أيها المسلمون، في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم… للرسول حق عليكم لم تؤدُّوه
2019/11/10م
المقالات
12,952 زيارة
أيها المسلمون، في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم… للرسول حق عليكم لم تؤدُّوه
يحتفل المسلمون سنويًا بذكرى المولد النبوي، في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، يعبرون فيه عن فرحتهم ومحبتهم لرسولهم الكريم، فيذكرون محاسن أخلاقه وحميد خصاله، ويستذكرون مسيرته في الدعوة، ويؤدون الأناشيد في مدحه، ويوزعون الحلوى ويعطلون عن العمل… ففي بدء الوقوف على هذه الذكرى أقوال، منها أن تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي لأول مرة يعود إلى الدولة الفاطمية في القرن السادس الهجري، حيث يقال بأن أول من احتفل رسميًا بهذه المناسبة حاكم أربيل في العراق وهو الملك المظفر؛ إذ أقام حفلًا كبيرًا منظمًا ورسميًا احتفاءً بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهناك قول آخر بأن أول المحتفلين بالمولد النبوي كان في عهد الخليفة «المستعلي بالله»؛ حيث كان يتم توزيع الحلوى على جميع الناس في الشوارع، إضافة إلى توزيع الصدقات على الفقراء والمساكين في الدولة الفاطمية «العبيدية”، ثم توالى الاهتمام تباعًا في عهد الدولة الأيوبية والعثمانية في هذا اليوم، وكانت تصرف لهذه المناسبة أموال طائلة من خزينة الدولة؛ حيث كان يتم فيها ترتيل القرآن على مسامع الناس، وعقد مجالس الذكر للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وذكر بعضٍ من سيرته وقصصه للناس، إضافة إلى توزيع الحلوى في نواحي الدولة.
فالحكم الشرعي باعتبار ذلك مناسبة شرعية أم لا، فإنه لم يأت فيها دليل شرعي، ومثل هذا لا يمكن للشرع أن يسكت عنه، ولا للصحابة أن لا يحيوه لو كان ذلك مشروعًا، والجدال في هذا الموضوع بين علماء المسلمين لا يتعلق بحب النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما بدقة الالتزام بالشرع المطلوب أن لا يدخل فيه ما ليس منه ولو كان مقدار قشة، ولا أن يحاد عن طريقة الالتزام به ولو كان قيد شعرة.
أما الأمر الذي لا يُختلف عليه بين كل المسلمين فهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتهم وإسوتهم في كل أمور دينهم، وهو الشاهد عليهم يوم القيامة، وهو إمامهم في الدعوة وفي كل شؤون الحياة، أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وجعله الله في كلامه وأفعاله وحتى سكوته لا ينطق عن الهوى، وأن ما جاء به لم يكن مرتبطًا بزمنه فقط، بل إلى قيام الساعة…
ولو عدنا إلى آيات الله التي تحدثنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتلزم المسلمين بها في كل زمان ومكان وللمسلمين أجمعين، فإننا نرى تقصيرًا عند المسلمين يتعارض مع دعواهم محبة الله ورسوله. إن الله سبحانه ربط محبته بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ). وهذه الآية الكريمة تمنع المسلمين أن يحدثوا أي حدث في الدين، وتلزمهم بإفراد اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الدين، وهذه الآية الكريمة تجعل ما بدأ به الدين يجب أن يكون على ما ينتهي عليه، أي أن آخره كأوله، وأوله كآخره،، وتعني أن نكون على طريقة فهم الإسلام ذاتها التي كانت زمن الرسول الكريم وصحابته الميامين. فأين المسلمون اليوم من قوله تعالى:( إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٨ لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا٩إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا ١٠ ) [الفتح]. فالآيات آيات تتعلق بفتح مكة، والرسول كان فيها حاكم دولة وقائد جيش المسلمين، والله سبحانه قد طلب من المسلمين أن يعذِّروه ويوقِّروه. وكما قال قتادة معناه: تنصروه بالجهاد معه، والدعوة إلى شريعته… فأين المسلمون من هذا؟!. أين المسلمون من وجود دولة إسلامية؟! ومن وجود جيش إسلامي لهذه الدولة؟! ووجود جهاد وفتح، ومبايعة، كما ورد في الآيات الكريمة الآنفة الذكر؟!.
وأين المسلمون اليوم في محبتهم لرسولهم وبالتالي وجوب اتباعه من قوله تعالى: ( هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ )ونقل ابن كثير في تفسيره للآية الكريمة عن الإمام أحمد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلًا يذل الله به الكفر»، فكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذل والصغار والجزية». فهل يكون انتشار للإسلام، وعز للمسلمين، وذل للكافرين، وجزية لأهل الصغار… إلا بدولة إسلامية إن كانت موجودة، والعمل على إقامتها، تمامًا كما أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم إن لم تكن موجودة… فأين المسلمون وبالأخص علماؤهم اليوم من ذلك؟!. جاء في تفسير السعدي: «( لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ )أي: ليعليه على سائر الأديان، بالحجة والبرهان، ويظهر أهله القائمين به بالسيف والسنان» ويضيف فيقول: «فأما نفس (الدين)، فهذا الوصف ملازم له في كل وقت، فلا يمكن أن يغالبه مغالب، أو يخاصمه مخاصم إلا فلجه وبلسه، وصار له الظهور والقهر، وأما المنتسبون إليه، فإنهم إذا قاموا به، واستناروا بنوره، واهتدوا بهديه، في مصالح دينهم ودنياهم، فكذلك لا يقوم لهم أحد، ولا بد أن يظهروا على أهل الأديان، وإذا ضيَّعوه واكتفَوا منه بمجرد الانتساب إليه، لم ينفعهم ذلك، وصار إهمالهم له سبب تسليط الأعداء عليهم، ويعرف هذا من استقرأ الأحوال ونظر في أول المسلمين وآخرهم». إنه كلام رائع يلامس اليوم ألم المسلمين في كل مكان، أليس هذا واقع المسلمين اليوم، هم يعلنون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحتفلون بذكرى مولده، ولكنهم لا يقومون بما تستوجبه عليهم تلك المحبة.
وأين المسلمون اليوم من قوله تعالى: ( وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ )؟!، ومن قوله: (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ) ( ٱلظَّٰلِمُونَ ) ( ٱلۡفَٰسِقُونَ )؟!. أليس في هذه الآيات أمر وجوب على المسلمين أن يحكموا بما أنزل الله؟!. فالآيات عامة، وعلى هذا قال ابن مسعود، والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين، واليهود، والكفار، فيكفر إن كان معتقدًا ذلك ومستحلًا له. فأما من فعل ذلك، وهو معتقد أنه مرتكب محرمًا، فهو من فسَّاق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له… أليس المسلمون واقعين جميعهم في هذا الإثم العظيم إلا من هداه الله للعمل بما يقيم دينه ويقيم الخلافة على منهاج النبوة، كما هو واجب اليوم على كل المسلمين.
وأين المسلمون اليوم من قول الله سبحانه: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ)؟!. ألا تدل الآية الكريمة على الاستخلاف والتمكين ونصر هذا الدين للذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين يعبدون الله ولا يشركون به شيئًا؟!.
وأين المسلمون اليوم من قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ)؟!. فهل يمكن أن يكون المسلمون اليوم شهداء على الناس إلا بدولة تحكم بالإسلام فتعدل به وتنشره بالجهاد فتفتح القلوب به، وينعم في رحابه كل رعايا الدولة الإسلامية من مسلمين وغير مسلمين على السواء؟!.
وهل ينتظر المسلمون فرجًا من ربهم، وتمامًا لدينهم بإقامة دولة إسلامية لهم من غير أن يمروا بما مرت به الأقوام الصالحة من قبلهم، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام، من حالة استضعاف وثبات على الدين ليأتي النصر من بعده، وبهذا يقول تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ). وروى الإمام البخاري والإمام أحمد في مسنده وغيرهما: عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»؟!. البخاري.
أيها المسلمون، أين أنتم من هذا وأمثاله عندما تحتفلون كل سنة بذكرى ولادة رسولكم الكريم؟!. فهل تعني ذكرى ولادته إلا مثل هذه المعاني المهملة والمنسية عندكم؟!. أنتم ترددون كثيرًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسوتكم وقدوتكم وإمامكم، وأنتم صادقون؛ ولكنكم لا تقومون بما هو مطلوب منكم شرعًا وبما أنتم مسؤولون عنه يوم القيامة. إنكم تعبدون الله على طريقتكم ولا تسعون السعي الذي أمر الله سبحانه وتعالى به؛ حيث قال تعالى في سورة الإسراء: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا١٨ وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا ١٩ كُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا ٢٠ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا ٢١)
أيها المسلمون، إن الشرع يوجب عليكم عندما تتلون كتاب الله وسنة رسوله أن تلزموا أنفسكم بما يلزمكم الله به فيما تقرؤونه، لا أن تقرؤوه كمن يقرأ قصة لتعلموا ما فيها فقط، بل اقرؤوا القرآن وكأنه نزل على كل واحد منكم، واقرؤوا السنَّة وكأن الرسول يخاطب كل واحد منكم، لا تأخذوا بعضًا منهما وتتركوا البعض الآخر، فإن في هذا إهمال لبعض شرائع الإسلام، فإن هذا الدين لا يحوطه إلا من أخذه من كل جوانبه، وإن هذا ما سعى الغرب إليه فجعلنا نأخذ من الدين العبادات والأخلاق وأحكام الزواج والطلاق والميراث… وأبعدنا عن إقامة حياتنا كلها على أساس الإسلام في الحكم والجهاد والمعاملات، وهذا لا يجوز طاعته به، بل يجب محاربته عليه.
أيها المسلمون، إنه حق الله عليكم تهملونه، وحق الرسول عليكم تقصرون به. أتعلمون إنه لو عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم ما تقومون به لتأسف على الحال الذي أنتم عليه، ولقال لكم: ألم أحذركم من هذه الحال وأقل لكم فيما أخرج أحمد والحاكم وابن ماجة عن العرباض ابن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فبمَ تعهد إلينا، فقال: «تركتكم على المحجةِ البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وإنه من يعشْ منكم بعدي فسيرى أختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيًا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد»… أي إنه مطواع ينقاد للشرع كالجمل الَّذِي جُعِلَ الزِّمَام فِي أَنْفه فَيَجُرّهُ مَنْ يَشَاء مِنْ صَغِير وَكَبِير إِلَى حَيْثُ يَشَاء، حَيْثُمَا قِيدَ أَيْ سِيقَ.
أيها المسلمون، كلكم مسؤولون أمام الله عن هذا التفريط، وأول المسؤولية تقع على العلماء الذين سيسألون من الله سؤالًا سيكون عليهم شديدًا: أين الميثاق الذي أخذ منكم أن تقولوا الحق لا تخافون في الله لومة لائم؟!. أين الدعوة والعمل لإقامة الدين؟!. لماذا لم تتقدموا صفوف الأمة في هذا، وبأي حق تكونون تبعًا لحكام علمانيين وعملاء يحكمون بغير ما أنزل الله؟!… ثم إن المسؤولية تقع عليكم، أيها المسلمون فردًا فردًا، بأن تدفعوا العلماء للوقوف في وجه الحكام والعمل لإقامة الدين.
أيها المسلمون، بينما أنتم تحتفلون فرحًا بهذه المناسبة والذكرى المتجددة كل عام، فإن رسولكم حزين عند احتفالكم بها؛ لأنكم فرطتم بأمر الله في إقامة دينه، ولم تكونوا على طريقته، وقد أحدثتم حدثًا كبيرًا لم يسمح لكم الشرع بتجاوزه أكثر من ثلاثة أيام فقط… فأعيدوا حساباتكم، إن شعوب العالم كله اليوم ينتظرون من ينقذهم، ولا خلاص لهم إلا بالإسلام، ولا وصول للإسلام إلى سدة الحكم إلا باتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في اتباع طريقته، وبهذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو قائد المسلمين والعالم، وهذا الذي يفرح الرسول منكم في هذه الذكرى. فما نفع الذكرى إن لم يكن هذا هو هدف إحيائها. قال تعالى: ( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ ) .
2019-11-10