بسم الله الرحمن الرحيم
التقسيم هو خطة أميركا الخبيثة، والحل هو بوحدة المسلمين عبر إقامة الخلافة الراشدة الثانية
في أجواء السعي لفرض الحل الأميركي للوضع في سوريا ضمن إطار (جنيف1) وإجهاض سعي المسلمين وتطلعاتهم لإقامة حكم الإسلام فيها، يبرز موضوع التقسيم في سوريا؛ وذلك على غرار ما يطرح في المنطقة كلها… فكلا الأمرين صناعة أميركية. فإذا كان الأول، أي الحل ضمن إطار (جنيف1) معلناً، فالثاني، أي التقسيم، لا تجاهر به لأنه يعاكس ما يتطلع إليه أهل المنطقة، ولأنها تحضر أرضيته بالتآمر وإيجاد الفتن وغرس النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية مستخدمة مختلف الأساليب الإجرامية الخادعة والملتوية. ويبدو واضحاً أن خطتها لتقسيم المنطقة تخضع لرؤية ثابتة عندها. أما حكام إيران فقد أعماهم الدور الذي أعطته لهم أميركا وهو أن يكونوا رأس حربة لتنفيذ هذه السياسة، مع أن دولتهم نفسها تقع ضمن المخطط الأميركي للتقسيم وسيتجرعون كأسه.
لقد فضحت ممارسات أميركا منذ احتلالها للعراق مخططها للتقسيم هذا، وكان مستهلَّه إنشاءُ هيئة الحكم الانتقالي على أسس طائفية وعرقية، سلمت الحكم بناء عليه للشيعة، ووزعت مراكز السلطة فيه على أساسه. ومكَّنت إيران على أرضه. ومن ثم أكدت هذا المخطط تصريحات نائب الرئيس الأميركي، جون بايدن، خلال مقالة له فى جريدة واشنطن بوست، بأن الولايات المتحدة ترى أن الحل الأفضل فى العراق، هو بإقامة نظام فيدرالي، على أن يتكون من أقليم في الوسط للسنة، وآخر في الجنوب للشيعة، وثالث في الشمال للأكراد. هذا وقد صرح مسؤولون أميركيون بعد احتلاله أن أميركا تريد تطبيق النموذج العراقي على جميع دول المنطقة. وهذا الأمر يلمس أن أميركا تسعى لإعادة إنتاجه في سوريا عبر هيئة الحكم الانتقالي التي أتت على ذكرها مقررات مؤتمر (جنيف1).
أما عن بدابة وجود هذه الرؤية التى أعلن عنها نائب الرئيس الأميركي، فإنها تعود إلى تسعينات القرن الماضي، بعد سقوط منظومة الدول الشيوعية، حيث أعلنت أميركا عن ولادة نظام دولي جديد بقيادتها يقوم على اتخاذ أميركا من الإسلام عدواً حضارياً بديلاً عن الشيوعية. وبالطبع فإن دول أوروبا لا تخالف أميركا هذه الرؤية لأنها تدرك خطورة الإسلام أكثر، خاصة وأن لها حدوداً دموية مع دوله، ولها تاريخ عدائي طويل معه. فأميركا، ومعها دول أوروبا، حتى وكل الدول الفاعلة على المسرح الدولي من مثل روسيا والصين والهند… فهؤلاء جميعاً باتوا يدركون أن الإسلام يشكل تهديداً حقيقياً ومباشراً لهم، وأن المسلمين متوثبون لاستعادة قرارهم المسلوب ووحدتهم المفقودة عن طريق سعيهم لإعادة دولة الخلافة. ومنذ ذلك الوقت بدأت الأمة الإسلامية تشهد هذه الحرب العالمية الشعواء عليهم تحت شعار محاربة الإرهاب… وكانت بدايته مع بوش الأب عندما قاد تحالفاً دولياً بحجة إخراج العراق من الكويت، واستمر مع كلينتون ثم مع بوش الابن الذي ارتكب أبشع صور الإجرام بحق المسلمين، والذي زلَّ لسانه حينها بقوله إنه يخوض حرباً صليبية في المنطقة، والذي صرَّح هو وكثير من مسؤوليه، مع كثير من زعماء العالم، أن المسلمين يسعون لإقامة الخلافة، وهذا المخطط ما زال مستمراً مع أوباما وبصورة لا تقل إجراماً عن سابقيه، وهذا ما نرى حرائقه بدأت تعمُّ دول المنطقة بمنتهى الإجرام والمكر والتآمر، من العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى ليبيا إلى مصر… والتي لن يكون آخرها الأحداث الطائفية بين العرب والأمازيغ في الجزائر…
إن أميركا تعلم أن المنطقة هي منطقة واحدة يجمع الإسلامُ شعوبَها كأمة في دين فيه شريعة حياة ونظام حكم، وبنظرها لم يعد تقسيم المنطقة على أساس سايكس بيكو والذي أنشأ شراذم دول من مثل لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر… يفي بمصالحها كما كان؛ إذ لم يستطع أن ينسي الأمة وحدتها ولا تطلعها لإقامة الخلافة. لذلك هي تفكر بأساليب خبيثة وملتوية تقوم بالدرجة الأولى على تقسيم المسلمين كشعوب وفرط وحدتهم كأمة؛ وذلك عبر إقامة شبه دويلات ممزقة متعادية قائمة على النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية.
أما عن سبب وجود هذه الرؤية الأميركية للتقسيم فهو أن أميركا التي تقود هذه الحملة العالمية على الإسلام تخشى منه كحضارة، كطريقة عيش وأنظمة حياة، وتخشى الذين يحملون مشروع نهضة أمتهم على أساسه، وتخشى المسلمين لأنهم متمسكون بإعلاء دينهم واستشهاديون ومناضلون حقيقيون، وطاقة التحمل والصبر والتضحية عندهم مدهشة لأنهم يربطون الدنيا بالآخرة، والاستشهاد بالجنة… إن أميركا تعلم أنها أمام عدو شرس لا يمكن تركه لأنه سرعان ما سيقيم أمر ربه بإقامة دولة الخلافة التي ينظر إليها الغرب على أنها إمبراطورية حكمت العالم متفردة ولقرون طويلة فيما فشلت هي فيه، وتعلم أن هذه الخلافة ستقضي على حضارتهم لما تحمله حضارة الإسلام من معالجات صحيحة فيما هو فاشل فيه على كل صعيد. وفعلاً سرعان ما صدَّق المسلمون ظن أميركا ومعها الغرب وجميع دول العالم، فقد قامت ثورات (الربيع العربي) والتي يعرفون تماماً أنها كانت ثورات (الربيع الإسلامي) وأنها كانت محاولة جادة للتغيير على أساس إسلام الحكم، وأنها كانت تعبِّر عن رفض الأمة للواقع المفروض عليها وتطلعها لإقامة الإسلام في حياتها… هذه الثورات التي وإن لم تؤتِ ثمرتها لافتقادها إلى القيادة الإسلامية الرشيدة التي كانت مغيَّبة بالقوة والقهر ولكنها كانت كالأرض التي لم تنبت من الزرعة الأولى ولكنها كانت زرعة ممهدة ومهيئة الأرض للزرع الجيد…
من هنا، فإن أمريكا تعمل على ضرب أي محاولة من الأمة لاستعادة قرارها السياسي على أساس الإسلام والعمل على منع توحدها، وبمعنى آخر هي ضد إقامة الخلافة كونها السبيل الوحيد لذلك، وهذه المسألة هي قضية مصيرية بالنسبة إليها، ولمواجهتها ترى أميركا أن السبيل الوحيد لها للانتصار على المشروع الحضاري الإسلامي هو بمحاربته عن طريق تشويهه وتشويه الخلافة والعمل على تقسيم بلاده من جديد على أساس تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، أي تقسيم البلاد والعباد؛ وذلك عبر إقامة شبه دويلات ممزقة متعادية قائمة على النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية البغيضة بين المسلمين؛ وهذا ما بات يراه ويسمعه ويلمسه كل المسلمين، في كل بلاد المسلمين، ومن ضمنها سوريا. وهو تفتيت خبيث يعملون من خلاله على عدم إمكان توحد المسلمين؛ ومن أجل ذلك وضعوا خططهم الخبيثة التي تقضي بارتكاب المجازر المهولة بينهم لتكون الحدود التقسيمية الجديدة مرسومة بالدم. وقد يكون التقسيم الفيدرالي عند أميركا هو المطروح ابتداء لأنه أقل إثارة للجدل والريبة عند أهل المنطقة، فهو شكل من أشكال الاتحاد لا الشرذمة، وبحيث تقبض على رأس الحكم في الكيان الفيدرالي، ومن ثم التحكم بإيجاد المنازعات بين مكوناته للتدخل عند الحاجة بحجة حماية بعضهم على بعض، ولأنه بالنظام الفيديرالي يمكنها أن تفرض أن يتم تناوب السلطة على أساس مدني، وتضمن عدم فرض الحكم بالإسلام على الأقليات، وهذا يذكِّر بتدخل دول الغرب في دولة الخلافة العثمانية فيما عرف من قبل بالمسألة الشرقية حيث كانت حينها تثير النعرات بين من تسميهم بالأقليات لتبرر تدخلها في الدولة العثمانية لإسقاطها. والآن تريد اللعب بهذه الورقة من أجل عدم السماح بإقامة الخلافة. ومن ثم إذا قامت الخلافة رغماً عنها فمن أجل الانطلاق من داخلها لإسقاطها عن طريق عملائها، وبذريعة حماية الأقليات.
هذه المؤامرة التى تتضح معالمها يوماً بعد يوم، يتوقف نجاحها أو فشلها على مدى إدراك المسلمين حقيقة هذه المؤامرة العالمية التي تقود أميركا تحالفها الدولي ؛ فإذا تم إدراكها سهل معرفة كيفية مواجهتها والتغلب عليها والانعتاق من نفوذها ونفوذ الغرب عامة، وأمكن تسلم المسلمين قيادة أنفسهم.
إن أول ما على المسلمين أن يدركوه هو أن خلاصهم الوحيد هو بدينهم وحده؛ فعليهم أن يلوذوا به ويأتمروا بتعاليمه ويلتزموا بأوامره وينتهوا عن نواهيه… فلا حل صحيح وحقيقي وجذري إلا بإقامة الخلافة. فهو الحل الشرعي المطلوب منهم حتى من قبل حدوث هذه الثورات، وهو فرض عليهم، بل هو تاج الفروض، والذي من شأنه أن يطبق عليهم الإسلام في كل شؤون حياتهم، ويؤمن للناس مصالحهم ويحفظ حقوقهم، ويقلع نفوذ أعدائهم، ويجمع المسلمين في الداخل على مرضاة الله ويقضي على فتنة شرذمتهم، ويؤمن لغير المسلمين كل حقوقهم التي أقرهم عليها الإسلام ويمنع تدخل الغرب بحجة حماية الأقليات، وفوق كل هذا يوحد الأمة الإسلامية جمعاء ويوحد بلادهم، فيزيل حدودهم التي اصطنعها الغرب لهم في سايكس بيكو، والتي يريد الآن أن يقسم ما قسمه من قبل تقسيماً دموياً لئيماً يفتت البلاد والعباد. إن أي حل لا يخرج الغرب من حياة المسلمي لن يكتب به الخلاص للمسلمين.
وعلى المسلمين أن يدركوا أن الغرب وعلى رأسه أميركا هو عدو حقيقي له، وهو المسؤول الأول عن كل مآسيهم… فعليهم أن يتخذوه عدواً حقيقياً. ولا يجوز أبداً الاستعانة به ولا التنسيق معه ولا اعتماد حلوله. بل يحرم ذلك حرمة شديدة لأنه يجعل للكفار سبيلاً على المسلمين. قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) ثم عليهم أن يعلموا أنهم بالاستعانة به يمكنوه من جديد منهم ومن شرذمتهم وتقسيمهم والتهويش بينهم واستعداء بعضهم لبعض. ثم ألم يروا كيف يقف الغرب بقيادة أميركا وراء هذا التآمر المجرم عليهم، وكيف يحمي السفاح بشار، بل ويشاركه في كل جرائمه، بل يأمره به.
وعلى المسلمين أن يدركوا أن حكام المسلمين هم عملاء الغرب الذين استخدمهم من قبل لإيصال المسلمين إلى ما هم عليه من سوء أوضاعهم والتي ألجأتهم للثورة. فمبارك والقذافي وعلي صالح وبن علي وبشار لا يختلفون من حيث العمالة وإذلال المسلمين وإضلالهم بإبعادهم عن دينهم وإفقارهم بتمكين أعدائهم منهم ومن ثرواتهم… لا يختلفون عن بوتفليقة وحكام السعودية وحكام الخليج وحكام إيران وحكام المغرب وحكام السودان… فأي استعانة بأحدهم فإنما تصب في مصلحة الغرب وتحقيق سياسته ومصالحه على حساب المسلمين ودينهم. وهؤلاء لا يختلفون عن حكامهم الذين يحاربونهم بشيء بل قد يكونون أسوأ، وهؤلاء يجب أن يقوم المسلمون الذين يحكمونهم عليهم، وهؤلاء كانوا ليكونوا مثل هؤلاء الحكام الذين يقومون ضدهم لو قامت ضدهم شعوبهم.
وعلى المسلمين أن يدركوا أن القانون الدولي هو نظام كفر لا يجوز الاحتكام إليه ولا الخضوع له. فالغرب الذي وضع القانون الدولي، وأوجد الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليكونا القيمين على تطبيقه، فرض على دول العالم تطبيقه، وأعطى هذا التطبيق قداسة ليفرض عليهم الانصياع الذاتي له بينما هو الأداة التي يخضعهم بها لكل سياساته. وتطبيقه يعتبر نسخة منقحة لاستعماره الآخرين… فالقداسة عند المسلمين يجب أن لا تكون إلا لله ولتطبيق أحكام دينه. ونحن نرى كيف أن القانون الدولي نفسه هو الذي شرع الوجود اليهودي في فلسطين وجعل من أهلها المسلمين لاجئين، وغطى كل جرائم يهود. وهو نفسه الذي يسمح للسفاح بشار بالتسلح ويمنعه على المسلمين في سوريا. وهو نفسه الذي ما زال يعتبر السفاح بشار هو الرئيس الشرعي لسوريا، وهو نفسه الذي ستفرض أميركا به حلها على سوريا، وهو الذي قسم بلاد المسلمين إلى دول وجعل الحدود بينها شرعية بحسب الشرعة الدولية بعد أن كانت وحدة واحدة في دولة الخلافة، وهو الذي تريد أميركا به أن تشرع التقسيم الجديد لدول المنطقة…
والسؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن الآن: ما الحل الشرعي للوضع في سوريا؟ وهل يمكننا السير به؟ وكيف؟
إن الحل الشرعي، كما ذكرنا من قبل، هو حصراً بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة، وهو فضلاً عن أنه فرض من الله ويجب القيام به، فإنه العمل الذي أكثر ما يخشاه الغرب، ويحاربهم عليه، ويتآمر عليهم من أجله. وهو الحل الذي يجب أن ينشغل كل المسلمين به في سوريا وفي مصر وفي اليمن وفي العراق وفي السعودية وفي كل بلاد المسلمين، وهو الذي يمكن أن تنضم إليه جهود العمل في هذه البلاد جميعها إذا ما قامت في أحدها. وهو الذي يمكن جمع المسلمين جميعاً عليه، ولا يمكن جمعهم على غيره. ثم إن عامة المسلمين هم مع إقامة الخلافة على خلاف حكامهم العملاء. وما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حين أقام دولة المدينة هو نفسه ما يجب أن نقوم به. فقد هيأ الرسول صلى الله عليه وسلم ثلة من المؤمنين معه في مكة وأعدهم ليكونوا رجال دولة وحملة دعوة، وهو أمر لا بد من توفره شرعاً ثم عقلاً؛ لأنه إذا أقام دولة الخلافة من هم ليسوا أهلاً لها فإنهم سيكونون ضداً لها. وهذا ما يحدث ونراه اليوم بأم أعيننا، ومثل هذا الذي أعده الرسول صلى الله عليه وسلم متوفر بحمد الله.كذلك فإن الرسول قد جعل من عامة أهل المدينة يؤمنون بدعوته فشكلوا حاضنة طبيعية له حمت الدعوة والدولة في المدينة وجعلتهم ينتظرون قدومه بفارغ الصبر ويرتجزون عند وصوله إليه:
طـلـع البـدر عـلينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مـا دعــا لله داع
وهذا بحمد الله متوفر؛ فالأمة بمجموعها تريد الحكم بالإسلام بإقامة الخلافة. وما يرتكب من أعمال إجرامية باسمها لتشويهها فإنها أقل من أن تؤثر على المسلمين لأن الخلافة الراشدة تعني لهم خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وهذا ما تحسَّسه الغرب بصورة مبكرة وتحقق من وجوده عبر قيامه بإحصائيات ثبتت له نظرته أن الأمة هي مع إقامة الخلافة الراشدة؛ لذلك فإن عودة الخلافة أمر متوقع حتى من أعدائها. ويبقى أمر واحد قام به الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتحقق بعد، وينتظر من أهله أن يقوموا به، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد طلب النصرة من أهل القوة في زمانه فآتاه الله إياها من أشخاص أقوياء في إيمانهم وعلى أرض الواقع فآوَوا الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين في مكة، ونصروه وعزَّروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، فأعزَّه الله وأقام الدولة بهم… ونحن كذلك بحاجة لأهل القوة من المؤمنين في أيامنا لأن يستجيبوا لله وللرسول في إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية، وهؤلاء، بحمد الله، متوفرون وموجودون بكثرة، ولكن الحكام وضعوهم في أوضاع تخويفية، تشكيكية جعلتهم ينكفئون ولا يقدمون. وهؤلاء، وقد رأوا أمتهم وأهاليهم يذوقون أشد العذاب من حكامهم ومن الغرب، ما عليهم إلا أن يستجمعوا قواهم في خطة محكمة بالتنسيق والعمل مع الثلة المؤمنة التي أعدت نفسها لهذه المهمة الجليلة؛ لإسقاط الحاكم في البلد الذي هم فيه، وإقامة حكم الله بإعلان الخلافة الراشدة… وعليه فإن هذا الفرض العظيم، فرض العمل لإقامة الخلافة، قد تأسست أركانه ولا يحتاج إلا إلى أن تنضم إلى بعضها: الثلة الواعية، والحاضنة الشعبية، وأهل القوة. وإنه من باب الإيمان بالله والتأسي برسوله الكريم نقول إن النصر الذي يتطلع إليه المسلمون بكل قوة ليخلصهم من سوء ما هم فيه إنما مفتاحه بيد الله وحده، ولا يفتحه إلا لمن التزم بأمره وسار على درب رسوله، ولا يظننَّ ظانٌّ منا أنه بيد أمريكا أو أحد من حكامها العملاء، فهؤلاء يحجبون النصر، والنصر الذي يأتي على أيديهم إنما هو نصر من عند غير الله، والحكم الذي يقيمونه هو حكم بغير ما أنزل الله، وإذا حدث مثل ذلك، فمعناه أنهم نصروا أعداء الله على دينهم وعلى أمتهم، وليعلم المسلمون أن الله هو أغنى الشركاء عن شركه، ونحن اليوم أحوج من نكون إليه سبحانه ليخلصنا من هذه الأوضاع التي نحاط فيها بالظالمين من كل جانب، ولا نجد فيها على الحق أعواناً، ونعيش في فتن من صنع أعداء الله الغربيين وعملائهم هي كقطع الليل المظلم، ولا كاشف لها إلا الله ولا عاصم منها إلا الله. وهناك الكثير من الآثار التي تشير إلى أن نصر الله يأتي في هذا الزمان للذين يعملون لإحياء القرآن والسنة، وأن الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة ستقوم حقيقة، وأن اليهود سيقضي عليهم جيش المسلمين. وأن الإسلام سيعم حكمه الأرض… ولكن كل ذلك مربوط بنصرنا لدين الله، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ). وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )…