال : أَتَيْتُ عائِشةَ أسألُها عن شيءٍ ؟ فقالت: كيف كانَ صَاحِبُكُم لكم في غَزَاتِكُمْ هذه ؟ فقلتُ : مَا نَقَمْنا منه شَيئاً، إنْ كان لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا البَعيرُ فَيعْطِيهِ البعيرَ، والعبدُ فَيُعْطيهِ العبدَ، ويَحتَاجُ إلى النَّفَقَةِ فَيُعْطيهِ النَّفَقةَ. فقالت عائشة رضي الله عنها: سمعتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ من أمْر أُمَّتي شَيْئاً فَشَقَّ عليهم فَاشْقُقْ علي. ومَنْ وَلِيَ منْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِم فَارفُق بهِ» .أخرجه مسلم.
ومن الطرائف التي حدثت في التاريخ الإسلامي في مسألة رعاية الشؤون أنه كان بريد عمر بن عبد العزيز لا يعطيه أحداً من الناس إذا خرج كتاباً إلا حمله، فخرج بريد من مصر فدفعت إليه فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح كتاباً تذكر فيه أن لها حائطاً قصيراً، وأنه يُقتحم عليها فيُسرق دجاجها، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح، بلغني كتابك وما ذكرتِ من قصر حائطك، وأنه يدخل عليك فيسرق دجاجك، فقد كتبت كتاباً إلى أيوب بن شرحبيل، وكان أيوب عامله على صلاة مصر وحربها، آمره بأن يبني لك ذلك ويحصنه لك مما تخافين إن شاء الله. وكتب إلى أيوب بن شرحبيل: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى ابن شرحبيل، أما بعد: فإن فرتونة مولاة ذي أصبح كتبت تذكر قصر حائطها، وأنه يسرق منه دجاجها وتسأل تحصينه لها، فإذا جاءك كتابي هذا فاركب أنت بنفسك إليه حتى تحصنه لها، فلما جاء الكتاب إلى أيوب ركب ببدنه حتى أتى الجيزة يسأل عن فرتونة حتى وقع عليها، وإذا هي سوداء مسكينة، فأعلمها بما كتب به أمير المؤمنين، وحصنه لها.
هذا كله إن كان مفهوم رعاية الشؤون، وفكرة المسؤولية عن الأمة، وأن الله سيحاسب القادة في تقصيرهم بحق الأمة ويحاسبهم على إهمالهم رعاية شؤونها. ولكن إن غاب مفهوم رعاية شؤون الأمة تصبح كلمة الخلافة مجرد إعلان بلا قيمة، ولغواً لامعنى له؛ وهنا يكره الناس من يحكمونهم، ويتمنَّون سقوطهم والخلاص منهم؛ ويصبح حال المسلمين كما قال عليه الصلاة والسلام: «شِرارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكمْ ، وتَلْعَنُونَهُم ، وَيلْعَنُونَكم» أخرجه مسلم.
دولة الخلافة الإسلامية دولة عزة: قال الله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ). فالمسلم في ظل الخلافة على منهاج النبوة يشعر بعزته وكرامته؛ فليست الخلافة الإسلامية دولة إهانة للإنسان، ولا دولة إذلال للبشرية؛ بل هي دولة تعتبر المحافظة على الكرامة الإنسانية ضرورة من ضرورات المجتمع، وهدفاً من الأهداف العليا الثابتة لصيانة المجتمع؛ فهي دولة يشعر فيها المسلم أنه سيد نفسه بل سيد الدنيا؛ فلا يجوز أن يشعر المسلم أنه في ظل سجن كبير يذله السجان متى شاء، أو أنه أسير مستعبد؛ فالله سبحانه لا يرضى لعباده الذلة والمهانة، بل رضي لهم العزة والكرامة والفخار… نعم، إن دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة ليست دولة من (إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) بل هي دولة كما قال عمر رضي الله عنه «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».
دولة الخلافة دولة العدل: قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )، وقال تبارك اسمه: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )، وقال تعالى جده: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
فإذا كان العدل أساس الملك كما يقولون؛ فهذا ما كان عليه المسلمون في عصر النبي عليه الصلاة والسلام، وعصر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. جاء في صحيح ابن حبان (11/ 607): كان عبد الله بن رواحة يأتي يهود خيبر كل عام يخرص الثمار عليهم، ثم يضمنهم الشطر. وقال لهم «والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولايحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم»، فقالوا: «بهذا قامت السماوات والأرض».
وإن الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة ليست دولة الظلم، ولا دولة ضياع الحقوق ولا دولة الاستئثار بالأموال، ولا دولة طرد الناس من منازلهم وأخذها منهم باعتبارهم مرتدين؛ بل هي دولة مِن أسسها أن جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق؛ فلا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك…
والخلافة على منهاج النبوة دولة تعتبر أن الأصل براءة الذمة، ولا يعاقب أحد إلا بحكم محكمة، ولا يجوز تعذيب أحد مطلقاً، وكل من يفعل ذلك يعاقب. وليست دولة تعتبر أن الأصل في المسلم أنه متهم بالكفر والردة. هي دولة يهاجر الناس إليها؛ وليست دولة يفر المسلمون منها، أو يهرب رعاياها خوف القتل أو السجن.
كلمة أخيرة: ما ذكرناه سابقاً هو غيض من فيض من سمات الخلافة على منهاج النبوة. ونحب أن نختم بالتذكير أنها دولة هي في نظر المسلمين أن المحافظة عليها من الأهداف العليا لصيانة المجتمع. هي دولة يرى كل مسلم فيها أنها دولة الأمة؛ لذلك هي تحتضنها وتدافع عنها وتبذل دمها للحفاظ عليها، وليست دولة يتمنى الناس سقوطها وزوالها بسبب أفعالها الشنيعة… إن الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة ليست دولة حزب ولا دولة تنظيم بل هي دولة الأمة الإسلامية كلها؛ هي دولة لا يتبنى فيها الخليفة رأياً معيناً في فروعيات العقيدة أو رأياً مختلفاً فيه في أمور العبادات حتى لا يشقَّ على المسلمين، بل هي دولة لا تجبر الناس على رأي فقهي، أو تلزمهم برأي شاذ في العقيدة الإسلامية؛ ثم تعتبر كل من يخالف هذا الرأي الشاذ كافراً مرتداً.
هذه هي خلافتنا الراشدة على منهاج النبوة التي نسعى إلى إقامتها من جديد، والتي من يقرأ أو يسمع عنها يدخل في هذا الدين. أما من عايشها ورأى بأم عينيه أنها دولة «هداية ورحمة ورعاية وعزة وعدالة…» فسيدخلون في دين الله أفواجاً، قال تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) ).q
2015-12-05