الإخلاص هو إفراد الله عزَّ وجلَّ بالقصد في العبادة، أي لا يبتغي العبد بالعمل إلَّا وجه الله عزَّ وجلَّ. وقال بعض السلف: الإخلاص ألا تطلب على عملك شاهدًا غيرَ الله، ولا مجازيًا سواه. وقد عبر القرآن، وعبرت الأحاديث عنه بألفاظ وعبارات متعددة، عبر عنه بالإخلاص، وصدق النية، ويريد ويبتغي وجه الله، يقوم بالعمل إيمانًا واحتسابًا، يعبدونني لا يشركون بي شيئًا. يحبَّ المرءَ لا يحبه إلا لله عزَّ وجلَّ… وهذه طائفة من الأحاديث التي تبيِّن جليل قدر الإخلاص الذي يجب أن يكون قرين العمل لينتبه المسلم إليه، وليؤكده في نفسه في كل عمل يقوم به، خاصة وأن النفس تحب أن تظهر أنها وراء العمل والتباهي به، فمتابعة الإخلاص والحرص على وجوده في كل عمل مطلوب حتى يصبح سجية وطبعًا.
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أُجرت عليه حتى ما تجعل في فم امرأتك» رواه البخاري.
– عن أبي كبشة عمرو بن سعدٍ الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الدّنيا لأربعة نفَر: عبدٌ رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتّقي اللهَ ويصِل فيه رَحِمه ويَعلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٍ رَزَقه الله علمًا ولم يرزُقه مالًا، فهو صادِق النية يقول: لو أنَّ لي مالًا لعمِلتُ بعمَل فلان، فهو نيّته فأجرهما سواء، وعبدٍ رزَقَه الله مالًا ولم يرزقه عِلمًا، فهو يخبِط في ماله بغيرِ عِلم، لا يتّقي فيه ربَّه ولا يصِل فيه رحِمه ولا يعلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبَثِ المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالًا لعمِلت فيه بعمل فلان، فهو نيّتُه فوِزرُهما سواء» رواه الترمذي
– عن عمر بن الخطاب قال: سمِعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجرتُه لدنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينكِحها فهِجرته إلى ما هاجَر إليه» رواه البخاري ومسلم
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن تعلَّم عِلمًا ممَّا يُبتَغى به وجهُ اللهِ لا يتعلَّمُه إلَّا لِيُصيبَ به عرَضًا مِن الدُّنيا لَمْ يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يومَ القيامةِ» رواه أبو داود.
– وجاء رجل من أهل الشام، فقال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضًا من عرض الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا أجر له» فأعظم ذلك الناس، فقالوا: عُد لرسول الله، فلعلك لم تفهمه، فقال صلى الله عليه وسلمله: «لا أجر له»، قال صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمِل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» رواه مسلم.
– عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُصاح برجل من أُمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فيُنشر له تسعة وتسعون سجلًا، كل سجل منها مد البصر، ثم يقال: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمكَ كتَبَتي الحافظون؟ فيقول: لا، يا رب. فيُقال: أفلكَ عذرٌ أو حسنةٌّ فيها؟ فيقول الرجل: لا. فيقال: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيُخرَج له بطاقة فيها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟، فيقال: إنَّك لا تُظلم، فتُوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة» رواه الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم، وصححه الألباني.
– عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فانْحَدَرَتْ صَخْرةٌ مِنَ الْجبلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا الله تعالى بصالح أَعْمَالكُمْ. قَالَ رجلٌ مِنهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كَبِيرانِ، وكُنْتُ لاَ أَغبِقُ قبْلهَما أَهْلًا وَلا مالًا، فنأَى بِي طَلَبُ الشَّجرِ يَوْمًا فَلمْ أُرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا فَحَلبْت لَهُمَا غبُوقَهمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِميْنِ، فَكَرِهْت أَنْ أُوقظَهمَا وَأَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدِى أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ وَالصِّبْيَةُ يَتَضاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمي فَاسْتَيْقظَا فَشَربَا غَبُوقَهُمَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَة، فانْفَرَجَتْ شَيْئًا لا يَسْتَطيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهُ. قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانتْ لِيَ ابْنَةُ عمٍّ كانتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ» وفي رواية: «كُنْتُ أُحِبُّهَا كَأَشد مَا يُحبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءِ، فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهِا عِشْرينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِهَا ففَعَلَت، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا» وفي رواية: «فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْليْهَا، قَالتْ: اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِىَ أَحَبُّ النَّاسِ إِليَّ وَتركْتُ الذَّهَبَ الَّذي أَعْطَيتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعْلتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فانفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا. وقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجرَاءَ وَأَعْطَيْتُهمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذي لَّه وَذَهبَ فثمَّرت أجْرَهُ حَتَّى كثرت منه الأموال، فجاءني بَعدَ حِينٍ فَقالَ: يَا عبدَ اللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى منْ أَجْرِكَ: مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَم وَالرَّقِيق فقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ لا تَسْتهْزيْ بي، فَقُلْتُ: لاَ أَسْتَهْزيُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْه شَيْئًا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فخرَجُوا يَمْشُونَ» متفقٌ عليه.
– عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «مَن بنى مسجدًا يبتغي به وجهَ الله، بنى الله له مثله في الجنة» متفق عليه.
– عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجلُ يقاتل حميةً، ويقاتل شجاعةً، ويقاتل رياءً (ليراه الناس ويُثنوا عليه)، فأيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال: «مَن قاتَل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله» متفق عليه.
– عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تكفَّل اللهُ لِمَن جاهد في سبيله، لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته، بأن يُدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، مع ما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ» متفق عليه.
– عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقًا أُعطيَها، ولو لم تُصِبْه» رواه مسلم.
– عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشِرْكَه» رواه مسلم.