حرمة الخروج على الحكام مخافة الفتنة… تضليلٌ وتحريفٌ لدين الله
2020/02/02م
المقالات
22,843 زيارة
حرمة الخروج على الحكام مخافة الفتنة… تضليلٌ وتحريفٌ لدين الله
حمد طبيب – بيت المقدس
لقد ازدادت الحرب الفكرية على الإسلام، وخاصة بعد ثورات الشعوب العارمة في بلاد المسلمين، وبعد الرأي العام الكاسح على مطلب الإسلام (كمخلّص للشعوب).. وكان من أشد أنواع هذه الحرب الفكرية التضليلية؛ اتهام الإسلام بالإرهاب العالمي، وبث سموم التثبيط؛ وأن الأمة لن تقوم لها قائمة، ولا تملك مقومات الدول القادرة على الوقوف والتحدي والمضي قدمًا… وكان منها كذلك فرية حرمة الخروج على الحكام مخافة الفتنة والاقتتال بين المسلمين، والتزامًا بطاعة ولي الأمر وحرمة الخروج عليه وإن جلد ظهرك وأكل مالك… وقد حمل هذه الدعوات المضللة الكثير من علماء السلطان؛ خاصةً علماء آل سعود في الحجاز، وعلماء السيسي من الأزهر ومن قلدهم وسار خلفهم. فما حقيقة هذه الدعوة؟ وما هو حكمها في ميزان الشرع؟ وما هو واجب المسلمين تجاهها؟ وهل يجوز القعود عن واجب منابذة الحكام في هذا الزمان مخافة القتل والاقتتال؟ وهل هذه هي الفتنة التي حذر منها الحق تبارك وتعالى وأمر باجتنابها؟!
للإجابة عن هذه الأسئلة، وغيرها مما يتعلق بهذه الفرية، وهذا التضليل والتحريف لدين الله؛ سنقف عند الأمور التالية:
1 – حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل عام، وحكم أمرِ الحكام ونهيهِم بشكل خاص.
2- حكم منابذة الحاكم بالسيف؛ إذا أظهر الكفر البواح أو الصراح. والفرق بين منابذته بسبب منكر الكفر البواح، وبين استعمال القوة المادية للتغيير، وإعادة الحكم بما أنزل الله.
3- شبهة إلقاء النفس في التهلكة، وما هي التهلكة التي أمر الشرع باجتنابها؟
4- شبهة إذا ترتب على المنكر منكر أكبر منه، وهل يجوز قياسه على منكرات الحكام؟
5- شبهة تفسير حديث الرسول عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: «يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ…» إلى آخر الحديث. رواه الإمام مسلم.
أما الموضوع الأول: وهو واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فهو غنيٌّ عن البيان، وقد نطقت به الآيات والأحاديث بشكل صريح لا تأويل فيه، قال تعالى: (وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ١٠٤)، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم. وهذه النصوص وغيرها تدل على واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بشكل عام، وتأثم الأمة جميعًا إذا قصرت بهذا الواجب؛ إلا من تلبَّس منها بهذا الواجب وقام به.
وأما الأمر الثاني: فإن الحكام، على وجه الخصوص، خصهم الله تعالى بواجب أوسع؛ وهو قيام الأمة عليهم بشكل عام لإزالة منكرهم إذا اظهروا منكر الكفر البواح. قال عليه الصلاة والسلام؛ مجيبًا عبادة بن الصامت رضي الله عنه عندما سأله: أفلا ننابذهم بالسيف يا رسول الله؟ قال: «لَا، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ» متفق عليه. فلا يجوز للأمة بشكل عام أن تسكت على حكام السوء؛ يطبقون حكم الكفر بين ظهرانيها، وإذا سكتت أدى ذلك إلى الفتن؛ ما ظهر منها وما بطن، وأدى إلى حرف الناس عن دين الله شيئًا فشيئًا إلى الكفر. قال عليه الصلاة والسلام: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ» رواه الإمام الترمذي، والعقاب منه تسلط الحكام الكفرة بسبب السكوت عليهم… وعندما سئل J: أَيُّ الْجِهادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ» رَوَاهُ الإمام النسائيُّ.
أما ما أورده البعض من علماء السلاطين بأنه لا يجوز الخروج على الأمراء، واستشهدوا على ذلك ببعض الأحاديث مثل حديث اِسمع وأطع وإن جلد ظهرك، وحديث اِسمعوا وأطيعوا ولو وُلِّي عليكم عبد حبشي، وأن طاعة ولي الأمر هي واجبة… فإن ما صح من مثل هذه الأحاديث؛ فيدل على طاعة ولي الأمر الذي وجبت له الطاعة بالبيعة الشرعية. وحدود طاعته هي فيما يرضي الله عز وجل، لا في معصيته وليس في حال الكفر البواح؛ كما هو مبين في أحاديث أخرى سنذكرها… وما أوردوه كذلك من فتوى الإمام ابن تيمية في حرمة الخروج على الأمراء حيث قال: «… إن الاستقراء دل على أنه: ما قام أحد على الأئمة إلا وحصل بفعله ذلك من الفساد ما هو أنكر وأعظم مما قام نصرةً له… وهؤلاء غالبًا يحصل بفعلهم فساد وسفك دماء وهزيمة، وإذا انتصروا فإن ذلك لا يدوم طويلًا…»؛ فإن أولي الأمر الذين لا يجوز الخروج عليهم بحد السيف – في رأي ابن تيمية – هم أولًا: من جنس الأمة، وقد بايعتهم الأمة على السمع والطاعة في غير معصية الله تعالى، فتجب طاعتهم في غير معصيته؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث: «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ» رواه مسلم. وأبو بكر رضي الله عنه يقول: «أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم…»، وقد اشترط الحق تعالى شرطين لطاعة أولي الأمر: الأول: أن يكونوا بالفعل أولي أمر؛ تسلّموا الأمر بطريقه الشرعي، لا جبرًا عن الأمة، والثاني: أن تقترن طاعتهم بطاعة الله ورسوله، لا بطاعة أميركا وكيان يهود. قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ٥٩)، وأما ما ذكره الإمام ابن تيمية؛ فهو متعلق بأولي الأمر الذين عاصرهم؛ من الحكام المسلمين؛ الذين ظهر منهم بعض المنكرات، وليس فيمن أظهر الكفر البواح كحكام هذا الزمان. وقد أفتى رحمه الله بقتال من تحالف مع عبَّاد الصليب في زمانه؛ لأنهم أظهروا الكفر البواح، وخانوا دينهم وأمتهم؛ كما هو حال حكام اليوم من هذا الزمان، ممن تحالف مع أميركا وكيان يهود. ولو كان ابن تيمية في زماننا لأفتى بالخروج عليهم؛ تمامًا كما أفتى بمحاربة من تحالف مع الصليبيين من ممالك مصر والشام من الفاطميين.
وقد لعن الله عز وجل بني إسرائيل بسكوتهم على المنكرات تُفعل بينهم فقال:
(لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ٧٨ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٧٩) .
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو فرض على الأمة بشكل عام، ولا يجوز السكوت عنه، وإذا سكتت الأمة عن ذلك أثمت جميعًا. واليوم، فإن هذا الواجب هو فرض عين على كل مسلم؛ لأن المنكرات قائمة ولم تتغير، ولم تُزَل من حياة المسلمين، ولا يسقط الإثم إلا عمن باشر بالفعل العمل لتغيير هذه المنكرات، وما زال قائمًا بهذا الواجب أو متلبسًا به.
بقي أمر أخير يتعلق بهذه النقطة؛ وهو العمل المادي؛ لتغيير أفكار المجتمع، والوصول إلى الحكم بما أنزل الله. فهذا المنكر لا يتوصل إلى تغييره بالعمل المادي، بل إن طريقة تغييره التي فرضها الإسلام هي العمل الفكري، والتفاعل مع المجتمع، وعن طريق الصراع الفكري والكفاح السياسي للوصول إلى إقناع الأمة، ورفع مستوى الرأي العام والوعي العام فيها على فكرة التغيير، على أساس الإسلام، ثم بعد ذلك استلام الحكم من مظانِّ النصرة القادرين عليها. فهذا الموضوع هو أحكام شرعية عملية، تتعلق بمنكر من المنكرات؛ وهو غياب الحكم بما أنزل الله، وطريقة تغييره هو ما ذكرنا، وليس العمل المادي. ولا يخلط هنا بين الإنكار على الحكام أو الخروج عليهم ومنابذتهم قولًا وعملًا لخلعهم، وبين العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، والوصول للحكم بما أنزل الله… فتلك أحكام لها مناطها وأدلتها الشرعية، وذاك واقع آخر له مناطه وأحكامه أما الواقع أو المناط الذي فيه منكرات صدرت من حكام أظهروا فيها الكفر البواح أو الصراح؛ أي أباحوا علنًا به على رؤوس الأشهاد وصرحوا ولم يستحيوا لا من الله ولا من الناس، ولم يراعوا حرمة لدين الله عز وجل ولا لأموال وأعراض ودماء المسلمين… فهذا المناط يجب أن تنزل عليه أحكام الخروج على هؤلاء الحكام لإزالتهم، ولا يجوز السكوت على ذلك. وهذه من القضايا المصيرية التي يجب على الأمة أن تتخذ حيالها إجراء الحياة أو الموت، ولا يجوز السكوت عليها إطلاقًا، وخاصةً من مراكز القوى التي تقدر بالفعل أن تقوم بهذا الواجب بالقوة المادية، فهي جزء من الأمة الإسلامية، وإذا كانت الأمة بمجموعها قادرة على استخدام القوة القادرة على إزالتهم في منطقة من المناطق، كان ذلك واجبًا عليها، ويحرم عليها السكوت عليهم مع بقائهم في الكفر البواح. فالأمر بالوجوب في الخروج والمنابذة هنا منوط بالقدرة والاستطاعة، ومن وقف من المنافقين والأتباع يشايع ويناصر هؤلاء الحكام في وقت خروج الأمة عليهم فإنه يأخذ حكم هؤلاء الحكام في المنابذة.
أما الأمر الثالث: وهو شبهة إلقاء النفس في التهلكة نتيجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن التهلكة كما فهمها الصحابي الجليل (أبو أيوب الأنصاري) هي ترك حكم الله، وليس العمل به. فقد فسر بعض الصحابة الآية الكريمة: (وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ)؛ في حادثة أحد المسلمين الذي اقتحم صفوف العدو في فتح القسطنطينية. فأجابهم أبو أيوب رضي الله عنه فقال: «لقد نزلت فينا نحن الأنصار؛ عندما ركنَّا قليلًا إلى الزروع والثمار، وتقاعسنا عن الجهاد والإنفاق في سبيل الله…» فالتهلكة الحقيقية هي في السكوت على منكرات الحكام وعلى أحكام الكفر التي يطبقونها في بلاد المسلمين، وليس القيام في وجه هؤلاء الحكام لإزالتهم وإزالة ما طبقوا وما نشروا من شرور.
والأمر الرابع: في هذه الضلالات والتحريفات لدين الله، فهو إذا ترتب على المنكر منكر أكبر منه، فهذه الفرية قد اختلقها علماء السلطان؛ للمحافظة على عروش الظالمين، وقاسوا منكرات الحكام، على المنكرات الفردية، وقاسوا التغيير من الفرد لمنكر واحد، على تغيير الأمة لمنكرات الحكام… فهذا قياس غير صحيح. ومنكرات الأفراد لا تقاس عليها منكرات الحكام، ولا طريقة إزالتها… فكلٌ له واقعه وأحكامه ونصوصه الشرعية ودلالاته… ولم يرد في هذا الأمر نص صريح يبيح للمسلم أن يقعد عن هذا الواجب نتيجة كذا وكذا… بل إن الأحاديث مدحت سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، ورجل مثله قام على إمام جائر. وأمرت كذلك بحمل السيف في وجه من أظهر الكفر البواح. وذمت الأمة إن هي قعدت بشكل عام عن هذا الواجب. وذمت الأمة بشكل عام إن هي سكتت عن منكرات الحكام. قال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا رَأَيْتَ أُمَّتِي تَهَابُ فَلَا تَقُولُ لِلظَّالِمِ يَا ظَالِمُ، فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ» أخرجه الحاكم في المستدرك… أما مآلات الأفعال في هذا الموضوع؛ فلا ينظر إليها بشكل عقلي أو مصلحي؛ وإنما يشترط لها نص شرعي يدل عليها؛ لأن الواجب هو الفعل دون النظر إلى ما يترتب عليه. ومآلات الأفعال ليست من الأصول الشرعية، ولا ينظر إليها، فما ترتب على الفعل هنا لا يعلمه إلا الله عز وجل، والقتل والاقتتال إثمه على من بغى، وليس على من قام بالفرض.
وأما الأمر الأخير في هذه الضلالات والتحريفات؛ فهو تأويل حديث عائشة رضي الله عنها، وقياسه على موضوع التغيير على الحاكم، فقد خاطب الرسول عليه الصلاة والسلام عائشة في أمر مندوب، وليس بفرض في ذلك العهد، وهو إضافة وإزالة أمور تتعلق بالبيت الحرام. وقد ترك ذلك عليه الصلاة والسلام لقرب الناس من الجاهلية، وتعظيمهم لمكانة البيت؛ فخاف الرسول عليه الصلاة والسلام – نتيجة عدم تغلغل الإيمان في قلوب البعض – أن يحدث ذلك بلبلة في الفهم فتركه الرسول عليه الصلاة والسلام. ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يترك الأصنام، وهدمُها هو فرض وليس مندوبًا ولا مباحًا. ولم يترك بعض العادات في تقديس البيت، وتقديم القرابين له، بل أمر بإزالتها وتغييرها نهائيًا.
وقبل أن نختم نخلص إلى الأمور التالية:
أولًا: إن الافتراءات على دين الله لا تتوقف، وإن أشد الناس افتراء على دين الله هم أعداؤه من الكفار، وعملاء الكفار، وأتباع العملاء من العلماء الضالين المضلين. وإن أكبر المنكرات في هذا الزمان هم الحكام المتربعون على رقاب المسلمين، والذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ويطبقون على الناس قوانين الكفر، ويحاربون الله ورسوله وأمة الإسلام، ويساندون اليهود والنصارى في مشروع الحرب على الإسلام؛ تحت ذريعة الحرب على الإرهاب…
ثانيًا: إن عدم الخروج على الحكام والسكوت على منكراتهم يؤدي إلى الفتن، ومنها فتنة الردة عن الإسلام تحت مسميات الديمقراطية، والانفتاح، ومجاراة الواقع، والتسامح بين الكفر والإسلام، وتحرر المرأة من قيمها وأخلاقها وحيائها… وغير ذلك من برامج مقصودة في بلاد المسلمين، عدا عن الخيانات السياسية لقضايا المسلمين في فلسطين والشام والعراق خدمة لأميركا وكيان يهود…
ثالثًا: إن منكرات الحكام لا تغيَّر إلا بالخروج عليهم ومنابذتهم، ولا ينفع معهم نصح، ولا غير ذلك من وسائل، فلا يقومون من عروشهم إلا بتطبيق هذا الواجب، ولا يمكن تغييرهم بالكلام أو النصح؛ بل تزداد منكراتهم، وتستشري بين الأمة عن قصد وتخطيط. وإن هؤلاء الحكام يقفون حجر عثرة في وجه التغيير على أساس الإسلام؛ فوجب الوقوف في وجههم وخلعهم عن صدور الأمة؛ وخاصة من أولي القوة القادرين عليها، أو من الأمة إن ملكت بمجموعها القدرة والاستطاعة على إزالتهم وخلعهم…
وفي الختام نقول: بأن حركة الشعوب لا يقف في وجهها الطغاة مهما كانوا، فقد خلعت الأمة الطواغيت في بداية الثورات، وكادت أن تأتي على البقية الباقية لولا الالتفاف على الثورات وتضليلها وحرفها. وإن حركة الأمة هي دليل على حيويتها وإنكارها لمنكرات الحكام، وفي ذلك بشارة خير بأن هذه الأمة لا تريد تطبيق الكفر، ولا تريد الاستعمار؛ إنما تريد دينها وشريعتها، وسوف يكرمها الله عن قريب بإذنه تعالى بقيادة مخلصة؛ تأخذ بيدها إلى بر النجاة… نسأله تعالى أن يكون ذلك قريبًا.
2020-02-02