مقابلة: الأخ عنايت الله خليل رئيس تحرير مجلة «المجاهدون»
1989/04/05م
المقالات
2,028 زيارة
أجرى هذا الحوار مراسل «الوعي» في باكستان وذلك في شهر شباط 1989م.
الأخ عنايت الله خليل رئيس تحرير مجلة المجاهدون (الصادرة عن منظمة جمعية إسلامي أفغانستان) تابع الأحداث التي حصلت في أفغانستان أولاً بأول للوضع القائم كثيراً والتقى بزعماء المنظمات وتحادث معهم عبر السنوات الماضية.
فكان لنا معه هذا اللقاء:
س- نود في البداية سؤالكم بصفتكم من رجال الصحافة والفكر على الساحة الأفغانية ـ عن تصريحات نسمعها منذ سنوات طويلة أن المجاهدين يسيطرون ومنذ سنوات على 90% من أراضي أفغانستان؟
ج- الحمد لله رب العالمين، وبعد بدأ الجهاد الأفغاني على شكل حروب عصابات نظراً لطبيعة القتال ولعدم التوازن في القوى وتكاتف الجهود بين الروس والحكومة العميلة. بينما كانت أسلحة المجاهدين لا تقاس بأسلحتهم، إلى أن استطاع الجهاد أن يشمل كل أفغانستان.
أما التصريحات حول نسبة الأراضي المحررة، فالواقع أن طبيعة الحرب بين كرّ وفرّ تجعل من غير الممكن تحديد نسبة ثابتة لما هو محرر. إنما نقول إنه شيئاً فشيئاً استطعنا أن نوجد نوعاً من توازن القوى وبالتالي استطاع المجاهدون أن يحرروا أكثر من 90%.
س- هل يمكننا القول إذاً أن 90% من الأراضي تحت سيطرة المجاهدين يتحركون بها كما يريدون وخاضعة لسيطرتهم؟
ج- نحن نعلم أن الروس قادرون على الانتصار واسترجاع بعض المناطق، ولكن ما نقصده هو أن المجاهدين يستطيعون أن يتحركوا بحرية في نسبة الأراضي المذكورة.
س- المساعدات التي تأتي من الحكومات في العالم الإسلامي وغيره. ألا تخشون أن تكون هذه المساعدات أداة للضغط على قرار المجاهدين يوماً ما؟
ج- المجاهدون منذ البداية لم يعتمدوا على المساعدات المشروطة ولكنهم يحرصون في المساعدة أن لا تكون مشروطة، كما أنهم يعتمدون على مساعدات القوى العربية والغربية كما أن من واجب الحكومات والشعوب في العالم مساعدة الأفغان.
ولذا فإننا نرى أن تلك المساعدات حين تكون في مجراها الصحيح فإنها لا تؤثر على المجاهدين أي حين تكون عن طريق زعماء المجاهدين الحقيقيين بدون أي شروط أو تدخل.
س- ولكن هذه الحكومات لا تحكم بالإسلام بل هي ضد الإسلام ودعاته لا يمكن أن تكون نيتهم حسنة وأنهم يقدمونها خدمة للإسلام؟
ج- نحن نرى أن مساعدات الحكومات إذا لم تكن من منطلق الواجب الإسلامي فإنهم يقدمون المساعدة للحفاظ على عروشهم، خوفاً من وصول الروس إلى بلادهم ليصلوا إلى المياه الدافئة، فأفغانستان ستكون البوابة للدخول إلى تلك الدول.
س- (الوصول إلى المياه الدافئة) جملة أول من قالها كارتر (الرئيس الأميركي) ولا نظنه صادقاً في تحذيره للمسلمين حين طرحها بل لأجل الوصول إلى فرض السيطرة الأميركية على المنطقة، ثم إن روسيا بدل أن تأتي لتمثل أفغانستان وتنطلق لاحتلال الدول الأخرى للوصول إلى المياه الدافئة. بدل ذلك كانت تستطيع امتلاك تركيا أو إيران أو باكستان وتصل بالتالي إلى المياه الدافئة مباشرة باحتلالها لتلك الدولة فقط؟
ج- نحن لا نستطيع القول إن روسيا لا تريد الوصول إلى المياه الدافئة ولذا فقد كان السد والعائق الكبير بينها وبين المياه الدافئة أفغانستان والصين. ولذلك نجدهم لا يصرحون بذلك ولكن المياه الدافئة أمر مهم جداً بالنسبة لهم لإيجاد التوازن مع الغرب.
س- لنتحدث الآن عن الأيام القادمة… فأنتم تتوقعون قيام دولتكم قريباً جداً، فما هو شكل الدولة التي تريدون جمهورية أم ملكية أم خلافة؟
ج- الحمد لله إن الجهاد في أفغانستان منذ البداية وبنصر من الله ـ كان لأجل إعادة الدولة الإسلامية ومن هذا المنطلق رأى العالم أن المجاهدين بهذا العزم الصادق وتأييد الله استطاعوا تحرير بلادهم.
ولا شك أن شعب أفغانستان ينتظر قيام دولته الإسلامية ولا نستطيع حتى ذلك الوقت أن نقول ما هو نوع النظام، المهم أن لا يكون ملكيا!!
وعلى كل حال نجد أن الشعب لا يقبل بغير الحكومة الإسلامية.
س- الحكم الإسلامي مطلب الجميع، ولكنكم كجمعية وجدتم قبل الاجتياح بكثير، فلا بد أن يكون لديكم التصور للدولة المستقبلية، فلو حدثتمونا قليلاً عن تصوركم للدولة التي تريدون؟
ج- المستقبل في علم الله وحده ولا نجزم بالقول للمستقبل ولكن حسب تصورنا وحسب إرادة وتوقع الشعب المسلم في أفغانستان فنحن نريد دولة إسلامية في أفغانستان حسب الشريعة الإسلامية تأخذ قواعدها من الشريعة ولتطبيق الشريعة وكتاب الله.
وستعمل على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخلياً وخارجياً. ونحن نأمل أن تكون الدولة دولة إسلامية، ونأمل أن يكون الدستور حسب الشريعة الإسلامية، ولكن لم يحدد للآن دستور للدولة القادمة.
س- قلتم إنكم تريدون دولة إسلامية، ولكن المعلوم عن الدولة الإسلامية أنها ستعمل على ضم البلاد الإسلامية لها لتكون دولة واحدة وتوحد المسلمين. ولكنكم تقولون بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؟
ج- القصد من ذكر عدم التدخل في الشؤون الداخلية هو عدم التدخل في تقرير مصير دولة من الدول أو وضع الدستور أو الاحتلال العسكري هذا هو التدخل الغير صحيح.
وهذه التقسيمات للدول الإسلامية لا نؤمن بها لأنها من تقسيم الاستعمار. ولكن العالم الإسلامي اليوم يعيش في ظروف تجعل من تدخل دولة بدولة أخرى أمر غير سليم. ولكن بالنسبة للجيران فنحن نأمل أن لا تكون أفغانستان الدولة الوحيدة التي تطبق الشريعة الإسلامية. ونحن نؤمن بأن أفغانستان هي لكل المسلمين، ولذلك نريد أن تكون العلاقات بين المسلمين علاقة حسنة وطيبة، أي لا نريد تحديد الحدود أو سدها أمام المسلمين حتى لا تتدخل دولة أخرى!!!
س- إذاً ما الذي سيحدد علاقتكم بالدول الأخرى وهل ستعملون بطريقة ما لتوحيدها بدولة واحدة؟
ج- إن ما نريده هو النظام الإسلامي المنبثق من الإسلام طبقاً للظروف الموجودة وبقدر الإمكان. فقد كانت كل هذه الدول ضمن دولة واحدة هي دولة الخلافة ولكن القضاء على هذه الدول أمر غير واقعي، ولكننا نقول إن العلاقات يجب أن تنبثق من الشريعة الإسلامية.
س- ولكن الإسلام لا يخضع للظروف بل نُخضع الظروف للإسلام، فالواجب على المسلمين أن يكون لهم دولة واحدة ورئيس واحد، ولا يجوز لهذه الدولة أن تقيم علاقات مع الدول القائمة في العالم الإسلامي؟
ج- نعم الإسلام لا يخضع للظروف. ولكننا نرى العالم لا يريد أن تقوم خلافة إسلامية وأن يكون هناك خليفة واحد، وهذا هو وضعنا. ولكننا نريد أن نبدأ بحكومة إسلامية ثم يكون الواجب على الفقهاء والعلماء وأهل الحل والعقد لتوسيع هذه الفكرة في العالم الإسلامي حتى يوجد التفاهم بين المسلمين في الأفكار والأحكام الإسلامية.
فالعالم لا يسمح بقيام دولة إسلامية (خلافة) ولذلك نحن نسعى لأن نطبق ما نستطيعه فإذا لم نستطع إيجاد خليفة فأقل واجب ننظر إليه هو إيجاد التفاهم بين المسلمين وتوسيع هذه الفكرة بينهم.
وفي الختام نشكر الأخ عنايت الله إتاحته الفرصة لنا للقائلة آملين أن يجمعنا الله معه عما قريب في ظل دولة الخلافة التي هي أمل الأمة المنشود…
1989-04-05