الأمم المتحدة والدعوة إلى نظام ديني عالمي جديد
2014/10/30م
المقالات
3,758 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأمم المتحدة والدعوة إلى نظام ديني عالمي جديد
د. أحمد إبراهيم خضر
مرة ثانية نلتقي مع الدكتور «محمد نزار عثمان» في محاضرته القيمة عن «عقيدة العالم الجديد» التي يوجه الأنظار فيها إلى كتاب «قاري هكا» الذي يحمل نفس عنوان المحاضرة، والتي يكشف فيها عن الدور الخطير الذي تقوم به الأمم المتحدة في القضاء على الأديان جميعها، ثم العمل على بناء نظام ديني عالمي جديد يُجْبَر العالم على الاعتقاد فيه.
كان “هكا” قد ألَّف هذا الكتاب للتنبيه على الخطر المتزايد للأمم المتحدة، مع نجاحها المتتالي في إقناع الدول الأعضاء على التصديق في كل عام على العديد من الاتفاقيات الدولية، الأمر الذي يعطي الأمم المتحدة سيطرة مباشرة على الأنظمة القطرية والإقليمية، بل حتى على مستوى الأفراد يرى «هكا» أن تنامي قوة الأمم المتحدة سيؤثر على كل فرد في المعمورة، خاصة بعد أن اقترحت الأمم المتحدة فرض ضريبة دخل عالمية على كل شخص في هذه المعمورة؛ حتى تضمن استقلالها عن مساهمات الدول الأعضاء.
يقول الدكتور «عثمان»:
1- أن المتأمل لمقررات صناديق الأمم المتحدة المتعددة ومفوضياتها المختلفة يستبين له بوضوح أن هناك سعياً حثيثاً لإنشاء نظام عقدي عالمي جديد، وقد تجاوز هذا النظام طور العمل في الخفاء، وبلَغ طور العمل المعلن، وتعدَّدت تصريحات بعض مسؤولي الأمم المتحدة بشأنه.
2- تسعى الأمم المتحدة جاهدة لإقرار هذا النظام العقدي الجديد، الذي ترى فيه ضرورة حتمية لإكمال مسيرة التطور البشري، ورسالة سيباركها الأنبياء لو عادوا للحياة على حد ادعائها.
3- يقول روبرت مولر الملقب بالفيلسوف، ورسول الأمل، الذي عمل في الأمم المتحدة لمدة ثمانية وثلاثين عاماً، تدرَّج خلالها في مناصب عديدة، وكان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة، وعاصر ثلاثة من أهم أُمناء الأمم المتحدة هم «يوثان» و»كورت فالدهايم» و»جافير بريز ديكويلار»، يقول: «قد بدأت أعتقد جازماً أن مستقبل سلامنا وعدالتنا وتجانسنا في هذا الكوكب، لن يكون رهناً بحكومة عالمية، بل بوحي كوني وحكومة كونية، بمعنى أننا نحتاج إلى تطبيق قوانين طبيعية تطورية استلهامية كونية. إن معظم هذه القوانين موجودة في الديانات الكبيرة والنبوءات العظيمة، وسيعاد اكتشافها رُويداً رُويداً عبر المنظمات العالمية».
4- يقول مولر أيضاً: «لن تستطيع قوة بشرية أن تقضي على الأمم المتحدة؛ لأن الأمم المتحدة ليست مجرد مبانٍ أو أفكار، إنها ليست مخلوقًا من صنع البشر، إن الأمم المتحدة هي نور الهداية القادم من العالي المطلق… إن العالي المطلق سيقرع أجراس انتصاره في الأرض عبر القلب المحب المعضد للأمم المتحدة… وإنه إذا عاد المسيح مرة أخرى إلى الأرض، ستكون زيارته الأولى للأمم المتحدة؛ ليرى أن حلمه بوحدة الإنسانية وأُخوَّتها قد تحقق، سيكون سعيداً بمشاهدة ممثلين لكل الأمم: الشمال والجنوب، والشرق والغرب، الغني والفقير، المؤمن والكافر، الصغير والكبير، المحتاج والمسعِف، جميعهم يحاولون أن يجدوا أجوبة على الأسئلة المستديمة عن وجهة الإنسانية واحتياجاتها… هناك رسم مشهور يبيِّن المسيح يقرع باب مبنى الأمم المتحدة الضخم العالي؛ يريد أن يدخله، كثيراً ما أتصور في ذهني رسماً آخر، رسماً أدق، وهو أن مبنى الأمم المتحدة هو جسم المسيح نفسه… إن الأمر الذي لا مناص منه هو أن الأمم المتحدة عاجلاً أم آجلاً، ستأخذ بُعدًا رُوحيًّا».
5- في سبيل إقامة النظام الديني الجديد، قامت مؤسسات عديدة لتهيئة الشعوب لهذا التحول، من هذه المؤسسات: «برلمان الأديان العالمي« الذي يضم ممثلين للديانات العالمية المختلفة من المؤمنين بفكرة أن الأديان جميعها ليست إلا طُرقاً مختلفة توصل إلى نهاية واحدة يسميها المسلمون: «الله»، بينما يسميها المسيحيون »الرب«، ويسميها الهندوس «كريشنا»، ويسميها دعاة النظام العقدي الجديد تفادياً للانحياز لدين ما بـ»القوة السامية المطلقة».
6- عقد هذا البرلمان مؤتمراً في مدينة »شيكاغو» الأميركية في الفترة من 28/8 إلى 5/9 عام 1993م، قدم فيه »هانز كنج« ورقة بعنوان: «نحو عقيدة عالمية: إعلان مبدئي»، تحولت هذه الورقة فيما بعد إلى كتاب بعنوان: »المسؤوليات الكونية: البحث عن عقيدة عالمية» ذكر فيه «هانز» أن التحول نحو هذه العقيدة لن يكون اختيارياً، دعونا نقولها بصراحة: لا بقاء لأي عقيدة رجعية كبتية – سواء كانت المسيحية، أو الإسلام، أو اليهودية أو نحوها – في المستقبل. إذا كان المقصود من العقائد هو ازدهار الجميع، فيجب ألا تُقسم، إن رجل ما بعد الحداثة وامرأة ما بعد الحداثة، يحتاجان إلى قِيَم وأهداف، وقدوات وتصوُّرات مشتركة، والسؤال مثار الخلاف هو ألا تفرض هذه الأشياء عقيدة جديدة؟، إن ما نحتاجه نحن هو نظام عقدي عالمي.
7- يجتمع برلمان الأديان العالمي سنوياً لأيام متصلة تبلغ التسعة أو العشرة أيام، ويقدم جائزة قيمتها 1.2 مليون دولار تعرف باسم «جائزة تمبلتون للتطور في الديانات»، ويتم تعديلها سنوياً حتى تتجاوز جائزة نوبل.
يقول «تمبلتون» عن سبب تأسيس هذه الجائزة: «الخطوة التالية في التقدم الإنساني المقدس في مقياس التطور هي عبقرية الروح التي تضيء الدرب للآخرين؛ لكي يسيروا فيه. ولتشجيع التقدم في هذا الصدد أسَّسنا جائزة مؤسسة تمبلتون للتقدم في العقيدة… نريد أبحاثًا جديدة تركز على تنمية الحقيقة الروحية التي يكتب لها القَبول في كل العالم، بغض النظر عن الثقافة أو العقيدة الخاصة بأي منطقة جغرافية أو عِرقية، المراد هو أن ننشئ جسماً معرفياً عن الرب، جسماً لا يستند على الكتب السماوية القديمة، جسماً علمياً، لا يُختلف عليه بسبب اختلاف الأديان، أو الكنائس، أو الكتب السماوية أو الطقوس الدينية، إن الغرض الرئيس من قيام مؤسسة تمبلتون هو التشجيع المتحمس للإسراع في الاكتشافات العقَدية، والتقدم في مجال العقيدة».
8- يقول تمبلتون في شرحه لهذه العقيدة الجديدة: «لا يمكن لأحد أن يزعم أن الرب يمكن الوصول إليه بطريقة واحدة، إن هذه النظرة المحددة ينقصها التواضع، إن العقائد المبدعة القابلة للتكيُّف والجديدة والحرة – يجب أن تستنبط لأجل أن يتمكن العقل البشري والخيال الذي وهبنا الرب إياه من المساعدة في بناء مملكة السماء». ويقول: «إن المبادئ الأساسية لقيادة حياة متسامية يمكن أن تستخرج من أي عقيدة تقليدية: اليهودية، الإسلام، الهندية، البوذية وغيرها، كما المسيحية أيضاً». ويقول أيضاً: «إن المعادلة العقدية في المسيحية تغيرت وستواصل التغيير من عصر لعصر. المسيحيون يعتقدون أن الرب ظهر في عيسى الناصري قبل ألفي عام لأجل خلاصنا وتعليمنا، لكننا يجب ألا نأخذ أن معنى ذلك أن تقدمنا سيتوقف، وأن عيسى هو نهاية التغيير، إن القول بأن الرب لا يمكن أن يجلي نفسه مرة أخرى في صورة حاسمة عبر مسيح آخر، يبدو انتهاكاً للمقدسات… لقد سافر رجال الفضاء للفضاء الخارجي، ولم يحضروا معهم أي دليل على وجود الجنة أو النار، لقد اخترقت الحفارات الأرض، ووجَدت البترول وليس جهنَّم… إن التعريفات الوصفية عما بعد الحياة التي تلقيناها ونحن أطفال، تحتاج إلى مراجعة على ضوء الاكتشافات العلمية في العصر الحديث، إننا عبر اختيارنا الشخصي ومواقفنا، نخلق جنتنا ونارنا هنا في الأرض».
يعلق الدكتور «عثمان» على خطورة هذا المشروع، فيقول: إن أمر خطورة هذه المؤسسة لا يتوقف على «تمبلتون» فحسب، بل إن الأشخاص الذين يقفون خلف هذا المشروع ويختارون من يستحق هذه الجائزة كلهم من شاكلته، يناصرون العقيدة العالمية الموحدة، وقد نالها في عام 1988م أحد المنتسبين للإسلام، واسمه إنعام الله خان الذي يشغل منصب الأمين العام لمؤتمر المسلم العالمي المعاصر، ونائب رئيس اتحاد الدساتير والبرلمانات العالمي.
إن مؤسسة برلمان الأديان العالمي ترعى التقارب بين الأديان، ولها الآن أكثر من مائة وخمسين نشاطاً موزعاً بين تنفيذ مشروعات التقارب، وإعداد دراساته، وتوزيع جوائز لأصحاب الأثر الكبير في تحقيق أهداف هذه المؤسسة».q
2014-10-30