السؤال 1:
مدقق الحسابات يقوم بتدقيق حسابات منها ما هو ربوي. فهل يجوز له ذلك؟
الجواب 1:
الربا حرام وهو من الكبائر. وقد تجرأ الناس على دين الله وصاروا يأكلون الربا، وتجرأ (العلماء!) على دين الله وصاروا يفتون بالتعامل بالربا، تأثراً بالثقافة الغربية ومسايرة للأنظمة القائمة والحكام. ولا يقيمون وزناً للقرآن الكريم ولا لسنة المصطفى r الذي قال: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستٍ وثلاثين زنية».
أما مدقق الحسابات فلننظر هل هو داخل في عملية الربا؟ ثبت في الصحيح «عن ابن مسعود: أن النبي r لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه». يدخل في عملية الربا أربعة أطراف: آخذ الربا، معطي الربا، كاتب الربا، شاهد الربا. مدقق الحسابات الربوية إذا كان مطلوباً منه أن يضع توقيعه يعتبر من جملة الشهود. هناك قوانين تلزم بعض المؤسسات من بنوك أو شركات أو غيرها، تلزمهم بإجراء تدقيق الحسابات عند مدقق معروف. فإذا حصلت مشاكل فإن المدقق يُستدعى إلى التحقيق أو المحاكمة للإدلاء بشهادته، أو يعتبرون وجود توقيعه بمثابة شهادة. فالتدقيق الذي تترتب عليه مسؤولية وتنبني عليه الثقة هو شهادة. ولذلك فإن ما نفهمه هو أن عمل تدقيق الحسابات الربوية حرام.
السؤال 2:
في العدد رقم (44) من مجلة «الوعي» في باب سؤال وجواب قلتم في الإجابة:
أ- له أن يحصل دينه بطريقة غير مشروعة… ولكن ليس بطريقة الرشوة.
ب- اعتبرتم أن حديث الحجاج بن علاط السلمي يوم فتح خيبر حالة رابعة مخصصة من حكم الكذب. والسؤال هو: كيف تقولون بطريقة غير مشروعة؟ وعلى أي أساس استثنيتم الرشوة؟ وحديث الحجاج جاء في كتاب الشخصية ج2/ ص 175 أنه كذب في الحرب.
الجواب 2:
بعض هذه الملاحظات جاء من عمّان وبعضها من الجزائر وبعضها من دمشق وبعضها من بيروت وبعضها من الضفة الغربية.
إن سياق الإجابة تكل يفيد بدون أي لبس أن المقصود بـ (طريقة غير مشروعة) أي غير مشروعة كعزيمة ولكنها تصبح مشروعة في هذه الحالة كرخصة فإذا قلنا: (أكل الميتة غير مشروع، وقد يلجأ إليه المضطر للإبقاء على حياته) يكون مفهوماً أن لجزء المضطر هذا عمل مشروع، ويكون مفهوماً أنه صار مشروعاً بسبب الرخصة. السياق والقرائن تدل على هذا، وأكثر الذين وجهوا السؤال فهموا المقصود ولكنهم، من حرصهم على المجلة، أحبوا أن تكون العبارات فيها أكثر دقة كي لا يستغلها المستغلون. ونحن نقول: نعم كان الأولى أن نقول: (أن يحصّل دَيْنه بطريقة استعمال الرخصة الشرعية) بدل القول: (أن يحصل دينه بطريقة غير مشروعة) وأن نقول (اللجوء إلى الرخصة الشرعية من أجل تحصيل الحق الذي يتعذر تحصيله بالعزيمة) بدل القول (اللجوء إلى طريق غير مشروع من أجل تحسين الحق الذي يتعذر تحصيله بالطريق المشروع).
أما استثناء الرشوة فإن الراجح عندنا أنه لا يجوز استخدامها لتحصيل الحقوق لأن النص يحرمها حتى في هذه الحالة التي هي حالة ضياع الحقوق. بعض العلماء قسم الرشوة قسمين: رشوة يدفعها الراشي لأكل حق غيره ورشوة يدفعها لتحصيل حقه. أما التي هي لأكل حق عير فهي حرام بلا خلاف، وأما التي هي لتحصيل حقه فقال بأنها تصبح مشروعة أي مرخص بها (وينسبون هذا الرأي إلى السادة الشافعية). وأما جمهور الأئمة فهو يعتبر الرشوة كلها حراماً فالرسول r يقول: «الراشي والمرتشي والرائش بينهما في النار» وهذا الحديث ينطبق في رأيهم على الذي يرشي ليحصل حقه، لأن الذي يأكل حق غيره هو في النار سواء أعطى رشوة أو لم يُعطِ.
ونحن ذكرنا الرشوة لأن غالبية الناس تلجأ إليها وقد استمرأوها حتى فسدت أخلاق أكثر الذين بيدهم حقوق الناس ومصالحهم، فقد تعود الموظف أو المسؤول أن لا يؤدي واجباته التي يقبض مرتباتٍ عليها دون أن يدفع له أصحاب الحقوق والمصالح إكراميات (أي رشوة). بل صار المسؤولون يعرقلون الأمور حتى تدفع لهم الرشوة. فإعطاء الرشوة يؤدي إلى إفساد الضمائر وإلحاق الأذى بالناس.
وهذا لا يعني أن الرشوة وحدها هي التي لا يجوز اللجوء إليها لتحصيل الحقوق بل كل ما حرمه الله لا يجوز اللجوء إليه لتحصيل الحقوق إلا إذا وردت رخصة شرعية في ذلك.
أما الكذب في حالة الحرب فإنه يشترط أن تكون حرباً فعلية وليس حكمية فقط، وأن يكون الكذب من النوع الذي يُخدَع به العدو في شأن من شؤون المعركة.
نعم يقول في كتاب الشخصية أن السُلَمي كذب على قريش لأن المسلمين كانوا في حالة حرب مع قريش، وهذه المسألة بحاجة إلى مراجعة وتدقيق فإما أن نصحح ما ذكرناه في المجلة وإما أن نصحح ما هو موجود في كتاب الشخصية. ولا نريد أن نبت المسألة الآن بل نلقي ضوءاً عليها من أجل المراجعة فقط.
قريش كانت في حالة صلح أو عهد أو هدنة مع المسلمين هو صلح الحديبية الذي كان تم عقده قبل شهرين، فكانت المعاهدة في ذي القعدة سنة ستٍ للهجرة وعزوة خيبر كانت في محرم سنة سبع. وكانت المعاهدة لمدة عشر سنوات. فلم يكن المسلمون في حرب فعلية مع قريش حسب الظاهر. والقول الذي قاله السُلَمي لقريش كان يخدعهم فيه لجمع ماله وليس لخداعهم في شأن المعركة إذ لم تكن هناك معركة في مدى منظور. ولم يكن الرسول r هو الذي أرسله إلى قريش بل هو استأذن الرسول لجمع ماله فأذن له. ومن هنا قلنا في المجلة بأن هذه حالة رابعة مستثناة من حكم الكذب بالإضافة إلى حالات: الحرب خدعة والكذب للصلح بين اثنين وكذب الرجل على زوجته ليرضيها وكذبها عليه لإرضائه.
وإلى أن تتم مراجعة المسألة مع أهل العلم إن شاء الله¨