السيسي حجر شطرنج أميركي في منطقة يعاد صياغتها
في العام الماضي، وفي 25/09/2018م تحديدًا، التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهنأه على «العمل الرائع في محاربة الإرهاب». وقال ترامب «أعلم أنك تعمل بجد على ذلك. إنه ليس بالأمر السهل. وأنت في الطليعة. لكنك قمت بعمل رائع، أُريد فقط أن أهنئكم وأقدم لكم جزيل الشكر». وفي المقابل أشاد السيسي بما سماه الدعم الكبير الذي تقدمه الإدارة الأميركية لحكومته ولا سيما على الصعيد الأمني.
وفي هذا العام، وفي 24/09/2019م، كذلك التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وعلَّق على المظاهرات التي اندلعت في مصر يوم الجمعة في 20/09/2019م، تطالب برحيل السيسي عن السلطة وتنذر بتجدد ثورة 2011م. قائلًا إن لدى مصر قائدًا رائعًا يحظى بالاحترام،. وتجاهل الرئيس الأميركي المخاوف بشأن الاحتجاجات ضد نظام السيسي، قائلًا إن «الجميع لديهم مظاهرات». ومن جهته قال الرئيس المصري إن الإسلام السياسي هو سبب الفوضى في المنطقة. وأضاف السيسي أن «الرأي العام في مصر لم يقبل بوجود جماعات الإسلام السياسي في الحكم، وستظل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار طالما يسعون إلى السلطة».
الوعي: هذه هي أميركا، مع ترامب أو مع سواه، زعيمة العالم الحر كما تدعي، تدعم حكام المسلمين السياسيين السفاحين أمثال السيسي وأسد، وتغطي على كل جرائمهم، ولا تعبأ بحقوق الإنسان طالما أنه مسلم، ولا بحريات الشعوب المسلمة في تقرير مصيرها، وتقف ضد إرادتها في التغيير، وهي التي تدعي الديمقراطية وحق الشعوب في اختيار حكامها… فهي تسكت عن التعديلات الدستورية التي أحدثها السيسي ليبقى في الحكم حتى 2034م، ومع هذا يقول ترامب عن السيسي إنه «رئيس عظيم»… وتسكت عن حملات القمع والبطش وسحق كل معارضيه، وفتح المعتقلات والسجون وتحويل جيل ثورة 2011م إلى جيل سجون ومعتقلات، ومع هذا يقول ترامب عن السيسي في اجتماع الدول السبع الكبار الذي عقد في فرنسا. إنه «ديكتاتوره المفضل»… وتطول قائمة الإعجاب والتغزل بينهما، وتطول معها مآسي المسلمين. إن السيسي ليس إلا حجر شطرنج أميركي في منطقة تعاد صياغتها.
هذا هو الغرب، وهذه هي حضارته، وهؤلاء هم حكامه، ولا يظننَّ ظانٌّ أن ترامب وأوباما وبوش… مختلفون، فبئس الغرب وحضارته وحكامه… إنها حضارة يجب أن تزول، والشعوب الغربية مقصرة في ذلك. والعالم ينتظر اليوم قيامة حضارة الإسلام التي على المسلمين واجب إقامة دولتها، ونشر سيادتها لإنقاذه، والله هو المستعان… هذا هو صعيد الصراع العالمي اليوم: صراع بين حضارة الغرب التي تقاوم حتى لا تزول، وحضارة الإسلام التي تتقدم بالرغم من كل محاولات منعها لتسود، وإلى غدٍ ناظرُه قريب، بمشيئة الله.