نداء حار الى أهل القوة والمنعة في الأمة الاسلامية وجيوشها
2024/08/03م
المقالات
1,429 زيارة
يوسف أبو إسلام
الأرض المباركة فلسطين
لا تزال دماء المسلمين تسيل على أرض غزة، ونداءات الاستغاثة لا تزال تنطلق من حناجر الرجال والنساء والأطفال.
إن هذا الدمار وهذه الأشلاء وهذه الاستغاثات كفيلة بأن تحرك الجبال الراسيات، فما بالها إلى الآن لم تحرك جيوش الأمة وقواها الحية رغم أنه قد مضى على هذه المجازر الرهيبة ما يقارب ثمانية أشهر؟
يا أهل القوة والمنعة:
إن الله قد ابتلاكم حين جعلكم سياج الأمة وقوتها الضاربة وسورها الحامي، فما بالكم قعدتم عن نصرة أهلكم في غزة وأنتم ترون حفنة من يهود يبطشون بهم دون خوف ولا وجل؟! مع أنه لو جدَّ الجدُّ واقتحمتم عليهم ديارهم ما لبثوا أمامكم ساعة من نهار، فقد خبرتموهم في ٧ أكتوبر؛ حيث قامت فئة مؤمنة بعتادها البسيط واقتحمت عليهم مساكنهم، فكانوا يفرُّون أمامهم كما تفرُّ صغار الطير لا يلوون على شيء من هول ما رأوا من بسالة إخوانكم.
فكيف لو كان معهم جيش من جيوش دول الطوق؟! هل تراهم سيقفون عند حد غلاف غزة، أم أنهم كانوا سيكملون المسير نحو القدس ليغسلوا عار خذلانها طوال السنين الخالية؟!!
يا أهل القوة والمنعة: ما بالكم لا تتحرك مشاعركم وأنتم ترون الأشلاء المبعثرة، والجثث المحترقة، وجرافات الاحتلال تجرف جثث إخوانكم كما تجرف أكوام القمامة دون احترام ولا تقدير لحرمة الموت؟!
ما بالكم لا تتحرك مشاعركم وأنتم تسمعون صرخات النساء واستغاثاتهن؟! أما تشتاقون أن يخلد التاريخ ذكركم كما خلَّد ذكر المعتصم وصلاح الدين وقطز وبيبرس؟!
يا أهل القوة والمنعة:
أما تخشون أن يسألكم ربكم عن خذلانكم لأهلكم في غزة؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من امرئ يخذل امرءًا مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته” رواه أحمد.
ما عذركم غدًا حين يسألكم ربكم عن قعودكم وتكاسلكم عن نصرتهم؟!.
هل ستقولون: قيَّدَتْنا أوامر الحكام؟ أما قرأتم في كتاب ربكم وهو يحكي عن حال التابع والمتبوع، وعن حال من يطيع أوامر الحكام حيث قال: (وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠٦٧ رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا ٦٨). أما قرأتم في كتاب ربكم قوله تعالى: (قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ ٣٢ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٣٣)؟!.
يا أهل القوة والمنعة:
إن الله قد حرَّم عليكم خذلان إخوتكم وأنتم ترونهم يستغيثون بكم. فكيف بالله عليكم تنامون الليل وتستطيبون الطعام والشراب وإخوتكم في غزة يتضاغون من الجوع يتمنَّى أحدهم لقمة الطعام أو شربة الماء؟!.
أما بلغكم خبر سعيد بن عامر رضي الله عنه، لما شهد مصرع خبيب بن عدي في مكة، يوم أن صلبه كفار مكة على مرأى ومسمع من أهلها، انتقامًا لقتلاهم في بدر، فكان سعيد بن عامر قد شهد ذلك المشهد، وكان لا يزال كافرًا، وبعد أن منَّ الله عليه بالاسلام، كان كلما تذكر مصرع خبيب بن عدي تصيبه غشية، كأنه مصاب بالصرع، ولما سأله الفاروق عن هذه الغشية التي تصيبه قائلًا: “يا سعيد، ما هذا الذي يصيبك؟” فقال: “واللهِ يا أمير المؤمنين، ما بي من بأس؛ ولكني كنت فيمن حضر خبيب بن عدي حين قتل، وسمعت دعوته، فواللهِ ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس قط إلا غشي عليَّ“؟!.
باللهِ عليكم يا جند الأردن ويا جند مصر الكنانة:
كيف بكم لا تصيبكم غشية ولا يصيبكم ما كان يصيب سعيد بن عامر، وأنتم ترون الأشلاء المبعثرة والأجساد المحترقة والدمار والخراب؟!
بالله عليكم أجيبونا: كيف تنامون ليلكم وصرخات النساء تصخُّ الآذان وهي تدعو على من خذلها وتقاعس عن نصرتها؟!.
يا أهل القوة والمنعة في الجيش المصري والأردني والباكستاني والجزائري:
كم ستعيشون في هذه الدنيا؟ مئة عام أو أقل منها أو أكثر؟ ثم ماذا بعد هذه العيشة؟ ألستم ستموتون وستدفنون، وسيأتيكم الملَكان فيسألانكم، فبماذا ستجيبون؟ ومن سيجيب عنكم؟ ومن سيدافع عنكم؟ نياشينكم؟ أم قادتكم الذين كنتم تطيعونهم أكثر مما تطيعون ربكم؟
هناك في قاع القبر، ستتذكرون كل الذي عملتموه، ستتذكرون تقاعسكم عن نصرة المستضعفين في أرض الرباط.
وستندمون حيث لا ينفعكم الندم، فلمَ لا تتداركون أنفسكم اليوم وقبل فوات الأوان؟.
ألستم تعلمون وتؤمنون أن الموت حق؟ وأنه لن تموت نفس قبل أن يحل أجلها؟ فلمَ لا تكونون مع سيد الشهداء حمزة؟ لمَ لا تبادرون إلى إعطاء النصرة للعاملين لعودة الخلافة، حتى تكونوا مثل السعدين، سعد بن معاذ وسعد بن عبادة؟
يا أهل القوة والمنعة في جيوش الأمة:
إنكم تعلمون علم اليقين أن المستقبل هو لهذا الدين، وتعلمون كذلك أن الله ينصر من ينصره، وأن الله يستبدل من يتولى عن نصرة دينه؛ حيث قال: (وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم).
فلمَ لا تبادرون إلى هذا الشرف العظيم، فتنصروا ربكم لتكونوا الأنصار الجدد لهذا الدين كما كان الأنصار من الأوس والخزرج؟!… إنها فرصتكم التي قد لا تتكرر فاغتنموها وتوكلوا على الله ربكم، فإن أجلكم ورزقكم بيد الله الذي خلقكم، فلا تخشوا حكامكم، فهم لا يملكون من أمركم شيئًا إلا ما قدره الله عليكم.
فاعزموا أمركم واقلبوا الطاولة على رؤوس حكامكم وانطلقوا على بركة الله، وسترون الأمة كلها تسير معكم. واعلموا أن الله عندما يشاء نصرة عباده وأوليائه، فإنه يبعث لهذا الخير أهله الذين يستحقونه، فكونوا أنتم أهله ورجاله.
فقد جاء في كتب السيرة: “لما أراد الله سبحانه إظهار دينه وإعزاز نبيِّه وإنجاز وعده له، خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في موسم الحَجِّ، فعرض نفسَه على قبائل العرب كما كان يصنع في كلِّ موسمٍ، فبينما هو عند العقبة ساق اللهُ له نفرًا من الخزرَجِ أراد الله بهم خيرًا، فكانوا طلائع هذا النور الذي أبى اللهُ إلا أن يكون من المدينة“. فلمَ لا تكونون أنتم طلائع هذا النور؟!.
وفي الختام فإنا نخاطبكم بخطاب ربكم إذ قال في محكم كتابه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ…)
أسأل الله أن يشرح صدوركم لهذا النداء، وأن يقبل بقلوبكم على نصرة دينه، وأن يستعملكم في إعادة الخلافة الموعودة من جديد، وما ذلك على الله بعزيز.
2024-08-03