عبد الرحمن عادلوف، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قيرغيزستان:
2014/01/29م
المقالات
1,779 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
عبد الرحمن عادلوف، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قيرغيزستان:
القاعدة العسكرية في قيرغيزستان: أميركا تريد أن تخرج منها لتبقى فيها
أميركا التي بدأت حرب الاستعمار في أفغانستان تحت اسم “حرية لا تقهر” بنت في سنة 2001م في مطار ماناس في عاصمة قيرغيزستان القاعدة الحربية غانسي لإمداد قوى التحالف. هذا المطار يبعد عن عاصمة قيرغيزستان مسافة 23 كم ويقع في غرب شمال العاصمة. وحسب الأخبار الرسمية يخدم في هذه القاعدة نحو 1500 جندي أميركي وغيرهم.
أما روسيا التي ترى نفسها وارثة الاتحاد السوفياتي السابق وتنظر إلى دول آسيا الوسطى كمزرعتها الخاصة تعتبر وجود منافستها القديمة -أي أميركا- في قيرغيزستان غير مقبول. والمهم عند روسيا أن تحافظ على نفوذها في هذه المنطقة. لذلك بدأت تضغط على قيرغيزستان ضغطاً شديداً، واستطاعت أن تعقد مع قيرغيزستان الاتفاق الذي يقضي ببناء مطار حربي في مدينة قانت في إطار حلف منظمة تحالف الأمن الجماعي. هذه المدينة تقع في شرق عاصمة بشكيك وتبعد عن العاصمة مسافة 20 كم. في هذا المطار الحربي تم نشر قاعدة الطيارات رقم 999 الروسية. ويخدم في هذا المطار لروسيا نحو 250 ضابط و150 جندي. في عام 2009م تم التمديد لهذا الاتفاق لمدة 49 عاماً، وقد يمد هذا الاتفاق فيما بعد لمدة 25 عاماً أخرى.
الرئيس الأول لقيرغيزستان أسقار أكاييف تم إسقاطه من قبل روسيا بسبب سماحه للولايات المتحدة ببناء قاعدة حربية لها في قيرغيزستان، ومع ذلك هو يعيش الآن في موسكو التي وجد فيها ملجأه السياسي -وقد قال لمجلة روسكي ريبورتير بأن طرده لم يكن من قبل شعب قيرغيزستان، بل الأميركيون هم الذين طردوه. وقال: “الشعب لم يطردني، فالدولة آنذاك كانت تقوم بعملية تنمية ناجحة من أجله. بل الأميركيون هم الذين نظموا الثورة البرتقالية ضدي، ولم يخفوا أعمالهم هذه عني.” وحسب رأيه أن أميركا كانت له بالمرصاد. وأضاف: “كان هدف أميركا أن تبقى في قاعدة ماناس المدة التي تشاؤها، ونحن كنا نطلب عاماً واحداً فقط، وهو الوقت الذي تم تقريره للحرب على الإرهاب الدولي في أفغانستان. وبعد أن أدركتُ بأن أميركا لن تخرج من قاعدة ماناس بسهولة، عرضتُ على روسيا بناء قاعدة خاصة لها في قانت. ونتيجة لذلك قاطعني سفير أميركا أصبح لا يتحدث معي عاماً كاملاً. وبعد عام اقترحت أميركا نشر أواكس (طائرات للتجسس تلتقط موجات لاسلكية من مسافة بعيدة) بجانب قاعدة حربية لروسيا. وأنا رفضت هذا الاقتراح فوراً، فصار الأميركيون يهددوني ويخوفوني. وهكذا تحولت إلى ديكتاتور بسبب رفضي اقتراحهم هذا.”
وبعد تنحية أكاييف من الحكم جاء إلى الرئاسة قورمانبيك باكييف بمساعدة وتأييد روسيا. وهو أيضاً حاول إخراج قاعدة الولايات المتحدة من قيرغيزستان إرضاء لروسيا. إلا أن أميركا راحت تضغط على باكييف ما اضطره في عام 2009م إلى تحويل القاعدة العسكرية الأميركية إلى مركز مروري لنقل العتاد والمؤن بدل إخراجها. وهو قام بهذا لإرضاء الجانبين. ولكن تصرف باكييف هذا لم يرُق لروسيا، وبالنتيجة تم إسقاطه في 4/7/2010م.
واليوم الرئيس الحالي لقيرغيسنان أتامباييف أيضاً وقع في وضع زميليه السابقين. فمن جانب هو يقول، إرضاء لروسيا: في نهاية تموز/يوليو عام 2014م، لن يكون هنا أي مجال لتمديد المدة للقاعدة العسكرية مع الولايات المتحدة، ومن جانب آخر هو يحاول إرضاء أميركا من خلال تحسين العلاقات مع تركيا.
إعلام البنتاغون نشر خبراً مفاده أن الولايات المتحدة قد بدَأت عمليات الانتقال من المركز المروري للحمل في المطار الدولي ماناس. وحسب قول الناطق الرسمي للبنتاغون كيتي أويلكينسان “من الآن فصاعداً يتم إمداد العمليات الحربية في أفغانستان من خلال المطار في مدينة كانستانتسا في رومانيا الذي يحمل اسم ميخائل كوغيلنيجان.”
إنه وإن كانت حكومة قيرغيزستان قد حذرت الولايات المتحدة رسمياً بخروجها من قاعدة ماناس، ومسؤولو الولايات المتحدة يصرحون أيضاً بهذا الخصوص، إلا أنه بدئ بأعمال بناء لإحاطة سفارة الولايات المتحدة في بشكيك بجدار مرتفع. وحسب بعض المصادر في واشنطن تم تخصيص مبلغ 140 مليون دولار لبناء مبنى جديد من خمس طوابق قرب السفارة لإسكان موظفيها فيه من أجل حمايتهم، وكذلك تم نقل رادارها المركزي في مجال الاستخبارات إلى هذا البناء الذي صار من المتوقع بدء أعماله.
ولكن أعمال أتامباييف هذه لا تروق لروسيا بالطبع؛ لذلك اضطر إلى الانضمام للحلف الجمركي الذي عقد بمبادرة روسية والذي لا يجلب لقيرغيزستان أي فائدة.
هل يستطيع أتامباييف إرضاء الجانبين حتى يمكنه الاطمئنان على حكمه من تهديد قوى المعارضة له، والتي قد تشعل ثورتها عليه في الربيع المقبل.q
2014-01-29