اللباس الشرعي هو كرامة للمرأة
1988/09/05م
المقالات
2,919 زيارة
بقلم: إيمان علي سليمان
البقاع ـ لبنان
الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمة ويكافي مزيده، والصلاة والسلام على مولانا محمد البشير النذير، والداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، ورضي الله تبارك وتعالى عن صحابة رسول الله ومن سار سيرهم إلى يوم الدين.
قال عز وجل: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلآَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). في هذه الآية الكريمة يأمر الله زوجاته وبناته والنساء المسلمات بالستر والحجاب الكامل، لأن النساء كنّ يخرجن في أول الإسلام سافرات متبرجات على عادة الجاهلية، فأمر الله نبيّه الكريم أن يأمرهن بالستر والحجاب ويمنعهن عن التبرّج والسفور فقال سبحانه: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ).
(ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ) أن الحجاب يكون للمرأة كرامتها المحفوظة والسمعة الطيبة وتعرف بالعفّة والصلاح في المجتمع (فَلاَ يُؤْذَيْنَ) لا يتعرّضن للمضايقات والنظرات والاعتداء من قبل المستهزئين والمنحرفين، لأن الحجاب يحجر المرأة المحجبة عن أطماع أهل الفسق والمجون (التهتك والخلاعة) لأنها مستورة الجمال والمحاسن، لا يظهر منها شيء، ولأن الفاسق إذا عرف أن المرأة صالحة ومحافظة لا يتعرض لها بسوء.
وقال جل جلاله: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).
في هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه المسلمين إذا سألوا أزواج النبي متاعاً أن يسألوهنّ من وراء الستر والحجاب.
وقوله تعالى: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).
في الحقيقة أن الاختلاط وإزالة الحجاب بين النساء والرجال يؤدي إلى الفساد والفتنة، وقد حارب الله الفساد وحرّمه بجميع أشكاله ومظاهره، ومنها السفور والاختلاط الذي يحصل في مجتمعنا.
وقال سبحانه: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى). في هذه الآية الكريمة، يأمر الله تعالى المرأة بالاستقرار في بيتها، لتدبير شؤونها الداخلية من زوجها وعائلتها ونحوها، ولتتفرغ لتربية أولادها تربية صالحة وتنشئهم على الدين والأخلاق، فيقول سبحانه: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى).
المقصود أن لا يخرجن من البيوت سافرات متبرجات على عادة النساء في الجاهلية لأن التبرج معناه إظهار المحاسن أمام الرجال الأجانب، وهذا ما نهى الله عنه وحرّمه.
في هذه الآية المباركة يريد الله تعالى أن المرأة المسلمة تمتاز عن سائر النساء بالحجاب والعفاف لأن النساء اليهوديات والمسيحيات لا يلتزمن بهذا الحكم الشرعي، ولا يطبقن هذا القانون الحكيم، بل يخرجن متبذلات متبرجات، لأن الله تعالى يأبى الابتذال والتسافل للنساء المسلمات، ويريد لهنّ الاعتزاز والاحترام.
وفي الحقيقة أن أية امرأة مسلمة تترك الحجاب وتختار السفور كما يحصل في مجتمعنا هذا، فإنها تتشبه بالنساء اليهوديات والمسيحيات، وكأنها تتخلى عن الشرف والكرامة التي أرادها الإسلام لها، وتتدنى إلى المستوى الذي كرهه الله لها.
ومما يستدعي الانتباه أن هذا القانون (الحجاب) يتعرض كثيراً لحملات النقد والتشويه والاعتراض من قبل أعداء الإسلام ودعاة الفساد والضلال وقد صار هدفاً وغرضاً يصفونه بالتخلف، ويقولون أن الحجاب شقاء للمرأة وتنقيص لها من الحياة، ومن هنا فما يزالون يحاربون هذا القانون الإسلامي بمختلف الوجوه: عبر أجهزة التلفزيون والإذاعة. وبدورهم يحاولون نزع العباءة عن المرأة المسلمة وخلع الحياء والحجاب عنها ودفعها إلى أحضان الفساد والفجور، والجدير بالمرأة المسلمة أن تلتزم بالحجاب وأن تتمسك به، وأن تكون قوية الإيمان وأن تقوم بدورها في سبيل هذا القانون بين الطالبات والفتيات والسيدات، ودعوتهن إلى الالتزام والإيمان به، من هنا فعلى المرأة المسلمة وعلى المسلمين جميعاً أن يفوّتوا الفرصة على الأعداء وأن لا يتركوا لهم المجال لتحقيق أهدافهم الشيطانية التي تضر بالإسلام، فعلى المرأة أن تتمسك بالحجاب وأن لا تختار السفور لأن المرأة ريحانه وليست بقهرمانة كما قال أمير المؤمنين علي (كرم الله وجهه).
إن البلاد التي تدعي التقدم والتحضر هي البلاد المفسدة، فإن نسبة الجرائم تزداد بصورة مدهشة يوماً بعد يوم، وهذا يدل على أن القانون وحده لا يكفي ولا يجدي، بل يجب استئصال جذور الفساد أولاً حتى تختفي الجرائم بعد ذلك وتنعدم بنفسها، لأن الجرائم تتولد من مراكز الفساد والمنكر، كالسينما الخليعة، والأفلام الجنسية الساقطة، والصور العارية التي تنتشر في الصحف والمجلات ومن السفور والتبرج وغيرها.
ما دامت هذه المراكز المفسدة موجودة، فإن نسبة الجرائم والحوادث تزداد يوماً بعد يوم ولا يمكن القضاء عليها بالقوانين الوضعية.
إن الأم الصالحة التي تربي أسرتها تربية صالحة تجعل المجتمع صالحاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «المرأة الصالحة المتبرجة مع زوجها، الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها».
أما إذا كانت المرأة سافرة ولم تحسن تربية أولادها، وترشدهم إلى الطريق الصحيح، فإن المجتمع يصبح فاسداً ومتخلفاً، وهذا ما يحصل اليوم في مجتمعنا بسبب هذه الأم الفاسدة.
أيتها الأخت المسلمة، بما أنك قد تسترت بستار الإيمان، ولبست لباس الإسلام والحياء، وارتديت جلباب الشرف والكرامة، فنلت رضى الرحمن، وحزت درجات الجنان، وازدادت هيبة ووقاراً وعفة واحتراماً، فكوني مشيغمة في دنيتك، صلبة في موقفك كما قال الله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
فعليك أيتها الأخت المسلمة أن تكوني فخورة بالتزامك لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . كذلك فاعلمي أن هذه الدنيا ساعة فاجعليها طاعة، وإن خير الوصية هي «تقوى الله»، وتكتسبين الأجر والثواب وأنت في الحجاب على كل خطوة، وما عند الله خير وأبقى.
إن المرأة المحجبة هي سيدة شريعة ليرضى الله عنها، وهي كالجوهرة المحفوظة في مكانها الأمين، لا يراها اللصوص، ولا تصل إليها الأعين الخائنة، وإن المرأة المحجبة يعلم زوجها أنها خاصة به ليست لها علاقة فاسدة مع الآخرين.
وبعد ذلك نأتي إلى المرأة السافرة التي فيها الميوعة والفساد، إن طهارة المجتمع ونزاهته أمر مستحيل في حالة سفور المرأة وتبرجها، لأن السفور «كوليرا» المجتمع، فإذا تفشى تعرض أهله للفساد والانهيار.
وإننا نرى هذا الانهيار اليوم في مجتمعنا، يعمه الفساد والسافرات، وفي الحقيقة، هذه السافرة تخرج متبرجة كأنها تبحث عن صيد لها، تعرض بضاعتها على كل مشته، كما يفعل الإنسان الأول حين ينطلق من مأواه، ويطلب قوته في صيد رزقه.
إن هذه السافرة أثارت الغريزة عبر تبرجها الخليع، وما يزيد الحال سوءاً إذا كان الشباب غير متدينين، أما إذا كانوا متدينين ملتزمين بالإسلام، فهم يكبتون الغريزة في أعماقهم ويحاربون الهوى من وراء ذلك، فتلك المرأة السافرة أيضاً مسؤولة عن أذى هؤلاء، وعليها الإثم والعذاب، والزوج الذي يدعو زوجته إلى السفور والاختلاط والحفلات الراقصة يعتبر أول خائن وأول مجرم بحقها لأنه قادها إلى الانحراف إلى الرذيلة وطريق الفساد، ويكون هذا الزوج أول من يدفع ضريبة عمله ويرى جزاء فعله عندما تخونه زوجته وتتمرد عليه. فاللازم عليك أيها الزوج المحترم أن تبتعد عن جميع مراكز الفحشاء والمنكر، وأن تترفع وتتنزه عن مجالات الفساد والانحراف، أنت وزوجتك حتى تعيشا في رحاب الله بنفس آمنة مطمئنة، فيجب عليك أن تشرح لها الموضوع وتثنيها عن رأيها، ولا يجوز أن تطيعها على رأيها، ولا يجوز أن تطيعها في معصية الله، لأنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
فعليان يا أخوتي المسلمات أن نسعى لتطبيق هذا القانون ونشره بين النساء في المجتمع، في البيت، في المدرسة وفي كل المجالات.
فيا أختي المسلمة، عليك أن تحمدي الله عز وجل لأن الإسلام كرمك وأخرجك من الظلمات إلى النور، وكل ما أتمناه لك يا أختي المسلمة هو التوفيق والهداية من الله عز وجل.
1988-09-05