الأفعال الجِبِلَّيّة
1990/01/06م
المقالات
3,078 زيارة
بقلم: حافظ صالح
هناك قاعدة أصولية تقول: «الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم» وهناك قاعدة تقول: «الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي» أي ليس الإباحة ولا التحريم بل البحث عن الحكم. وهناك قواعد فرعية جاءت تستثني من الأفعال أصنافاً معينة وتلحقها بقاعدة تشبه قاعدة الأشياء. مثلاً: «الأصل في الأفعال الإدارية الإباحة» و«الأصل في الأبحاث العلمية الإباحة» و«الأصل في ما كان مندرجاً تحت : أنتم أدرى بأمور ديناكم الإباحة» و«الأصل في الشروط في المعاملات الإباحة» و«والأصل في الأفعال الجبلية الإباحة».
هذا البحث يتناول الأفعال الجِبِلِّيّة. فما هي هذه الأفعال وكيف فهمنا حكمها؟
قال تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) الإنسان كائن حيّ، وككل كائن حيّ، فقد امتاز عن الجمادات بالطاقة الحيوية التي اختصه الله بها وامتاز عن غيره من الكائنات الحية بما حباه الله به من نعمة العقل والإدراك (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). وجعل العقل والإدراك مناط التكليف، وموضع المسؤولية.
وقد جعل الله سبحانه وتعالى في هذا الكائن الحيّ أجهزة وآلات تفوق الحصر، وجعل لكل آلة منها عملاً تؤديه وتخضع لنظام ليس للإنسان دخل فيه. ومنها ما عرفة الإنسان ومنها ما لم يعرفه: ابتداء من جهاز العصب المركزي وتحكّمه بغيره من الأجهزة، وانتهاءً بأصغر خلية، أو نظام مناعة، أو آلة تخضع لتصرفات الإنسان ورغباته. ففي كل آله أو جارحة أو خلية خواص معينة، منها ما يستطيع الإنسان استعماله بإرادته وحسب رغبته كاليد ومنها ما لا دخل له به، ولا يقع تحت سلطانه كالقلب.
وحين نبحث في هذا إنما نبحثه لنقرر متى يكون الإنسان مسؤولاً عن عمل بدر منه، أو حركة صدرت عنه ومتى لا يكون مسؤولاً عن ذلك. فمن خشي الامتحان والحساب درس المنهج المقرر، لأنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، كما قال تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ). وشأننا في هذا البحث شأن القاضي الذي يبحث في أهلية المتهم في المثول أمام القضاء. هل هو دون السن القانوني؟ وهل هو عاقل؟ وهل قام بالفعل بمحض اختياره؟ وهل هناك من أجبره على القيام بالفعل؟ هل كان في حالة سكر أو صرع أو تنويم مغناطيسي. وغير ذلك من حيثيات، قبل البحث في الجرم نفسه.
نعم إننا في هذا البحث نريد أن نقرر متى يكون الإنسان مسؤولاً عن عمله، أو ما صدر عنه؟
فأما ما احتوته أجهزته اللاإرادية كالجهاز الهضمي، والدورة الدموية، والأعصاب والغدد وأمثالها فلا جدال بأن الإنسان لا دخل له بما تفعل وما تنتج، وليس بمسوؤل عما تقوم به هذه الأجهزة من أعمال، أما الأجهزة الإرادية الأخرى كاليد والرجل والحواس الخمس والعقل: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) والتي يستعملها الإنسان بحسب رغبته وهواه، ولكنه ليس مسؤولاً عما فيها من خواص، أو قوة هذه الخواص وضعفها، بل هو مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها مختاراً بواسطتها.
فهو ليس مسؤولاً عن الخواص الموجودة في الدماغ، ولا عن قوة الربط بين الأفكار والأشياء وضعفها، ولكنه مسؤول عن المواضيع التي يفكر فيها والنتائج التي يتوصل إليها بتفكيره.
وهو ليس مسؤولاً عن خاصية السمع في الأذن، فهي تسمع كل صوت، ولكنه مسؤول عن الاستماع إلى الأصوات، والتنصّت للسماع.
وهو ليس مسؤولاً عن خاصية البصر في العين، فهي ترى كل شيء قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) نعم هو ليس مسؤولاً لكونه يبصر، ولكنه مسؤول عن تصويب نظره.
وما نقوله عن السمع والبصر ينطبق عليه ما في الحواس الخمس جميعها مثل الذوق والشم واللمس فهي خواص لآلات، اختصها الله بها، فالإنسان ليس مسؤولاً عن خواصها ولكنه مسؤول عن كيفية استعمال هذه الخواص.
وبما أن الإنسان مسؤول عن استعماله لهذه الآلات والجوارح، وبما أن الإنسان مأمور بأن يسير أعماله بالحكم الشرعي، فهو مقيد بالحكم الشرعي، واستعماله لهذه الآلات والجوارح لا بد أن يكون مقيداً بالحكم الشرعي، وليس اتباعاً للرغبة والهوى. فما هو الحكم الشرعي بالنسبة لهذا الأمر؟
هل حدد له الشارع الأمور التي يجب عليه أن يفكر بها وفي كل جزئية منها. وبين كل جزئية منها بدليل شرعي ـ آية أو حديث ـ؟
وهل حدد له الشارع الأشياء التي يجب أن ينظر إليها، أو التي يجوز أن ينظر إليها؟
وهل حدد له الله سبحانه وتعالى الأصوات التي يجب أن يسمعها أو يستمع إليها، أو أجاز له سماعها وبيّن كل ذلك بدليل شرعي؟
وهل حدد له ما يجب عليه أن يأكله، وما يجوز له أن يأكله وبيّن كل جزئية من ذلك أو نوع بدليل شرعي؟
وهل بيّن له كيف يحرك يده أو رجله، أو أية عضلة يستطيع تحريكها كعضلات العين أو الوجه أو الشفتين أو غيرها. وهل أوجب عليّ تلك الحركة أو أجازها لي؟
وكذلك الشم، هل حدد له الأشياء التي يجب أن يشمها أو التي يجوز له أن يشمها وبيّن كل جزئية منها بدليل شرعي؟
ومثل الشم والذوق واللمس وأمثالها؟؟
نعم إن الله سبحانه وتعالى بيّن سيحاسبنا على كل فعل نقوم به صغيراً أم كبيراً (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) وقال تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأََرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) ومن البديهي أن الحساب لا يصح إلا بعد بيان الحكم (لِئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ). إذن فكل حركة إرادية تقوم بها لها حكم شرعي مستنبط من دليل شرعي. لأن الحكم لا يكون شرعياً إلا إذا كان مستنبطاً من دليل شرعي ـ آية أو حديث ـ أي أن يكون مصدره الوحي من عند الله سبحانه وتعال، ويحاسب الإنسان على تقييده بهذا الحكم الشرعي أو عدم تقيده به.
وقد اقتضت حكمة الله تعالى جلّت قدرته أن يجعل لهذه الأشياء جميعها حكماً عاماً يستند إلى عموم الأدلة فجعل حكمها الإباحة،واستثنى ما يريد استثناءه من تحريم أو أوجب ما يريد إيجابه، أو رغب فيما جعله مندوباً. إنه هو العزيز الحكيم.
قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ) الجاثية.
وقال: (اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) الجاثية.
وقال: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأََرْضِ) لقمان.
وقال: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا) النحل.
وقال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) البلد.
وقال: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان.
وقال: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) البقرة.
وقال: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) المائدة.
وعشرات الآيات بهذه المعاني التي تفيد إباحة النظر والسمع والكلام والأكل والمشي وكل ما يقوم به الإنسان من هذه الأفعال الجبلّيّة، واستعماله لهذه الآلات والجوارح والأشياء واستثنى من ذلك ما شاء وحدد لنا الأشياء المستثناة من الإباحة العامة سواء مما يؤكل أو يشرب، أو مما لا يجوز النظر إليه أو الاستماع إليه، وما لا يجوز قوله أو التفكير به وما يجوز أن نذوقه أو نشمه أو نلمسه.
ولهذا فقد أثبت الفقهاء قاعدة فقهية تقول: «الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم» فالأشياء ليس لها أكثر من حكمين إما جواز استعمالها، أو حرمة استعمالها. وكانت إجازة الاستعمال بناءً على هذه الأدلة العامة. وكانت حرمة استعمالها بناءً على الأدلة الخاصة التي استثنت تلك الأعيان المحرمة. مثل قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ). أو من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» أو قوله تعالى: (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ثم قوله صلى الله عليه وسلم: «حرّم عليكم كل ذي مخلب وناب».
وهكذا فالإباحة لاستعمال كل شيء إلا ما استثنى بدليل يخرجه عن الإباحة. فلا يصح أن يقال أين الدليل على جواز استعمال جهاز الراديو، أو التلفزيون أو الصاروخ أو الطائرة. أو غير ذلك بعد ورود الأدلة العامة على إباحتها، كم لا يصح أن يسأل عن الدليل في جواز شرب البيبسي كولا أو غيرها من مشروبا المياه الغازية أو شرب القهوة أو الشاي أو غيرها من المشروبات.
كما لا يصح أن يسأل عن الدليل الذي يجيز قراءة الجريدة أو المجلة أو الكتب الأدبية.
كما لا يصح أن يسأل عن الدليل في جواز تحريك اليد والأصابع والشفاه وعضلة الكتف وعضلات الوجه.
كما لا يصح أن يسأل عن الدليل في جواز النظر إلى شجرة الصنوبر أو شجرة الليمون وثمارها، أو الزهر أو البيت أو الحائط أو الأولاد أو البنات أو النساء.
وإنما الصحيح أن يسأل عن دليل المنع وإلا بقي الأمر على الإباحة.
فالسمع نعمة تفضل الله بها علينا لنسمع كل شيء إلا أنه نهانا عن الاستماع لبعض الأمور. ولذلك فلا يسأل عن جواز الاستماع، وإنما يسأل إن كان هناك دليل ينهى عن الاستماع إلى أمر معيّن. كقوله تعالى: (فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
فإن قيل لا يجوز الاستماع إلى الشعر فالمطلوب هو الدليل على ذلك، وإن قيل لا يجوز الاستماع إلى الغناء فالمطلوب هو الدليل. وليس المطلوب دليل جواز الاستماع. وكذلك الاستماع إلى الموسيقى، أو الاستماع لصوت المرأة أو غير ذلك. فالاستماع يبقى على الإباحة ما لم يرد دليل يحرم أحد أفراد هذا الأمر أو جزئية من جزئياته.
وأما الشم فلا تكاد تظهر مشكلته. فاستنشاق ما يؤدي إلى السكر أو ما شابة ذلك لا يختلف اثنان في عدم جوازه. وأما ما سوى ذلك من استنشاق الروائح فهي على الإباحة تحت عموم الأدلة. ومثلها مسالة الذوق.
إلا أن ما أثار الكثير من التساؤلات ولا جدل في هذا المضمار، هو مسألة الاستماع وبشكل خاص إلى الغناء والموسيقى لورود بعض الأدلة عند البعض مما يفيد عدم جواز الاستماع إلى الموسيقى أو الغناء وجرى التفريق بين الاستماع إلى الطبلة أو الدف. والاستماع إلى الناي أو العود. والاستماع إلى الحداء أو الغناء، والاستماع إلى المدائح أو الغناء وهكذا. أما ما سوى ذلك فإن الجميع متفقون على إباحة الاستماع لكل شيء إلا ما نهى الشارع عنه بدليل خاص.
وأما مسألة النظر وهي بيت القصيد. فكما بيّنا أن البصر نعمة كبرى لا يدرك قيمتها إلا من عاشها ثم فقدها. فالله الحمد، وله الفضل والمنة. على جزيل نعمه ووافر فضله. لقد جعل في العين خاصية البصر فحين نفتح عيوننا نبصر الأشياء من حولنا شئنا أم أبينا. فإذا وقع بصرنا على ما نهينا عن النظر إليه أشحنا بوجهنا عنه إن استطعنا. ولسنا محاسبين على ما في العين من خاصية الإبصار. ولسنا محاسبين على ما في العين من خاصية الإبصار. إذن فالموضوع هو النظر، أي ما يقوم به الإنسان ليرى شيئاً ما. والنظر هو العمل الذي نحاسب عليه. والنظر قد يكون مندوباً وقد يكون مباحاً وقد يكون حراماً وذلك تبعاً للمنظور إليه.
فعلى سبيل المثال:
النظر إلى المصحف أثناء القراءة مندوب، وذلك للدليل الوارد في هذا الأمر والذي أخرج النظر عن حكم الإباحة الأصلي بناءً على عموم الأدلة.
والنظر إلى ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله من أشياء بقصد التفكير في آلاء الله وعظيم قدرته عبادة كذلك، فهو مندوب.
ومن المندوب أيضاً أن ينظر الخاطب على الفتاة التي يريد خطبتها، فقد وردت أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى. فقد روى النسائي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل الخاطب هل نظرت إليها قال: لا، قال: فانظر إليها». وذكر أبو داوود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه لنكاحها» وقد يكون النظر حراماً وذلك فيما ورد به نص خاص. ومن ذلك ما رواه أبو داوود في سننه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار» وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ» وكما روى مسلم وأبو داوود «لا ينظر الرجل إلى عورة، عرية الرجل» وروى ابن ماجه «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل إلى عورة الرجل» و«لوى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنق الفضل ابن العباس حين كان ينظر إلى المرأة بشهوة». وهكذا فالنظر يبقى مباحاً على عموم الأدلة، ويخرج من الإباحة ما دلّ الدليل عليه، أما للندب أو الوجوب أو الكراهية أو الحرام. ولا يصح تحكيم العقل في أي حكم أحكام الشرع.
وهناك مسألة أخرى تتعلق بمثل هذه الأفعال الجِبِلِّية. فإن كان هذا الفعل المباح استعمل في ما هو من مقدما الزنا أو اللواط، وكان على وجه التلذذ أي على وجه يريد به ذلك، فإن ذلك الفعل يصبح حراماً بعد أن كان مباحاً.
والنظر إلى المرأة المستورة المجلببة المخمرة إن كان للتلذذ ولو بقوامها، أو وجهها فإن هذا النظر المباح يصبح حراماً، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى عنق الفضل ابن العباس لنظرته المريبة للمرأة. فأي عمل من مقدمات الزنا أو اللواط وكان على وجه التلذذ والرغبة يصبح هذا الفعل حراماً ولو أنه في أصله مباح لعموم الأدلة.
وكذلك إذا أدى أي فعل من أفعال الحلال إلى حرام أو إلى ضرر فإن هذا الفعل يصبح حراماً ولا يجوز القيام به وذلك لاندراجه تحت إحدى القاعدتين الشرعيتين «لا ضرر ولا ضراراً» و«الوسيلة إلى الحرام محرمة».
في الأفعال الجِبِلِّية من حركة الجوارح والعضلات والسمع والبصر والشم والذوق واللمس والكلام والتفكير، خواص أوجدها الله في هذا الإنسان، وجعل إظهار هذه الخواص واستعمالها حسب إرادة هذا الإنسان، وأباح له استعمال هذه الخواص بأدلة عامة، استثنى منها حالات معينة أو أشياء معينة وبيّنها بأدلة خاصة بها أخرجتها من الإباحة إلى الوجوب أو الاستحباب أو الكراهية أو الحمرة، فيكون حكمها بحسب الدليل الذي اختص تلك الحالة. أو أنها في بعض الحالات تندرج تحت قاعدة تخرجها عن الأصل مثل قاعدة الواجب أو قاعدة الوسيلة إلى الحرام محرمة أو قاعدة «إذا أدرى أحد أفراد الحلال إلى ضرر فيمنع ذلك الفرد ويبقى الحكم على أصله»
1990-01-06