بين الكتلة والهدف الذي تسعى إليه وطريقة تحقيقه
1989/05/06م
المقالات
2,545 زيارة
إن الجمعيات والتكتلات والأحزاب توجد عادة لتحقيق أهداف معينة، رسمتها لنفسها، أو آمنت بها وحددت الكيفية أو الطريق التي تتبعها في الوصول لهدفها. هذه هي حقيقة الجمعيات والكتل والأحزاب، لا تكاد تخرج واحدة منها عن هذه القاعدة، وتتخلص هذه بثلاثة مواضيع.
أولاً: بناء جسم الكتلة أو الحزب أو الجمعية.
ثانياً: الهدف الذي تسعى إليه.
ثالثاً: الطريقة في الوصول إلى الهدف.
أولاً ـ بناء جسم الكتلة أو الحزب أو الجمعية:
عند تأسيس جمعية أو حزب من قبل فرد أو أفراد، يصار إلى وضع تصور معين لكل فرد فيه والشروط والصفات والمؤهلات التي يجب أن يحوز عليها الفرد حتى يصلح لأن يكون عضواً في هذه الجمعية أو الحزب، وتتوقف هذه الشروط والصفات والمؤهلات على طبيعة هذه الجمعية أو ذاك الحزب فهناك الجمعيات المهنية، والتي تكون شهادة التأهيل هي حجر الزاوية في القبول أو الرفض بالإضافة إلى غيرها من الشروط، وهناك الجمعيات الخيرية، وتشترط كذلك صفات ومؤهلات غير الشروط والمؤهلات التي تشترطه الجمعيات المهنية، فجمعية المحافظة على القرآن الكريم، أو جمعية بناء المساجد أو جمعية الكشافة الإسلامية تشترط شروطاً وصفات تختلف تماماً عن جمعية الصليب الأحمر أو الإخاء الوطني أو غير ذلك.
وكذلك الحال بالنسبة إلى الكتل والأحزاب. فإن كل تكتل أو حزب يضع صفة مميزة لمن يريد الانتساب إليه، ويضع حداً أدنى من المؤهلات أو الصفات التي يتمتع بها، ثم يجري إعداده حتى يصل إلى مركز المسؤولية حسب قدرته وكفاءته.
وباختلاف القاعدة الفكرية لهذه الجمعيات والأحزاب، يكون الاختلاف بين الشروط والصفات والمؤهلات التي يشترط وجودها في الفرد حتى يصبح مقبولاً لعضوية هذه الجمعية أو الحزب. فالأحزاب والجمعيات الإسلامية لا تقبل أحداً في صفوفها، ولا تضم فرداً لجسمها إلا إذا كانت عقيدته إسلامية، وملتزماً بعبادته، وأخلاقه إسلامية، ومقياسه في المعاملات الحلال والحرام. فهذا هو أدنى مستوى من الصفات التي لا بد من توفرها فيمن هو مرشح لدخول إحدى هذه الجمعيات أو الأحزاب الإسلامية، فلا تقبل في صفوفها كافراً، ولا تقبل من أفرادها فاسقاً يجهر بالمعصية ولا تسمح لأي منتسب لها بممارسة أي عمل مناف للأخلاق، ويجب أن يتقيد كل فرد بالحلال والحرام. هذا هو أدنى مستوى مطلوب، ويتفاوت الأعضاء فيه قوة وضعفاً، فمن مُلتزم بالفروض إلى ملتزم بالفروض والسنن المؤكدة، إلى ملتزم بالفروض وما هو فوق الفروض من السنن والنوافل، إلى الإلمام بمجموعة من الأحكام، إلى غير ذلك من التفاوت في الطاقات والقدرات والاتجاهات.
هذا هو الأساس الذي تقوم عليه الجمعيات والأحزاب الإسلامية، ولا مجال مطلقاً للطعن أو الاتهام أن هذه الجمعية أو تلك لا يلتزم أفرادها بجميع الصفات والأحكام التي يأمر الإسلام بها، ولو حسب فهم معين، بناء على رأي فقهي معين.
وعلى هذا الأساس يبنى جسم الكتلة أو الجمعية أو الحزب الإسلامي. أما الأحزاب والتجمعات والتنظيمات غير الإسلامية فلها شروطها كذلك، ولها تصور محدد لصفات من ينتمي إليها، قد لا تؤخذ العقيدة، أو العبادات بعين الاعتبار.
فالجمعيات والتنظيمات والأحزاب المادية أو العلمانية، لها قواعدها ومقاييسها في صفات الأفراد المقبولين في صفوفها. والتنظيمات المهنية والنقابية لها كذلك معاييرها ومقاييسها في الصفات الفردية التي تؤهل الفرد ليكون عضواً فيها.
ثانيا ـ الهدف الذي تسعى إليه:
وكما كان بناء حجم الكتلة مختلفاً فيه كذلك فإن الأهداف، قد تتفق وقد تتلاقى في خطوط عريضة، أو قواعد عامة. وتختلف فيما دون ذلك. وقد تختلف بالكليات والجزئيات. والكل بلا استثناء يقول أن هدفه الإصلاح. وتحت هذا العنوان تندرج قائمة طويلة عريضة من الأهداف وبنظرة بسيطة إلى واقع جميع الحركات العاملة للإصلاح نرى أنها تقسم إلى قسمين، قسم يرى الإصلاح على أساس الدين، وقسم يرى الإصلاح بغير ذلك.
أما من يرى الإصلاح بغير الدين فلست بمعرض الرد عليه، ولنا معه شأن آخر، لأن البحث الآن هو في الإصلاح القائم على أساس الدين والعقيدة. فالنظرة العميقة في الفئات والجمعيات والأحزاب القائمة على أساس الإصلاح المبني على العقيدة الإسلامية، والتي تشترط على منتسبيها الالتزام بأحكام الإسلام كافة، ولا تقبل في صفوفها من لا يعتقد عقيدتها، ومن لا يلتزم بأحكام الإسلام، ومن لا يتخلق بأخلاق الإسلام. وبالطبع كل بحسب مذهبه الذي يدين به. والنظرة العميقة إلى جميع هذه الفئات تُري أنها لا تعدو ثلاثة اتجاهات.
1- الاتجاه الفردي المحض: وهو الذي يرى أن النجاة والصلاح والفوز في الآخرة هو في المثل القائل: «كل شاة تعلق بعرقوبها» ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ[. فالنجاة في اعتزال الناس. والابتعاد عن مشاكل المجتمع، ولو بغنم تتبع بها شعاب الجبال. أو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت. فالمهم أن تنجو بنفسك. وهذا ما ينطبق في الغالب على خطباء المساجد خصوصاً موظفي الأوقاف.
2- الاتجاه الفردي للوصول للمجتمع: وهو الذي يرى أن المجتمع مكون من أفراد وبالتالي أصلح الفرد يصلح المجتمع.
3- الاتجاه الجماعي: وهو الذي يرى أن المجتمع هو جماعة من الناس تربطهم علاقات دائمة. ونظام سياسي ينتظم هذه العلاقات. ففساد المجتمع من فساد علاقاته ونظامه، وصلاحه من صلاح علاقاته ونظامه.
هذه هي الاتجاهات الثلاثة للإصلاح والعودة بالمسلمين إلى عهد عزتهم ومجدهم. وقد رسم كل اتجاه من هذه الاتجاهات طريقة خاصة للوصول إلى هدفه، وتحقيق غايته، وكل يدعي أن هذه هي طريقة رسول الله r في الدعوة.
ثالثاً: الطريقة في الوصول إلى الهدف:
1- من الطبيعي جداً أن الطريقة في الوصول إلى الهدف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالهدف وترسم الأساليب وتضع الوسائل المناسبة، لتحقيق الهدف. فمن يرى أن المجتمع مكون من أفراد فإنه يبحث عن مقومات الفرد التي عليه أن يستعملها، ويضع منهاجاً للعمل ووسائل معينة تمكنه من جلب الأفراد ومحاولة القيام بالإصلاح الفردي. من عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملة. فإذا ما تم إصلاح هذا الفرد عليه أن يقوم بإصلاح أسرته ـ بالأسلوب الفردي كذلك لأن المجتمع مكون من أفراد، والأسرة مكونة من أفراد. ومن هنا يكون عمل هذه الكتلة المؤمنة مقتصراً على ما هو من شؤون الفرد وكيفية إصلاحه. ويكون منهجاً مقتصراً على ما ينمي مقومات الفرد هذا من افتراض الإحسان في تحقيق هذا الأمر.
ففي العقيدة: تتولى هذه الكتل المؤمنة الصالحة. شرح أركان العقيدة والأفكار المتعلقة بها. بحيث تجلو كل غموض وتزيل كل إبهام وتمحو كل غشاوة عن العقيدة والأفكار المتعلقة بها، فتبين أن الإيمان بوجود الله عقلي، كما أن العقل يستطيع أن يدرك ما تقتضيه صفات الألوهية، كما يستطيع العقل أن يدرك أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، فترشد الفرد إلى كيفية إقناع العقل بأن القرآن كلام الله تعالى، وكذلك بالنسبة إلى الإيمان بنوة محمد r. وأما أركان العقيدة الأخرى كالإيمان بيوم القيامة والإيمان بالملائكة والإيمان بالأنبياء السابقين والإيمان بالكتب السماوية السابقة، والإيمان بالجنة والنار والحساب وغير ذلك فإن أدلته نقلية إلا أنها يقينية من حيث أنها جاءت في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. كما تبين له أي للفرد المطلوب صلاحه أن المقياس لصحة العقيدة هو القناعة العقلية وموافقة الفطرة، والإسلام هو دين الفطرة.
هذا ما تقوم به الكتلة المؤمنة من حيث صلاح عقيدة الفرد. أما من حيث العبادات، فهي تبين له أن في العبادات فروضاً وسنناً ونوافل فعليه أن يقوم بالفروض وما هو فوق الفروض من سنن ونوافل بحيث ترتقي نفسيته بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
وكذلك الحال في الأخلاق فعليه أن يتصف بكل صفة حميدة، صاحب نخوة ومروءة ويبتعد عن كل رذيلة أو مفسدة.
وأما في معاملته فعليه دائماً الالتزام بالحلال والحرام في كل معاملاته.
وجميع ذلك يقتضي أن تضع هذه الجماعة المؤمنة الداعية إلى الإصلاح ثقافة عامة ومجموعة من الأحكام الشرعية التي تلزم الفرد في جميع مقوماته من عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملة. وتقوم بتثقيف الأفراد على هذا الأساس لتصل من ذلك إلى صلاح الفرد والأسرة والمجتمع. وتعود للأمة عزتها ومجدها. وترتفع راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله. كيف…؟
2- أما الفئة المؤمنة الثانية والتي ترى أن المجتمع مكون من جماعة من الناس بينهم علاقات دائمة، وصلاح المجتمع وفساده موقوف على هذه العلاقات. فإن هذه الفئة، عليها أن تضع تصوراً كاملاً لما يبج أن تكون عليه العلاقات، وتصوراً كاملاً للنظام المسيِّر لتلك العلاقات.
لهذا لا بد أن يكون لديها تصور كامل لنظام الحكم وللنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي نظام العقوبات، عن علاقات الجماعة مع غيرهم كالعلاقات الدولة والمعاهدات وحالات الحرب والسلم وغير ذلك.
أي أن يكون لها دستور كامل يبين شكل الدولة وأجهزتها وصلاحية كل جهاز، وليبين بقواعد عامة علاقات الناس ببعضهم وعلاقاتهم بالدولة وعلاقات المسلمين بغيرهم وهكذا.
وتقوم هذه الفئة المؤمنة بمحاولة أخذ ثقة عامة الناس بهذه الأفكار والنظم وبالتالي ثقة عامة الناس بِحَمَلَةِ هذه الأفكار والنظم بغض النظر عن عددهم وجمهورهم. إذ من الممكن أن تؤمن الأمة بهذه الأفكار وتعلن انقيادها لها وانقيادها لحملتها، ولو كانوا بضعة نفر، فإذا ما تم لهم ذلك قامت مراكز القوة في الأمة بتسليمهم الأمر وطبقوا ما رسموا من أفكار ونظم، وارتفعت راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعاد للمسلمين عزهم ومجدهم.
وأما الفئة الثالثة: وهي الفئة التي تتجه اتجاهاً فردياً محضاً، وهي ما عليه غالبية الفئات الإسلامية. وهي التي تدعو باستمرار إلى العودة إلى الله ومل تحدد لها كيفية أو غاية أو هدفاً إلا أنها تقوم بالدعوة إلى الله، وبالتالي فإن الله سبحانه وتعالى يقوم هو بتغيير المجتمع حين يتغير الناس.
وبإيجاز، إن عمل الفئة الأولى القائلة بصلاح الفرد مقتصر على ما هو من شؤون الفرد وهذا هو عمل الكتلة أو الجماعة أو الحزب، مهما كثر عدد أفراده، فعمله هو إصلاح الفرد فقط فإذا التزمنا هذه القاعدة كأساس للعمل. فإن مهمة هذه الجماعات الإسلامية مقتصرة فقط على صلاح الفرد وتهذيب سلوكه. وتنمية ثقافته الإسلامية المتعلقة بشؤون الفرد. أما ما هو من شؤون المجتمع، وما يقوم عليه المجتمع، وما يجري في المجتمع من علاقات، فهذا ليس من شأن هذه الجماعات، لأنه لا علاقة للفرد بها، وبالتالي فهي لا علاقة لها بصلاحه أو فساده.
فلو افترضنا أن مجتمعاً مكوناً من عشرة ملايين نَسَمَة ووجد فيه تكتل أو حزب يقوم على فكرة أساسية هي إصلاح الفرد ليصلح المجتمع، وبداهة أن يبدأ هذا التكتل بفرد ثم مجموعة أفراد آمنوا بوجوب التغيير، وكانوا بضعة نفر ثم تنامى هذا التكتل حتى أصبح مئات من الأفراد. واستمر بسيره يصلح الأفراد فيضم من يضم إلى جسمه، ويصلح من يصلح ولو لم ينضم إلى جسمه وبقي مؤيداً أو نصيراً. ومن البديهي أن يضع هذا الحرب أو التكتل برنامجاً خاصاً وثقافة معينة تقوم على صلاح الفرد، عقيدة وعبادة وأخلاقاً ومعاملة وبرنامجاً رياضياً صحياً إلى غير ذلك مما هو من شؤون الفرد. فبلغ عدد من تم إصلاحهم ما يزيد عن ستة ملايين، وعدد من تم صلاحهم وانضموا إلى جسم هذا التكتل مليوني وبقي مليونان لم يتم إصلاحهم بعد فهل يتغير المجتمع مع بقاء كافة النظم قائمة فنظام الحكم القائم، ملكي أو جمهوري ديمقراطي.
والدستور دستور علماني ديمقراطي.
والقوانين وضعها مجلس النواب.
والنظام الاقتصادي رأسمالي.
وهكذا كافة النظم والعلاقات القائمة في المجتمع من يتولى تغييرها؟ فالأفراد حسب القاعدة لا دخل لهم في ذلك، فإن قيل أنه حينذاك تبدأ الخطوة الثانية بإيجاد هذه الأفكار والأحكام المتعلقة بهذا الجانب، وهي موجودة في بطون الكتب، وتوضع عند الحاجة، والسؤال من يضعها فهي لم تدخل ضمن صلاح الفرد وليست من مقوماته، ولم يتثقف بها لا فرد ولا مسؤول. فمن يضعها موضع التنفيذ. بل إنها لم تكن متصورة في الذهب وعلى هذا فإنه لو بلغت نسبة الإصلاح 100% من الأفراد في المجتمع الواحد، ولم توضع مقومات المجتمع في حسبانهم فإن مجتمعهم سيبقى مجتمعاً فاسداً وذلك بسبب فساد النظم والأحكام المطبقة فيه. خصوصاً وأنه حسب تلك القاعدة لا شأن للأفراد بها.
فالطريق ليست الطريق الموصل إلى صلاح المجتمع. فهي فردية وتنتهي بالفرد.
أما الفئة التي تقول بصلاح المجتمع فهي فئة مؤمنة كما قلنا ولا تقبل في أعضائها أي إنسان لا يتصف بصفات الإسلام ولا يعتقد عقيدته ولا يلتزم أحكامه كما قلنا عن جميع الفئات الداعية إلى الإسلام. إن هذه الفئة المؤمنة كذلك بدأت بفرد ثم مجموعة أفراد آمنوا بوجوب التغيير، فانطلقوا في عمليتهم حسب تصورهم لواقع المجتمع. من حيث أنه مجموعة من الناس بينهم علاقات دائمة، وينتظم هذه العلاقات نظام تقوم على تنفيذه فئة من الناس. وترى أن فساد المجتمع بفساد هذه النظم وصلاحه بصلاحها. إذن فالمطلوب هو تغيير هذه النظم فيتغير المجتمع تبعاً للنظم الجديدة.
إلا أن هذه العملية تتطلب ما يلي:
1- وضوح الصورة عن الهدف المنشود وذلك بتحضير هذه النظم وبلورتها وعرضها على الناس، حتى تحصل ثقة الناس بها.
2- بيان فساد ما بين الناس من نظم مطبقة عليهم حتى تنقطع ثقتهم بها.
3- التصدي للفئة المطبقة للنظم هذه الثبات على مقاومتها لنزع ثقة الناس منها وتجريدها من قواها.
4- العمل على تنمية جسم هذا التكتل. حتى يتمكن من القيام بأعبائه.
فإذا اطمأن لقدرته على تحمل المسؤولية، ونجح في أخذ ثقة الأمة، وجرّد الفئة الحاكمة من قواها، أخذ من قوة الأمة من يبعد الفئة الحاكمة. ويفسح المجال لهذا التكتل بوضع نظمه وقوانينه موضع التنفيذ، خصوصاً وأنه لم يُخْفِ شيئاً عن الأمة أثناء سيره ومحاولته أخذ ثقتها.
فإذا وضعت هذه الأحكام والنظم موضع التنفيذ وقاد هذا التكتل الأمة في طريقه صار المجتمع مجتمعاً صالحاً، بأفراده وأسرته وعائلاته وتجمعاته وكل شيء فيه.
وقد لا يزيد عدد هذا التكتل عن بضع مئات، إن لم أقل بضع عشرات، فإذا وضعت الأمة، مع ما فيها من هزال، ثقتها في شخص أو جماعة، استطاع هذا الشخص أو الجماعة قيادتها، وبذلت له الغالي والنفيس في سبيل تحقيق غايتها التي هي غايته.
ومن الممكن أن يتمكن مائة شخص فقط في مجتمع قوامه عشرة ملايين. بما لهم من إيمان وقوة وقدرة على التضحية، وحسن رؤية وتصور لما يريدون، ومواقف تضحية. ووعي سياسي، قد يتمكن هؤلاء المائة من أخذ ثقة الناي، وكسب تأييدهم المطلق، والاندفاع لخلع حاكمهم، وتسليم السلطة والحكم لهذه الفئة القليلة لما طرحت عليهم من أهداف وما بلغتهم من أماني، فمقومات المجتمع هي عرف عام ونظام.
1989-05-06