خطة «أمن بغداد»: بحر دماء جديد للمسلمين
2007/02/20م
المقالات, كلمات الأعداد
2,117 زيارة
خطة «أمن بغداد»: بحر دماء جديد للمسلمين
فيما سمي أنه أفضل آخر فرصة لإنقاذ أميركا من فشلها في العراق، قدم بوش في 10/1/2007م خطة استراتيجية تعتبر آخر ما في جعبته لإنقاذ نفسه من حكم التاريخ، ولانتشال أميركا من الحفرة العميقة التي أرداها فيها. وقد قال بوش عن هذه الخطة بأنها «ستغير مسار أميركا في العراق» وتقوم هذه الخطة على جانبين عسكري – أمني وسياسي – اقتصادي.
أما العناصر الرئيسية التي تقوم عليها الخطة العسكرية فهي: تعيين الحكومة العراقية قائداً عسكرياً للعاصمة مع نائبين له. ونشر الحكومة العراقية للجيش العراقي وقوات الشرطة الوطنية بالإضافة إلى قوات الشرطة المحلية في بغداد بحيث يبلغ عدد وحدات القوات العراقية 18 لواء. وإلى جانب القوات الأميركية الموجودة الآن في بغداد يتم حشد 17500 جندي أميركي إضافي يستقدمون من الخارج. وتقسيم بغداد إلى تسع مناطق، والعمل على تطهيرها، كما يقولون، منطقة منطقة من المسلحين والميليشيات وقادتهم ومخازن أسلحتهم، بحيث تستغرق كل منطقة أسبوعاً، والعمل بعد القضاء على المقاتلين فيها على ضمان أمنها وعدم الانسحاب منها وجعلها تحت السيطرة الدائمة للقوات العراقية والأميركية حتى لا يعودوا إليها، على أن يبدأ بتطبيقها في مطلع شهر شباط.
وقد برر بوش تطبيق «خطة أمن بغداد» بقوله إن 80% من العنف المذهبي في العراق يقع في منطقة بغداد، وفي إطار 30 ميلاً منها.
أما فيما يتعلق بالأنبار قال بوش: «إن تنظيم القاعدة مازال ناشطاً في العراق، ومعقله في الأنبار، وهذا يساهم في جعلها واحدة من أكثر المناطق عنفاً في العراق خارج بغداد» وأضاف: «أخيراً بدأ زعماء العشائر المحلية يعبرون عن رغبتهم في القضاء على القاعدة؛ نتيجة لذلك يرى قادتنا أن لدينا الفرصة لتوجيه ضربة حقيقية للإرهابيين؛ لذلك أصدرت أمراً بزيادة عديد القوات الأميركية في الأنبار 4000 من المارينز. وهذه القوات ستعمل مع العراقيين وقوى العشائر للتخلص من ضغط الإرهابيين» هذا هو الجانب العسكري – الأمني من الخطة.
أما الجانب السياسي – الاقتصادي، فقد قال بوش عنه إن الحكومة العراقية «تخطط لتولي المسؤولية الأمنية في كل المحافظات العراقية بحلول شهر تشرين الثاني لإعطاء كل مواطن عراقي حصة في اقتصاد البلاد. وسيقر العراق قانوناً لتقاسم عائدات النفط بين كل العراقيين، وستنفق الحكومة العراقية 10 بلايين دولار من أموالها على إعادة الإعمار ومشاريع البنى التحتية التي تؤدي إلى إيجاد وظائف جديدة. ومن أجل تمكين القادة المحليين يخطط العراقيون لتنظيم انتخابات في المحافظات السنة الجارية. ومن أجل السماح لعدد أكبر من العراقيين من دخول الحياة السياسية للبلاد ستقوم الحكومة بإصلاح قوانين اجتثاث البعث، وبعملية عادلة للبحث في تعديلات للدستور العراقي».
خطة أخيرة، كل ما فيها مكشوف. اضطر بوش لكشفها ليحوز ثقة مفقودة بإدارته من شعبه وجنوده وحتى من حزبه. فضلاً عن الديمقراطيين… وحتى يجعل الأميركيين يلتفون حوله استرجع أسلوب التخويف لإقناعهم بجدوى الخطة فقال: «الفشل في العراق سيشكل كارثة للولايات المتحدة… نتائج الفشل واضحة: سيعزز الإسلاميون المتطرفون قوتهم… [وهؤلاء] سيكونون في موقع أفضل لإسقاط الحكومات المعتدلة ونشر الفوضى في المنطقة… وسيحصل أعداؤنا على ملاذ آمن يخططون ويشنون منه هجمات على الشعب الأميركي… من أجل سلامة شعبنا يجب أن ننجح في العراق».
ومن أجل تقليل الخسائر الأميركية في هذه الخطة التي ستكون شاقة ومكلفة لن تكون القوات الأميركية في مقدمة المواجهة بل حسبما أكد اللواء مهدي الغرواي قائد قوات حفظ النظام أن: «القوات الأميركية ستشكل طوقاً ثالثاً بعد طوقي الداخلية والدفاع».
هذه هي خطة أمن بغداد التي أعلن بوش أنه مصمم على المضي فيها بالرغم من كل الاحتجاجات ضدها. ولا يملك الكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون أن يمنعه من ذلك، إنه لا يستطيع غير تسجيل موقف معارض يمكن بنظرهم استغلاله لمصلحتهم في انتخابات الرئاسة المقبل. لا يستطيعون غير التعبير بالكلام كأن يقول زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ عن الخطة إنها لا تعنى سوى «المزيد من نفس الشيء»، وكأن تقول زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب أن بوش «يتلاعب بأرواح جنوده لأسباب سياسية» إن من يمكن أن يوصف بالإحراج هو حزب بوش الجمهوري لأن فشله سيرتد عليهم في انتخابات الرئاسة المقبلة بعد أقل من سنتين. وما لم يقم عمل جاد كأن يجتمع الكونغرس بمجلسيه، أو يرفض بحزبيه علناً تنفيذ هذه الاستراتيجية، أو تقوم مظاهرات شعبية عارمة، أو يأتي من المؤسسة العسكرية ما يدل على رفض شديد للخطة، فإن بوش سيمضي في خطته غير عابئ بكل التصريحات والاحتجاجات. إنه يبدو كالمقامر الذي لا تزيده الخسارة إلا مزيداً من الإصرار على المقامرة حتى لا يبقى معه شيء يخسره… وهو باستراتيجيته وضع كل رصيده في اللعبة الأخيرة… إنه سيفشل، إن شاء الله، وسيعلن عن إفلاسه، ولكن في أميركا ستكون أجواء انتخابات الرئاسة هي المحور الذي تدور حوله معركة الفشل أو النجاح، أما في بلاد المسلمين فليس إلا الدمار والقتل والمآسي وحصد الأرواح، ومن ثم يبرر كل ذلك بالقول إنها أخطاء ترتكبها الإدارة الأميركية… قاتلهم الله أجمعين.
إن أميركا في علاقتها الدولية لا تعرف إلا نفسها. ولا تعترف إلا بمصالحها، فلا أصدقاء لها إلا بقدر ما يخدمونها… وهي تتصرف مع الأنظمة العربية التي وصفتها بالحكومات المعتدلة على أنها تقوم بما تقوم به لحمايتها من خطر القاعدة التي تريد إسقاط هذه الأنظمة في حال فشل أميركا… وهي تخوفهم من محور ليست بعيدة عنه ولا بعيداً عنها هو محور إيران وسوريا، هذا المحور الذي تستعمله كفزاعة لدول الخليج وغيرها من الدول التي هي بحساب أميركا من الدول المعتدلة وذلك لكي ترتمي في أحضانها، وتقبل بالدور الذي تقوم به وترضى ببقائها… إنها تسير باتجاه إقامة أحلاف في المنطقة بين دول هي تنعتها بالمتطرفة (تابعة لها) ودول هي تصفها بالمعتدلة، بما فيها (إسرائيل) وستدعي أنها حاميتها، وأنها متعاونة معها، وعنوان الصراع هو تلك المعزوفة القديمة التي تجدد نفسها باستمرار «محاربة الإرهاب» أي الإسلام، وبذلك تستطيع أن تمسك باللعبة السياسية في المنطقة من طرفيها. وهذا ما قامت به رايس في جولتها الأخيرة في المنطقة…
أيـّها المسلمون
إن بوش ذاهب في خطته إلى ارتكاب أبشع أنواع المجازر واستعمال القوة المفرطة، وفتح حمام دم جديد على المسلمين طيلة الأشهر القادمة من هذه السنة، وما التهديد بوجود القاعدة في الأنبار إلا ليبيح لنفسه ارتكاب المزيد والمزيد من جرائمه التي لا تتوقف ضد المسلمين. وإن ما سيفعله إن لم يكفِ الله المسلمين شره فإنه سيكون مأساوياً بكل معنى الكلمة.
أيـّها المسلمون
لقد طرح بوش خطته هذه آخذاً بعين الاعتبار البقاء في العراق، مستفيداً من أخطائه التي ارتكبها منذ غزو العراق؛ لذلك قامت خطته على الجانب العسكري الأمني وعلى الجانب السياسي الاقتصادي… إنها خطة تحمل مشروعاً ولا يجوز مواجهته إلا بمشروع متكامل يقوم على إقامة حكم يكون ولاؤه لله وحده، ولا يحكم إلا بأمر الله وحده، صحيح أن المقاومة مطلوبة ومطلوبة بشدة ولها دورها في طرد الغزاة، ولكن عملها لا يكفي، ولا يغني عن إقامة دولة إسلامية تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة تجمع المسلمين جميعهم على صعيد عبادة الله ونشر دينه.
أيـّها المسلمون
إلامَ تبقون هكذا مرمى سهام أعدائكم؟! إلامَ تبقون تتلقون الضربات، ويموت منكم يومياً بالمئات… إن أميركا تتربص بكم شراً مستطيراً، وحكامكم ينصاعون لها انصياع العبد الذليل للسيد المتجبر؟! إننا نعرف أن الأمة تتألم مما يحدث، وأنها تشعر بالمهانة والذل، وتدمع عيون الكثير منهم لما يرونه ويسمعون أنه يحدث ضد إخوانهم المسلمين، وأنهم يلعنون أميركا ليل نهار ومعها (إسرائيل)… ولكن هل يغير هذا من الواقع شيئاً؟!
أيـّها المسلمون
إن المخرج لكم هو في الكتاب والسنة، ولا يوجد سوى هذا المخرج لكم مخرجاً، وفعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أكبر شاهد لكم أو عليكم.
أيـّها المسلمون
احقنوا دماءكم بأنفسكم، أوقفوا حمامات الدم ضدكم، رحمة بأولاكم وأمهاتكم، حباً بدينكم وإيماناً بكتابكم، وتصديقاً برسولكم، كونوا على ما كان عليه وصحابته، اجعلوا همكم الأكبر الآن إقامة الخلافة الراشدة، وبعدها كل عقبة ستذلل،وكل احتلال سيطرد، وستعود للمسلمين عزتهم وكرامتهم المبنية على الإسلام وحده.
إن قتال الأميركيين لا يجوز أن يتوقف، فالقتال الآن هو دفاع عن الدين وعن المسلمين، ولكن لابد أن يكتمل العمل لدى المسلمين حتى يؤتي ثماره ويضع حداً حقيقياً لكل المآسي التي تحل بدارهم.
لله كم أن النفس مشتاقة للعزة قال تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ) [فاطر 10].
اللهم إنا نسألك أن ترد كيد بوش ومن حالفه عن المسلمين،
اللهم إنا نسألك أن تجمع أمر هذه الأمة على خلافة راشدة تأخذ دورها في إحقاق الحق وإزهاق الباطل تكون سيدة آخر هذا الزمان. وتقيم حجة الله على خلقه، تكون الأولى في القوة الفكرية، والأولى في القوة المادية…
لله ما أحوج العالم إلى التخلص من أميركا وما أحوجه إلى الخلافة الراشدة التي ينعم بخيرها الجميع قال تعالى: ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) [القصص 5].
2007-02-20