وردت ًإلي الوعي الرسالة التالية. ورأينا أن ننشرها بحرفيتها ليطلع الناس على الديمقراطية التي تطبق في بلاد المسلمين.
«الوعي» ليست حريصة على الديمقراطية فهي نظام كفر.
«الوعي» حريصة على نظام الإسلام. حكام المسلمين، ومنهم حكام الأردن، لم يعجبهم شرع الإسلام بل أعجبتهم الحضارة الغربية. ومع ذلك فهم يطبقوا الديمقراطية الغربية كما هي، بل زيفوها وطبقوا الصورة المزيفة منها. وفيما يلي النموذج:
بسم الله الرحمن الرحيم
قضية أمام البرلمان الأردني والحكومة الأردنية
وأحرار هذا الشعب
المشتكي: أحمد عطيات/ من السلط/ عضو في حزب التحرير/ ولاية الأردن.
المشتكى عليه: المخابرات الأردنية، والأمن والوقائي. وبالتحديد المدعو علي برجاق. الملقب نفسه «بالرجل الأحمر» من المخابرات العامة/ قسم مكافحة الحركات الإسلامية.
القضية: استمرار المخابرات والأمن والوقائي بتهديد وملاحقة المشتكي.
التفاصيل:-
قامت سيارة فولفو تابعة لأحد الجهازين المذكورين أعلاه بملاحقة المشتكي أثناء توجهه لأداء صلاة الجمعة الموافق 19/01/1990 في أحد مساجد الهاشمي الشمالي وقد أدت تلك الملاحقة إلى اضطراب السائق وفقدانه السيطرة على سيارته مما أدى إلى اصطدام سيارة المشتكي وإصابة السيارة الأخرى بأضرار بليغة.. كما أصيب كلا السائقين برضوض في جسميهما.. نقل على أثرها السائق الثاني إلى المستشفى. بينما أنست مطاردة الأجهزة الأمنية المشتكي آلامه.
بعد الحادث مباشرة طلب المشتكي من الناس الذي تجمهروا حول مكان الحادث الاتصال بشرطة السير لإجراء اللازم وقام بالاتصال بأخيه الصغير ليكون إلى جانبه. ولم تكد سيارة شرطة السير والأمن العام تصل إلى المكان، ولم يكد المشتكي يبدأ بشرح الموضوع للشرطة. حتى وصلت الأجهزة الأمنية ـ المخابرات والأمن والوقائي ـ إلى المكان. وأصرت على اعتقال المشتكي بحجة أنه من حزب التحرير.
ولما يئس المشتكي من إقناع المخابرات بترك الأمر للشرطة اضطر كعادته إلى الفرار تاركاً سيارته المقلوبة وأخاه الصغير في مكان الحادث… فقام رجال السير بأخذ السيارة إلى دائرة السير. وقام رجال المخابرات باعتقال الشاب الصغير شقيق المشتكي الذي لا يعلم عن الموضوع شيئاً. والذي لا علاقة له البتة بالأحزاب السياسية.
وفي دائرة المخابرات العامة. سيق الشاب الصغير إلى غرفة التحقيق حيث ضرب على وجهه وسائر أجزاء جسمه. وضرب بالفلقة على قدميه. واحتجز في الزنزانة رقم 24 ساعات، ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد بالتعاون مع المخابرات والإبلاغ عن أصحاب شقيقه..
وبعد أن قال له الأحمر بالحرف الواحد «بلغ أخاك أنني لم أضرب إلا لسبب واحد هو كونك أخو أحمد عطيات وقل له إن الرجل الأحمر يسلم عليك ويقول لك (طز.. أو خرى) عليك وعلى البرلمان والنواب والديمقراطية.. ها.. ها.. ها… هل صدقتم أنه سيكون في هذا البلد ديمقراطية… ها.. ها.. ها. انتهى.
أما بالنسبة لوالد المشتكي الذي تجاوز الستين من عمره فقد واجه ما واجهه الشاب الصغير وأسوأ من ذلك في قسم الأمن الوقائي في مديرية شرطة العاصمة. حيث اقتيد إلى هناك وسمع الكثير من الألفاظ النابية والشتائم البذيئة من قبل المحقق هناك الذي لم يراع سن هذا الرجل الذي امتلأ رأسه شيباً. ولم يشفع له «أي الشيخ» أمام ذلك المحقق كونه أفنى عمره جندياً في القوات المسلحة بل في القصور الملكية بالتحديد. فالمحقق سب وشتم والد المشتكي. وهدده بالضرب والسجن.. وبعد أن احتجزه ساعات طويلة، أفرج عنه بعد العاشرة مساء حيث أجبره على توقيع تعهد بألف دينار للإبلاغ عن ولده. فعاد الشيخ إلى البيت مريضاً متجمدة أطرافه من البرد وطول الوقوف أمام المحقق.
وفي اليوم التالي للحادث ذهب والد المشتكي لإخراج السيارة التي احتجزها السير. فرفضوا تسليمه إياها بحجة ضرورة حضور السائق المطلوب للمخابرات.
والمشكلة الآن هي.. هل يحق لدائرة السير أن تحتجز السيارة رغم أنها ملك لوالد المشتكي؟ وإذا كان لا يحق لهم ذلك.. فهل تجبر دائرة السير على تعويض صاحب السيارة عن العطل والضرر الناجمين عن بقاء السيارة في الحجز دون أي وجه حق؟ وهل يعوض عن التلف الذي سوف ينجم عن استمرارية احتجازها نتيجة تعرضها للمطر وعوامل الطقس الأخرى؟
والمشكلة الأخرى. أليست قرارات الحكومة الحالية المتعلقة بالديمقراطية وإطلاق الحريات، تعني ضمناً. كف الطلب عن المطلوبين لقضايا سياسية؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف تسمح الدولة لمخابراتها وأمنها الوقائي بملاحقة المطلوبين سابقاً وإيقاع الضرر بهم كما حصل مع المشتكي؟
والمطلوب الآن من الحكومة أن توضح موقفها من هذه المسألة وأن تحسم حالة اللاحرب واللاسلم التي يشعر بها أعضاء الأحزاب السياسية في علاقتهم مع الدولة.. فأما أن تعلن استمرار حالة الحرب بينها وبين السياسيين المعارضين. وتبلع تصريحاتها السابقة وتكشر عن أنيابها.. أو تعلن حالة السلم معهم بشكل صريح وواضح وتردع سفاءها عن ملاحقة واضطهاد المعارضة السياسية بقرارات واضحة صريحة.. وفي هذه الحال فإنني أطلب محاكمة الذين أصدروا الأمر بملاحقتي يوم الجمعة الذي وافق 19/01/1990م المذكور آنفاً. الأمر الذي كاد يسفر عن قتلي أو قتل السائق الآخر. أو إزهاق أرواح آخرين أبرياء.
كما أطلب من الجهة المسؤولة أن تقوم بدفع تعويض لي وللسائق الآخر، بدل العطل والضرر اللذين أصاباني وأصابا السائق الآخر. كما أطلب تعويضاً مادياً ومعنوياً لأخي الصغير الذي ضرب واحتجز وأهين دون جريمة ارتكبها أو ذنب اقترفه. وأطلب نفس الطلب لوالدي الشيخ «العجوز» الذي أصابه ما أصابه لا لشيء إلا لأنه والدي. وكونه السبب المباشر في وجودي. بالإضافة إلى كونه مالك السيارة التي كنت أقودها يوم الجمعة المذكور سالفاً.
إنني أطالب بهذه الأمور مسامحاً للحكومة عن الخمسة عشر عاماً التي أمضيتها في قلق وعذاب وشقاء نتيجة ملاحقتها واعتقالها لي طوال تلك الفترة «.. فأنا اعتقلت مرتين بين عامي 77 ـ 84 كل مرة لمدة ثلاث سنوات. ومنذ ثلاث سنوات، أي منذ عام 86 لم أذق طعام الأمن والاستقرار أبداً. من جراء مطاردات المخابرات لي المتتابعة. مما طفّشني من بيت والدي والذي بذلت فيه جهوداً كبيرة من عروقي ومالي. كذلك مما اضطرني ودفعني مكرهاً إلى التنقل كل شهر أو شهرين من منزل إلى منزل آخر جديد. عدا عن سماع تهديدات «الأحمر» المتكررة التي يتوعدني بها بالتعذيب والقتل.
نعم إنني أسامح الحكومة على تلك الفترة التي كانت فيها قاصرة صغيرة لا تترك أحداً من شرها ولكنني لا ولن أسامحها على تصرفاتها بعد أن بلغت سن الرشد وعركتها التجربة. ورأت مصير الشاه وسافاكه، وتشاوشيسكو وشرطته السرية.. وغير ذلك.. فقامت باستقبال المد الديمقراطي بدلاً من مواجهته.. وأعلنت الديمقراطية مكتفية بنذر انتفاضة رمضان المباركة.. فإذا كانت الحكومة صادقة وجادة في تصريحاتها الأخيرة.. فلتقف بجانب أمامي القضاء الحر النزيه.. وإلا فلتنزع عن وجهها برقع الديمقراطية الزائف. وتعيد إعلان الحرب على أحرار هذا الشعب.. ليقول لها كلمته بصوت أعلى من السابق.
إنني لا أدعو إلى محاسبة الحكومة على جرائمها السابقة التي لا يحصيها العد والتي تحتاج إلى أعوام طويلة من المحاكمات ولا أطالبها بالتعويض عن الفترات السابقة، التي أذاقت فيها الناس الويل الثبور وعظائم الأمور. لأنني أعلم أن الخزينة مفلسة الآن. إذ لم تُبقِ فيها الحكومات السابقة ما يكفي لتعويض مواطن واحد عن أذى أصابه.. ولكني لن أتسامح مع الحكومة الحالية. وسوف أطالب بحقي حتى آخر رمق من حياتي. إما أن تكون الحكومة صادقة وتستجيب لطلبي. وإما أن تكشر عن أنيابها لتعلم الأمة حقيقة أمرها.
كما أطلب من الحكومة. إن كانت تحترم نفسها أن تمنع السفهاء أمثال «الأحمر» المذكور من إرسال التهديدات للناس أمثالي لأنني مواطن من حقي أن أعيش بأمن وطمأنينة كسائر الناس، أو تعلن براءتها من تصرفات «الأحمر» فلا يكون أخذي لحقي منه بكيفية أو بأخرى اعتداء على الحكومة، فالأحمر وقد أطلق عليّ الرصاص بتاريخ 19/01/1986 وأمر بإطلاق الرصاص علي في 20/09/1987. وهدد بأن ينسيني حليب أمي عبر رسالة وجهها إليّ مع أحد شباب الحزب وضربه لشقيقي الصغير وشقيقي الأكبر لكونهما شقيقايّ. إنما يفعل ذلك بسبب فشله الشخصي في اعتقالي إلا لكوني من حزب التحرير. فإما أن تردعه الحكومة وإما أن تحول بين أهل السلط والأبطال وخصوصاً العطيات، وبين ذلك «الأحمر» لردعه وردع أمثاله ومن يقف خلفهم.
وقبل النهاية أود أن أوضح بأنني لا أوجه هذه الرسالة.. استدراراً لعطف أحد أو شفقته. فمن أمضى خمسة عشر عاماً في مقارعة نظام كفر مستعد لإمضاء ما تبقى له من عمر في تلك المقارعة ولكن المشتكي مقتنع بقوله عليه السلام: «لا تتمنوا لقاء العدو ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا» وقوله تعالى: ]وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا[ وقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً» فإذا كانت الحكومة جادة في ما تسميه ديمقراطية وما تدعيه من إطلاق الحريات فلها ذلك. وإن لم تكن صادقة في ذلك، فإن القلوب التي حملناها منذ عقود. لم تزل هي نفس القلوب. وإن قلوب أصحاب انتفاضة رمضان المباركة لم تزل هي نفس القلوب. فإما أن تستمر الحكومة في سياستها الجديدة وتلتزم بما أعلنته. أو فلتنتظر يوماً، كيوم عاد وثمود أو يوم شاه إيران وتشاوشيسكو ودول أوروبا الشرقية. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. اللهم هل بلغت… اللهم فاشهد.
أحمد عطيات ـ عضو حزب التحرير ـ ولاية الأردن.