يا أُمّـةَ الإسْـلامِ: فِلَسـطينُ والأقصـى يَسْـتصْـرِخان، فهـلْ مـن مُجـيب ؟!
2000/11/01م
المقالات
2,080 زيارة
إنه لممّا يحز في النفس أن نتداعى للكتابة وللخطابة نتسابق من خلالها لبث الحزن والأسى وإظهار العطف والشفقة على إخواننا المسلمين في الأرض المباركة. ونتسابق كذلك للشجب والاستنكار ولعن يهود المجرمين الذين يسفكون دماء المسلمين. إنه لمن المحزن أن نتداعى للكتابة وكلنا يعلم أن كل أساليب الفصاحة والبيان لن تعيد العزة للمسلمين في الأرض المباركة؛ ولن تحررها؛ ولن ترهب يهود…
لقد كان الواجب يقتضي منا أن نتداعى في مثل هذا الوضع للالتحاق بالجيش الزاحف لفلسطين لقتال يهود والقضاء عليهم واستئصالهم من جذورهم بضربات تنسيهم وساوس الشيطان، حتى يعلم العالم أجمع أن وراء مسلمي فلسطين ووراء المسجد الأقصى أُمة قوية عزيزة ترد كيد المعتدين وتزلزل أركانهم وتشرد بهم من خلفهم.
إن ما يقترفه اليهود في الوقت الحالي من مجازر تجاه إخواننا المسلمين في فلسطين، ما كان لهم أن يفعلوها لو كانوا يعلمون أن حاكماً واحداً في بلاد المسلمين يتصدى لهم ويلحق بهم الأذى؛ كما ألحقوا ويلحقون بإخواننا المسلمين في الأرض المباركة. لو كان يهود يعلمون ذلك لما صنعوا ما صنعوا!!
ولكن كيف وقد عطل الجهاد بل وقرر الحكام في بلاد المسلمين إلغاءه في أحد مؤتمراتهم الخيانية دون أن يستحيوا من رب العزة جل جلاله ودون أن يستحيوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فتجرأ يهود وزادوا في القتل والتعذيب والتشريد وتهشيم وتكسير العظام وقتل الأطفال العزل بدم بارد. دون أن يحسبوا حساباً لأحد ولا يقيموا وزناً ولا يتوقعوا عقاباً.
ولا أدل على ذلك من أن زيارة الكافر شارون إلى المسجد الأقصى تمت ووفود المفاوضات السلمية الخيانية تجتمع بين الطرفين (يهود ـ السلطة الفلسطينية المتآمرة) وجهاً لوجه، وهم يتبادلون ويتجاذبون أطراف الحديث. وذلك لأن يهود لا يحسبون لهم حساباً ولا يقيمون لهم وزناً.
إن اليهود يدركون الوقائع المؤلمة في هذه المنطقة، ولذلك لا يستغرب وَصفُ حكام يهود احتجاجات وشجب واستنكار حكام البلاد الإسلامية بأنها زوبعة أو غبار لا تلبث أن تزول.
إن قضية فلسطين بعامة وقضية المجازر التي ترتكب حالياً والمسجد الأقصى بخاصة لا تحل بالتوسل لأميركا والأمم المتحدة ومجلس الأمن لإيجاد ضغط على يهود لتسوية القضية. وليس في تقديم التماس من الحكام إلى يهود علهم يعودون عن جرائمهم ومجازرهم وقراراتهم.
إن حل القضية الفلسطينية والمجازر الحالية ومسألة بيت المقدس وعلى رأسها المسجد الأقصى، لا تحل في تعليق المفاوضات السلمية الخيانية لحفظ ماء الوجه!! ـ كما فعلوا ـ ثم يعودون إلى ما بدأوا بعد زوال العاصفة وهدوئها. وليست في تصعيد وتأزيم المواجهات لجمع مسؤولين كبار من السلطة المتآمرة مع مسؤولين كبار من يهود لحل القضية.
قضية فلسطين والمجازر الحالية ومسألة بيت المقدس أبعد من ذلك…، الموضوع أن يهود أعداء الله ورسوله احتلوا بلداً من بلاد المسلمين ثم ارتكبوا المجازر وشردوا أهله مراتٍ ومرات، وهم لا يزالون يشردون ويقتلون ما داموا موجودين ككيان، إنهم أُس الداء وسبب البلاء ما لم يقضَ عليهم ككيان، فالمجازر ستستمر والقتل والتهجير والاعتقال وتهويد بيت المقدس سيستمر.
العلاج هو أن يُقضى على كيان يهود؛ وغير ذلك ليس علاجاً؛ بل هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين… إن رصاصة واحدة تطلق على يهود تبعث الدفء إلى أجساد المصابين وأهالي الشهداء أكثر من الدفء الذي تبعثه نارٌ تؤجج أمامهم. وإن جيشاً يزحف لتحرير واسترجاع متر واحد من الأرض المباركة التي يحتلها يهود يشفي قلوبهم أكثر مما تشفيه أدوية الحكام ـ المتآمرين على المسلمين ـ والمنظمات الدولية. وإن صيحة تنطقُ الله أكبر ممزوجة بقذيفة مدفع أو صاروخ تُطلق على مواقع العدو تُحيي قلوبهم أكثر آلافاً وآلافاً مما تحييه حناجر المذيعين والخطباء والمنشدين والكتاب.
إن قضية المجازر الحالية والمسجد الأقصى تبدأ وتنتهي حيث تبدأ وتنتهي قضية فلسطين… بدأت منذ اللحظة الأولى التي صفع الخليفة عبد الحميد الثاني هرتسل في محاولته لإيجاد موطئ قدم ليهود في فلسطين، وأجابه المقولة المشهورة: «إن فلسطين ليست ملك يميني بل ملك الأمة الإسلامية، وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية، من الممكن أن تقطع أجسادنا ميتة، وليس من الممكن أن تشرح ونحن على قيد الحياة».
إن الذين يفرقون بين حيفا والخليل وبين يافا ونابلس وبين اللد وجنين وبين ما احتل في عام 1948م وما احتل عام 1967م،
والذين يعطلون شرع الله ويعطلون الجهاد ـ ذروة سنام الإسلام ـ ،
والذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه فبدل قوله تعالى: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) يقولون: «فاوضوهم وساوموهم وسالموهم». وبدل قوله تعالى: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) يقولون: «تنازلوا عن كل كل الأرض مقابل أن ينسحبوا من بعض بعض الأرض».
والذين بدل أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة يناجي ربه ويطلب العون منه ويجاهد عدوه حتى ينتصر عليه دون أن تلين له قناة أو تضعف له عزيمة، بدلاً من ذلك إذا حزبَهُم أمر فزعوا إلى أميركا والأمم المتحدة لعلها تجد لهم حلا، وهم يعلمون ويدركون أن الذي أنشأ دولة يهود في فلسطين هم أولئك، وهم الذين ما زالوا يمدونها بالمال والسلاح والرجال.
كل هؤلاء في وادٍ ومسلمو فلسطين في واد آخرٍ، حتى وإن ملأوا الدنيا ضجيجاً، وإن بحت أصواتهم شجباً واستنكاراً، وإن ذرفوا الدموع الغزيرة عليهم، وإن زعموا وأقسموا أنهم من بني جلدتهم.
قد يقول قائل إننا لا نستطيع قتال يهود، فلا أقل من أن نستغل الرأي العام العالمي والقرارات الدولية علها توجد حلاً للقضية.
والجواب إن في هذا بعداً عن الحقيقة وأي بعد، فنحن قادرون على قتال يهود إن عَزَمَ حكام البلاد الإسلامية. نحن أمة مجاهدة غُرس الجهاد في أعماق أعماقها. أما الرأي العام العالمي فلا يقيم وزناً لضعيف ولا ينصر مضيعاً لحق، وأما القرارات الدولية فحيث كانت فيها مصلحة ليهود طبقت، وحيث لم تكن ضربت عرض الحائط، والشواهد على ذلك كثيرة مستفيضة وهي ماثلة للعيان.
لقد برح الخفاء وكشف الغطاء والأمر جد لا هزل والقضية تحتاج عزماً وحزماً والأفعال تصدق وتكذب الأقوال، وأنا أقول:
إلى الدول العربية والسلطة الفلسطينية أقول:
إن من أحب مسلمي فلسطين وأحب نصرتهم قطع وألغى مهزلة المفاوضات دون عودة أو رجعة وكَفَّرَ عن سوء ما صنع بالاستئناف الخالص الصادق لحالة الحرب الفعلية مع يهود ولا ينفع غير ذلك.
وإلى الأمة الإسلامية التي أنا منها أقول:
لم يبقَ عذرٌ لمعتذر ولا حجة لمحتج فإن المصيبة قد عمت والذل قد استفحل ويهود يجسون نبض الأمة بمجازرهم المتتالية المتعمدة، فإن صمتت عن فعلتهم سارعوا إلى ما هو أعظم وأعظم. هذا كان شأنهم منذ أول خطوة بدأوها في فلسطين ثم أصبحت الخطوة خطوات ثم كانت دولة وعلى الأمة أن تبادر لتدارك ما فات قبل فوات الأوان فتحقق عزتها وترد كرامتها بإعادة حكم الله إلى الوجود وتحرك الجيوش عبر الحدود والوقوف وقفة صلبة أمام كل حاكم يعارض ذلك، وإلا فسيكون لسان حالها يقول: «أُنج سعد فقد هلك سعيد».
وإلى كل من أطلق طلقة أو ألقى حجراً على المجرمين اليهود أقول:
إحرصوا على الأجر الذي حصلتم عليه بما صنعتم ولا يخدعنكم كلام معسول ممن رضي أن يفاوض عدوه ويتنازل له عن معظم أرضه وباع دينه بعرض من الدنيا قليل.
وإلى جَرحانا وأهالي شهدائنا أقول:
إنكم لستم أول من جرح وقتل في سبيل الله فقد سبقكم بذلك آلاف مؤلفة من المسلمين الأبرار وعلى رأسهم صحابة رسول الله ومسلمو الشام وبيت المقدس إبان الحروب الصليبية، ولكن كل أولئك عادوا إلى البلد الحرام وعادوا إلى فلسطين والأقصى مقاتلين في سبيل الله محطمين أعداء الله فاتحين.
وتلك سنة تحتذى وطريقة تتبع، فليس غير القتال في سبيل الله طريقاً للمسلمين للعودة إلى فلسطين، وليلقوا من وراء ظهورهم هزال المفاوضين وكيد المنظمات الدولية الحاقدة على الإسلام والمسلمين وفساد القرارات الدولية وإفسادها، وليكفوا عن مخاطبة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية. فليس ذلك يسمن أو يغني من جوع.
واعلموا أن لكم إخوة في بلاد المسلمين ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم لن يهدأ لهم بال حتى يتحقق زحف جيش المسلمين إلى فلسطين والأقصى مكبرين مهللين.
لو كان للمسلمين خليفة يجمعهم لما جَرُؤت دولة على إهانة مسلمٍ وإن كان في أراضيها ناهيك عن قتله بدم بارد.
ولما جرؤ كائن من كان يزعم أنه ينتسب إلى هذه الأمة الكريمة أن يستنكر قتل يهودي محارب وهو يعلم أننا في حالة حرب فعلية مع يهود؛ وأن دماءهم وأموالهم هدر، وأنهم صنعوا في فلسطين وفي لبنان وما زالوا من المجازر تفوق حتى طبائع المجرمين.
إن قضايا الأمة العظام تستأهل كلمة حق وقول حق وفعل حق يدوي في الأرض عله يصعق خائناً أو يوقظ نائماً أو يعيد العقل لمضبوع
رامي بن عبد الله
2000-11-01