المسلمون والغرب (2)
2018/02/07م
المقالات
3,330 زيارة
المسلمون والغرب (2)
بقلم: أحمد المحمود
تاريخ العلاقة بين الغرب والمسلمين:
منذ أن قامت الدولة الإسلامية في المدينة المنوّرة, التي تحمي ذمار المسلمين وبيضة الإسلام وتنشر الهدى بين الناس عن طريق الجهاد، بدأت الحروب بين الإسلام والكفر, وبين جيوش المسلمين وجيوش الكفار في معارك متلاحقة، وفي منتهى الغلظة والشدة. وكان للغرب النصراني في جنوب أوروبا وإسبانيا نصيب منها، وكان النصر في هذه الحروب للمسلمين. وإن هُزِمَ المسلمون في بعض المعارك لكنهم كانوا يكسبون الحرب دائماً, وما خسروا حرباً من الحروب مدة ستة قرون متتالية. وظلت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم طوال هذه المدة. ثم تغيرت أوضاع المسلمين وصارت دولتهم الواحدة ممزقة دويلاتٍ متنازعةً سيطر على حكامها حب الدنيا والتكالب على الزعامة. فابتلى الله الأمة بمقدار ما فرّطت به من أمره, وبَعُدَتْ عن طاعته. وكان ذلك في أواخر القرن السادس الهجري. فأحست دول أوروبا بما آل إليه نظام الحكم في الدولة الإسلامية من تفكك الولايات عن جسم الدولة، واستقلال الولاة بأهم شؤون الحكم الداخلي من جيش ومالية وسلطان, وصارت الدولة الإسلامية أشبه بالاتحاد بين دول منه بالوحدة، ولم يَبقَ للخليفة في بعض الولايات سوى الدعاء له على المنابر، وسك النقود باسمه، وإرسال بعض أموال الخراج إليه.
الحروب الصليبية أو الغزو الغربي الأول للمسلمين:
استغلت الدول الأوروبية النصرانية 0لم تكن قد اعتنقت الفكر الرأسمالي بعد) هذه الأوضاع وأرادت أن تحتل بلاد المسلمين للقضاء على الإسلام، وطمعاً في خيرات المسلمين. فأعدت العدة، وجندت الجيوش، وشحنت النفوس، ومن ثم قامت بحروبها المعروفة بالحروب الصليبية، واحتلت قسماً لا بأس به من أراضي المسلمين مدة قرنين من الزمن، قامت خلالهما بمجازر رهيبة يندى لها الجبين، وارتكبت فظائع سجلها التاريخ في صفحاته السوداء.
لم يستطع الغرب النصراني يوم ذاك أن يركز قواعده في بلاد المسلمين، ولا أن يحوّل وجوده إلى إقامة دائمة. فالمسلمون كانت لا تزال لهم دولة وإن كانت اسمية. فالحروب الصليبية وما جرته من ويلات، كانت عاملاً محركاً وموقظاً لهم من غفلتهم. فتلافواْ من أسباب الضعف ما مكنهم من استعادة زمام الأمور الذي أفلت من أيديهم إن على صعيد المسلمين أم على صعيد حكامهم. فقيّض الله سبحانه للمسلمين أمثال الشهيد نور الدين الزنكي والبطل صلاح الدين الأيوبي وفيضاً من أبطال المسلمين عرباً وغير عرب (لم تكن الأمة تعرف النعرة القومية بعد، بل كانت أمة واحدة). ولم يتم النصر للمسلمين على عدوهم ولم يتهيأ لهم طرده إلا بعد أن أصلحوا واقعهم، وقوّموا مُعْوَجَّهم. فلما حققوا في أنفسهم أسباب النصر فوحدوا كلمتهم المتشرذمة وجعلوا الإيمان والتقوى قائداً لهم في معركتهم, منحهم الله من فضل تأييده ونصره وإعزاز دينه. غنها سُنّة ثابتة من سنن الله لا تحابي أحداً من خلقه ولا تتخلف: قال تعالى: (……………).
إن الناظر إلى الحروب الصليبية يرى أنها كانت حروباً استعمارية,صليبية, متعصبة, لم تخلّف وراءها سوى كره أهالي البلاد التي احتلوه واحتقارهم، لأنه كان احتلالاً مادياً قام على إذلال الشعوب وقتلها، ونهب خيراتها، ومص دمائها واستغلالها، تماماً كما هو الاستعمار الغربي اليوم، في حين إن الحروب التي خاضها المسلمون مع أعدائهم كافة كانت حروباً مبدئية، وكان من نتيجتها دخول الناس في الإسلام، وانتشار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وما نراه في أوروبا وأسيا وإفريقيا من أعداد هائلة من المسلمين لخير شاهد على ذلك، حيث إن أعدادهم تقارب المليار ونصف المليار من المسلمين. وهذا يفزع الغرب, بل يكاد يفقده عقله، ويطيّر صوابه.
الاستعمار المادي والغزو الفكري الرأسمالي أو الغزو الغربي الثاني للمسلمين:
ثم، بعد أن تم قضاء المسلمين على المغول سنة 1260م تحركت مشاعر الجهاد في نفوس المسلمين، وأحسّوا بواجب استئناف حمل الدعوة إلى العالم. فبدأت غزوات المسلمين للكفار, وبد الجهاد ذد البيزنطيين، وبدأت المعارك ووصل المسلمون إلى قلب أوروبا، ودقوا أبواب فييّنا، وصارت مجرد الإشارة من السلطان تحل المشاكل وتوقف الحروب بين الدول الأوروبية. بدأ تتابع النصر من جديد, وعادت الدولة الإسلامية إلى تَبَوُّؤ مركز الدولة الأولى في العالم، مدة أربعة قرون, حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، إلى أن ظهرت فكرية في أوروبا، تبعتها ثورة صناعية لتجعل من دول أوروبا دولاً ناهضة فكريا وقوية مادياً. فكان لهذا أثره في قوة الدول، ووقف المسلمون أمامه حيارى؛ فقد طرأ على الدولة الإسلامية الضعف الفكري ثم المادي، فضعفت القدرة على الاجتهاد وقلّ الفهم وعمّ الظلم, وصارت الدولة تبعد شيئاً فشيئاً عن الالتزام الصحيح, وساء التطبيق, وفرغ الجهاد من مضامينه الرسالية، وصارت تغلب على المضامين العاطفية، وصار الحكم جباية بعد أن كان رعاية، والمناصب تشريفاً بعد أن كانت تكليفاً. وبدأت الدولة الإسلامية تنزل عن مرتبة الدولة الأولى في العالم رويداً رويداً إلى أن أصبحت مطمع الطامعين، وأخذت تجلو عن البلاد التي فتحتها وكانت خاضعة لسلطانها، وأخذت الدول الكافرة تغتصب بلاد المسلمين قطعة قطعة، فبدأ الجزْر الإسلامي بعد ذلك المد. وحينئذٍ بدأت الدول الأوروبية بإزالة الدولة الإسلامية من الوجود الدولي، وإزالة الإسلام كله من الحياة، ومن العلاقات بين الناس، أي بدأوا يفكرون بحروب صليبية ثانية، ولكن لا كالحروب الصليبية الأولى غزواً عسكرياً يهزمون به المسلمين ويدحرون الدولة الإسلامية، بل حروب صليبية أعمق وأفظع يقتلعون بها جذور الدولة الإسلامية من أساسها حتى لا يبقى لها أثر، ولا يبقى لها جذر ينبت، ويقتلعون الإسلام من عقول المسلمين وقلوبهم حتى لا يبقى منه سوى طقوس كهنوتية وشعائر روحية.
ومع اختلاف الكفار على اقتسام بلاد المسلمين ولكنهم اتفقوا على القضاء على الإسلام، وقد سلكوا لذلك طرقاً عدة عملوا من خلالها على قطع شريان الإسلام عن المسلمين، فكان استعمارهم الجديد استعماراً سبق فيه الغزوُ الفكري الغزوَ المادي، وهذا النوع من الاستعمار ما زال يتحكم في رقاب المسلمين ومصائرهم حتى يومنا هذا. نعم لقد استفاد الغرب من استعماره الأول للمسلمين خلال الحروب الصليبية وطوره ليصبح استعماراً جديداً بوجهٍ جديد، ولكن الهدف هو ذاته لم يتغير، وهو القضاء على الإسلام نفوس المسلمين وقد نجح في ذلك. وقد اعتمد لذلك على وسائل وأساليب وأعمال ما زالت حتى الآن هي وسائله وأساليبه وأعماله.
ركائز الاستعمار الغربي:
إن الغرب اليوم يقوم استعماره للمسلمين على ركائز كانت أكبر معين له في مهمته، ولا تزال، ولأنها لا تزال فهي تخل في موضوعنا، وتأخذ حيّزها من الاهتمام في بحثنا. ولقد شكل الاستشراق إحدى أهم الركائز التي اعتمد عليها الاستعمار الغربي ضد المسلمين. لذلك كان ارتباطهما ببعضهما قوياً حتى لقد صح القول: «إن الدول التي كانت أكثر اهتماماً بالاستعمار، كانت أكثر رغبة في الإستشراق». فالاستشراق، يضاف إليه التبشير، كانا قرني الشيطان الذي هو الاستعمار. ولقد كانا من أهم مستلزماته، وأعظم أعوانه.
أ-الاستشراق:
لقد بدأ الاستشراق منذ أن بدأ المسلمون بغزو أوروبا، وقد أُطلق على الدراسات التي يقوم بها غير الشرقيين لعلوم الشرقيين ولغاتهم وأديانهم وتاريخهم وأوضاعهم الاجتماعية والسياسية.. ولما بدأ كانت أوروبا غارقة في ظلام الجل والتخلف. وقد بدأت دراساتهم لينتفعوا بما عند المسلمين من حضارة ورقي. وقد عملوا على تشويه صورة الإسلام وتسويد صفحته أمام شعوبهم ليقطعوا طريقه إلى قلوبهم التي أخذت تميل إليه. وقد اعتمد الغرب في غزوه الثاني للمسلمين، الذي نحن بصدد التكلم عنه الآن، على دراسات المستشرقين في فهم أفكار المسلمين ونفسياتهم ليساعده ذلك في تحقيق هدفه الاستعماري. فأوروبا بعد نهضتها الفكرية وثورتها الصناعية نبتت فيها نابتة الفكر الاستعماري فاحتاجت إلى هذه الدراسات ووظفتها في خدمة أهدافها الاستعمارية.
وقد ألفت للإستشراق معاهد، وتألفت للمستشرقين جمعيات، ودخلت دراساتهم في الجامعات. لقد كان للمستشرقين دراساتهم التي وقفوا فيها على حقيقة الإسلام، ولكنهم أخفوها على الناس وراحوا يؤلفون المؤلفات المتعلقة بالعلوم الإسلامية بشكل يرمي إلى تشويه صورة الإسلام وتزوير التاريخ الإسلامي، وراحوا يتتبعن السقط من الأخبار التي قام بها فساق المسلمين، ومن ثم يصدرون حكماً تعميمياً يطال التاريخ الإسلامي كله، ويصورون الأمر وكأن تاريخ المسلمين كان كله على هذا الشكل، ويبرزونها على أنها من الإسلام.
بقد شكك المستشرقون بصحة رسالة الإسلام فأنكروا الوحي، وأنكروا أن الإسلام مُنَزَّل من عند الله وقالوا بأنه ملفق من الديانتين اليهودية والنصرانية وقام بذلك رجل عبقري اسمه محمد. وشككوا بالأحاديث النبوية وادعوا أنها دس ووضع. وشككوا بالفقه الإسلامي وقالوا بأنه متأثر بالفقه الروماني. وشككوا باللغة العربية وقدرتها على مسايرة التطور العلمي. وشككوا المسلمين بقيمة تراثهم الحضاري كتمهيد لنشر حضارة الغرب، وشككوا بالجهاد الإسلامي وادعوا أنه حرب عدوانية للسيطرة والسلب، وعملوا على إضعاف روح الإخاء الإسلامي بين المسلمين. وعللا الفتح الإسلامي بالأهداف المادية، وهاجموا كثيراً من أحكامه مباشرة أو مداورة. لقد جعلوا من الإسلام مرمى لسهامهم أصابوا بها قلوب من تربى على أيديهم.
والدراسات التشكيكية التي وضعها المستشرقون ترافقت مع ضعف المسلمين وضعف دولتهم، فكانت هذه الدراسات من أهم العوامل التي فتنت المسلمين بالحضارة الغربية، وزعزعت المسلمين بأحكام دينهم، حتى من يُسمّوْن بعلماء المسلمين أصابتهم الفتنة. فوقع المسلمون فريسة الخطط التي وضعها الاستعمار بناء على الدراسات الاستشراقية، وخضعوا لبرامج التعليم في كافة العلوم الإنسانية والدينية والتاريخية واللغوية التي رضها الاستعمار مستفيداً من الدراسات الاستشراقية. وصارت العلوم والثقافات والمعارف تدرس على طريقة الاستعمار التي تخدم أهدافه. وصار المسلمون يتعلمون دينهم ولغتهم وَفْقَ طريقة أعدائهم: وَفْق تشويهاتهم وتحويراتهم وافتراءاتهم…
وفُتن المتعلمون من المسلمين بالشهادات التي تمنحها الجامعات الغربية ولاسيما الدكتوراه، وصار الغرب يحصر المراكز العلمية بحملة الشهادات التي يمنحها لمن تغيرت عقليته ونفسيته بحسب عقلية الغرب ونفسيته. فاستغلوا عقدة الشهادة العليا ليستخدموا طلبتها لمصلحتهم. وصار هؤلاء المتعلمون، المتغربون في علومهم، أصحاب الألقاب والمراكز الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية.
وهكذا نرى أن الاستشراق كان أداة، بالغة الأهمية، بيد الاستعمار الغربي يهدف إلى تحويل المسلم الحقيقي إلى صورة مسلم، وبث الشبهات في العقول والشهوات في النفوس وزعزعة ثقة المسلمين بدينهم وبأنفسهم…
وفي الخلاصة عمل المستشرقون ابتداء لنقل نور الحضارة الإسلامية إلى أوروبا الغارقة في ظلام الجهل، ثم تحوّل عملهم إلى إغراق المسلمين في ظلام الجهل واحتكار نور العلم لأنفسهم، ليجعلوا المسلمين في تبعية دائمة للغرب.
وإن كل علومهم وأفكارهم التي ألبسوها لبوس الإسلام قد أشربوها قلوب المتعلمين من أبناء الأمة فصاروا أبواقاً لهم. ومن ثم سلموهم المراكز العالية، أو سلطوا عليهم أضواء دعواتهم ليصوروهم أمام الناس أنهم العلماء الذي يؤخذ منهم العلم والدين، ولذلك لكي تبقى الأمور في أيديهم. وإننا لنلمس بوضوح استمرار هذا النهج حتى يومنا هذا, وعلى الأمة أن تفيق لهذا الواقع ولا تتسامح معه ولا مع أشكاله.
إن الغرب عمل وما زال على خداع الأمة وغشها عن طريق أتباعه ومريديه، ولئن غاب المستشرقون اليوم عن ناظرنا، فلا يظهرون إلا قليلاً، ولكن أتباع الغرب أصحاب الألقاب والمراكز ما زالوا ينفخون في الرماد لكي تغشى الأعين وتضل الأنفس وإننا لنتوكل على الله في كشف الحقائق لتثوب الأمة إلى رشدها. فإن الأمة هي الرهان الذي يجب أن يحوزه من أراد أن يفوز.
ب-التبشير:
لقد تلازم التبشير مع الاستشراق في كثير من الجوانب، فقد كان كثير من المستشرقين من رجال الدين الذين يحملون في أنفسهم أهداف التبشير إضافة إلى أهداف المستشرقين.
وقد استعانت الدول الأوروبية برجال الدين لخدمة أهدافها الاستعمارية. وخاصة بلاد المسلمين. وقد اعتمد عليهم الغرب الرأسمالي اللاديني لا حبّاً في الدين بل رغبة في تحقيق أهدافه وتمكينه ومسك مقدرات البلاد المغلوبة على أمرها. وكذلك، لما وجد الغرب في الإسلام قدرة هائلة على التأثير والانتشار، أجمعت أهدافه مع أهداف رجال الدين المسيحي لوقف المد الإسلامي الجارف ما دام يصعب إدخال المسلمين في الدين المسيحي أي تنصيرهم. ولما تحقق هؤلاء أنهم لن يستطيعوا تحويل المسلمين عن دينهم عملوا على توهين صلتهم بالإسلام، وزعزعة ثقتهم بأحكامه، وترغيبهم بحياة الغرب وترغيبهم عن الحياة الإسلامية. فقاموا بحملة افتراءات كبيرة على المسلمين. وعلى الرغم من تعدد مذاهبهم وما حصل بينهم من خلافات دينية ونزاعات دموية عنيفة فقد تناسوا كل ذلك واستجمعوا طاقاتهم لمحاربة الإسلام وهدم دعائمه، وتحويل المسلمين عنه، وإيقاف انتشاره.»
وقد صرح أحد المبشرين وهو «أدوين بلس»: «المسلم فقط هو العدو اللدود ضدنا» ونقل عن المبشر وليم جيفور بالكراف: «متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب يمكننا حينئذٍ أن نرى العربي يندرج إلى سبيل الحضارة (الغربية) التي لم يبعده إلا محمد وكتابه».
وقد عمل المبشرون على التظاهر بمحبة المسلمين بغية الدخول إلى قلوبهم، وكانت لهم إرسالياتهم التعليمية التي تبث سمومهم بين المسلمين والتي ما زالت تقوم بدورها حتى اليوم. وقد كان للمدارس التبشيرية أو الإرساليات التعليمية التي أنشئت زمن الدولة الإسلامية أثرها الكبير في تخريب عقول من تعلم فيها من المسلمين. ومن أرسلوه في بعثات طلابية إلى الغرب عاد وقد غسل دماغه وامتلأ عقله بإكبار فكر الغرب وحضارته, وامتلأت نفسه بالكره والنفور من الإسلام ودولته. وقد رسخوا في ذهنه أن الإسلام رجعي يريد إرجاع الناس إلى حياة الجمل والناقة وهمجية القرون الوسطى فكان هؤلاء، كما يقال، جيشاً سرياً للغرب، وقد بوأهم المناصب العالية ووزعهم على المراكز الحساسة ليغنوا عن جيوشه متى انسحبت. وقد أغنوا بالفعل.
وكذلك أكثر المبشرون من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائماً بالناس ويؤثرون فيهم، خاصة وأن خدمات أطبائها وممرضاتها قد تصل أحياناً إلى تخليص المرضى من الموت، أو يسهرون الليالي مع المرضى ويظهرون الحرص على شفائهم.. كل ذلك من أجل الدخول إلى قلوبهم وعقولهم.
ووجهوا شطراً كبيراً من اهتمامهم للمرأة المسلمة لأنه اهتمام بنصف مسلمي العالم. والمرأة المسلمة، في نظرهم، أسهل منالاً من الرجل المسلم, ويمكنها متى تم اجتذابها إلى مدارسهم أن تتولى عنهم مهمة تحويل المجتمع الإسلامي وإبعاده عن قيمه الدينية.
وكذلك أنشأوا الجمعيات الخيرية الإنسانية التي تقدم المساعدات الطبية والإنسانية عند الكوارث الطبيعية والأزمات وخاصة في زمن الحروب. ولكم رأينا المسلم يحمل على رأسه أو ظهره الصليب مرسوماً على كرتونة أو كيس مملوء بذل المواد الغذائية…
إن الأهداف التي رسمها المبشرون لأنفسهم في بلاد المسلمين ما زالوا يعلمون على نشرها وما زالت أساليبهم قائمة حتى يومنا هذا.
ولئن كان الخطر كبيراً على العالم الإسلامي من التبشير إلا أن موضوعنا الذي نحن بصدد الكتابة فيه وهو «التجديد» لا يتعلق كثيراً بهذا الجانب لذلك رأينا عدم الإكثار من الحديث عنه.□
2018-02-07