القراءة الشرعية لعملية (طوفان الأقصى)
2024/03/26م
كلمات الأعداد
1,633 زيارة
لقد جاءت عملية (طوفان الأقصى) لتؤكد، بالإضافة إلى ما حدث من ثورات المسلمين على حكامهم في العقد الماضي، والتي لم تنتهِ فصولها بعد، أن الشعوب الإسلامية لها كلمتها الواحدة في مستقبلها، وأنها شعوب حية متحفِّزة للتغيير على أساس دينها، وأنها مستعدة للتضحية بكل ما تملك، بالنفس والولد والأهل والمال والدار رخيصةً في سبيل الله، وأنها أمة واحدة بعقيدتها وبأفكارها وبمشاعرها. ولقد رأينا ذلك اليوم في غزة على أنصع ما يكون… لقد جاءت لتؤكد أن الأمة الإسلامية عصيَّة على أعدائها، وهذا ما بات يعرفه الغرب وتعرفه أمريكا وتخافه وتخاف مفاجأة المسلمين لها في كل فترة؛ لذلك كانت أول ردة فعل من أمريكا هو ذلك الاستنفار العسكري الذي تجلَّى باستقدام أقوى سلاحها إلى المنطقة، وفتح مخازن أسلحتها لـ(إسرائيل) لتقوم بعدوان وبإجرام محميٍّ دوليًّا لا يُرى مثله إلا في الحروب العالمية ذات الدمار الشامل، وليصاحبه زيارة حكام أمريكا وأوروبا لها مع إعلان دعمهم الكلِّي لها، فقد ظهر وكأنهم أمام مفاجأة جديدة كبيرة قد تؤدي إلى القضاء على مشروعهم الفاشل في قيام دولة (إسرائيل)… لقد خاف الجميع وأولهم (إسرائيل) فعلًا من أن تتحرك الجيوش في المنطقة ومن أن يجرف (طوفان الأقصى) كل ما بنته خلال خمس وسبعين سنة من دولة القهر لتوقظ في نفوس يهود لعنة (زوال (إسرائيل)) التي راحوا يتحدثون عنها… لقد أعادت هذه العملية القضية الفلسطينية إلى واجهة الصراع الدولي بعدما أرادت أمريكا تصفيتها عن طريق (صفقة القرن) وما تبعها من قيامٍ أنظمة الدول العربية بـ(عملية التطبيع) مع (إسرائيل)؛ وذلك لسحب القضية الفلسطينية من ساحة الصراع وركنها في غيابة النسيان.
إن هذه العملية هدَّدت كيان (إسرائيل) بالصميم، وهزت جانب الأمان لدى كل يهودي، وزعزعت استقراره وهزت ثقته بدولته وبقوة جيشه، وجعلت كل يهودي يفكر بالهجرة المعاكسة، وفي المقابل فتحت باب الأمل بأن مسلمي فلسطين هم أقوى من كل تآمر عليهم… فقد كان المهاجمون يتوقعون مواجهات عنيفة مع الجيش (الإسرائيلي) مقابل أخذ بعض الأسرى؛ ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام يهود جبنهم يفوق كل تصور، ولا يقلُّ جبن العسكري منهم عن جبن المدني، وجدوهم كما وصفهم الله تعالى (أحرص الناس على حياة)، وجدوهم وقد ألقى الله سبحانه وتعالى الرعب في قلوبهم، وجدوهم وقد لجؤوا إلى ملاجئهم عسكريين ومدنيين، وسرعان ما استسلموا، ووجدوا أنه يمكنهم أن يأسروا منهم المئات: مدنيين وعسكريين من أرفع الرتب، وأن يصلوا إلى مراكز أسرار عسكرية تجسسية لم يكونوا يحلمون بها من قبل… فقد انكشف مشروع قيام دولة (إسرائيل) وبدا أنه في خطر داهم أمام ثلة من المجاهدين؛ لذلك تعامل معه الغرب على مستوى أعلى درجات الخطر.
وهنا لا بد من لفت النظر إلى أمور:
1- إن قتال يهود في فلسطين هو قتال شرعي أي جهاد، والحل لا يجوز إلا أن يكون حلًّا شرعيًا، ولا يجوز التفريط بذرة تراب من أرض فلسطين؛ فلا يجوز أن يطالب فيه بحل الدولتين أو غيره، ولا الاحتكام إلى الأمم المتحدة أو دول الغرب الكافرة ليكون الحل بحسب مصالحها، ولا يجوز أن تلعب بها القرارات الدولية، ولا المؤمرات الغربية، ولا يجوز أن يعطى لحكام الجور شرعية تمثيلها، هي حصرًا لله، فهذه القضية هي قضية إسلامية من أولها إلى آخرها.
2 وإنه إذا وجدت جماعات تقاتل يهود من منطلق شرعي وكانت لها قيادة سياسية تطالب بحل غير شرعي من مثل حل الدولتين، دولة ليهود ودولة للمسلمين من أهل فلسطين،كما يطرح الآن زعماء حماس السياسيين، فإنه يقر العمل العسكري من هذه الجماعات؛ لأنه جهاد ضد يهود، ولأن القائمين عليه هم مجاهدون فعلًا، ويُحتسب الأجر لقتلاهم من الله وحده… وفي المقابل ترد على قيادتها السياسية مطالبتها بالحل غير الشرعي، وتُنتقد تصرفاتها وتصريحاتها انتقادًا شرعيًّا قويًّا، وتحذَّر من التفريط بحقوق الشرع والمسلمين أدنى تفريط؛ وهنا نجد فعلًا مفارقة كبيرة بين الأمرين: فالعمل الجهادي الذي يقومون به يمثل أرقى أنواع الطاعة، بينما العمل السياسي فإن عليه سخط من الله، وهنا على المسلمين عامة والمجاهدين خاصة أن يصوبوا البوصلة. هذا ولا يجوز أن يهاجم العمل الجهادي، ولا أن يوقف إلا في حالة واحدة وهو التأكد من أن العمل العسكري مربوط ربطًا محكمًا بالموقف السياسي بحيث يستخدم فقط لتحقيق أهدافه. وهذا ما يجب أن يتنبه إليه المسلمون ويحذروا منه.
3- إن رد العدوان يقع في باب جهاد الدفع، فمن يُعتدى عليه يجب عليه رد الاعتداء، وتتحرك جيوش المسلمين لنصرته وإزالة العدوان، ولكن، من حيث الواقع، نرى بأن حكام المسلمين، وهم صنائعُ للغرب، يمنعون من ذلك، وهذا المنع يُلجئ المسلمين، وعلى سبيل الوجوب، إلى إزالة هذا المانع بالعمل لإقامة دولة الخلافة الإسلامية لتقوم هي بهذا الفرض؛ فتحرك الجيوش وتزيل دولة يهود المحتلة لفلسطين وتعيدها كاملة إلى دار الإسلام بناء على القاعدة الشرعية: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».
4- إن الغرب الكافر المستعمر وعلى رأسه أمريكا اليوم هم وراء هذه الأوضاع المأساوية للمسلمين، فهؤلاء هم من يقبضون على مقاليد الأمور ويتدخلون بكل مفاصل الحياة في بلاد المسلمين، فهم من قسَّموا البلاد ونصَّبوا الحكام وعيَّنوا قادة الجيوش ورسموا السياسات، وجعلوا حياة المسلمين تسير وفق منظورهم للحياة ومصالحهم الاستعمارية الضلالية… وهم فوق كل ذلك، غرسوا في فلسطين غرس يهود الخبيث، وهذا التقسيم وهذا التدخل وهذا الغرس أراد الغرب الكافر أن يفرضه على المسلمين ويجعله قدرًا مقدورًا… لهذا كان أول من تدخل لمواجهة خطر عملية (طوفان الأقصى) هي أمريكا وتبعها دول الغرب الأوروبي؛ ولهذا فإنه يجب أن يدخل في حسابات التغيير هذا التدخل، ويجب مواجهته وقطع دابره لأنه ليس منفصلًا عن مواجهة الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين… وهذا ما لم يكن موجودًا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن هنا يجب أن ندخل في حساباتنا عند تقييم عملية (طوفان الأقصى) أن أمريكا بالذات هي من تعمل لضبط الأحداث حتى تأتي لمصلحتها وتستخدم الحكام كأدوات ضغط على المجاهدين المخلصين وتخرب عليهم أهدافهم.
5- إن الحكام هم العائق الأكبر أمام تحرير فلسطين، فقد أخذ عليهم الغرب أن يكونوا سياجًا يحمي دولة (إسرائيل) وخاصة ما تسمى بدول الطوق (مصر والأردن وسوريا ولبنان) فحكام المسلمين يمنعون الجيوش والمسلمين من أن يحرروا فلسطين، وأكثر ما يظهر اهتمامهم بالقضية فإنما يظهر بمؤتمرات القمم التي توصف بالانهزام والاستسلام والخيانة وتسليم القضية، ودعوة يهود إلى السلام بحل الدولتين أو بالسير بسياسة التطبيع، أو بأي حل يتبناه أسيادهم الأمريكيون… إن هؤلاء الحكام لا تتعامل معهم (إسرائيل) كأعداء، بل تعتبر أن مشكلتها الحقيقية هي في الشعوب الإسلامية، وقد صرَّح بذلك علنًا المجرم نتنياهو في كلمته أمام البرلمان (الإسرائيلي) بمناسبة الذكرى الأربعين لزيارة السادات لـ(إسرائيل) قائلًا: «إن العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تعود إلى قادة الدول حولنا، إنما إلى الرأي العام السائد في الشارع العربي والذي تعرض خلال سنوات طويلة لغسل دماغ تمثل بعرض صورة خاطئة ومنحازة عن دولة إسرائيل»؛ وهكذا نرى أنه لا يمكن تحرير فلسطين مع وجود أمثال هؤلاء الحكام، فلا بد من إسقاطهم وإزالة حكمهم، وإقامة حكم الإسلام مكانهم في دولة جامعة هي دولة الخلافة، ومن ثم استنفار الجيوش والشعوب الإسلامية للقيام بالتحرير.
6- إن حل قضية فلسطين يرتبط بتحرك الجيوش: لقد رأينا كيف أن الغرب بقضه وقضيضه قد استنفر كل الاستنفار وجاءت أمريكا بقواتها وبأحدث أسلحتها منعًا لأي تغيير، ولأن الأمة وقفت كلها مع عملية (طوفان الأقصى) اضطر حكام المسلمين إلى الركون والسكون، ولشدة الدعوة التي وجهت إلى الجيوش للتحرك، استنفرت أجهزتها الاستخباراتية والأمنية لمنع أي خطر غير محسوب، من هنا كان استنفار الحكام إنما هو لحماية عروشهم من جيوشهم وليس ضد (إسرائيل). من هنا يمكن القول إن الجيوش تبقى مصدر قلق للأنظمة لأنها تبقى من جنس الأمة وليسوا من جنس الحكام، فقط قادة هذه الجيوش، مع قادة الأجهزة الأمنية المختلفة، يتم اختيارهم بعناية من قبل الغرب والحكام التابعين له للمحافظة على أنظمة الدول وإبعاد كل خطر عنها ومنع أي تهديد لها، وفرض السير في سياسته. أما باقي أعضاء السلك العسكري فإنهم مخلصون ضباطًا وأفرادًا. وهؤلاء يتم خوف الأنظمة منهم وهؤلاء يجب العمل على كسبهم… من كل هذا يمكن القول إنه لا حل لأي قضية من قضايا المسلمين إلا بمواجهة كل هذا الكم من التآمر (الغرب و(إسرائيل) والحكام وقادة الجيوش وقادة الأجهزة الأمنية فقط، دون الجيوش التي تعد من جنس الشعوب كما ذكرنا)، ولا يمكن ذلك إلا بإقامة الخلافة.
والآن، نأتي إلى قراءتنا الشرعية لهذا الحدث، وربطه بمشروعنا لإقامة دولة الخلافة الراشدة الموعودة.
لقد أثبتت الأمة الإسلامية أنها أمة واحدة في كل مكان من البوسنة والهرسك إلى أفغانستان إلى الثورات العربية، إلى القضية الفلسطينية الآن، وما حدث من عملية (طوفان الأقصى) من التفاف المسلمين حول قضاياهم، والتغيير الواحد الذي يسعى إليه المسلمون اليوم، والذي يتجلى بالدعوة إلى إقامة حياتهم على أساس دينهم، أي إقامة الخلافة. وهي مع كل حدث تقترب أكثر. واللافت أن عملية (طوفان الأقصى) قامت في فلسطين، في قلب بلاد الشام لتنضمَّ إلى ثورة الشام نفسها التي ما زال جرحها ينزف ألـمًا وظلمًا وقهرًا… جاءت لتكشف أن تطلُّع المسلمين في حل قضاياهم يخرج من مشكاة دينهم، وهذا ما يشير بأوضح صورة إلى أن عوامل إقامة مشروع دولة الخلافة قد بدأت بالتجمُّع والتكوُّن، واللافت اللافت أن الصراع مع يهود بدأ يتركز حول المسجد الأقصى الذي سيكون هو لبَّ الصراع المنتظر؛ حيث قال تعالى: (فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا). فقد اقترب الهدف من الرمية حتى لا تكاد تخطئه.
وفي هذا المجال، نبدأ قراءتنا بالقول:
– إنه لا بد لإقامة دولة مبدئية «إسلامية كانت أم غير إسلامية» من وجود طريقة على أساسها يحصل التغيير. وهذه الطريقة، وإن كانت وضعية من وضع البشر عند غير المسلمين؛ ولكنها شرعية من الله خالق البشر عند المسلمين.وهذه الطريقة تقوم على وجود فكر مبدئي ينبثق عنه نظام يراد التغيير على أساسه، ووجود ثلة مؤمنة قد أعدت نفسها للتغيير على أساسه، ووجود قاعدة شعبية، أو حاضنة شعبية، أو رأي عام يريد التغيير بناء على هذا الفكر وعلى هذا النظام، ووجود قوة تقضي على قوة النظام السابق ومن ثم توصل الفكر والنظام والقائمين على عملية التغيير إلى الحكم وتحميه.
– إن هذه الطريقة عند المسلمين قد استكملت حلقاتها إلا من حلقة واحدة، هي الحلقة الأخيرة، وهي حلقة وجود القوة، ويلاحظ أن هذه الحلقة موجودة، والكل يعرف خطورتها (من يريد التغيير ومن يواجهه)؛ لذلك نرى الغرب والحكام التابعين له يشدون المراقبة على هذه القوة وتعمل الأجهزة الأمنية المختلفة بكامل طاقتها لمنع الجيوش من أي تحرك، فيمارسون عليهم سياسة التعتيم، وقلب الحقائق، ويهددونهم ويحذرونهم ويأخذونهم على الشبهة، ويشوهون إعلاميًّا صورة الذين يريدون التغيير ويصفونهم بالتكفيريين والمتطرفين والإرهابيين.
– إن سلوك هذه الطريقة بالصورة الشرعية هي من أصعب الأمور، وتحتاج إلى إيمان عميق بالفكر، وفهم مستنير للنظام، وصبر طويل، وثبات على الحق، وتحتاج إلى استمداد دائم للعون من الله، واستنصاره وطلب توفيقه في كل خطوة وكل خطرة. وإنه لمن المبشرات أن نصل إلى هذا المدى من سلوك الطريق والمستوى من الإعداد حتى لم يبقَ علينا إلا استكمال الحلقة الأخيرة منه. ولولا تأييد الله لهذه الثلة لما ثبتت وصبرت وتحمَّلت وضحَّت… ومن هذا الجانب، يمكن القول إن هذه الدعوة في حرز أمين.
– والآن، أين وصل مشروع إقامة الخلافة:
أن ما يحدث في العالم اليوم من أحداث سياسية تصب في عملية التغيير الكوني، مع اجتماع النصوص الشرعية التي تتحدث عن ظهور الدين في آخر الزمان، مع ما يقوم به حزب التحرير من عمل جادٍّ لإقامة الخلافة الراشدة. هذا الاجتماع الثلاثي، إذا أضيفت إليه بشرى الرسولصلى الله عليه وسلم أنه ستكون هناك خلافة راشدة إنما يكرس حقيقة أن الحزب هو في قلب الصراع، وهو صاحب المشروع الواعد الموعود ، ليس للمسلمين فحسب، بل للعالم أجمع… وهذا ما يعطيه صفة القيادة العالمية في عملية التغيير، وأنه في صدد صناعة المستقبل، وعلى الطريقة الشرعية التي نتكلم عنها كثيرًا.
أما عن الأحداث السياسية الدولية، فإننا نرى أنها تتجه باتجاه إحداث تغيير كوني عالمي؛ ما يجعل عملية التغيير أكبر من عملية تغيير المنطقة، بل هي تطال العالم كله، ونرى أن أمريكا تخطط لهذا التغيير ولا تسمح لا للمسلمين ولا للصين ولا للأوروبيين أن يزاحموها في هذا التغيير… لذلك هي الآن تشعل الحروب (الحرب الروسية الأوكرانية) وتهيئ للحروب ضد الصين في منطقتها، ولن تسمح للمسلمين بأن يكون لهم حظ في هذا الصراع؛ لذلك وجدناها استنفرت أولًا بأول بقواتها العسكرية وبحضورها السياسي عندما شعرت أن عملية (طوفان الأقصى) قد يكون وراءه تخطيط كبير استطاع أن يحقق ما حقق وبهذه القوة في غفلة عن عيون استخباراتها الخارجية…
وأما بالنسبة إلى النصوص الشرعية التي تتكلم عن ظهور الدين في آخر الزمان، وتحديدًا الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة، ففيها تفصيلات تكشف المستقبل البعيد بنبؤات كاشفة، واضحة المعالم، تحدثت عن إقامة خلافة على منهاج النبوة، قالصلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» وتحدثت عن قتال يهود والقضاء عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ، يا عَبْدَ اللهِ، هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ» رواه مسلم. وتحدثت عن أن الإسلام سيبلغ بحكمه المشرق والمغرب… عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا». ولو أردنا ترتيب هذه المبشرات عقليًّا لقلنا أن الخلافة هي أول ما تقوم من هذه المبشرات، وسيكون من بعدها قتال ليهود تقوم به دولة الخلافة، وسيكون بعدها جهاد ينشر الدين في مشارق الأرض ومغاربها…
نعم، إن الأمة الإسلامية أمة واحدة يجير أقصاها أدناها، وقضاياها واحدة؛ لذلك نراها تستنفر عند وجود أي اعتداء على المسلمين في أي بلد من بلادهم، فكيف إذا كانت في فلسطين، فإننا سرعان ما سنجد أن الكثير منهم سيتطوع للقتال فيترك أهله وبلده ورزقه ويأتي ليقاتل، وقد حدث ذلك في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي السابق وفيما بعد ضد أمريكا، وحدث في سوريا عندما جاء الكثير من الذين يسمونهم بـ(المهاجرين)، ومن قبل في البوسنة والهرسك؛ لذلك فإن أي تغيير لأي نظام حكم في أي بلد من بلاد المسلمين، فإنه سرعان ما سينتقل إلى تغيير سائر الأنظمة الطاغوتية، وبالتالي إلى حدود (إسرائيل).
كفى الحزب اطمئنانًا بما أوصل الله الأمة لأن يصبح لديها قضية واحدة جامعة هي قضية إقامة دولة الخلافة التي سوف تحل كل قضايا المسلمين وتجمعهم في دولة واحدة تؤمن عيشهم الكريم، وتطبق الإسلام وتحمله إلى العالم، وتقضي على هذا النظام الدولي الجائر الذي لم يترك موبقة إلا ونشرها، وتقضي على كيان يهود كما ورد في الأحاديث، قال تعالى: (وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٦) [الروم: 6].
2024-03-26