أميركا تطغى وتتجبر
1991/12/06م
المقالات
1,659 زيارة
بالأمس فعلت أميركا فعْلتها بالعراق وبالخليج، وما زالت. وها هي الآن تتخذ الإجراءات وتقوم بالاستعداد من أجل فَعْلة مشابهة ضد ليبيا.
صحيفة (صندي تلغراف) البريطانية في 01/12/91 ذكرت أن طائرات أميركية من طراز (اف – 111) القاذفة المقاتلة المتمركزة في بريطانيا بدأت إجراء تمارين قصف حي لتكون جاهزة لضرب ليبيا عندما تصدر إليها الأوامر. وهذه التمارين تجري في جزيرة غارب غير المأهولة والواقعة في شمال غربي سكوتلندا. وكانت هذه الطائرات أجرت مثل هذه التمارين عام 1986 عندما انطلقت من بريطانيا وقصفت ليبيا.
المؤشرات تدل على أن أميركا جادة بالقيام بأعمال ضد ليبيا، والأرجح أنها لن تكتفي بالمقاطعة والحصار الاقتصادي بل تريد أن تفرض سيطرتها على ليبيا ولو بالوسائل العسكرية، لتفرض بعد ذلك سيطرتها على دول شمال أفريقيا.
أميركا تتذرع بالاتهام الذي وجهته إلى ليبيا بإسقاط طائرة مدنية أميركية. وبغض النظر عن صحة الاتهام أو كذبه فإن ليبيا تطلب تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في المسألة، وقالت بأنها مستعدة لاستقال اللجنة ووضع الأشخاص المتهمين بتصرفها للتحقيق معهم لكن على الأرض الليبية. ولكن أميركا ترفض ذلك وتريد استلام الأشخاص للتحقيق معهم في أميركا وليس في ليبيا. وهذا يعني أنها تريد أن تنتزع منهم اعترافاً وإدانة لليبيا من أجل تبرير ضربها. وإذا رفضت ليبيا تسليمهم لأميركا، فستتخذ أميركا ذريعة لضرب ليبيا.
هذا نموذج من النظام العالمي الجديد. أميركا جعلت من نفسها حاكماً للعالم، وأعطت نفسها صلاحية المحقق الذي يصدر الاتهام، وصلاحية القاضي الذي يصدر الحكم، وصلاحية الشرطي الذي ينفذ العقوبات، والعالم كله (بما فيه الدول الكبرى) لا يجرؤ على مخالفة أوامرها.
أميركا هذه أليست ارتكبت وترتكب جرائم أفظع من إسقاط طائرة ركاب مدنية؟
أليست أميركا هي التي أسقطت القنابل الذرية على هيروشيما ونازاكي في اليابان وقتلت وشوهت مئات الآلاف من البشر؟
أليست أميركا هي التي زودت إسرائيل بكل أنواع الأسلحة ودعمتها بكل المواقف السياسية من أجل تشريد ملايين من شعب فلسطين، والاستيلاء على سيناء والضفة وغزة والجولان؟
أليست أميركا هي التي سمحت لإسرائيل باحتلال لبنان وتدمير عاصمته عام 82؟
أليست أميركا هي التي ما زالت تشجع إسرائيل على احتلال الأرض والاعتداء على السكان والعربدة في كل مكان؟
أليست أميركا هي التي أغرت العراق وورطته في احتلال الكويت ثم اتخذت ذلك ذريعة لتدمير العراق والنزول في السعودية والخليج من أجل إحكام قبضتها على النفط؟ لا تستطيع أميركا أن تخفي حقيقتها عن العالم فهي مفضوحة. إنها دولة استعمارية مصاصة دماء. تتظاهر بالإنسانية والسلام والمحافظة على القانون الدولي، ولكن هذا كله كذب وخداع.
بالأمس ضربت العراق وأحكمت قبضتها على نفط السعودية والخليج. والآن تهيئ الضربة لليبيا لتسيطر على نفطها وعلى نفط الجزائر وعلى شمال أفريقيا وثرواتها كلها. وبعد ذلك تنتقل لتفتش على فريسة دسمة في العالم الثالث والعالم الثاني (وهي تشتغل الآن بدول الاتحاد السوفياتي) وعندما تنتهي من أكل العالم الثالث والعالم الثاني فستتحول لأكل دول العالم الأول (أي دول المعسكر الغربي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا واليابان… الخ).
أميركا الآن تفرض دكتاتوريتها على العالم
1991-12-06