العدد 458-459 -

السنة التاسعة والثلاثون، ربيع الأول – ربيع الآخر 1446هـ الموافق تشرين الأول – تشرين الثاني 2024م

مولد الرسول ﷺ: ذكرى ليوم من أيام الله، لا عيدًا نتبع فيه سَنن من قبلنا

منذ بعث الله محمدًا رسولًا ونبيًّا، جعل رسالته خاتم الرسالات، وجعله خاتم النبيين (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا ٤٠) [الأحزاب: 40]  جعلها الله رسالة عالمية إلى قيام الساعة، وجعله للناس كافة: أبيضهم وأحمرهم وأصفرهم وأسودهم، قال تعالى: (وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا) ولقد جاء هذا الدين كاملًا غير منقوص، شاملًا لكل أمور الحياة، قائمًا على عقيدة عقلية أوضح من الشمس في رابعة النهار، لا يزيغ عنها إلا كل ضالٍّ…

والمسلمون مأمورون بطاعة تعاليم دينهم في كل أمور حياتهم التي جاء فيها تشريع. ومطلوب منهم وجوبًا، من أولهم حتى قيام الساعة، أن يتأسوا برسولهم ونبيهم ويجعلوه إمامهم وقدوتهم في كل أقواله وأفعاله وحتى سكوته. وخيرُهم من يعيش معه الرسول ﷺ في كل شؤون حياته، وفي كل أوقاتها. فهو النبي السراج المنير النذير البشير الشاهد على الأمم بما جاء به من الحق من ربه، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٤٥ وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذۡنِهِۦ وَسِرَاجٗا مُّنِيرٗا٤٦) [الأحزاب: 44-46] وعلى المسلمين أن يكونوا أمناءه وشهداءه وخلفاءه على الرسالة الخاتم، قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ).

وقال تعالى عن أمره للأمة بطاعة الرسول ﷺ، وفي آيات بليغات يحلو للسمع والقلب أن يقرأها ويتمعن فيها:(وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ) [النساء: 64].

(وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْ) [الحشر: 7].

(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا٦٥) [النساء: 65].

(وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا٣٦) [الأحزاب: 36].

(وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ٧١) [التوبة: 71].

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا٧١) [الأحزاب: 70، 71].

(وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِوَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا٦٩) [النساء: 69].

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ٣٣)[محمد: 33].

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا٥٩)

[النساء: 59].

فالرسالة التي أرسل بها الرسول ﷺ هي رسالة كاملة، فيها ذكر كل شيء على المسلمين أن يلتزموه، ويحرم أن يُحدِث أحد فيها أي شيء جديد، قال رسول الله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وأي مسألة مستجدة في حياة المسلمين يجب أن يعرضوها على دينهم ويأخذوا منه الحق… ومن ذلك دعوى اتخاذ مناسبة مولد الرسول ﷺ عيدًا سنويًّا، حبًّا به واعترافًا بفضله ومكانته عندهم، ومن باب إكرامه…

الملاحظ أن موضوع اتخاذ مناسبة مولد الرسول ﷺ عيدًا سنويًّا، هو موضوع دخيل على الإسلام، فالرسول ﷺ ذكر أن للمسلمين عيدين: الفطر والأضحى، ولم يذكر غيرهما، ولم يحتفل المصطفى بذكرى مولده في حياته، وجاءت خير القرون من بعده ﷺ: قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم من بعدهم، فلم يحتفلوا به، وهم كانوا أولى المسلمين باتباعه ﷺ، وكانوا خيرتهم بعد النبي ﷺ بشهادته لهم. والسبب في ذلك أنهم كانوا يُقبلون على الاتِّباع في الدين، ولا يَقبلون الابتداع، ولا يقبلون الخروج عن الصراط المستقيم قيد أنملة، ولو كان هذا الأمر دينًا لكان الدين قد أمر به، ولكان المسلمون في القرون الأُولى، وهي خير القرون، أَولى به.

والملاحظ أن الاحتفال في ذكرى مولد النبي ﷺ جاء تقليدًا للنصارى وتشبُّهًا بهم؛ ذلك أن النصارى كانوا يحتفلون بمولد عيسى عليه السلام، فحصل التقليد لهم عند المسلمين في عصور الانحطاط، وبنوا عليها استحسان الاحتفال بمولد النبي ﷺ.

إن من يفعل هذا بناء على مثل هذا القياس فإنه يقع في الحرام؛ لأنه يقوم به تشبُّهًا بالكفار. وقد وردت نصوص كثيرة صحيحة في السنة المطهرة تنهى عن التشبُّه بالكفار. قال ﷺ: «ليس منَّا من تشبَّه بغيرنا» [الترمذي]، وقال: «ومن تشبَّه بقوم فهو منهم» [أبو داود وأحمد]، وقال اليهود: «ما يدع من أمرنا شيئًا إلا خالَفَنَا فيه. وقد روى أبو داود عن أم سلمة أنه ﷺ كان يصوم السبت والأحد يتحرَّى ذلك ويقول: «إنهما يوما عيد الكفار وأنا أحب أن أخالفهم».

وما يقوم به المسلمون اليوم من إقامة الاحتفالات، أو تزيين الشوارع بالشارات والشعارات، أو خروج مسيرات مصحوبة بفرق موسيقية، أو إضاءة أنوار خاصة بالمناسبة، أو تعليق أوراق زينة في الشوارع والبيوت ومكاتب العمل،أو قراءة قصة المولد في المساجد والحارات، أو ابتداع الأغاني والضرب عليها بالدف فهذا لم يأتِ به شرع، ولا تقرُّه عقيدة، بل هو يندرج في اتِّباع سَنن من كان قبلنا شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، تصديقًا لقول المصطفى ﷺ: «لتتبعنَّ سَنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: من يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمن؟».

ونحن إذا أردنا اليوم أن نكرم نبينا ﷺ فعلينا أن نسلك السبيل الذي سنة لنا ﷺ ولا نلجأ للابتداع ولا نلجأ للتشبُّه. فكيف شرع لنا الله سبحانه أن نكرّم سيد الخلق وخاتم النبيين محمدًا ﷺ؟

إن تكريمه ﷺ يكون باتباعه؛ لقوله تعالى: (قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَفَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّه) ولقوله تعالى: (لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ). ويكون تكريمه بالتمسك بالدين الذي جاء به ﷺ؛ حيث قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي»…

 إنه بحلول هذه الذكرى الطيبة، علينا مراجعة أنفسنا: هل نحن فعلاً سائرون على نهج رسول الله ﷺ، وهل نحن فعلاً على الصراط المستقيم أو تنكَّبناه. فلا قيمة للذكرى إن كنا نهمل رسالة صاحبها.

بحلول هذه الذكرى، علينا أن نتذكر أن علينا الاقتداء برسالة المصطفى عليه الصلاة والسلام، واتباع النور الذي جاء به إلى العالم… علينا أن نستذكر أن رسالته:

– جاءت للناس كافة، في كل زمان ومكان (قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا)

– أنها نسخت جميع ما سبقها من الشرائع: (ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ).

–  أنها خاتمة الرسالات: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَۗ).

– أنه بعد بعثة محمد ﷺ صار الإيمان به واجبًا وعدم الإيمان به كفر يوجب النار. قال تعالى: (وَمَن لَّمۡ يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ فَإِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَعِيرٗا١٣) وأن الناس، كل الناس، صاروا مأمورين باتباع هذه الرسالة وحتى قيام الساعة.

– أن اتِّباع هذه الرسالة هو الذي ينجي من شقاء الدنيا، وعدم اتباعها هو الذي يوقع في شقاء الدنيا والآخرة. قال تعالى: (فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ١٢٣ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ١٢٦) وقال عليه الصلاة والسلام: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي».

– أن علينا أن نتبع رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام استجابة لقوله تعالى: (قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ)

بحلول هذه الذكرى الطيبة، علينا أن نسأل أنفسنا: أما آن لهذه الأمة أن تجعل من هذه الذكرى حافزًا يدفعها للعمل بما جاء به سيد المرسلين، وأن تعي أن أمجادها وعزتها إنما كان بالتقيد بما جاء به المصطفى، وليس بالتغني أو التباكي على تلك الأمجاد… أما آن لها أن تعي أنها هي المعنية بقوله تعالى: (كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ) وأنها هي المسؤولة أمام الله عن العالم بأسره؛ حيث إن الله جعلها أمة وسطًا حتى تتمكن من الشهادة على الناس بأنها قد بلغتهم الإسلام بشكل لافت للنظر فهو يقول: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ) فنزولها عن مركز الصدارة في العالم لا يمكنها من القيام بهذه الشهادة… أما آن لها أن تدرك أن من نصر محمدًا ﷺ ما زال هو الناصر، ذلكم الله فاستعينوا به يعنكم، واستهدوه يهدِكم، واسترشدوه يرشدكم، وأن طريق رسول الله ﷺ ما زالت واضحة المعالم.

هذا هو المطلوب من المسلمين تجاه رسولهم الكريم بشكل دائم أن يجعلوا منها ذكرى عبادة لا نمط احتفال على سَنن أهل الكتاب وهنا مسألة تبين الحق وتزيل الشبهة عند أهلها.

 إن من عادة المسلمين أن يقفوا على ذكريات الأيام وحوادثها، متعلمين هذا الأمر من القرآن الكريم والسنة المشرفة، فقد ذكر القرآن عن ذلك بقوله عن بعثة سيدنا موسى عليه السلام فقال: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِ‍َٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ٥) [إبراهيم: 5]. وقد وقف الرسول ﷺ مثل هذه المواقف، فالرسول ﷺ كان يصوم كل يوم اثنين، ولما سُئل عن سبب ذلك قال: «ذاك يوم ولدت فيه وبُعثت فيه» رواه مسلم). وبهذا يكون تذكر الرسول ﷺ لذكرى مولده ومبعثه صياماً وذكرًا، وطاعة لله وشكرًا. وها هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه – قد فطن إلى ذكرى الهجرة وإقامة دار الإسلام في المدينة فجعل التقويم الهجري مرتبطاً بعام الهجرة، عام إقامة الدولة الإسلامية، عام انطلاق الدعوة للإسلام إلى العالم.

وبهذا نرى، أن الوقوف على ذكرى مولد الرسول ﷺ ومبعثه رسولًا وهجرته ووفاته، مطلوب شرعًا؛ ولكن على الطريقة الشرعية فتكون ذكرى عبادة وأخذ عهد على النفس بطاعة الله ورسوله ووالتأسي بالرسول ﷺ والسير على خطاه ، لا عيد احتفال وابتداع عادات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا اتباعًا لسنن أهل الكتاب في أمور الدين.

فالله سبحانه وتعالى في عليائه أمر المسلمين بإفراد الإيمان به جلَّ وعلا، فهو الله على ما جاء به القرآن من أنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد… وأمرهم بإفراد الإيمان بالرسول ﷺ أنه هو الذي أُمِر المسلمون بطاعته وحده، والتأسي به وحده، وأن الله قد بعثه وعصمه فلا يؤدي إلا الرسالة المبعوث بها، وربطت الآيات كما قرأنا طاعته بالجنة والنار والفوز العظيم… ومعصيته بالضلال المبين وبطلان الأعمال. فالرسول ﷺ  كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن» كذلك المسلمون عليهم أن يكون خلقهم القرآن في كل أمور حياتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *