العدد 458-459 -

السنة التاسعة والثلاثون، ربيع الأول – ربيع الآخر 1446هـ الموافق تشرين الأول – تشرين الثاني 2024م

بعد دمار غزة، سيواجه اليهود وحكام المسلمين الخونة الدمار أيضًا

عبد الحكيم عثمان

الناطق الرسمي لحزب التحرير في ماليزيا

يصادف هذا العام الذكرى المئوية الميلادية لاحتفال المسلمين برمضان والعيد بدون دولة الخلافة. لقد مرت هاتان المناسبتان المباركتان بحزن شديد على الأمة الإسلامية، وخاصة على الذين يعيشون في الأرض المباركة.إضافة إلى كونه شهرًا روحانيًّا، فإن رمضان هو بلا شك شهر الانتصارات للمسلمين، فقد سجَّل التاريخ الإسلامي بأحرف من ذهب، على مدى أكثر من 13 قرنًا، العديد من إنجازات هذه الأمة في مجالات الحضارة والحرب، والكثير من هذه الإنجازات تحقق خلال شهر رمضان.

هذا العام، شهد رمضان استمرار قتل المسلمين في غزة على يد اليهود العطشى للدماء، دون أي دفاع من حكام المسلمين. من الواضح أن روح هؤلاء الحكام «ماتت»؛ حيث إنهم حتى في «الشهر الروحاني» للإسلام، يظلون غير متحركين ويحافظون على جيوشهم محصورة بشدة في ثكناتهم.

منذ فقدان الأمة درعها الحامي قبل 100 عام، عاشت الأمة بدون حماية ورعاية، متأثرة بجميع أنواع المصائب التي لم تُعهد من قبل. لقد توالت المجازر على هذه الأمة منذ إسقاط الخلافة، وصولًا إلى الوضع الحالي في فلسطين.

رغم المجازر، لم يحقق اليهود النصر في غزة بإذن الله. وعلى الرغم من أنهم أحدثوا أكبر دمار في تاريخ غزة، إلا أنهم لم يتمكنوا من تدمير الإسلام أو أهله. حتى بدون أسلحة أو مأوى أو غذاء وشراب كافٍ، يواصل أهل غزة الصمود، ولم يحقق اليهود المجرمون أهدافهم.

في الواقع، اليهود شعب ضعيف وجبان، وبإذن الله لن ينتصروا. لقد ظنَّ اليهود أنهم بتدمير غزة يمكنهم بسهولة تحقيق أهدافهم، لكن الحقيقة أنهم يواجهون الهزيمة. فكل الجرائم والشرور والدمار التي يرتكبونها في غزة ستؤدي، بإذن الله، إلى دمارهم.

اعتقد اليهود أنهم بقتل المسلمين في غزة، سيحصلون على دعم من دول وأمم الكفر الأخرى. وبينما يدعمهم بعض الحكام الأشرار، شهدنا خلال الأشهر السبعة الماضية أن المزيد والمزيد من الحكام والبلاد غير الإسلامية حول العالم أبدت دعمها لغزة وشعبها. وقد رأينا تظاهرات ضخمة من الشعوب غير الإسلامية في جميع أنحاء العالم، تعبِّر عن دعمها لفلسطين، وهي ظاهرة لم تُر من قبل.

والأكثر دهشة أن الدول التي دعمت كيان يهود تاريخيًّا قد أدارت ظهرها، وبدون تردد أو خوف أظهرت دعمها لفلسطين وشعبها. إن الدعم الهائل من الشعوب غير الإسلامية، حتى في أمريكا، لفلسطين وإدانتها لليهود هو أمر غير مسبوق. يا لها من معجزة!

في الوقت نفسه، نشهد تحوُّل غير المسلمين، بما في ذلك بعض المشاهير، واعتناقهم الإسلام، مستلهمين من الثبات الرائع للإيمان الذي يمتلكه أهل غزة، رغم القتل الفظيع لعائلاتهم وتدمير منازلهم على يد اليهود المجرمين. إن كلمات الله سبحانه وتعالى تصور الحدث: (وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ).

حقًّا، إن المجازر التي ارتكبها كيان يهود بحق أهل غزة والدمار الهائل الذي أحدثوه يكشفان عن أقصى الجرائم البشعة التي ارتكبوها، كما يوضحان أنهم شعب جبان ووحشي لم يشهد التاريخ مثلهم.

رغم الهجمات المتواصلة من اليهود بكل قوتهم، ورغم كل المساعدات من الولايات المتحدة بجميع أنواع الأسلحة، ورغم الحصار وقلة السلاح والعجز للمسلمين في غزة، فقد نجا المسلمون وبقوا أقوياء بإرادة الله. سبحان الله… أليس هذا دليلًا على أن اليهود لن ينتصروا أبدًا في غزة؟

في الواقع، تكشف العديد من التقارير أن الآلاف من جنود يهود يعانون من ضغوط شديدة وأمراض نفسية بسبب هجومهم على غزة. الآلاف منهم يخضعون للعلاج، والكثيرون يتركون الخدمة العسكرية ويعودون إلى الحياة المدنية. وقد تم الإبلاغ أن عددًا منهم يعانون من الأرق بسبب الضغوط والاضطرابات التي سببتها هذه الحرب.

في أوائل نيسان/أبريل 2024م، شهد العالم الآلاف من اليهود يتظاهرون في شوارع تل أبيب، مطالبين باستقالة بنيامين نتنياهو بسبب فشله في هذه الحرب. ومن الواضح أن كيان يهود يواجه ضغوطًا من الداخل والخارج.

هذه هي العواقب التي يواجهها يهود بعد أن أنفقوا كل شيء لتدمير غزة، فلم يحصدوا سوى الذل والندم، وفي الآخرة سيواجهون ما هو أسوأ (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ٣٦).

من الواضح أن هجومهم على غزة قد ارتدَّ عليهم بالفعل، وأصبح كابوسًا لهم. يا له من وضع معجز. كل هذا لم يكن ليحدث لولا عون الله سبحانه وتعالى. بالفعل، إن الله سبحانه وتعالى يهزم أعداءه وينصر عباده بطرق غير متوقعة. ولا يدرك اليهود أن الله سبحانه وتعالى يدمرهم ببطء ولكن بثبات.

وينطبق الأمر نفسه على حكام المسلمين الخونة، هؤلاء الحكام الذين يستمتعون الآن بعروشهم، منغمسين في حياة الرفاهية والثروة، بينما يكتفون بمشاهدة دمار غزة والقتل الجماعي الذي يرتكبه يهود ضد إخوانهم دون أن يفعلوا شيئًا، إنهم في الواقع «يدمرون» أنفسهم أمام الله سبحانه وتعالى. فهم يخونون أمانة الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين. تمامًا مثل يهود، لا يدركون أن الله سبحانه وتعالى يمهلهم قليلًا ليستمتعوا قبل أن يدمرهم بعذابه. يقول الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ٤٢).

أيها المسلمون، اعلموا أن المجازر في غزة قد كشفت مدى حاجتنا إلى خليفة الآن ليحلَّ محل هؤلاء الحكام الخونة. هذا هو ما يعمل من أجله حزب التحرير بلا كلل، ليلًا ونهارًا، منذ 70 عامًا. فحزب التحرير يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية داخل الدولة وخارجها بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وبمجرد أن تُقام الخلافة، فإنها ستعبئ الجيوش بالتأكيد لتحرير غزة والأرض المباركة فلسطين بالكامل، وكذلك جميع الأراضي الإسلامية المحتلة من الشرق إلى الغرب دون تأخير ودون تنازل.

يا أهل غزة، اصبروا قليلًا وواصلوا إيمانكم الراسخ والثقة بالله سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى لن يترك عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات. إن نصره يقترب يومًا بعد يوم، وستعود الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قريبًا، كما يتبع النهار الليل.

سيتقدَّم الجيش الإسلامي تحت قيادة الخليفة لتحرير غزة والأرض المباركة فلسطين، معاقبًا اليهود بالعقاب الذي وعد به الله سبحانه وتعالى. وستعود الأرض المباركة فلسطين إلى مجدها، وفي الوقت نفسه، ستكون أكبر مقبرة لليهود في هذا القرن، إن شاء الله. (فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُ‍ُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا).

وبذلك، فإن وراء دمار غزة الذي سببه يهود وخيانة حكام المسلمين لهذه الأمة، يتَّضح بجلاء أن اليهود وأولئك الحكام الخونة يدمرون أنفسهم فعلًا. فسيأتي وقت يدركون فيه ذلك؛ ولكن حينها سيكون الأوان قد فات للتوبة، كما كان الحال مع فرعون الذي أغرقه الله في البحر. إن الله سبحانه وتعالى قد ذكرهم، لكنهم يغفلون عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *