مع القرآن الكريم
1990/12/08م
المقالات
1,909 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ).
ما أشبه اليوم بالبارحة. بالأمس جاء أبرهة الأشرم من اليمن ليهدم البيت الحرام. واليوم جاء بوش من أميركا ليسيطر على كل البلاد حول بيت الله الحرام.
بالأمس كان الحافز عند أبرهة حافزاً مادياً ليصرف الناس عن الحج إلى بيت الله الحرام وليتحولوا للحج إلى الكنيسة التي بناها في صنعاء، وبذلك يكسب الجاه ويكسب أموال الحجاج.
واليوم فإن الحافز عند بوش هو السيطرة على النفظ في البلاد المحيطة بالبيت الحرام.
بالأمس تجمعت الجيوش وزحفت وأحاكت بمكة المكرمة تتقدمها الأفيال.
واليوم تجمعت الجيوش وزحفت وملأت الأرض من حول مكة في الحزيرة والخليج تتقدمها (ألواكس) والحاملات والدبابات وأقمار التجسس.
فهل يكون الفصل الأخير في رواية اليوم كما كان الفصل الأخير في رواية الأمس؟ وهل يهيء الله هلاكاً لأصحاب (الأواكس) وأقمار التجسس وحاملات الطائرات كما هيَّأَ هلاكاً لأصحاب الفيل؟ هذا رجاؤنا من الله، وما ذلك على الله بعزيز.
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره: (هذه من لانعم التي امتنّ الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود فأبادهم الله وأرغم أنافهم وخيّب سعيهم وأضلّ عملهم وردهم بشر خيبة، وكانوا قوماً نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالاً مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان… لسان حال القدر يقول: لم ننصركم يا معشر قريش على الحبشة لخيريتكم عليهم ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء).
أبرهة كان حاكماً لليمن وكان تابعاً للنجاشي ملك الحبشة وكانوا نصارى. وأرسل أبرهة يخبر النجاشي أنه سبني كنيسة بأرض اليمن لم يسبق لها مثيل. وقد بناها في صنعاء هائلة رفيعة البناء عالية الفناء مزخرفة الأرجاء. وعزم أربهة على أن يصرف حج العرب إليها. ولم يستجب له العرب ولم يتحولوا عن الكعبة. فأقسم أبرهة ليسيرن إلى مكة وليخربنّه حجراً حجراً. وسار بجيش كثيف عرمرم ومعه الأفيال. وبينها فيل عظيم كبير الجثة لم يُرَ مثله يقال له (محمود). فكان اسمهم ]بِأَصْحَابِ الْفِيلِ[. ولما اقترب من الطائف خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم الذي عندهم الذي يسمونه اللات، وبعثوا معه أبا رُغال دليلاً.
وخرج أهل مكة منها إلى الجبال ورتب أبرهة أموره لدخول مكة (بعد استسلام أهلها وخروجهم منها) وهدم الكعبة. وكانوا كلما وجهوا الفيل (محمود) نحو الكعبة يأبى ويبرك في الأرض، فإذا وجهوه وجهة أخرى نهض وسار.
وفي هذه الأثناء أرسل الله ]طَيْرًا أَبَابِيلَ[ أي جماعات جماعات، ولاحقت جنود أبرهة ]تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ[ والسجيل هو الشديد الصلب كم نقله ابن كثير. ]فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ[ العصف هو ورق الزرع الذي لم يقضب واحدته عصفة. قال ابن كثير: (ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة بل منهم من هلك سريعاً ومنهم من جعل يتساقط عضواً عضواً وهم هاربون وكان أبرهة ممن تساقط عضواً عضواً حتى مات ببلاد خثعم) وقال ابن إسحاق: (فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر).
وأنزل الله سورة قريش تكملة لسورة الفيل يمنّ الله فيها على قريش ويأمرهم بقوله: ]فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ[.
وتأتي الآن أميركا ودول الغرب لتجيعهم بعد اطعام الله (بأخذ بترولهم وثروتهم) وتبدل أمنهم خوفاً، فهل يتعظون ويتقن رب البيت؟□
1990-12-08