الوحدة الوطنية في لبنان، وزوال لبنان؟
1990/05/07م
المقالات
2,274 زيارة
في خيمة السلام التي أقيمت في القليعات (كسروان) ظهر على شاشة التلفزيون رجل دين يقول: (يا إخوتي لماذا تدمرون القليعات؟ إنها ليست الشام وليست المصنع). وفي الخيمة نفسها ظهرت امرأة أصيب بيتها في القليعات، جراء حرب عون ـ جعجع، تقول: (نحن لسنا سوريين، السوريون هناك، اذهبوا وحرروا لبنان منهم).
وعندما تصادم عون وجعجع في النبعة ظهرت بعض النسوة تقول: (لماذا يضربون علينا، نحن لسنا فلسطينيين ولسنا سوريين).
وقد طهر عناصر من قوات جعجع يقولون: (إن الجيش شتمنا وركّعنا وعذبنا، هل نحن فلسطينيون) وظهر عناصر من الجيش يقولون مثل هذه الأقوال.
في السابق كنا نسمع التحريض ضد السوريين وضد الفلسطينيين وضد العرب بشكل عام من زعماء الموارنة مثل جعجع وعون وأبو أرز وسعيد عقل وبشير الجميل وشمعون والآن صرنا نسمعه من نسائهم وأطفالهم ورجال الدين لديهم ]قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ[.
وإذا كان بعض أفرادهم يغلب عندهم الطبع على التطبّع يظهر منهم الحقد، لماذا ينشر المشرفون على وسائل الإعلام عندهم، لماذا ينشرون هذه الأقوال لإسماعها للمسلمين؟ لقد أصبح الأمر عندهم طبيعياً وشاملاً، وليس مقتصراً على أفراد.
والأمر ليس خاصاً بالسوري والفلسطيني والعربي بل هو يشمل اللبناني كذلك إذا أظهر أي تعاطف مع العرب، فيصمون بعض اللبنانيين بأنهم عملاء لسوريا أو عملاء للفلسطينيين أو عملاء لبعض العرب في الخارج.
هم يتنكرون للعرب ويعتبرون أن أمهم هي فرنسا وأن أباهم هو الفاتيكان، وقد تعاونوا بشكل علني مباشر مع إسرائيل سنة 82 في اجتياحها لبنان واستباحة عاصمته بيروت.
ورغم هذا كله لم يقابل المسلمون في لبنان سيئة الموارنة بمثلها، ولم تقابل سوريا سيئتهم بمثلها، علماً أهم استنجدوا بسوريا سنة 1976 وأنقذتهم، ولم يقابل الفلسطينيون سيئة الموارنة بمثلها بل إن عرفات أرسل وفداً من أجل مصالحة عون وجعجع. والعرب لم يتنكروا للموارنة وبذلوا كثيراً من الجهود في الطائف وقبل الطائف وبعدها
وقد وعدم العرب بالمساعدات المالية لاعمار لبنان عندما تتوقف الحرب، ولكنهم يريدون المساعدات المالية ويرفضون اتفاق الطائف، وأبوهم الفاتيكان ما زال يرفض اتفاق الطائف، وأمهم فرنسا ما زالت تضع الشروط التي هي بمثابة رفض الطائف.
ونحن هنا لا نقول ذلك من باب الحرص على اتفاقية الطائف أو الحرص على مواقف العرب من لبنان، فكلها خاطئة وكلها من وحي أميركا أو غيرها من دول الاستعمار. نحن نقول ذلك لنظهر أن لبنان لا توجد فيه وحدة وطنية قابلة للاستمرار، ومن ثَمَّ فلبنان غير قابل للاستمرار.
وقد كثرت أصوات الموارنة الآن، وكلها تنعي استمرار لبنان، وتنعي استمرار المسيحيين فيه، بل وتنعي الوجود المسيحي في الشرق الأوسط.
سفير الفاتيكان في لبنان (بوانتي) حذّر هذا الأسبوع من انتهاء الكيان اللبناني.
مجلس المطارنة الموارنة حذّر أيضاً من زوال المسيحيين من لبنان وزوال لبنان.
سليمان فرنجية أعاد إلى الذاكرة هذا الأسبوع خطة كيسنجر عن تهجير اللبناني وتوطين الفلسطيني في لبنان. وحين سئل فرنجية: عن النزوح المسيحي الكثيف عن لبنان وعما قاله زعماء مسلمون من أن زوال الوجود المسيحي من لبنان يعني زوال لبنان، أجاب: (ليس فقط زوال لبنان، بل زوال المسيحيين من الشرق الأوسط، لأن الانتشار المسيحي في مصر والأردن ولبنان وسورية والعراق ودول أخرى… إذا زال لبنان يمكنك أن تتأكد أنه لن يبقى مسيحي واحد في الشرق الأوسط. فعندما يواجه المسيحي أي اضطهاد في أي بلد في هذه المنطقة يحزم حقائبه ويلجأ إلى لبنان. وإذا زال لبنان لن تبقى أمام هذا المسيحي إلا الهجرة إلى الخارج. وهذا هو الخطر الكبير الذي يتهددنا اليوم).
نحن نطمئنكم أن لبنان باق ولكن انفصاله عن بلاد الشام سيزول وهمينة المارونية عليه وامتيازاتها ستزول، واتخاذه رأس جسر للغرب ولليهود سيزول.
لبنان الأرض والناس لن يزول، لبنان الذي عرف في التاريخ كجزء من البلاد الإسلامية لن يزول. لبنان سيعود إلى أهله وإلى أصله. الذي سيزول هو لبنان الماروني الفرنسي الفاتيكاني.
1990-05-07