بيكر أتى… بيكر غادر
عجباً لهذا الانسحاق أمام الأقدام الأميركية، مع ما تحمله جُعبة مبعوثها من تفاهات يطلقون عليها بكل برودة أفعوانية «عملية البحث عن السلام». إذن فبيكر جاء يبحث عن السلام، وكأنه يبحث عن في قصور الحكام وبين جدران الفنادق الفخمة، لعل وعسى من يدري…، لعل المبعوث يعثر على السلام بين الموائد الفخمة، أو لربما تصطدم قدماه به فيعثر عليه!!
زعيمة العالم أو شُرطيَة تبحث عن إبرة السلام في بحار الشرق، وعلى كل من يستطيع مساعدة هذه الدولة العاجزة المسكينة أن يتقدم مشكوراً، حتى ولو كان ممن فقدوا بيوتهم في إعصار بنغلادش!
لماذا يسمى إرجاع فلسطين من المغتصبين اليهود «عملية البحث عن السلام»؟!
بينما يسمى إرجاع بلد كالكويت من حكم حاكم عربي إلى حكم حاكم آخر «عاصفة الصحراء»؟!
أرأيتم الفرق بين «البحث بالسّراج والفتيلة» وبين «عاصفة الصحراء» بكل مئات الأطنان من القذائف التي انهمرت على من عصفت بهم العاصفة؟!
أرأيتم أظلم وأقبح وأفجر من هذا التعامل مع البشر؟! اليهود اغتصبوا أرضاً ليست لهم عام 1948، واعتدوا على المسلمين بشكل حروب في كل من الأعوام 1956، 1967، 1973، 1978، 1982، واعتدوا عليهم بشكل غارات جوية طيلة 40 عاماً ومثال ذلك: الغارة الجوية على مدرسة بحر البقر في مصر، والغارة على المفاعل النووي العراقي، والغارة على تونس والغارات على المباني السكنية في بيروت وجنوب لبنان. وإسرائيل ضمت القدس والجولان ضماً رسمياً واعتبرتها أرضاً غير قابلة للتفاوض وأضافتها إلى الأرض المحتلة عام 1948 وهي تدعي أنها أرض اليهود، كل ذلك لم يستحق من شرطي العالم (نسمة صحراء) أو ندى صحراوياً، فجاءت من نصّبت نفسها شرطياً للعالم تبحث عن السلام عند اليهود وعند حكام العرب، مع أن حكام العرب ليس لديهم ما يتنازلون عنه، فقد تنازلوا عن كل شيء طيلة سلسلة الأعوام التي تجاوزت الأربعين.
… البحث عن السلام؟ ما أقبح هذه العبارة، وما أقل حياء مردديها، وهل لا يتم «إخلال السلام» إلا باستقدام المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفياتي وزرعهم في مستوطنات في الضفة والقطاع؟ وهل لا يتم إحلال السلام إلا بتنازل أهل فلسطين عن بلادهم لليهود الأنجاس؟ أهكذا يتم «إحلال السلام»؟ بئس سلامكم هذا بئس العاملون لإحلاله!¨