سؤال وجواب
1989/12/06م
المقالات
2,157 زيارة
السؤال 1: في صفحة أخبار المسلمين في مجلة (الوعي) عنوان هو حديث: «من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس بمسلم». وأنا قرأت أن هذا الحديث ضعيف. فهل يجوز الأخذ بالأحاديث الضعيفة؟
الجواب 1:
الحديث المذكور أعلاه هو حديث صحيح وليس ضعيفاً. لقد ذكره السيوطي في (الجامع الصغير) ج2/ ص 494 برقم (8453) على النحو التالي: «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم» رواه الحاكم عن ابن مسعود وهو صحيح.
ونقل الشيخ عبد العزيز البدري ـ رحمه الله ـ في كتابه: (الإسلام بين العلماء والحكام) الحديث على النحو التالي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح لا يهتم للمسلمين فليس منهم» رواه البيهقي في شعب الإيمان ورواه الطبراني وأبو نعيم.
ونحن يكفينا أن يقول عنه المحقق السيوطي بأنه صحيح.
وفوق ذلك فإن المعنى الذي تضمنه الحديث قد ورد في نصوص كثيرة نذكر منها قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يحقره ولا يظلمه» وقوله: «المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً» وقوله: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم» وقوله: «المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى» وقوله الوارد في وثيقة المدينة: «إنهم أمة واحدة من دون الناس،… وأن المؤمنين لا يتركون مُفْرَحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف… وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم… وإن سلم المؤمنين واحدة… وأنه لا يحل لمؤمن… أن ينصر مُحدِثاً أو يؤويه».
أما عن الأخذ بالأحاديث الضعيفة فإنه ليس بواجب. بعض الأصوليين قالوا بالعمل بالأحاديث الضعيفة في مكارم الأخلاق. وهذا الكلام لا حاجة له لأننا إذا عرفنا أن هذه المسألة من مكارم الأخرق فلا بد أن يكون لدينا دليل صحيح أنها كذلك، وعند ئذ نعمل بناء على الدليل الصحيح ولا حاجة لأن نعضد الدليل الصحيح بدليل ضعيف. وإذا لم يكن لدينا دليل صحيح على أن المسألة من مكارم الأخلاق فلا يجوز لنا أن نصنفها بناء على عقولنا ثم نستدل بالحديث الضعيف.
السؤال 2: هناك قاعدة شرعية تقول: «الحَسَنُ ما حسنه الشرع والقبيح ما قبّحه الشرع» وهناك حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس». أليس من تعارض بين القاعدة والحديث؟
الجواب 2:
الحديث صحيح، والقاعدة الشرعية صحيحة لأنها مستنبطة من نصوص صحيحة باجتهاد صحيح. الحديث جاء ليعطي للمرء علامة من علامات الإثم، وليس هو تعريفاً جامعاً مانعاً لمعنى الإثم. مثلاً هناك شخص استدّ ديناً له على آخر، فلما عد النقود وجدها أكثر مما له فكتم الأمر وأخذ النقود. وبعد أن ذهب إلى بيته عدّ النقود مرة ثانية فوجدها صحيحة، أي أنه كان مخطئاً في العد الأول. فهذا الشخص آثم لأنه أضمر أن يأكل المال الزائد (مع أنه في الحقيقة لم يكن زائد). لقد حاك في صدره أن المال المدفوع إليه أكثر من حقه، وكره أن يطلع دافع المال على ذلك. فهذا إثم بالنسبة إليه. والذي جعله آثماً ليس كراهيته اطلاع الناس عليه، بل الذي جعله آثماً هو النصوص التي حرمت أن يأكل المسلم مال غيره من دون طيب نفس منه أو حق له. أما كراهيته اطلاع الناس فهي علامة على أنه يعتبر هذا الأمر مخجلاً ومهيناً أي حراماً، لأن الناس لا يخجلون من الحلال. فإذا صار لديه ترجيح أنه حرام فإنه يأثم إذا أقدم عليه سواء كان في حقيقته حراماً أم لم يكن.
أما إذا كانت عند الشخص مسألة من خصوصياته، وهو يعلم أنها حلال له ولكنه يكره أن يطّلع الناس عليها، في هذه الحالة لا يعتبر آثماً. لأن كراهية اطلاع الناس ليست علة في جلب الإثم.
وكذلك هناك أشخاص مردوا على المعاصي، فهم لا يستحون ولا يهتمون عند ارتكابها، ولا يخجلون إذا اطلع عليهم الناس. أي أن هؤلاء حين حاك ارتكاب المعصية في صدورهم لم يأبهوا إذا طلع الناس أو لم يطلعوا هؤلاء إثمهم أكبر لأنهم صاروا كمن يستحل المعصية.
السؤال 3: الشباب الذين يسافرون للدراسة في روسيا أو بلاد الغرب يرغبون في الزواج ولكن بنيّة الطلاق عند انتهاء دراستهم وليس بنيّة الزواج المؤبد. هل هذا جائز شرعاً؟
الجواب3:
إذا ذُكر في العقد أو شروطه مدة محددة للزواج كان الزواج باطلاً. هذا ما اتفق عليه الأئمة الأربعة: مالك والشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل.
أما إذا كان الزوج يضمر في نفسه نية الطلاق بعد مدّة دون أن يخبر المرة أو وليها بذلك، أثناء العقد ولا قبله ولا بعده فإن الزواج صحيح عند المالكية والأحناف، وهو باطل عند الحنابلة. ونحن ننقل عبارة الجزيري في (الفقه على المذاهب الأربعة): [المالكية: ولا يتحقق نكاح المتعة إلا إذا اشتمل على ذكر الأجل صراحة للولي، أو للمرأة، أو لهما. فإن لم يذكر قبل العقد أو يشترط في العقد لفظاً، ولكن قصده الزواج في نفسه فإنه لا يضر]. ونكاح المتعة هو نفسه النكاح لأجل. [الحنفية: وإذا نوى معاشرتها مدة ولا يصرح بذلك، فإن العقد يصح]. [الحنابلة: وإذا لم يذكر الأجل في صيغة العقد، ولكن نوى في سره أن يمكث معها مدة، فإنه باطل أيضاً، فلا يصح إلا إذا نوى أنها امرأته ما دام حياً].
فإن كان الشخص يقلد مذهباً من هذه المذاهب فهذه هي أحكامها. والذي نرجحه نحن هو ما ذهب إليه السادة المالكية والحنفية، لأن العقود هي من التصرفات القولية. والتصرفات القولية لا عبرة فيها للنية وإنما العبرة فيها بصيغة العقد. والنية هي مسألة بين العبد وربه لأن الله هو وحده الذي يطّلع على النوايا، أما المعاملات بين الناس فالذي يؤثر فيها هو صيغتها الظاهرة.
عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوّجْ، فإنه أَغضُّ للبصر وأَحْصَنُ للفرْج. ومَنْ لم يستطع فعليهِ بالصوم فإنه له وِجاءٌ» رواه الجماعة وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُنْكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها ولِحَسَبها ولجمالها ولدينها، فَاظْفَرْ بذاتِ الدينِ تَرِبَت يداك»
رواه الجماعة إلا الترمذي
1989-12-06