في 22/01/91 نشر البابا (الفاتيكان) منشوراً كنسياً، وقد نقلته الصحف. وتنقل «الوعي» ترجمة المقال عن هذا المنشور كتبته صحيفة «نيويورك تايمز الدولية» في 23/01/91. وقد ذكر أصحاب المنشور الذي يقع في 153 صفحة بأن إعداده استغرق خمس سنوات، وكتابته استغرقت سنتين. وقد أضاف مترجم المقال تعليقاً عليه.
البابا يوحنا بولس الثاني، في منشور بابوي عام، وجه نداءً صَارخاً لكل الكاثوليكيين في العالم اليوم لينطلقوا فينشروا النصرانية، مشدداً على الحاجة للتنصير في كل أنحاء العالم بما فيه المناطق التي يحرم فيها القانون الإسلامي التحول من الإسلام على أي دين آخر. وحثّ البابا البلاد الإسلامية على رفع القوانين التي تحرم عمليات التنصير ووجود حملاتها والقوانين التي تحرم انتقال المسلمين على دين غير الإسلام، بدون أن يحدد هذه البلاد مباشرة ولكنه حددها عملياً بالشرق الأوسط وبلدان أفريقيا وآسيا التي تمنع دخول الإرساليات. وقال محذراً: «افتحوا الأبواب للمسيح»!
هذه الوثيقة هي الأولى منذ العام 1959 التي كُرّست بكاملها للبحث في نشاطات الإرساليات والتي تطلب بقوة أن يكون نشر النصرانية واحداً من أهم أعمال ومهمات الكاثوليكيين. في الولايات المتحدة الأميركية من المرجح أن يقوي صدور هذا البيان البابوي الدعم المادي لجهود الإرساليات فيما وراء البحار (خارج أميركا)، وأن يدفع بعلماء اللاهوت الداخليين في حوار مع أديان أخرى ليصبحوا أكثر حذراً في خطاباتهم المقبلة.
هذا المنشور البابوي المعنون «التفويض الإرسالي الكنسي» هو المنشور البابوي الثامن الذي يصدره يوحنا بولس الثاني، وكلمة «منشور بابوي» تعبر عن الأهمية التي يوليها البابا لموضوع المنشور كما تعبر بصورة رسمية عن التعاليم الباباوية وتعتبر كرسالة ذات سلطة قدسية لكل الكاثوليك في العالم.
في مقدمة المنشور يقول البابا أن الوثيقة يقصد فيها المساعدة للتغلب عن الاتجاهات السلبية في الكنيسة حيث أن الصعوبات الداخلية والخارجية قد أضعفت الهمة والموجة الإرسالية تجاه غير النصارى. وقال أيضاً: أن عدد الناس الذين لا يعرفون المسيح قد تضاعفت في السنوات الـ 25 الماضية وهو في تزايد مستمر.
في الفاتيكان صرح مُساعدون باباويون أن البابا كان في المقام الأول يرد على النمو والانتشار السريع للإسلام والذي أقصى المسيحية في مناطق نفوذها التاريخية في الشرق الأوسط وأفريقيا والذي يبني له رؤوس حربة في جنوب أوروبا عن طريق الهجرات الضخمة. وقد ركز يوحنا بولس على علاقات الكنسية مع الأديان والفلسفات الأخرى، وقد انتقد بحدة دعاة الكنيسة وعلماء واللاهوت الذين، في نظره، ذهبوا بعيداً في تعاطفهم مع الأديان الأخرى ولم يبذلوا غاية جهدهم في تحويل الناس إلى النصرانية. وهذا التراخي أدى إلى انتشار اللامبالاة بين النصارى وكان على حد قول البابا من أهم الأسباب وراء غياب الاهتمام بالعمل الإرسالي. وصرح قائلاً: «أن هذا النوع من التفكير قد اعتمد على فهم لاهوتي مغلوط وأنه يتميز بنسبية دينية توصل إلى الإيمان بأن كل الأديان جيدة أو متساوية».
كما شجع الإرساليات والجمعيات المسيحية في حوارهم واحترامهم للبوذية والهندوسية والإسلام، ولكنه صرح بأن هذا لا ينقص من واجبهم بالإعلان عن تعاليم عيسى المسيح أو يلغي الدعوة للنصرانية والتعميد اللتين أرادهما الله لكل الناس. ذاكراً مقتطفات من رسالة سابقة قد أرسلها البابا إلى قساوسة آسيا، فإنه (أي البابا) لم يذكر اليهود بشيء.
وصرح بأن الصعوبات خارج الكنيسة كثيرة، فإن بعض الدول ترفض دخول الإرساليات وبعض الدول الأخرى لا تحرم التنصير فحسب بل تحرم التحول إلى النصرانية وتحرم ممارسة العبادات النصرانية، مخاطباً هؤلاء الذين، لعدة أسباب، يعارضون النشاط الإرسال التبشيري، فإنه قال معلناً: «إن الكنيسة تعيد وتكرر فتقول لكم: افتحوا الأبواب للمسيح».
وفي مؤتمر صحافي قال الراهب مارسيللوا زاغو، أحد أعوان البابا المهمين: «أن البابا قصد بخطابه معظم دول أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط حيث يسمح للنصارى أن يتعبدوا سراً ولكنه مخالف للقانون أن يغير المسلم دينه إلى النصرانية». وقال مساعدون بابابوين بأن الدعوة الإسلامية سمحت للإسلام أن يتوسع بشكل أسرع بكثير من النصرانية في مناطق كثيرة في أفريقيا.
جوزيف كاردينال تومكو، رئيس تجمع تنصير الشعوب، أصرّ على أن يبقى الحوار بين الكاثوليكية والإسلام حواراً أصولياً ومستمراً، وملمحاً لحرب الخليج الدائمة الآن قال محذراً أنه لا يجب أن نقع في فخ تسمية هذه الحرب: حرباً بين النصرانية والإسلام. كما أن الأب زاغوا أخبر الصحافيين أن كثيراً من موظفي الفاتيكان يرون أن العلاقات مع الإسلام ستكون التحدي الأول والأهم للنصرانية في المستقبل وأن الطريق الوحيد بينهما هو الحوار فقط ولهذا السبب تكلم البابا بقوة ضد حرب الخليج.
كما صرح البابا بأن أكثر الصعوبات إعلاماً والتي تواجه نشاط الكنيسة التبشيري هي الصعوبات الموجودة في داخل الكنيسة نفسها كالهبوط الدراماتيكي في عدد الرهبان في العقود الأخيرة وكالانحدار في الممارسات والقيم في المناطق النصرانية تاريخياً، وكالتصارح الداخلي بين النصارى أنفسهم بين الفرق الأصولية وبين الكاثوليك.
وقد صرح الفاتيكان بأن المنشور البابوي هذا المؤلف من 153 صفحة هو ثمرة 5 سنوات في العمل حيث جمعت معلوماته في استفتاءات أرسلت للكنائس والرهبان في جميع أنحاء العالم وأن كتابته أخذت عامين.
تعليق:
إننا نعلق على هذا المقال بأربع نقاط وهي كافية على أغلب ظننا:
1- إن إخراج هذا المنشور الباباوي في هذا الوقت بالذات الوقت الذي اجتاحت فيه قوات الكفار المتحالفة على المسلمين أراضى المسلمين المقدسة بعد خيانة آل سعود وآل صباح التي لا تغتفر، وقيام هذه القوات الكافرة، بذبح المسلمين وتمزيقهم بالقنابل والصواريخ، إن هذا الإخراج في هذا الوقت ليدلل بما لا يدع مجالاً للشك على أن حقيقة هذه المعركة هي معركة كفار ضد المسلمين دون اعتبار لأي أثر آخر. وهو يطلب منها أن لا نعتبرها كذلك، فإنا نقول له: أن هذا الأمر ثابت عندنا ثبوت عقيدة الإسلام في نفوسنا فالله يقول: ]وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[.
2- إن الكفار يموتون رعباً من فكرة الجهاد عند المسلمين ورغبتهم الموت في سبيل الله، فيشددون دائماً على أن يتم الصراع بين الكفار والمسلمين عبر الحوار والكلام والحوار فقط في الوقت الذي يضربون هم فينا ضرباً لا يعرف إلاّ ولا ذمة ولا شفقة ولا رحمة. فعلينا أن نحيد عن خط الجهاد طريقاً لحمل الإسلام إليهم. وعندها فقط يدخلون في دين الله أفواجاً، فإن الله جل وعلا يقول: ]إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ @ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً @ َسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً[.
3- إن وجود الكفار في قلب بلاد المسلمين واستيلاءهم على أمانها جعل للكفار أكبر ظهر يعتمدون عليه ليحاربونا في ديننا ويتحدونا في أنهم قادمون إلى أقدس مقدساتنا ليقتلعوها منها ويدوسا على قبر نبينا بعد أن داس أنجاسهم على قبر صلاح الدين في دمشق (الجنرال غورو لعنه الله) فعلينا أن نهب هبة رجل واحد لدحرهم وإخراجهم عن بكرة أبيهم في بلادنا ونحن موقنون ومستيقنين بنصر الله لا محالة، قال تعالى: ]قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ[.
4- وهنا نأتي إلى موطن الداء ووكر العنكبوت الذي يجب أن يمحق محقاً ويداس بالأرجل، ألا هو الحكام الخونة من أولهم إلى آخرهم لأنهم ما فتئوا يمتهنون الأمة ويذلونها ويمكنون الكفار فيها ومن خيراتها. وإذا ما أرادت الأمة وهمت وأجمعت على قتال الكفار أجهضوا حركتها في مهدها وخدروها بما قل وندر ووقفوا حاجزاً بينها وبين أعدائها قاتلهم الله أنى يؤفكون. قال رسول الله r: «إذا كان أمراؤكم أشراركم وأشرافكم بخلاؤكم وأمركم إلى نساءكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها وإذا كان أمراؤكم أخياركم وأشرافكم كرماؤكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها»
خضر ديماسي
كليفلاند ـ أوهايو ـ الولايات المتحدة الأميركية.
25/01/91