بسم الله الرحمن الرحيم
نداء لنصرة العمل لإقامة الخلافة الراشدة
رحمة لبيب – إندونيسا
إن الله أوجب على المسلمين العمل لإقامة الخلافة. وهذا الواجب قد بيّنه علماء السلف في كتبهم المعتبرة. فالإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن أكد أنه لا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم.
والله سبحانه وتعالى جعل دين الإسلام ديناً كاملاً شاملاً. وكثير من أحكام هذا الدين يتعذَّر تطبيقها من دون الخلافة. منها أحكام الحدود والجنايات والفتوحات واتحاد الأمة في دولة واحدة وإدارة الملكية العامة، وكذا الأحكام الشرعية المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتربية والاجتماع والسياسة الخارجية. فتلك الأحكام وأمثالها يتوقف تطبيقها على وجود الخلافة. فلا عجب أن تضيع تلك الأحكام وتهمل حين فقدان هذه الدولة. فمن كان حريصاً من المسلمين على امتثال أمر ربه في تطبيق شرعه لا يسلم أن تكون أحكام الله مهملة، ويأبى أن يطاله قوله تعالى: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ( الظَّالِمُونَ ) ( الْفَاسِقُونَ ) فلا خيار أمامه إلأ أن يعمل مع العاملين لإعادة وجودها.
تعالوا نرى موقف الصحابة رضوان الله عليهم حينما سمعوا خبر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم أول ما انشغلوا عقبه بنصب خليفة له في إمارة الدولة في سقيفة بني ساعدة. بل إنهم قدَّموا الانشغال به عن دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أننا كلنا نعلم أن دفن الميت فرض لا يؤجل. فهذا دل دلالة صريحة على أن نصب الخليفة من أهم الواجبات التي لابد من الإسراع بتحقيقه عند خلوِّه. فإذا كان الأمر كذلك، فلمَ يؤخِّر كثير من المسلمين العمل لأجله مع العاملين له؟!. فكم من الوقت يجوز للمسلمين أن يبقوا فيه من دون خلافة؟… فليعلم كل مسلم أن المدة هي فقط ثلاثة أيام بلياليها. وهذا التحديد يبنى على إجماع الصحابة. ففي سنة 1342هـ هدم الكفار المستعمرون الخلافة على يد اليهودي مصطفى كمال. معنى ذلك أن الأمة الإسلامية بقيت فاقدة للخلافة 93 سنة هجرية. ولذلك فإنه أصبح عليهم وجوباً قضاء فرض إقامة الخلافة بعدما فاتهم واجب الأداء. ولأجل ذلك فإن على المسلمين واجب رفع الإثم عنهم بالتلبس التام بالعمل لإقامة الخلافة حتى يرفع الإثم عنهم.
والجدير ذكره أن دولة الخلافة لا تقتصر في وظيفتها على تطبيق نظام الحكم فقط، وإنما تتعداه إلى وظائف كثيرة مهمة، فهى حارسة للعقيدة وناشرة لها، ومنفذة للشريعة ومقيمة للدين، وموحدة للمسلمين وحامية لبلادهم ودمائهم وأموالهم وأهدافهم، وحاملة للدعوة لغير المسلمين في العالم أجمع…
وحزب التحرير منذ وُجِد عمل وهو يعمل لأجل إقامة دولة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية تحت رعاية هذه الدولة. وهو إنما يسير في دعوته على المنهج الذي وضعه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعه كل الاتباع. حيث إنه صلى الله عليه وسلم قام بتثقيف حملة الدعوة وتكوين شخصيتهم، وقام بالتفاعل مع الأمة لإيجاد الرأي العام على الإسلام لديها والمنبثق عن الوعي العام حتى يحنُّوا إلى قيام دولة الإسلام وتطبيق أحكامه.
ولا ريب أن هذا العمل أجره عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ولمن أراد معرفة عظم الثواب لمن قام بالعمل الذي يؤدي إلى هداية الناس فلينظر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». فإذا كانت هداية الرجل الواحد لها مثل هذا الأجر، فما بالكم بالعمل لإقامة دولة الخلافة الذي يفتح الباب لدخول الناس في دين الله أفواجاً، فأَعظمْ به ثواباً!.
وإذا كان عظم أجر الجهاد عند الله لا يعدله قيام ولا صيام، فمن أعظم أجراً ممن قام بمحاسبة الحكام الظالمين، وهو من الأعمال السياسية، حيث ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن القيام به هو أعظم الجهاد، وإن قتل الذي قام به فهو سيد الشهداء وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الْجِهَادُ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»(رواه أحمد). وبقوله صلى الله عليه وسلم: «سيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» (الطَّبَرَانِيّ في الأوسط)
فاعلموا، أيها المسلمون، أن دولة الخلافة التي يسعى حزب التحرير لإقامتها هي التي ستقود الأمة إلى القضاء على كيان يهود وتحرير أرض فلسطين الطاهرة من رجسهم، وهي التي ستمنع النفوذ الأجنبي وستقضي على عملائه من حكام المسلمين الرويبضات، وهي التي ستفتح العالم لإدخاله بالإسلام ، أو حكمه بالإسلام.
والرسول صلى الله عليه وسلم في عمله لإقامة الدولة الإسلامية قام بدعوة رؤساء القبائل في مكة وما حولها حتى يقبل دعوته رؤساؤها بوصفهم أصحاب قوة ومنعة ونصرة حتى منَّ الله سبحانه وتعالى عليه وعلى المؤمنين معه باستجابة أنصار المدينة المنورة الذين سلموا أمرهم وسلطانهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقيمت الدولة الأولى في المدينة… فهذا هو منهجه صلى الله عليه وسلم وطريقته للوصول إلى الحكم عن طريق طلب النصرة من قبل أهل القوة. وهذه هي الطريقة التي تبنَّاها حزب التحرير للوصول إلى الحكم؛ لذلك فإنا نوجه دعوتنا ونداءنا الحارَّ لأهل القوة مستصرخين إياهم: يا قواد الجنود والضباط العسكريين، أنتم أهل قوة تجعلكم أهلاً لأن تطلب النصرة منكم، فكونوا أنصار الله ودينه في القرن الخامس عشر من الهجرة لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية كما كان الأنصار زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، خذوا الحكم والسلطان من حكام الخيانة والعمالة وضعوه في يد حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ فهو الحزب الذي أعد نفسه لهذا الفرض العظيم.
يا إخوة الإيمان من أهل القوة، أما ترغبون في أن تنالوا الشرف والمجد كما نالها سعد بن معاذ الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه عند وفاته: «اِهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» (رواه البخاري). وذلك رضى ً من الله عليه.
وأخيراً، نرجو أن يكون نداؤنا الحار هذا ينهض بوعي الأمة ويدفعهم لأن يستعيدوا مجدهم وشرفهم. ويعقدوا نيتهم، ويحددوا هدفهم، لأن يعملوا مع حزب التحرير لإقامة الخلافة. ونحن نرى أن هذا العمل يتحسن من يوم إلى يوم تحسناً ملحوظاً، وتزداد قوته ازدياداً هائلاً، ويظهر نجاحه ظهوراً واضحاً.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لنا نصرة كما هيأها لمصعب بن عمير رضي الله عنه، وأن ييسر لنا إقامة الخلافة الراشدة الثانية…آمين إنه سميع مجيب.