الحرب على غزة وآثارها في العلاقات الدوليّة والإقليميّة
2024/05/20م
كلمات الأعداد
1,604 زيارة
حمد طبيب – بيت المقدس
الأحداث الدولية والإقليمية البارزة والمهمة، سواء أكانت عسكرية أم اقتصادية أم مبدئية فكرية، تُحدث آثارًا وتغييراتٍ متعددة في الساحة الدولية والإقليمية، ولا تقف نتائجها عن حدود منطقة الحدث، في الزمان والمكان. فالانهيار المبدئي على سبيل المثال الذي حصل في الاتحاد السوفياتي السابق قد أحدث آثارًا بعيدة المدى، وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، في العلاقات الدولية والإقليمية. والحرب على العراق وأفغانستان التي خاضها الغرب، كذلك أحدثت آثارًا كبيرة سياسية واقتصادية وفكرية، في المنظومة العالمية، وفي منظومة دول المنطقة في بلاد المسلمين. والثورات التي حصلت قبل سنوات مضت في بدايات العقد الماضي، في بعض بلاد المسلمين، قد أحدثت آثارًا كبيرة في ثقافة الشعوب، وفي رسم سياسة الدول الكبرى تجاه المنطقة، وفي برامجها المستقبلية. والحرب الدائرة على غزة اليوم كذلك أحدثت آثارًا كبيرةً تُقدّم لما بعدها؛ سواءٌ أكان ذلك في العلاقات الدولية، أم العلاقات الإقليمية، ومنظومة ما يسمى بمنطقة بالشرق الأوسط، رغم أن الحدث لم ينتهِ بعد، ولم تُرسم نهاياته السياسية والعسكرية؛ كأهدافٍ وضعتها أمريكا وأعوانها من دول المنطقة.
إن هذه الحرب الظالمة على غزة هاشم هي من التحوُّلات الكبيرة التي عصفت بالمنطقة، ولا تقلّ أهميةً عن الثورات في بلاد المسلمين، وعن الحرب على العراق وأفغانستان، أو الحروب التي حصلت في مناطق متعددة من العالم، كحرب البلقان والحرب على أوكرانيا وغيرها…
ومن الآثار والنتائج البارزة لهذه الحرب في العلاقات الدولية والإقليمية:
1- السقوط المدوي لكل القيم الغربية، وسقوط المؤسسات التي تحتضنها وتدعو لها؛ خاصةً ما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطيات والحريات… فالغرب، وعلى رأسه أمريكا، قد كشفت الحرب على غزة ما تبقَّى من أكاذيبه وادعاءاته المزيفة؛ حيث إنه يؤيد كيان يهود ضد شعب ضعيف أعزل، وفي الوقت نفسه يزوده بكل آلات القتل والدمار والخراب، ويدافع عنه في المؤسسات الدولية؛ كهيئة الأمم ومجلسها المسمى بمجلس الأمن، ويمدّ أطماعه السياسية إلى مقدرات أهل غزة؛ في رسم سياسة ظالمة على حساب مقدرات وأرض أهل غزة؛ لخدمة مشاريعه الاستعمارية. ففي بداية الحرب قال رئيس الولايات المتحدة جو بايدن: «سنواصل العمل مع شركائنا في (إسرائيل)، وفي جميع أنحاء العالم؛ لضمان أن لدى (إسرائيل) ما يلزم للدفاع عن مواطنيها ومدنها، والردّ على هذه الهجمات». وقال فابيان روسيل، الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي، في مقابلة مع إذاعة أوريان الفرنسية: «إننا نرى الضحايا من جانب، ونصرخ وندينهم، ولا نرى القتلى على الجانب الآخر (غزة)؛ هذا التناقض في التزامنا في الدفاع عن قيمنا يثير التساؤلات، ويجعل الشباب والجيل القادم بشكل خاص، يتجاهلون تلك القيم». وجاء في جريدة القدس العربي بتاريخ 23/10/2023 تحت عنوان «زيف إنسانية الغرب، وسقوط حديث القيم الديمقراطية»: «إن احتلال روسيا لأراضي أوكرانيا كارثة يجرّمها القانون الدولي العام، ولا تَسقط بالتقادم، وتَلزم بفرض عقوبات قاسية على المعتدي المحتلّ، ومناصرة الشعب الأوكراني؛ الذي يواجه العدوان والأسلحة الفتاكة، هذا الغرب هو نفسه الذي تعايش مع الاحتلال (الإسرائيلي) للأراضي الفلسطينية منذ سنة 1967م دون أن يناصر الشعب الخاضع للاحتلال، أو يفرض عقوبات على المحتل الذي يفعل ما يحلو له دون حساب في الحرب على غزة»!!
2- بروز الصراع الدولي في المؤسسات الدولية على أثر تصويت أمريكا ضد قرارات هيئة الأمم ومجلس الأمن لوقف الحرب على غزة: وقد برز هذا الصراع بشكل واضح لأول مرّة منذ سنوات في وقوف الصين وروسيا ضد قرار مجلس الأمن بتاريخ 22/3/2024م؛ فقد ذكر الموقع الرسمي للأمم المتحدة في 22/3/2024م: «لم يتمكَّن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار أمريكي يؤكد حتمية وقف إطلاق النار في غزة، بعد أن استخدمت روسيا والصين الفيتو (حق النقض)». وقد امتنعت أمريكا أيضًا نتيجة الضغوطات الداخلية والخارجية، لأول مرة منذ بداية الحرب على غزة، عن حجب الثقة ضد القرار الدولي في مجلس الأمن بتاريخ 26/3/2024م. والقرار يدعو إلى وقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن، وفي الوقت نفسه لم يذكر مسألة تجريم حماس في الموضوع بخصوص السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م.
3- الآثار الفكرية المستندة إلى ناحية العقيدة الإسلامية في توجهات الشعوب في بلاد المسلمين؛ حيث برز هذا الأمر بشكل جلي واضح في حركة الشعوب لنصرة أهل غزة، ومناداتهم بفتح أبواب الجهاد لتحرير فلسطين، ونصرة أهل غزة. فما جرى في الأردن واليمن والعراق، وبلاد المغرب، وفي أغلب بلاد المسلمين يدلّل بشكل واضح على أثر فكري كبير في مفهوم الأمة الواحدة لنصرة أهل غزة. وهذا الأمر يقدم لما بعده في قابل الأيام؛ في طريقة نصرة أهل غزة، وإزالة من يقف في طريق هذه النصرة. فقد ذكرت مجلة إيكونوميست في عددها الصادر في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2023م: «لقد أثرت الحرب في غزة على الثورة الدينية الجارية في الشرق الأوسط، فتصاعدت في أثناء الحرب على الفلسطينيين خطابات دينية وثقافية لم يحاول قادة (إسرائيل)، ولا الحكومات الغربية أن يخفوها عن الجمهور، وعزّزت الحرب الجارية الوصل بين السياسي والديني، وهنا نقطة يجدر الإشارة إليها، وهي قدرة الأجيال الشابة الذين يتصاعد تديُّنُهم وفق استطلاعات الرأي على الولوج إلى السياسة من مداخل جديدة لم نعهدها».
4- أثر الحرب على الصراع الداخلي الأمريكي من أكثر من اتجاه، وتأثيرها على الأقطاب السياسية وعامة الشعب داخل أمريكا؛ منها الصراع والمناكفات السياسية الجارية بين الحزبين الكبيرين في أمريكا. ومنها الصراع الحاصل بين أعضاء الكونغرس؛ حيث قال الصحفي الأمريكي كريس هيدجز بتاريخ 10/11/2023م: «إن واشنطن تخشى تبعات ونتائج الحرب التي تشنها (إسرائيل) على غزة، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية ليست لديها القدرة على التأثير على (إسرائيل) وردعها، بسبب قوة اللوبي (الإسرائيلي) في الولايات المتحدة. وقال إن إطالة أمد الحرب في غزة ستؤدي إلى ضرر إقليمي ومحلي على الولايات المتحدة». وقال عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والمحلل السياسي مهدي عفيفي، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية: «إن الحرب التي تشنها (إسرائيل) على غزة باتت عبئًا كبيرًا على المستويات السياسية والاقتصادية والشعبية في أمريكا».
5- رسم الحلول السياسية لما بعد الحرب على غزة؛ من حيث تشكيلة المنطقة بشكل عام، ومن حيث الصراع داخل فلسطين بشكل خاص؛ ففي المؤتمر الصحفي الذي جمع بلينكن بنظيره المصري سامح شكري، في ختام زيارته للقاهرة، ولقائه بعدد من الوزراء العرب في 23 آذار/مارس 2024م، قال بلينكن: «اتفقنا على الحاجة إلى السلام والأمن على المدى الطويل».. ووفقًا لبلينكن، فإن ذلك يتطلب بدوره «إصلاحًا حقيقيًا للسلطة الفلسطينية، وتطبيع (إسرائيل) مع جيرانها». فالتكامل الإقليمي كما يرى بلينكن هو أحد لبنات بناء السلام الدائم والأمن الدائم.
6- فرض التأثير الإيراني كمقدمة لإشراكه في أية حلول مستقبلية مع كيان يهود، ومع منظومة المنطقة. وقد كانت هناك مقدمات لهذا الأمر منها التقارب السعودي الإيراني، ومنها تهديدات إيران الأخيرة لكيان يهود، ومنها تدخلات إيران في الحفاظ على النظام السوري من الانهيار، ومنها الدعم الذي تقدمه إيران لحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة. فقد جاء في بحث أصدره مركز دراسات الشرق الأوسط، المتخصص في الشؤون الإيرانية: «إنّ المحور الإيراني يضم المليشيات الشيعية المسلحة التي تشارك في النزاعات الأهلية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ويتحالف أيضًا مع النظام السوري، ويمتلك نفوذًا على القرار السياسي في هذه الدول، كما يتعاون مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، ويستمد اسمه ومشروعيته من دعمهما»… «إنّ إيران التي تسيطر على أربع عواصم عربية، كما أعلن قادتها قبل ذلك، يتيح نفوذها لها التحكم في القرار السياسي في هذه الدول حسب مصالحها، بل ومقايضة هذا النفوذ السياسي بمكاسب أخرى مع الدول الكبرى في المنطقة، ففي عام 2018م على سبيل المثال، حين تأزمت المفاوضات مع الغرب حول الملف النووي الإيراني، أعلنت إيران أنّها لا تستطيع أن تقدم تنازلاتٍ في ملفها النووي، لكنها يمكن أن تتفاوض حول اليمن».
7- احتدام الصراع والمناكفات بين حكومة أمريكا وحكومة يهود في النظرة لمستقبل المنطقة، وموقع كيان يهود في هذه المنطقة. فقد صرح الرئيس الأمريكي بايدن في 9/4/2024م، لشبكة يونيفيجين الأمريكية الناطقة بالإسبانية، عندما سئل عن طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب: «أعتقد أن ما يفعله هو خطأ، أنا لا أتفق مع مقاربته، وكرر بايدن خلال المقابلة بأن مقتل سبعة عمال إغاثة بغارة (إسرائيلية) في غزة، يعملون لصالح مؤسسة خيرية تتخذ من الولايات المتحدة مقرًّا، الأسبوع الماضي، كان فظيعًا». وأضاف: لذلك ما أدعو إليه أنا هو أن يدعو (الإسرائيليون) فقط إلى وقف لإطلاق النار، والسماح خلال الأسابيع الستة أو الثمانية المقبلة بالوصول الكامل لجميع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل البلاد». وقد رد رئيس وزراء كيان يهود على تصريحات بايدن فقال: «لا أعرف بالضبط ما الذي كان يقصده الرئيس بايدن؛ ولكن إذا كان يعني بذلك أنني أتبع سياسات خاصة ضد الغالبية، ضد رغبة غالبية (الإسرائيليين)، وأن هذا يضر بمصالح (إسرائيل)، فهو مخطئ في كلتا الحالتين».
8- تأثير الحرب على غزة في حروب وصراعات دولية عالمية مثل الحرب الأوكرانية؛ حيث احتدم هذا الصراع في مسألة الدعم المالي الذي دعا إليه ترامب إلى غزة، فاشترط بايدن أن يكون الدعم مقترنًا بالدعم لأوكرانيا وغزة وتايوان، ولدعم مسألة الحدود مع المكسيك. ففي تقرير نشرته صحيفة إزفيستيا بتاريخ 23/10/2023 الروسية للكاتب بوغدان لفوفسكي، جاء فيه: «إن وسائل الإعلام الغربية خفضت رصدها لمجريات الأحداث في أوكرانيا». وقال لفوفسكي: «إنه، وعلى خلفية الأحداث في الشرق الأوسط، تواجه أوكرانيا صعوبات في تلقي المساعدة المالية»، موضحًا أن وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو يقول: «إن بلاده تواجه صعوبة في تأمين الدعم المالي، وإن الحرب استنزفت قوة الشركاء الغربيين، وأرهقتهم لدرجة جعلتهم يرغبون في نسيانها».
9- تشويه صورة أمريكا ومن يساندها من الدول الأوروبية، واستغلال روسيا والصين لهذا الأمر في الدعوة لتغيير المؤسسات الدولية وتغيير قوانينها. ففي مقال للصحفي البريطاني بيتر أوبورن في 16/12/2023م، في موقع ميدل إيست آي قال: «إن غزة غيَّرت السياسة العالمية، مشيرًا إلى أن الديمقراطيات الليبرالية «المزعومة» (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا) هي التي شوَّهت سمعة النظام العالمي الليبرالي بمنحها رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو تفويضًا مطلقًا».
10- انكشاف الأنظمة العميلة بشكل سافر أمام الشعوب؛ ففي استطلاع للرأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عبر الهاتف بتاريخ 12/12/2023م جاء فيه: «إن الشارع العربي يرى بحسب الاستطلاع أن سلبية الحكومات العربية واتفاقيات التطبيع من العوامل التي تشجع الاحتلال على استمرار عدوانه على قطاع غزة». وفي مقال نشرته صحيفة رأي اليوم في 29/1/2024م بعنوان: «العدوان على غزة يكشف عورات الأنظمة العربية» جاء فيه: «العدوان على غزة كشف عورات الأنظمة والقيادات العربية التي يتمنى بعضها زوال المقاومة وانتصار الاحتلال، وفي العلن يعلنون الشجب والاستنكار لمجازر غزة».
إن الدول الكافرة، وعلى رأسها أمريكا، تريد لهذه الحرب أن تكون كغيرها مما سبقها من حروب وأحداث رسمتها أو دعمت نشوبها؛ كحرب البوسنة، والحرب في البلقان، والحروب الدائرة في أذربيجان، أو الحرب الدائرة اليوم في أوكرانيا… أو غيرها من حروب أشعلتها أو ساعدت في إشعالها. تريد لهذه الحرب أن ترسم سياسة المنطقة كما تراها هي، وكما تريدها حسب أجندتها السياسية في النظرة للشرق الأوسط. فهي تهدف إلى إيجاد الاستقرار السياسي ما بعد غزة، وإيجاد ما يسمى بحل الدولتين الشكلي لإنهاء الصراع العربي اليهودي، وتهدف كذلك إلى إيجاد التطبيع الكامل الشامل مع كافة دول المنطقة من أجل ترسيخ هذا الاستقرار. كما أنها تهدف من هذا وذاك إلى رسم منظومة المنطقة السياسية لقطع الخط أمام أية تدخلات اقتصادية من جانب الصين كطريق الحرير الذي بدأت الصين ببعض خطواته من خلال الدراسات والمؤتمرات الاقتصادية كقمة العشرين.
هذا ما تخطط له الدول الكافرة، وتسعى إلى تحقيقه في أرض الواقع؛ لكن الأمور لا تسير دائمًا حسب رغبات أمريكا وغيرها؛ فأمة الإسلام أمة حية وقد قامت بأعمال عظيمة أسَّست لما هو آتٍ بإذن الله. وكما ذكرنا فإن السياسات لا تكون نتائجها دائمًا حسب نظرة الكفار وتطلعاتهم. فقد أوجدت حروب أمريكا العالمية أزمات اقتصادية كبيرة توشك أن تزلزل الوضع الاقتصادي الأمريكي، وهي تتنامى يومًا بعد يوم. والحرب على أوكرانيا أوجدت واقعًا جديدًا في تحدي روسيا ووقوفها في وجه أمريكا وإيجاد تحالفات علنية مع الصين ضدها. وهذه الحرب القذرة الشريرة أسست لما هو قادم بإذن الله عز وجل. وهي تضاف إلى ما سبقها من أمورٍ حدثت وما زالت تحدث في ساحة الأمة لتوجد الوعي، وتكشف ما بقي من حجج واهية عند الحكام، وتكشف بعض الدول المتسترة بشعارات الإسلام والممانعة والمقاومة وغير ذلك…
إن الأمة الإسلامية قد حملت من كثرة ما أصابها من أحداث جسام، وإن حملها يكبر يومًا بعد يوم، وإنه يوشك على الميلاد. وقد انكشفت كل الأغطية عن الفكر العالمي الشرير، وعن دوله وعن منظوماته السياسية. ولم يبقَ أمام الشعوب إلا طريق واحد يحقق لها عزتها ومجدها وكرامتها، ويحفظ دماءها وأعراضها، ويحافظ على أموالها ومقدراتها… وصدق الحق القائل: (أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥعَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٠٩).
2024-05-20