جماعة «أمة الإسلام» الأمريكية السوداء لا صلة لها الإسلام
2018/02/07م
المقالات
3,951 زيارة
جماعة «أمة الإسلام» الأمريكية السوداء لا صلة لها الإسلام
قد يلتبس على الكثيرين أمر جماعة «أمة الإسلام» الأمريكية السوداء، فيظنون أنها إحدى الجماعات الإسلامية العاملة في أمريكا، وذلك بسبب اقتران لفظ الإسلام باسم الجماعة. والذي يزيد الأمر التباساً وتعقيداً تناقل وسائل الإعلام الغربية الأمريكية منها بشكل خاص، وتجاوب وتريد وسائل إعلام الكومات القائمة في العلم الإسلامي لهذا الناقل – بجهل وغوغائية حيناً وبمكر وخبث في أغلب الأحيان- أخبار هذه الجماعة باعتبارها مجموعة من المجموعات التي تنتسب إلى الدين الإسلامي، مع أنها بعيدة عن الدين الإسلامي.
ولإزالة هذا اللّبس إماطة اللّثام عن وجه هذه الجماعة لا بد من إلقاء الضوء على نشأتها وتطورها، فنقول وبالله التوفيق:
إن جماعة «أمة الإسلام» هي امتداد طبيعي لحركات السود في أمريكا والتي بدأت بالمنادة بتحرير السود من الرق والعبودية، ثم بعد إلغاء الرق أصبحت تنادي بمساواة السود بالبيض، وبمناهضة العنصرية، وان مارتن لوثر من أبرز قيادات حركة السود في الستينيات، في كان أليجا محمد شخصية مغمورة إبان حياة مارتن لوثر، ولكن بعد اغتيال مارتن لوثر في أواخر الستينيات بدأ يلمع نجم أليجا محمد ولم يعد له منافس في حياة حركات السود، فقام بتطوير الحركة من أجل إكسابها دينامية جديدة في الحركة والتأثير، ولملء الفراغ الذي نشأ بعد مصرع لوثر. وكان من بين التعديلات التي أدخلها إضافة اسم محمد بين الرجال المنتسبين للحركة، ومع مطلع السبعينيات صار «أليجا محمد» زعيم جماعة «أمة الإسلام» وأصبحت هذه الجماعة هي الممثلة الأقوى لحركات السود في أمريكا، وهي التي تمثل القطاع الأوسع من السود وتسعى لتحقيق أهدافهم.
ولم يكتف أليجا محمد بإدخال تعديلات اسمية على الحركة، بل ادعى فيما بعد أنه يتلقى الرسائل والخطابات من الله لقيادة السود وتخليصهم من نير وتسلط البيض عليهم. وادعى أيضاً بأن الله الذي يتصل ب اسمه «فاردا».
وركز على أسلوب الأشرطة والتسجيلات في نشر تعاليمه بين السود، فخطاباته الحماسية المؤثرة، وأسلوبه الحاذق ي الكلام نال استجابة واستحساناً من السود الذين نقموا من كبرياء البيض وتعاليمهم وعنصريتهم. وصار أتباع أليجا محمد يتداولون خطاباته المسجلة تلك على أنها خطابات رسول أو نبي، ويحملونها على أنها دعوة لجميع من يتصلون بهم من السود.
ويعتبر لون البشرة هو الأساس الفكري الذي يبنون عليه دعوتهم، فهم يدّعون بأن الإنسان الأبيض شيطان وأن كل الأنبياء كانوا سود البشرة، وأن الإنسان الأسود هو الأرقى والأعلى والأسمى، وهم يهبّرون بذلك عن ردة فعلهم الطبيعية الغريزية تجاه ظلم البيض وتعاليم عليهم ردحاً طويلاً من الزمن.
اعتمد أليجا محمد في قيادته للحركة على نشطاء ذوي تأثير، برز من بينهم شخصان امتلكا قوة اللهجة وشدة التأثير، أما الأول فهو مالكوم إكس الذي أصبح من أشد المقربين له بل أصبح معده الأيمن، إلا أن مالكوم إكس بعد أن زار الديار الحجازية والمصرية واتصل بالمسلمين عن كثب اقتنع بالإسلام وأسلم، ولما عاد إلى أمريكا حاول أن ينشر الإسلام الحقيقي بين أفراد الحركة لكنه قُتِل على الفور، واتهم أليجا محمد بتدبير مؤامرة اغتياله لكي يحول دون إيصال الإسلام الحقيقي عبر أحد رموز الحركة البارزين إلى أتباعه. وأما الثاني فهو لويس فرخان الذي يتزعم الجماعة الآن وهو الذي حافظ على منهاج أليجا محمد وأكمل مشواره، وهو الذي قاد مظاهرة المليون أسود أمام البيت الأبيض العام الماضي. توفي أليجا محمد في السبعينيات ويروي أحد أبنائه الذي أسلم وحسن إسلامه أن أباه ولغاية وفاته كان يعاقر الخمر ويمارس الزنا حتى إنه لم يتورع عن اعتبار نفسه زوجاً لكل النساء من أتباعه، لذلك كثر وجود أبناء وبنات غير شرعيين له.
إن أماكن العبادة والتلقين لدى الحركة هي عبارة هن كنائس يرتادها السود، ولكنهم بعد تلبيس حركتهم بثوب لفظي إسلامي أصبح الكثير من أتباعها يرتادون المساجد ويصلون مع المسلمين نفاقاً وتظاهراً، ويعودون إلى كنائسهم ويصلون صلاة النصارى، وأوجدت هذه الظاهرة احتكاكاً شديداً مع المسلمين فأسلم منهم من أسلم ونافق من نافق، ولكن المشكلة عند من أسلم منهم تكمن في أنهم بعد إسلامهم ما زالوا يؤيدون الحركة سياسياً باعتبارها تناصر السود وتذود عن مصالحهم في أمريكا.
يحاول لويس فرخان الآن أن يُكسب حركه بعداً دولياًن فيقوم بزيارة الدول القائمة في العالم الإسلامي ويستقبله زعماء تلك الدول، ويغدقون عليه الأموال كما فعل القذافي وغيره من (…) خطباً لود أمريكا وكسباً لرضاها، وإلقاءً على إيمان المسلمين شكوكاً في العقيدة، ليحرفوا المسلمين عن ملتهم إن استطاعوا. ثم إن وسائل الإعلام الغربية تبالغ في كيل المديح لفرخان وحركته، زيادة في المكر. ولكن كيدهم ارتد إلى نحورهم، فلم يلتفت المسلمون لعبث الحكام ولم ينصتوا إلى مكائدهم المكشوفة تلك.
ويبدو أن جماعة «أمة الإسلام» لا تخرج عما ترسمه لها المخابرات الأميركية من أهداف، ويظهر ذلك جلياً من خلال أداء تلك الجماعة المشبوهة لتحقيق الأغراض التالية:
أولاً: ضبط حركة السود في الولايات المتحدة بحيث لا تشكل خطراً داخلياً على أمن الأميركيين.
ثانياً: استخدام الجماعة لمحاولة اختراق المجموعات الإسلامية والتجسس عليها ومحاولة ضرب الإسلام عن طريق تشويه صورته وتلويث عقائده وتمييع الشخصيات الإسلامية.
ثالثاً: استخدام الجماعة كورقة ضغط ضد بعض الدول لتحقيق أهداف المصالح الأمريكية.
ومن أحدث ما ظهر من تشويه وخلط قيام وارث الدين وهو أحد أبناء أليجا محمد بزيارة إلى فلسطين بدعوة من السلطة الفلسطينية، وتأكيده على وقوف المسلمين الأمريكيين والمسلمين السود إلى جانب الفلسطينيين لتحقيق مطالبهم العادلة، واعتبر نفسه أنه فلسطيني من شدة مسانده للفلسطينيين، كما زعم. والالتباس الذي وقع وأثار الشبهات إثر تلك الزيارة هو أن وارث الدين هذا رجل زعم أنه أسلم وأنه انفصل عن «أمة الإسلام» وهذا ما فهم في أمريكا عن هذا الشخص، ولكنه قُدِّم في وسائل الإعلام المحلية الفلسطينية تارة على أنه زعيم «الجالية الإسلامية» في أمريكا وتارة أخرى على أنه زعيم «أمة الإسلام» أو من زعماء «أمة الإسلام» ولم يَدْر الناس بعد هذا التناقض ما الفرق بين «أمة الإسلام» و «الجالية الإسلامية».
فأعطى بذلك انطباعاً بأنه لا فرق بين «الجالية» و «الأمة». والظاهر أن ذلك هو المقصود من هذا اللغط، [بالإضافة إلى تأليب انب من الرأي العام الأمريكي ضد إسرائيل حملها على التنازل عن مواقفها المتشددة والخضوع للسياسة الأمريكية في المنطقة]. وكان الأجدر بمن يسمون بالعلماء في المناطق التي يقوم زعماء «أمة الإسلام» ومن يسيرون في فلكهم بزيارتها أن يبينوا للناس حقيقة هذه الجماعة وحقيقة أفكارهم، وأن يكون النقاش معهم عن الإيمان والإسلام بدلاً من الترويج للكفار والزنادقة لجعل الناس يظنون بأنهم مسلمون، ولكنْ تغافل من يدّعون العلم والفقه عن حقيقة هذه الجماعة واكتفوا بتسجيل مواقف سياسية رخيصة إرضاء لأسيادهم. وهذا إن عبر عن شيء فإنما عبر عن جبن وفسق هؤلاء المدعين للعلم، لأنهم وضعوا الدعوة الإسلامية خلف ظهورهم وتراكضوا خلف حفنة من السياسيين العملاء ابتغاء مصلحة دنيوية زائلة. ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال في أمثالهم: «ألا إن شر الشر شرار العلماء». [رواه الدارمي عن الأحوص بن الحكيم عن أبيه].
هذه نبذه موجزة عن جماعة «أمة الإسلام» في أمريكا نأمل أن تكون قد أزالت اللبس عن علاقتها بالإسلام، وأن تكون قد أظهرت أن استخدام لفظْ الإسلام فيها إنما هو من باب الاحتيال والتلبيس لتبييض وجه حركة السود الأميركيين، فقد أقحمت المخابرات الأمريكية اسم الإسلام في أفكار هذه الحركة في محاولة خبيثة لتشويه صورة الإسلام وضرب المسلمين. أعاننا الله سبحانه على كشف مؤامرات الكفار وردها إلى نحورها.□
أحمد الخطيب – القدس
2018-02-07