الحكم بما أنزل الله ورجس المجلس التأسيسي
2013/04/29م
المقالات
1,820 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكم بما أنزل الله ورجس المجلس التأسيسي
عبد الكريم حباشي*
أيها المسلمون، أيها الإخوة الكرام:
الحكم بما أنزل الله فرض ثابت بأمر الله: يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ويقول سبحانه وتعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).
كما أن الحكم بما أنزل الله ثابت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كانتْ بَنو إسرائيلَ تَسُوسُهُم الأنبياءُ كُلّمَا هَلَكَ نبيٌّ خَلَفَه نبيّ وأنّهُ لا نَبيّ بَعدي، وستكونُ خُلفاء فتكثُر، قالوا: فَما تأمُرُنا، قالَ فوا ببيعةِ الأولِ فالأول، وأعطوهُم حَقّهُم فإنّ اللهَ سائِلُهُم عمّا استَرعاهم».
ويقول صلى الله عليه وسلم: «من خَلَعَ يداً من طاعة لقيَ اللهَ يومَ القيامةِ ولا حُجّةَ لَه، ومنْ ماتَ وليسَ في عُنُقِه بيعة ماتَ ميتةً جاهلية» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع لخليفتينِ فأقتلوا الآخرَ منهما» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمْرُكم جميعاً على رجلٍ واحدٍ يريدُ أن يَشُقَّ عصاكم ويُفَرقّ جماعتَكم فاضربوا عُنُقه كائناً من كان»
فالحكم الشرعي هو وجوب نصب خليفة واحد للمسلمين، ووجوب أن تكون لهم دولة واحدة وهي الخلافة.
وإقامة نظام الحكم على هذا الأساس، هو ما عرفه المسلمون والعالم أجمع لأكثر من ألف وثلاثمائة عام، عمرت فيه بلاد المسلمين، وفرح به المؤمنون وعزوا به، وصعق به أعداء الإسلام وذلوا…وهو ما بشَّر به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة».رواه أحمد.
فهل بعد هذا الكمال في الإسلام، نُساق كالأنعام إلى نُظم الحكم الديمقراطية الغربية الوضعية العفنة، ونترك هذا الشأن الجلل العظيم الذي أمر به الله ليجمع أمة الإسلام في دولة واحدة تحت نظام حكمٍ واحد، ليُترَك عرضة للأهواء والآراء، وتعارض المصالح بين البشر؟!!!
أيها المسلمون، أيها الإخوة الكرام:
إن الحكم بما أنزل الله في الكبيرة والصغيرة هو فرض وأي فرض . بل هو معلوم من الدين بالضرورة وليس مجهولاً.
إن وجوب الحكم بما أنزل الله والعمل له أمر معلوم من الدين بالضرورة…
وغير ذلك من نظام الحكم الديمقراطي هو نظام كفرٍ مبنيٌ على غير العقيدة الإسلامية، لأنه مبنيٌّ على أساس عقيدة فصل الدين عن الحياة والدولة، فهو نظامٌ يقوم على حكم الشعب لنفسه، فالشعب هو صاحب السيادة في سن القوانين والتشريعات بما تصوِّت عليه الأغلبية بغض النظر عن كونه حلالاً أم حراماً، وهذا فيه منازعة لله في حكمه، وهذا ما يحدث في هذا البلد الطيب أهله، إذ إن فيه مجلس تأسيسيٌّ نكرة يشرِّع دون النظر حتى في المدونات الفقهية الإسلامية التي لم يحتاج معها المتمسكون بالحكم بما أنزل الله على مدى مئات السنين إلى ترجمة الدساتير الغربية…
فالدولة المدنية أو الديمقراطية أوالعلمانية اللائكية هي تسميات لمعنى واحد، وفيها احتكام للبشر ومنع للاحتكام لرب البشر.
يقول سبحانه وتعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ويقول سبحانه وتعالى: ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) ويقول سبحانه وتعالى: ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ).
أيها المسلمون، أيها الإخوة الكرام:
إن هذا النظام الجمهوري هو نظامٌ علماني ديمقراطي وإن اتّشح بثوب الإسلام، أو أُلبس ثوب مرجعية إسلامية كما يسوقون له اليوم ليخفوا وجهه القبيح، إضافةً إلى أنه هو نفسه النظام الذي أذاقكم الويلات لأكثر من خمسين سنة، بل وأذاق جميع من عاشوا فيه في بلاد المسلمين الذل والهوان والخضوع للغرب الكافر على يد عملائه رؤساء هذه الجمهوريات.
أيها المسلمون، أيها الإخوة الكرام:
هذه كلمتي لكم أقولها ولاأخاف في الله لومة لائم، أردت قولها لتبرئة الذمة أمام الله، وفيها إنكار منكر ودفع خطيئة فظيعة مميتة هي التحاكم لغير ما أنزل الله… هي كلمة ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ». والجور هنا واضح، والظلم أوضح، وهو جور وظلم الحكم بغير ما أنزل الله.
إن الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام التي شرعها رب العالمين، ولم يعرف المسلمون غيرها، ولم يحيدوا عنها قيد شعرة، وهي السبيل الوحيد لتطبيق شرع الله تطبيقاً كاملاً شاملاً في الحياة، وبها يُحمل الإسلام دعوة للعالم بالدعوة والجهاد، وهي السبيل الوحيد لوحدة المسلمين وعزهم وقوتهم وإشاعة العدل بينهم وبين جميع الناس.
إلى هذا ندعوكم للعمل من أجل إقامة الإسلام ونوال رضوان الله في الدنيا والآخرة، ونحذركم مما يحاك ضدكم لخداعكم من قبل النظام الذي لم يسقط، بل التفَّ على الثورة… فاجعلوها ثورة حتى الخلافة…اجعلوها ثورة حتى الحكم بالإسلام كاملاً غير مجزَّأ .يقول الله سبحانه وتعالى: ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) ويقول الله سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.q
________________________________________________________________________
* كاتب من تونس
2013-04-29