في أحكام الخروج على الحكام (1)
2022/05/05م
المقالات
2,285 زيارة
في أحكام الخروج على الحكام (1)
د.محمود عبدالهادي
مقدمة:
المراد بالخروج على الحكام نقض بيعتهم وإسقاط حقهم بالطاعة ومواجهتهم لإسقاطهم، ولو بالقوة. وهذا الأمر له أحكامه وشروطه الدقيقة، لما له من خطر وأهمية. ويجب أن يوجَد وعي عام عليه في الأمة، مثلما يجب أن يوجَد عندها وعيٌ عام على حقها في السلطان، ومسؤوليتها عن سيادة الشرع. فوعيُ الأمة على حقوقها ومسؤولياتها في المحافظة على تطبيق الإسلام، وتفعيل وسائلها لأجل ذلك، هو أقوى ضمانة للمحافظة على نظام الحكم الإسلامي. ومن أهم هذه الضمانات أيضًا تقوى الحاكمِ نفسِه وعدالتُه. إلا أنَّ الخليفة غير معصوم، وقد تُقَصِّرُ الأمة في قيامها بدورها، وتعجز فعالياتُها عن قيامها بمسؤولياتها، فيمضي الخليفة في مخالفاته، وقد يَتَّخذُ من التدابير ما يُمكِّنه من التحكُّمِ بقوى الأمة. فلا يأبه لمحاسبةٍ أو اعتراض، ويُمارس المخادعة والتضليل.
وهذا ما حصلت أمور منه بشكل تدريجي بعد الخلفاء الراشدين، بدءًا بالإكراه على مبايعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان([1])، وتحوُّل الخلافة بعد ذلك إلى وراثة([2]). وهذا مما يستوجب نظرَ القضاءِ المختصِّ بالنزاع مع الخليفة، فإذا ما حكم القضاء عليه بشيءٍ ما فحكمُه نافذ. فإذا خضع للحكم كان بها، أما إذا رفض وتحصَّن بما لديه من نفوذ، تكون العلاقة بينه وبين الأمة قد تجاوزت البغضِ والارتياب والظلم – بدل الحبِّ والرفقِ والتناصح – ويكون قد انتهك قواعد سيادة الشرع وسلطان الأمة، وصار مغتصِبًا للحكم. وفي هذا الواقع الذي لم تُجْدِ فيه كلُّ الوسائلِ المذكورةِ للمحافظة على تطبيق الإسلام، يجبُ عزلُ الحاكم، وهنا يردُ الخروج عليه لإسقاطِه، وإسقاطِ أعوانِه في الظلم، وفي انتهاك سيادة الشرع، والاعتداء على سلطان الأمة. وبحسب دلالة النصوص التي تأمر بطاعة الخليفة والصبر على ما يأتيه مما قد يكرهه الناس، فإن الحكم بعزله أمرٌ بالغ الدقة. وهو أمر له محاذيره بسبب اختلافِ الآراء في حالاتِ جواز نقضِ بيعته وسقوطِ طاعته، وكذلك بسبب ما قد يجرُّه الخروجُ عليه من دماءٍ وخرابٍ وفِتَن؛ ولذلك، ظهرت آراءُ تقولُ بوجوب طاعة الحاكم إذا استولى على الحكم بالقوة وتغلَّب. ولذلك أيضًا تمَّ تطويعُ نصوصٍ شرعيةٍ، وتحميلُها أحكامًا لا تحتملها؛ ليصبحَ استبدادُ الوالي وتصرفه بولايته وكأنه سلطانٌ مستقلٌ، أو استيلاءُ ذي الشوكة على الحكم في ولايةٍ أو ناحية، وفرضُ نفسه واليًا عليها، نوعًا من أنواع الولايات أو الإمارات السائغة في نظام الخلافة. ولقد أُطلق اسم السلاطين على بعض الولاة في بعض العصور، وأطلق أيضًا على بعض الوزراء؛ وبذلك، لم يَعُدْ الفكرُ السياسي الإسلامي السائد تعبيرًا صحيحًا عمَّا نزلَ به الشرعُ، وإنما اختلطَ فيه ما دلَّ عليه الشرعُ بما صار إليه الحال، فكان في بعض جوانبه تعبيرًا عن الواقع وليس عن الشرع. وصار طبيعيًا أن يُقَلِّدَ الخليفةُ منْ يستولي على ولايةٍ إمارتَها، ليَظَلَّ شكلُ الحكمِ فيها شرعيًّا! ثُمَّ أن يُعَدّ هذا حفظًا للشرع وحراسةً للدين! قال الماوردي: إنَّ الإمارة العامة ضربان «إمارةُ استكفاءٍ بعقدٍ عن اختيار، وإمارةُ استيلاءٍ بعقدٍ عن اضطرار… أما إمارةُ الاستيلاء التي تُعقدُ عن اضطرارٍ فهي أن يستولي الأميرُ بالقوةِ على بلادٍ يقلِّدُه الخليفةُ إمارتَها، ويُفوِّضُ إليه تدبيرَها وسياستَها، فيكون الأميرُ باستيلائه مستبِدًّا بالسياسة والتدبير، والخليفةُ بإذنه منفِّذًا لأحكام الدين ليخرج من الفساد إلى الصحة ومن الحظر إلى الإباحة. وهذا وإن خرج عن عُرفِ التقليدِ المـُطلقِ في شروطه وأحكامه، ففيه من حفظِ القوانينِ الشرعيةِ وحراسةِ الأحكامِ الدينية، ما لا يجوزُ أنْ يُتركَ مختلًا مدخولًا، ولا فاسدًا معلولًا، فجاز فيه مع الاستيلاء والاضطرار، ما امتنع في تقليد الاستكفاء والاختيار، لوقوعِ الفرقِ بين شروطِ المكنةِ والعجز»([3]). وهذا ما يُفَسِّر ظهورَ آراء بأنَّ العدالة شرطُ ابتداءٍ في الخليفة وليس شرطَ استمرارٍ.
إنَّ موضوعَ الخروج على الحكام محلُّ بحثٍ واختلافٍ قديمًا وحديثًا. ويُلاحَظُ أنَّ الانتشار الأوسع فيه هو للرأي الذي يَمنعُ الخروجَ على الحكام مهما فعلوا. وسببُ ذلك حكامٌ حريصون على السلطةِ ومكاسبِها ولو بانتهاكِ الشرع، يُرَوِّجون لما يُناسِبُ أهواءَهم، ويطمِسونَ ما لا يُناسبُها، ويُلْقونَ على مُجيزي الخروجِ عليهم تُهمَ التطرفِ وإثارةِ الفِتَن، وهذا ما أدّى إلى الخوف من الظلمِ والقمع، وإلى خفوتِ صوتِ الحقِّ، وظهورِ الآراء والفتاوى التي يرضى عنها الحكامُ فتُهَيَّأُ لها منابرُ الخطابة والإعلام، وتُتاحُ لها مجالسُ العلمِ وصروحُه. وهذا ما أدَّى بدورِه إلى جهلِ الأمةِ أنَّ السلطانَ لها، وانتشر رأيٌ بأنه لا يجوز نقضُ بيعة الخليفة أو الخروجُ عليه طالما أنه لم يَظهرْ منه كفرٌ بَواحٌ، أو طالما أنه يُصلِّي. وأنَّ طاعتَه واجبةٌ مهما فسق وفرَّط، والصبرَ عليه واجبٌ مهما استبدَّ وظلم، بذريعة أن ذلك يؤدي إلى منكراتٍ أعظمَ مما هو واقع([4]).
مـناقـشــــة الآراء فـي مـوضـــوع عــزل الـحـكــــام والـخـــروج عـلـيــهــم:
بيّن الشرع مواضع الخروج على الحكام، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «دَعَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»([5]). وعن عوف بن مالك الأشجعي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ»([6]). وعن أم سلمة ل أنه صلى الله عليه وسلم قال: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا، مَا صَلَّوْا»([7]).
فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على شروط لجواز الخروج على الأئمة. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الخروج على الإمام لا يجوز إلا إذا كفر، وظهر كفرُه علنيًّا وكان لا يحتملُ تأويلًا. وذهب غيرُهم إلى أن المرادَ هو المعصيةُ وليس الكفر. وفي الحالتين ينبغي أن يكون ذلك قطعيًا ولا يحتمِلُ تأويلًا. وذهب البعض إلى أخذ القول «لَا، مَا صَلَّوْا» على ظاهره. وبنَوْا على ذلك أنه مهما فعل الخليفة فلا يجوز عزله أو الخروج عليه طالما أنه يُقيم الصلوات الخمس. ويستدلُّ أصحاب هذا الرأي بالنصوص التي تأمر الناس بالصبر عندما يرَوْن أثرةً وأمورًا ينكرونها، كحديث عوف بن مالك الأشجعي المارِّ آنفًا، وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ»([8]).
وبعد النظر والتدقيق يتبيّن أن هذا الرأي لا يصح؛ لأن استنباط الحكم الشرعي في أيِّ مسألة يقتضي إعمالَ كل النصوص الشرعية المتعلقة بها. فلا يصحُّ أن يقصُر الفقيه نظره على نصوصٍ ويضربَ صفحًا على غيرها؛ لأنَّ النصوصَ يُبينُ بعضها بعضًا. وقد تقرَّر في أصول الفقه أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بناءً على أدلةٍ عامَّةٍ، إذا لم يغلبْ على ظنه عدم وجود أدلة مُخَصِّصة([9]). فكيف إذا كانت النصوص المخصِّصة معلومةٌ للعلماء ومشتهرة، بل كيف إذا كانت من قواعد الشريعة كوجوب الحكم بما أنزل الله، ومنع الظلم والغصب، وكوجوب إزالة المنكرات. من ذلك مثلًا قوله r: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ»([10]). وقوله: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»([11])، وقوله: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ»([12])، وقوله: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»([13])، وقوله: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ»([14]). فهذه جملةٌ من الأحاديث تأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي عامَّةٌ في كل معروفٍ أو منكر، وعامَّةٌ أيضًا في المسلمين وأئمتهم. وفي حال عدم الرجوع عن المنكر أو الائتمار بأمر الشرع، فهي تأمر بالمواجهة ولو أدى ذلك إلى القتل. والذي يُقتل في مواجهة حكامِ الجورِ بسبب جورهم شهيدٌ، بل سيِّد الشهداء. وكذلك فإنَّ هذه النصوصَ تأمرُ بتغيير المنكر باليد عند الاستطاعة: «فليُغيِّره بيده»، «يَأْخُذّوا عَلَى يَدَيْهِ». وهي عامّةٌ فتشملُ منكرات الحكام. ومن أعظم المنكرات انتهاك سيادة الشرع والحكمُ بغير ما أنزل الله. وهذا ظلمٌ يجبُ رفعه، ومنكرٌ يجب إزالته. وهو ما خلق الله الخلقَ وأرسل الرسلَ لأجله. ولأجله خططوا وكابدوا وجاهدوا؛ لذلك فإنّ ظلمَ الخليفة وجورَه هو نقيضُ المقصودِ الشرعي من نصبه، وهذا انتهاكٌ لقواعد الشريعة يوجب عزله، ولو اقتضى الأمر الخروج عليه.
أما النصوص التي تنهى الناس عن الخروج على الأئمة ما لم يرَوْا كفرًا بواحًا، أو ما أقام الأئمة الصلاة، فهي لا تتعارض مع ما تبيَّن آنفًا. فحديث عبادة بن الصامت الذي فيه: «وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»، ليس فيه معنى أن يكفر الحاكم. فالنص يقول: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا»، ولا يقول: «إلا أن يكفروا». ورؤية الكفر تتحقق برؤية قوانينِه وأنظمتِه مطبَّقَةً. فإذنُ الدولة بالربا مثلًا تطبيقٌ للكفر. وتطبيقُ أنظمةٍ في علاقات الناس تقوم على الإباحية الغربية أو الحريات الشخصية، ولو في حكمٍ واحدٍ، هو تطبيقٌ للكفر. وتطبيقُ نظامِ عقوباتٍ غيرِ إسلامي، ولو في حكمٍ واحدٍ، هو تطبيقٌ للكفر. وهذا ينقض أصلَ إفرادِ الله I بالحاكمية، وينقض سيادة الشرع، وهذه أصول قطعية؛ لذلك، فمَنْ يرَ تطبيقَ نظامِ كفرٍ أو تطبيقَ حُكمِ كفرٍ فقد رأى الكفر. فإذا كان الحاكم يُطبق الكفر بشكلٍ علنيٍّ (بواحٍ)، ولو في حكمٍ واحد، فقد ظهر الكفر بواحًا. وكونُه بواحًا يعني أنَّ الحاكم يعلمه ويسكت عنه، أي أنه برضاه، وهذا يُوجبُ أن تشرئبَّ إليه الأعناق ليرجع عن ذلك فورًا أو يُعزَل، فهو اعوجاجٌ يجبُ تقويمه، فإن أبى واعتصم يُخرَجْ عليه. ولا يَرِدُ هنا بحثُ إن كان الحاكم قد استحلَّ هذه المنكرات أو المخالفات أو لم يستحلَّها، أي أنه عاصٍ بعدولِه عن تطبيق الشرع إلى غيره أو كافر؛ لأن الموضوع ليس بحثًا في كفر الحاكم أو إسلامه، وإنما هو بحثٌ في الحكم بالإسلام أو بالكفر. فالحديث يقول: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا»، وقد رُئيَ الكفر. وهذه الدلالة للحديث تتفق مع قواعد الشريعة في المحافظة على سيادة الشرع وإعلاء كلمة الله، ومع المقصود الشرعي من نصب الإمام، ومع أحكام إزالة المنكرات. ويزداد الأمر تأكيدًا بروايات للحديثِ نفسِه نصُّها: «إِلّا أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةُ اللهِ بَوَاحًا»، و»مَا لَمْ يَأْمُرُوكَ بِإِثْمٍ بَوَاحًا». لذلك فإنّ المراد برؤية الكفر في هذا الحديث هو المعصية. قال النووي: «والمراد بالكفر هنا المعاصي، ومعنى عندكم من الله فيه برهان أي تعلمونه من دين الله تعالى»([15]). وقال ابنُ حجر العسقلاني في شرحه للحديث: «قولُه: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، قال الخطابي([16]): معنى قوله بواحًا يريد ظاهرًا باديًا، من قولهم باح بالشيء… إذا أذاعه وأظهره… ووقع في رواية حيَّان أبي النضر المذكورة: إلا أن يكون معصية لله بواحًا.
وعند أحمد من طريق عمير بن هانئ عن جنادة: ما لم يأمروك بإثمٍ بواحًا([17])… قوله: عندكم من الله فيه برهان: أي نصُّ آيةٍ أو خبرٌ صحيحٌ لا يحتمل التأويل. ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلُهم يحتمل التأويل. قال النووي: المراد بالكفر هنا المعصية… وقال غيره: المراد بالإثم هنا المعصية والكفر. ونقل ابنُ التين([18]) عن الداودي([19]) قال: الذي عليه العلماء في أمراءِ الجَوْر أنه إن قُدِرَ على خلعه بغير فتنةٍ ولا ظلمٍ وَجَب، وإلا فالواجبُ الصبرُ. وعن بعضهم: لا يجوزُ عقدُ الولاية لفاسقٍ ابتداءً، فإن أحدث جورًا بعد أن كان عدلًا، فاختلفوا في جوازِ الخروجِ عليه، والصحيحُ المنعُ إلا أن يكفرَ فيجبُ الخروجُ عليه»([20]).
وكذلك الأمر بالنسبة للأحاديث التي تنهى عن الخروج على الأئمة ما داموا يقيمون الصلاة، كحديث عوف بن مالك الأشجعي: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ»، وحديثِ أمِّ سلمة: «قالوا أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلَّوْا». إذ إن أخذ المعنى على ظاهره يجعل النصوص متناقضة، فقد عُلِمَ من أحكام الشريعة أن الحاكمَ الذي ينتهكُ سيادةَ الشرع ويغتصبُ سلطانَ الأمة، ولا يؤتمن على مصالح المسلمين، ثم لا ينتهي بالنصحِ والنهيِ، يجبُ عزلُه. فإذا أبى وامتنع وجب الخروجُ عليه لإسقاطه عند مظنة الاستطاعة، أو السعيُ لأجل ذلك؛ لذلك فإنَّ معنى الصلاةِ في الحديثين المذكوريْن، هو الصلاةُ التي تنهى عن الفحشاء والمنكر كما بيَّنَ الله صلى الله عليه وسلم في كتابه: ]وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ[ [العنكبوت، 45]. وإذا كان الذي يقيمُ الصلاة هو السلطان، فإقامتها تعني إقامة الدين. وقد جاء في الحديث أنَّ الصلاة هي العمود الذي يقوم عليه الإسلام. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ»([21]). وبما أن الصلاة عمود الإسلام، فإقامتها هي كنايةٌ عن إقامته. وعلى ذلك، فالحاكمُ الذي ينتهكُ الأحكام في حكمه، ولا يأتمرُ بالمعروف أو ينتهي عن المنكر، لا يكون قد أقام الصلاة؛ لأنه انتهك الإسلام وأسقط أحكامه بدل أن يقيمه. قال ابن تيمية: «فإنّ الصلاةَ إذا أتى بها كما أُمر نهتْه عن الفحشاءِ والمنكر، وإذا لم تنهَه دلَّ على تضييعِه لحقوقِها وإن كان مطيعًا. وقد قال تعالى: ]۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ٥٩[ [مريم، 59]، وإضاعتُها التفريطُ في واجباتِها وإن كان يصليها، والله أعلم»([22]). وقال الشيخ عبد القديم زلوم: «والمراد بإقامة الصلاة الحكمُ بالإسلام، أي تطبيقُ أحكام الشرع، من باب تسمية الكلِّ باسم الجزء، كقوله تعالى: ]فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ[ [النساء، 92] و[المجادلة: 3]، والمراد تحريرُ العبد كلِّه، لا تحريرُ رقبتِه. وقال: «مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ»، والمرادُ إقامةُ أحكام الشرع كلِّها، لا إقامةُ الصلاةِ وحدَها. وهذا من قبيل المجاز، من إطلاقِ الجزءِ وإرادةِ الكلّ»([23]).
أما أنْ يُقالَ بالصبر على الحاكم الظالم بمعنى السكوتِ عليه والرضا به مهما فعل، وتحريمِ العملِ لإٍسقاطِه؛ لأنه مسلمٌ ويصلِّي، وتمكينِه من ضربِ الظهرِ وأخذِ المالِ، فهذا رأيٌ مُنكرٌ. قال ابن حزم: «أما أمره عليه السلام بالصبر على أخذ المال وضرب الظهر، فإنما ذلك بلا شكٍّ إذا تولى الإمامُ ذلك بحقٍّ، وهذا مما لا شكَّ فيه أنه فرضٌ علينا الصبرُ له. وأما إن كان ذلك بباطل، فمعاذَ الله أن يأمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالصبرِ على ذلك»([24]).
ولابن حزم كلامٌ قيِّم في هذا الموضوع ردًا على الذين يُحرِّمون الخروجَ على الحاكمِ الجائرِ مهما فعلَ طالما أنه مسلمٌ ويصلي. يقول: «ويُقال لهم: ما تقولون في سلطانٍ جعل اليهودَ أصحابَ أمرِه، والنصارى جندَه، وألزم المسلمين الجزيةَ، وحمل السيفَ على أطفالِ المسلمين، وأباح المسلمات للزنا، وحملَ السيفَ على كلّ من وُجِد من المسلمين، وملكَ نساءهم وأطفالَهم، وأعلن العبثَ بهم، وهو في كلّ ذلك مقرٌ بالإسلام، مُعلنٌ به، لا يدع الصلاة؟ فإن قالوا: لا يجوزُ القيامُ عليه. قيل لهم: إنه لا يدعُ مسلمًا إلا قتله جملةً، وهذا إن تُرِك أوجب ضرورةً ألا يبقى إلا هو وحده وأهلُ الكفرِ معه. فإن أجازوا الصبرَ على هذا، خالفوا الإسلامَ جملةً وانسلخوا منه»([25]).
وتابع فقال: «ونسألُهم عمَّن قصد سلطانُه الفاجرُ الجائرُ زوجتَه، وابنتَه، وابنَه ليفسقَ بهم، أو ليفسقَ به بنفسه، أهُو في سعةٍ من إسلامِ نفسِه، وامرأتِه، وولدِه، وابنتِه للفاحشة، أم فرضٌ عليه أن يدفعَ من أراد ذلك منهم؟ فإن قالوا: فرضٌ عليه إسلامُ نفسِه وأهلِه، أتوْا بعظيمةٍ لا يقولُها مسلمٌ. وإن قالوا: بل فرضٌ عليه أن يمتنعَ من ذلك ويقاتلَ رجعوا إلى الحق، ولزم ذلك كلَّ مسلم في كلِّ مسلمٍ وفي المال كذلك»([26]).
أما ما جاء في الأحاديث من الأمر بالصبر على الأمراءِ والولاةِ عندما يرى الناس منهم ما ينكرونه من الأثَرَة والمعاصي: «أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ»([27])، و»سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ. قَالُوا أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا».
وفي حديثِ ابن مسعود أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ»([28]). فإنَّ إعمالَ هذه الأحاديث وما كان بمعناها، مع الأحاديث التي تأمرُ بإزالةِ المنكرِ والأخذِ على اليدِ عند الاستطاعةِ، والتوفيقَ بينها جميعِها يدلُّ على أن هذه الأحاديثَ خاصةٌ في الإمام الذي يحكم بالإسلام. فأعمالُ الإمام كثيرة، منها التبنّي في الأحكام الخلافية، والقيامُ بأعمالٍ تختلف الآراء الشرعيةُ فيها، ومنها تعيينُ الأمراءِ والولاةِ والقضاةِ، وعزلُهم، وتأليفُ القلوب، وتقديرُ الأعطيات، والحذرُ من المخادعين والمتربصين، والقيامُ بخطط ظاهرها غير باطنها. وهو – لذلك – بحاجةٍ دائمًا إلى قريبين منه في الرأيِ والسياسة، يطمئنُّ إليهم، ويكونون محلِّ ثقتِه، وموضعَ سرِّه. وهو يستشير في كلِّ ذلك، ويجتهدُ، فيخطئُ ويصيبُ. وسواءٌ كان تقيًّا ناصحًا للأمةِ في ذلك أم غير ذلك، فالناسُ يختلفون في مذاهبِهم الفقهيةِ والكلاميةِ، وفي مصالحِهم وولاءاتِهم السياسيةِ، وتختلف رؤاهم وتقديراتُهم لتصرفاتِ الإمامِ وسياساتِه. لذلك، فمهما كان الإمام تقيًّا مخلِصًا، وبارعا ًوحكيمًا، فلن يخلوَ المسلمون مِمَّن يتهمُه، ويراه منحرفًا فاسقًا، أو مفرِّطًا ببعض الأحكامِ والحقوقِ، أو عميلًا، أو مؤثِرًا لقومِه أو عَصَبَتِه، مُحابِيًا لهذه الجهة أو تلك، أو ضعيفَ الرأيِ ليس أهلًا للمنصب، بل لن تخلُوَ الأمةُ ممن يراه كافرًا. فإذا تُرك الأمرُ لكل أحدٍ أن يخلعَ البيعةَ من عنقه، أو يخرجَ على الإمام بناءً على رأيِه، فسيكونُ الفسادُ والفتنة؛ لذلك بيَّن الشرعُ أحكامَ هذه الحالات، وهي المراقبة والمحاسبة، مع الصبر على ما يُعانونَه من أذىً في ذلك، إلى أن تثبُتَ التهمة على الإمام بشكلٍ قاطعٍ لا يحتملُ تأويلًا: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ». فهذه الظنون غير معتبرة شرعًا([29])، ولا يجوزُ عزلُ الإمامِ أو نقضُ بيعتِه، أو الخروج عليه بظنونٍ وآراءَ قد تصحُّ وقد لا تصحُّ.
ثم إنَّ الإمام ليس معصومًا، فقد يتَّبعُ هواه في أحوالٍ أو أحيان. فيؤثِرُ وتُرى منه أثَرةٌ، ويعصي ويُرى منه ما يُكرَه، ويُخطئُ في اجتهادِه، وقد ينتجُ عن ذلك أضرارٌ. وليس كلّ إثمٍ أو هوىً أو خطأ يوجِبُ عزلَه؛ إذ ليس كلّ شيءٍ من ذلك يُسقطُ العدالةَ أو الثقةَ، أو يُطلقُ على صاحبِها اسمَ فاسق، أو يجعلُه غيرَ مؤهلٍ للمنصب، وإلا لكان من شرطِ الخلافةِ العِصمةُ، ولما استحقها أحدٌ؛ ولذلك شُرعَ الصبرُ على ما يُكرهُ من الحاكمِ مع نُصحِه والإنكارِ عليه لينتصحَ. ولا يجوزُ عزلُ الحاكمِ ما لم يثبتْ عليه وصفُ الظلمِ والجورِ، أو الفسقِ، أو ما لم يثبتْ سقوطُ عدالتِه، وأنْ يكونَ ذلك قطعيًّا.
بقي حديثٌ ينبغي شرحُه لتمامِ مناقشة المسألة وهو عن معاوية بن سلّام عن حذيفة بن اليمان قال: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ كَيْفَ؟ قَالَ يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ، قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ»([30]).
وفي صحة هذا الحديث اختلاف، فقد قيل إنَّه مُرسَلٌ، وقيلَ إنَّه منقَطِعٌ لأنَّ معاوية بنَ سلّام لم يسمعْ من حذيفة، وقد أعلَّه الدارقطني وضعَّفه، ووافقه النووي في أنه مُرسل، ولكنه صحّحه بقوله إنَّ له شاهِدًا([31]). وقال خالد الحايك في تحقيقه لهذا الحديث: «هذه الزيادة في هذا الحديث منكرة، وهي مناقضةٌ للمتنِ نفسِه، فكيف يكون هؤلاء الأئمة الذين لا يهتدون بهديه r ولا يستنُّون بسنَّتِه، وقلوبُ بعضهم قلوب الشياطين، ثمَّ يأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بطاعةِ واحدٍ منهم»([32]) وقال: «وعمومًا فهذا الإسناد منقطع»([33]). والزيادة التي يقصدها بقوله منكرة هي: «وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».
ولا يخفى تعارضُ هذا المعنى للحديث مع وجوبِ رفعِ المنكرِ والتغييرِ على الظلمةِ. فهو ينسبُ للنبي صلى الله عليه وسلم الأمرَ بطاعة من لا يهتدي بهديه ولا يستنُّ بسنته، ومن يستند في سلطانه إلى شياطين! وهو يتعارضُ مع نصوصٍ شرعيةٍ ثابتةٍ كقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»([34]). كما يتعارضُ مع روايةِ الحديثِ نفسه، المتفقِ عليها عند البخاري ومسلم عن أبي إدريس الخولاني عن حذيفة بن اليمان: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»([35]). ويقضي تعارض حديث معاوية بن سلّام مع المعاني الشرعية الثابتة تأويلَه، إذا أمكن، بما يتوافق مع الثابت
شرعًا([36])، أو يُردّ. وقد أخرج الحديثَ الإمام أحمد أيضًا وفيه: «ثُمَّ تَكُونُ دُعَاةُ الضَّلَالَةِ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الْأَرْضِ فَالْزَمْهُ، وَإِنْ نهكَ جِسْمكَ وَأخذَ مَالكَ، فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَاهْرَبْ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ»([37]). ويكون المعنى الذي يرفع التعارضَ هو أن يلزمَ المسلمون الإمامَ الحقَّ ويُوَفّوا ببيعته ويُوالوه، ولو كلَّفهم ذلك نهكةَ الجسد وخسارة المال. وأنْ لا يُبايعوا الحكام الذين لا يهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوالوهم، ولو عذَّبوهم وأخذوا أموالهم. وأن يفِرُّوا من تسلُّطِهم إلى حيث يأخذُهم الفرارُ في الأرضِ، ولو أدى الأمرُ إلى العزلةِ حتى الموت. فمعنى النص الذي يتفق مع قواعدِ الشرع هو عكسُ المعنى الذي يمتطيه سلاطينُ الجَوْر وأبواقُهم. فإذا كان الحاكمُ ظالمًا، أو يحكمُ بغيرِ الإسلامِ، ولو في حكمٍ واحدٍ، ثم لم يرجِع عن ذلك بعد نصحِه ونهيِه، أو إذا فقدَ شرطًا من شروطِ الإمامِ، كالإسلام أو العدالة، وجبَ عزلُه. وإذا امتنعَ وجبَ الخروجُ عليه إذا وُجدت الاستطاعة. وفيما يلي بيانُ الأسبابِ والشروطِ الشرعيةِ لذلك وتوثيقُها.
[1] ينظر: ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ص263-300، والسيوطي، تاريخ الخلفاء، ص150-160.
[2] وهو بدايةُ الحكم العاضِّ الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. عن حذيفة بن اليمان: “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ثُمَّ سَكَتَ”. مسند أحمد، حديث النعمان بن بشير، الحديث (18406)، ج30، ص355.
[3] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص40-45.
[4] ينظر مثلًا: محمود بن أحمد جمعة، الإلماع في أنَّ المنعَ من الخروجِ على الحاكمِ الجائر فيه إجماع، طرابلس، مركز الإمام البخاري، 1436ه/2015م، ومن مباحثه: “لا يجوز الخروج على الحاكم وإن كان فاسقًا أو ظالمًا ما دام مسلمًا”، و”وجوب الصبر على الحكام وإن كانوا مبتدعة”.
[5] متفق عليه، البخاري، (-256ه/870م)، الجامع الصحيح المعروف بصحيح البخاري، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، بيروت، دار طوق النجاة، 1422ه، الجامع الصحيح، كتاب الفتن (92)، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورا تنكرونها (2)، الحديث (7056)، 9، 47. ومسلم، (-261ه/875م)، المسند الصحيح المعروف بصحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1412ه/1991مالمسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (8)، الحديث (1709)، ج3، ص470، واللفظ للبخاري.
[6] المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، خيار الأمة وشرارهم (17)، حديث (1855)، ج3، ص1481.
[7] مسلم، المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلَّوْا (16)، الحديث (1854)، ج3، ص1480.
[8] متفق عليه، البخاري، الجامع الصحيح، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإسلام (25)، الحديث (3603)، ج4، ص199. ومسلم، المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، باب الأمر بالوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول (10)، الحديث (1843)، ج3، ص1472. واللفظ لمسلم.
[9] ينظر: عياض بن نامي السلمي، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، حيث قال: “نقل بعضهم الإجماع على عدم جواز العمل بالعام قبل البحث عن المخصص، وعارضه الآخر بالإجماع على العمل بالعام حتى يطلع على المخصص”، 364-365.
[10] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (31) باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يُغَيَّر المنكر(8)، حديث (2168)، وصحَّحه، ج4، ص37. والإمام أحمد، المسند، الحديث (30)، 1، 180، وغيرهما.
[11] مسلم، المسند الصحيح، كتاب الإيمان (1)، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص (20)، الحديث (49)، ج1، ص69.
[12] أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (-279ه/892م)، سنن الترمذي، أبواب الفتن عن رسول اللهr (31)، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن …(9)، حديث (2169)، وقال: حديثٌ حسن، ج4، ص38.
[13] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الفتن عن رسول الله r (31)، باب أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر (13)، الحديث (2174)، وقال: هذا حديث حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، ج4، ص41. وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (-303ه/915م)، المجتبى من السنن، وهو السنن الصغرى للنسائي، معروف بسنن النسائي، كتاب البيعة (39)، باب فضل من تكلم بالحق عند إمامٍ جائر، الحديث (4209)، ج7، ص161. وابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (-273ه/886م)، سنن ابن ماجه، كتاب الفتن (36)، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (20)، الحديث (4011)، ج2، ص1329. وأبو داود سليمان بن الاشعث بن إسحق السجستاني (-275ه/889م)، سنن أبي داود، كتاب الملاحم (36)، باب في الأمر والنهي (17)، الحديث (4344) وفيه زيادة: “أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ”، ج6ن ص400، ومسند أحمد، الحديث (11143)، 17، 228، والحديث (11587)، ص18، ج133.
[14] الحاكم، المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة y (31)، (الحديث (4950)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ج3، ص234.
[15] أبو زكريا محي الدين يحيى بن شرف النووي، (-676ه/1278)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392ه/1972م، 12، 229. ومما يجدر ذكرُه هنا أنَّ للنَّوَوي:، أقوالًا متعارضة في مسألة الخروج على الأئمة، فقد قال: “أما قوله: “أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ، قَالَ: لَا، مَا صَلَّوْا” ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق، ما لم يُغيِّروا قواعد الإسلام”، ج12، ص243. ومفهومُ هذا القول الخروج عليهم إذا غيَّروا قواعد الإسلام. وله قولٌ معارض لقوله هذا، بأنَّ الإمام لا ينعزل ولا يجوز الخروج عليه مطلقًا لأن هذا يؤول إلى فتن عظيمة. قال: “وسبب عدمِ انعزاله وتحريمِ الخروج عليه، ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه”، ج12، ص229.
[16] هو أبو سليمان حمد بن محمد بن خطاب البستي الخطابي، (-388ه/998م)، الإمام العلامة الحافظ اللغوي، له شرح السنن، وغريب الحديث، وشرح الأسماء الحسنى، والغنية عن الكلام وأهله، والعزلة، وإصلاح غلط المحدثين، وغيرها. ينظر، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج17، ص23-28.
[17] أحمد، المسند، حديث عبادة بن الصامت t، الحديث (22737)، ج37، ص404. حديث صحيح.
[18] هو أبو محمد عبد الواحد بن التين الصفاقسي، (-611ه/1214م)، محدث مفسر متبحر، له شرح على البخاري اسمه المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح، اعتمده الحافظ ابن حجر وغيره في شرح البخاري. ينظر: مخلوف، شجرة النور الزكية، ج1، ص242.
[19] هو أحمد بن نصر الداودي (-402ه/1012م)، من أئمة المالكية بالمغرب، له النامي في شرح الموطأ، والواعي في الفقه، والنصيحة في شرح البخاري، والإيضاح في الرد على القدرية، وغيرُها. ينظر: ابن فرحون إبراهيم اليعمري، (-799ه/1397م)، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة، دار التراث، ج1، ص166.
[20] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، كتاب الفتن (92)، باب قوله r سترون بعدي أمورًا تنكرونها (2)، ج13، ص8.
[21] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب الإيمان (38)، باب ما جاء في حرمة الصلاة (8)، الحديث (2616)، وقال حسن صحيح، ج4، ص308. وأحمد، المسند، حديث معاذ بن جبل t، الحديث (22068)، ج36، ص387.
[22] ابن تيمية، مجموعة الفتاوى، ج22، ص7.
[23] عبد القديم زلوم، نظام الحكم في الإسلام، ص254.
[24] ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج5، ص24.
[25] المصدر نفسه، ج5، ص28.
[26] ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج5، ص24. وينظر بحثه القيِّم بعنوان: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، ج19-ص28.
[27] المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، خيار الأمة وشرارهم (17) الحديث (1855)، ج3، ص1482.
[28] تقدم تخريج الحديثين.
[29] وقد حصلت بحق النبي نفسه صلى الله عليه وسلم، عنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: “بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِاليَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ وَبَيْنَ زَيْدِ الخَيْلِ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، فَتَغَيَّظَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ، وَيَدَعُنَا قَالَ: إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ، فَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلاَ تَأْمَنُونِي…”، متفق عليه. البخاري، الجامع الصحيح، كتاب التوحيد (97)، باب قول الله تعالى تخرج الملائكة والروح إليه (23)، الحديث (7432)، ج9، ص127. ومسلم، المسند الصحيح، كتاب الزكاة (12)، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (47)، الحديث (1064)، ج2، ص741. واللفظ للبخاري. وعن عبدِ الله بن مسعود t قال: “لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: “رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ”. متفق عليه. البخاري، الجامع الصحيح، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان (56)، الحديث (4336)، ج5، ص159. ومسلم، المسند الصحيح، في كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه (46)، الحديث (1062)، ج2، ص739. واللفظ للبخاري. وكذلك فقد نقَمَ الناس على الخليفة عثمان بن عفان t أعمالًا، وخرجوا عليه وقتلوه بالظنة وبغير حق. ولو اتبعوا ما نصَّت عليه الأحاديث بهذا الشأن، لتبيَّنوا قبل أن يخرجوا بظنونٍ وأوهامٍ، بينما النصوص طلبت البرهان القاطع.
[30] مسلم، المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن (13)، الحديث (1847)، ج3، ص1476.
[31] النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ج12، ص237.
[32] مقالة بعنوان: “القطع بنكارة زيادة وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع”. موجودة على موقعه دار الحديث الضيائية .addyaiya.com/uin/arb/viewdataitems.aspx?productid=347
[33] المصدر نفسه.
[34] متفق عليه، البخاري، الجامع الصحيح، كتاب المظالم (46)، باب من قاتل دون ماله (33)، الحديث (2480)، ج3، ص136. ومسلم، المسند الصحيح، كتاب الإيمان (1)، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق… (62)، الحديث (141)، ج1، ص124، واللفظ لهما.
[35] البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الفتن (92)، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة (11)، الحديث (7084)، ج9، ص51. ومسلم، المسند الصحيح، كتاب الإمارة (33)، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (13)، الحديث (1847)، ج3، ص475، واللفظ للبخاري.
[36] كأن يكون مثلًا: “وإن ضُرِب ظهرُك وأُخِذَ مالُك”، ببناء (ضُرِبَ) و(أُخِذَ) للمجهول، وأن يكون الأمير المأمور بطاعته غيرَ الذي يضرب الظهرَ ويأخذُ المالَ بغير حق، ولا يهتدي بهدي رسول الله r وسنته.
[37] المسند، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي r، الحديث (23425)، ج38، ص421.
2022-05-05