بسم الله الرحمن الرحيم
رداً على شطحات الريسوني:
الخلافة من الضروريات لحفظ الشريعة ومقاصدها
رد افتراءات الريسوني (1)
محمود عبد الكريم حسن
ظهر جلياً في السنوات الأخيرة توجه الأمة نحو الإسلام وتشوُّقها لتطبيقه، وكان تعبير الخلافة العلامةَ المضيئة في تحركاتها وثوراتها، كما كان التعبيرَ الموجز المعبر عن مخزون شرعي وحضاري وتاريخي كبير، وكان بما يختزنه من هذه المعاني لافتاً للنظر ودافعاً للهمم ومنبهاً للجميع؛ لمؤيدي الخلافة المتشوقين لها، ولأعدائها والخائفين منها. وهذا ما حفَّز الأمة على مزيد اندفاع وقوة في العمل لها، كما دفع أعداء الأمة إلى مزيد توجُّسٍ من هذا التوجه وتربُّصٍ به.
نقتصر في هذه المقالة على جانب من دور أعداء الأمة بهدف تضليلها وإحباط مساعيها نحو الخلافة، وهو دور مشايخ وحملة شهادات في علوم الشريعة وشخصيات في مواقع دينية، يحرِّفون أحكام الإسلام ليصرفوا الأمة عن الفهم الصحيح، وعن العمل الصحيح الذي يحررها من هيمنة الكفار وعملائهم، ويخرجها من ظلمات الذل والجهل والتبعية إلى نور الحق والعز والسؤدد.
من ذلك مثلاً ما طلع به علماء السلاطين في أكثر من مكان من كذب مفضوح ووقح من أن الإسلام ليس فيه أي دليل على الخلافة أو على نظام حكم، كالدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الذي قال إن مصطلح الخلافة الإسلامية بدعة ومحدثة لم يفعلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أنها لم ترد في كتاب أو سنة! ومن ذلك أيضاً ما يكرره الدكتور أحمد الريسوني – الذي سأفند مزاعمه في هذه المقالة – من أن الخلافة ليست واجبةً شرعاً، وأن غياب الخلافة والخليفة من حياة المسلمين لا ينقص من دينهم شيئاً!.
يتخذ الدكتور الريسوني من تعبير مقاصد الشريعة ذريعةً لإلغاء أحكام الشريعة التي يسميها وسائل، فأحكام الشريعة مقاصد ووسائل، والمقاصد هي الأحكام التي قصدها الشارع لذاتها وقصد تحقيقها، أما الوسائل فهي أحكام لم يقصدها الشارع لذاتها، وإنما هي وسيلة لغيرها، فهي أريدت لأجل المقاصد، لذلك فمن الخطأ – عند الريسوني – التمسك بها أو المحافظة عليها، فهي وسيلة ليس أكثر، والمطلوب شرعاً إنما هو المقصد الذي تُفضي إليه الوسيلة وليس الوسيلة، فإذا أمكن تحقيق المقصد بوسيلة مختلفة فهو المطلوب شرعاً، لذلك ينبغي التفريق بين المقصد والوسيلة، وما كان وسيلة فلا أهمية له. وعلى ذلك فالخلافة وشكل الحكم زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء الراشدين هو من الوسائل وليس مطلوباً شرعاً، وبخاصة في زماننا الذي تطوَّر فيه الحكم وشكله فصار يوجد ديمقراطية وثلاث سلطات.
يقول الريسوني في مقال عنوانه: «الدولة في الإسلام بين منطق المقاصد ومنطق الوسائل» نشره على موقعه على الشبكة العنكبوتية: « يقسِّم علماء المقاصد وعدد من الأصوليين أحكام الشريعة إلى مقاصد ووسائل، أو ما هو مطلوب لذاته وما هو مطلوب لغيره، ومنهم من يتحدث عن المقاصد ومقاصد المقاصد وعن الوسائل ووسائل الوسائل»، ثم يتساءل: «فهل الدولة أو الخلافة في الإسلام من قبيل المقاصد أو من قبيل الوسائل؟ وهل إقامة الدولة الإسلامية مطلوب لذاته أو مطلوب لغيره؟»، ويضيف: «وهذا التساؤل كما يجري على الدولة وإقامتها إجمالاً، يجري كذلك على كل فرعٍ من فروعها وكل مؤسسة من مؤسساتها، كنظام الخلافة والوزارة وطريقة البيعة…وكذلك يقال في واجبات الإمام وشروطه المنصوص عليها في كتب الفقه والسياسة الشرعية…» ويسأل: «فهل هي في حكم الشريعة مقاصد أو وسائل؟ أم أن بعضها مقاصد وبعضها وسائل؟
ثم يجيب: «لكن مما هو جدير بالملاحظة والتأمل أننا لا نجد في القرآن ولا في السنة ذكراً صريحاً للدولة أو ما يقوم مقامها وحتى «نصب الإمام» الذي أجمع على نصبه العلماء من لدن الصحابة فمن بعدهم، لم يأتِ في صيغة أوامر صريحة، وليس فيه ترغيب ولا ترهيب، على الرغم مما يكتسبه من أهمية قصوى وخطورة بالغة، وإنما هو استنباط وتقدير مصلحي وعمل بالقواعد العامة مثل قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».
ويضيف: «يتعجب بعض الدارسين المعاصرين كيف لم يجعل العلماء المتقدمون الدولة الإسلامية أو الخلافة ضمن الضروريات الخمس، لذلك فهم يرون ضرورة استدراك هذا النقص الكبير، وقد سمعت مؤخراً في أحد المؤتمرات العلمية الإسلامية عالماً جليلاً يذهب إلى إضافة بعض الضروريات الجديدة إلى الضروريات الخمس المعروفة، وذكر في مقدمة ما أضافه أمن الدولة، فقلت له إن وجود الدولة نفسه ليس من الضروريات الخمس فكيف بأمن الدولة؟»
ويخلص الريسوني إلى: «أن الدولة ليست من المقاصد أصلاً، بل هي وسيلة من الوسائل، وحتى لو قلنا إنها أم الوسائل فهذا لا يغير انتماءها إلى جنس الوسائل المطلوبة لغيرها لا لذاتها…»، ثم يقول: «وأما النظر الشرعي وكل نظر سوي فيعتبر أن الدولة مجرد وسيلة لا تُطلب لذاتها ولو أنها لا غنى عنها ولا مفر منها». وهكذا يمضي الريسوني متدفقاً بمغالطاته، وكأنه ليس في الأمة من يقرأ أقواله ويحاكمها بعلم، فيخلص إلى قوله: « مما تقدم يظهر أن الدولة في الإسلام إنما هي وسيلة لا غاية، وأن مقاصدها هي كل ما تستطيع تحقيقه وخدمته من مقاصد الشرع ومقاصد العباد، والدولة باعتبارها وسيلة تبقى قابلة بل مدعوةً للتطور والتكيف والتلاؤم مع زمانها ومكانها…»، و يقول: «والدولة كما هو معلوم أصبحت عبارة عن أذرع وسلطات متعددة أهمها: تنفيذية وسلطة تشريعية وسلطة قضائية، ولكل سلطة من هذه السلط مؤسسات وأنظمة وأدوات تتشعب وتتطور باستمرار وكل ذلك يتجدد ويتغير من زمان لآخر ومن ظرف لآخر بحسب مدى صلاحيته وملاءمته»، ثم يقول: «وعلى هذا الأساس يجب التعامل اليوم مع كافة النظم والأساليب الإدارية التي عرفتها تجارب التاريخ الإسلامي في مختلف أطواره، وعلى هذا الأساس أيضاً يُنظر إلى الديمقراطية وغيرها من النظم الحديثة. فكل هذه وتلك إنما هي وسائل ووسائل وسائل فيمكن الأخذ بها ويمكن تغييرها أو تعديلها، وحكمها هو حكم ما تجلبه وما تفضي إليه، وليس في ذلك أي حرج، بل الحرج كل الحرج هو تنزيل الوسائل منزلة المقاصد والتعامل معها على هذا الأساس».
وللدكتور الريسوني مقال آخر نشره على موقع الجزيرة نت بعنوان: «الخلافة على منهاج النبوة والخلافة على منهاج داعش» ينفي فيه وجودَ أدلةٍ صحيحة على وجوب الخلافة، ويستهزئ بالعاملين لها ويسميهم حالمين، ويتجرأ فيه فيقول: «فالشرع الذي فرض علينا ما تقدم ذكره وغيره من الأحكام والمبادئ والمقاصد، لم يفرض علينا أبداً أن نقيم شيئاً نسميه الخلافة، أو الخلافة الإسلامية، أو دولة الخلافة، ولا فرض علينا أن نقيم شكلاً معيناً ولا نمطاً محدداً لهذه الخلافة أو لهذه الدولة، ولا أمرنا – ولو بجملة واحدة – أن نسمي الحاكم خليفة، وأن نسمي نظام حكمنا خلافة.” ثم يتمادى فيقول: «ولذلك أقول: لو اختفى لفظ الخلافة والخليفة من حياة المسلمين إلى الأبد ما نقص ذلك من دينهم مثقال ذرة ولا أصغر منها، ولكن إذا اختفى العدل واختفت الشورى وشرعية الحكم ليوم واحد فتلك طامة كبرى».
هذا هو الدكتور أحمد الريسوني موثَّقاً بأقواله في الخلافة وبفهمه للمقاصد والوسائل، فهل ما يقوله في هذا الشأن له محل في الشرع؟
الجواب هو أن ما أتى به الريسوني حول الخلافة ليس له محل في الشرع، وهو منقوض بالنصوص التي تؤكد وجوب الخلافة. كذلك فهو في زعمه الاستناد إلى مقاصد الشريعة مشى مُكبّاً على وجهه، وخبطَ خبط عشواء كما سيتبين. وسأفند فيما يلي افتراءاته وأردُّها بالدليل والبرهان من جهتين:
الأولى: جهة بيان أدلة وجوب الخلافة، وكثرتها وشهرتها بحيث لا ينكرها إلا جاهل أو مضلل.
والثانية: جهة معاني المقاصد والوسائل التي دخل منها الريسوني ليحَرِّف ويُضَلِّل، ببيان أنها لا تسعفه أبداً، وإنما هي تؤكد عكس ما شطح إليه، وتوثيق ذلك بنصوص لأئمة المقاصد.
أما الأولى: فقد تبين أعلاه نفي الريسوني وجوب الخلافة، وتبجحه بأنه ليس في القرآن والسنة ما يفيد وجوبها، وهذا في الحقيقة زعم ساقط لا يزعمه ذو نظر سويّ، ولا يستحق أكثر من لفت نظر وإشارات سريعة، إذ وجوب الخلافة قطعي وأدلتها كثيرة، وفيما يلي بعضها:
1 – الآيات التي تأمر بالحكم بما أنزل الله وتنهى عن الحكم بغير ذلك، مثل: ]وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ [، ومثل: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[وقوله: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [ وغيرها كثير…، فهذه أوامر جازمة وفيها دلالة جازمة على وجوب الحكم بالإسلام وعلى إيجاد الحاكم به، وفيها ما هو أكثر من الترهيب والترغيب الذي ينكره الريسوني بشأن إيجاد الإمام الذي يحكم بالإسلام. وإنه لمستغرب (جهل) الريسوني بهذه الأدلة!.
2 – عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية» رواه مسلم. فهذا دليلٌ من السنة، صحيحٌ وصريحٌ، ومعناه طلبٌ جازمٌ بإيجاد الخليفة ومبايعته وطاعته، وأن من مات غير مبايع للخليفة فميتته جاهلية. أوليس في هذا ترهيب أو ترغيب! لئن كان زعم الريسوني عن جهل فجهله كبير!.
3– عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» رواه مسلم. وهذا دليل آخر من السنة يوجب طاعة الخليفة والصبر على ذلك، ويحرِّم الخروج على طاعته، ويحرِّم أن يعيش المسلم خارج ظل سلطان المسلمين، وهذا كله يقتضي وجود الخليفة، فكيف ولماذا يتجرأ الريسوني على ادِّعاء أمرٍ واضح البطلان!.
4– عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه ويُتَّقى به» رواه مسلم. وهذه صيغة إخبار تفيد الطلب. وفي بناء الفعل يُقاتَل والفعل يُتَّقى للمجهول وعدم ذكر الفاعل أو نائبه رفع لأهمية وجود الإمام إلى أعلى الدرجات، وهذا ترغيب كبير بالإمام وترهيب كبير من غيابه. فكيف يحكم الريسوني ويُفتي! وعلى أي أساس! وبماذا يستدل حين يزعم عدم وجود حتى ترغيب وترهيب بشأن الإمام!
5– عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبيَّ بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» رواه مسلم. وهذا نصٌّ من السنة، واضحٌ وصريحٌ أيضاً في أن الحكم في شريعة الإسلام هو خلافةٌ، وأن البيعةٌ واجبةٌ لخليفة وواجب الوفاء بها، وأنه كلما مضى خليفة وجب أن يخلفه خليفة، بخلاف الأمم السابقة والأنبياء السابقين قبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم. فمالِ الريسوني لا يرى أو يفقه هذه الأحاديث! أم أنه لا يريد أن يراها؟
6– الريسوني نفسه ذكر إجماع الصحابة وإجماع العلماء عبر العصور على وجوب نصب الإمام، حيث قال: «إننا لا نجد في القرآن ولا في السنة ذكراً صريحاً للدولة أو ما يقوم مقامها وحتى «نصب الإمام» الذي أجمع على نصبه العلماء من لدن الصحابة فمن بعدهم، لم يأتِ في صيغة أوامر صريحة، وليس فيه ترغيب ولا ترهيب…»
عجيب هذا الكلام الناضح بالجهل والغفلة والتبجح، وبإلقاء الكلام على عواهنه. أما الجهل فالنصوص المذكورة آنفاً الدالة على وجوب الخلافة وعلى الترغيب والترهيب بشأن وجود الخليفة دليل عليه. وأما التبجح فيدل عليه اشتراطه أن يأتي دليل الوجوب بصيغة أمر صريح، فلماذا هذا التقييد؟ هذا ليس من العلم في شيء، إذِ الأدلة لا يشترط فيها هذا الأمر أبداً. وهذا فوق ما ورد أعلاه من أدلة من القرآن والسنة، وأكثرها واضح الدلالة وصريح، لذلك فهذا النص تبجُّح وجهل. وأما الغفلة وإلقاء الكلام على عواهنه فهو أكثر عجباً، إذ كيف يُنكر (الريسوني) وجوب الخلافة في نفس النص الذي يقول فيه إن الصحابة أجمعوا على وجوب نصب الإمام، وكذلك مَن بعدَهم إلى يومنا! إنه منتهى التناقض والغفلة وانعدام المسؤولية في إلقاء الكلام. ثم كيف ينكر هذه الإجماعات ومنها إجماع الصحابة هكذا كفاحاً!
نعم، لقد أجمع الصحابة على وجوب نصب الإمام، وأجمع العلماء على ذلك عبر العصور. قال القرطبي عند تفسيره للآية ]وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [: «هذه الآية أصلٌ في نصب إمامٍ وخليفةٍ يُسمعُ له ويطاعُ؛ لتجتمع به الكلمةُ؛ وتنفذ به أحكامُ الخليفة. ولا خلافَ في وجوب ذلك بين الأُمة ولا بين الأئمَّة إلا ما روي عن الأصَمِّ- أبو بكرٍ الأصم من كبارِ المعتزلة – حيث كان عن الشريعة أصمَّ؛ وكذلك كلُّ مَن قال بقولهِ واتبعه على رأيهِ ومذهبهِ… ودليلُنا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ]إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [ وقَوْلُهُ تَعَالَى: ] يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ [، وقال: ] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [ أي يجعلُ منهم خلفاءَ…». وكل من ذكر قول أبي بكر الأصم هذا قال عنه إنه كان عن الشريعة أصم.
وقال الجزيري في «الفقه على المذاهب الأربعة»: «اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن الإمامة فرض، وأنه لا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين، وعلى أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان لا متفقان ولا مفترقان». فأين الريسوني من كل هذا!
7- إن تطبيق أي قانون أو نظام أو شريعة في الدنيا لا يمكن إلا بسلطة تنفيذية (دولة) تطبقه وتحفظه من العدم أو الاختلال، وكذلك شريعة الإسلام لا يمكن تطبيقها وتنفيذها إلا بدولة، وبما أن تطبيق الإسلام لا يتم إلا بدولة، والقاعدة الشرعية تقول: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب»؛ لذلك كان وجود الدولة التي تقوم بذلك واجباً، والدولة التي تطبق الإسلام هي دولة الخلافة، ولا بد لها من رئيس هو الخليفة.
وبناءً على هذه الأدلة من القرآن والسنة وإجماع الصحابة والقاعدة الشرعية «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» فإن الخلافة واجب قطعي، وإنكار الريسوني وجوبَها إحداثٌ في الدين وهوىً باطلٌ ومردود. q [يتبع…]