طريقة تأسيس الدولة الإسلامية وتغيير المجتمع
2017/10/24م
المقالات
8,140 زيارة
طريقة تأسيس الدولة الإسلامية وتغيير المجتمع
طارق عبدالله
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبدالله ورسوله قدوة المجاهدين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لاحظنا مرارًا وتكرارًا أنه عندما يطرح موضوع الطريقة ومفهومها، تتشعب آراء ونظريات مختلفة في تحديد مفهومها، مما لايتطابق مع ما نريده من هذا المفهوم أبدًا؛ وبناء على ذلك يجب، قبل أن نلج في صلب الموضوع، أن نسلط الضوء على مفهوم الطريقة عند حزب التحرير.
إنه عند النظر إلى موضوع الطريقة في الإسلام، فلا بد أن يقرن بالفكرة، فيقال إن الإسلام فكرة وطريقة، وإن هناك أحكامًا شرعيةً تتعلق بالفكرة، وأحكامًا شرعيةً أخرى تتعلق بالطريقة، ومن مجموعهما يتكون الإسلام. وهذا البحث تم تناوله من هذه الزاوية فقط لتبيين أن الإسلام مبدأ عالمي، ولتوضيح ما يجعل الإسلام مطبقًا في الحياة، وليس أن يكون مجرد تعاليم موجودة في بطون الكتب ليس لها واقع يمثلها كجمهورية أفلاطون. وإذا كانت أحكام الفكرة في الإسلام شاملة تتناول الأفكار التي تنظم علاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره من الناس، وهي أفكار العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات والمطعومات وأنظمة الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية… فإن أحكام الطريقة تتناول الأحكام الشرعية العملية التي تحافظ على أحكام الفكرة وتنشرها وتجعلها مطبقة في الحياة.
وعليه، فإن أحكام الطريقة هي أحكام شرعية عملية وجدت لغيرها من أحكام الفكرة. وهي تتناول تحديدًا الأحكام الشرعية المتعلقة بالدولة الإسلامية والأحكام الشرعية التي توجد الدولة الإسلامية، والأحكام الشرعية المتعلقة بالعقوبات، والأحكام الشرعية المتعلقة بالجهاد… فهذه الأحكام التي تجعل أحكام الفكرة التي تنظم كل نواحي الحياة في الاسلام مطبقة ومنفذة ومنتشرة بين الناس كون الإسلام مبدأ عالميًا يجب أن يصل إلى العالمين هي أحكام الطريقة. ومن هنا يقال إن الدولة هي الطريقة لتطبيق الإسلام ونشره والمحافظة على العقيدة ونشرها، ويقال إن العقوبات الشرعية هي الطريقة لجعل أحكام الإسلام مطبقة في الحياة؛ وذلك كالعقوبة على تارك الصلاة والزكاة والصيام… والجهاد هو الطريقة الشرعية لنشر الإسلام وإظهاره على الدين كله وحماية العقيدة والمحافظة عليها… والعمل لإقامة الدولة الإسلامية عبر كتلة والتزام هذه الكتلة بالطريقة الشرعية التي سلكها الرسول صلى الله عليه وسلم لإقامة دولة الإسلام هي من أحكام الطريقة التي توجد الدولة الإسلامية… ولا يقال هنا إن لكل حكم من الأحكام الشرعية طريقته المحددة شرعًا في التطبيق، كما نلاحظ مثلًا في طريقة أداء الصلاة حيث لا تتم الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام والقيام والقراءة والركوع والسجود؛ فلا يمكن حذف القيام أو القراءة أو الركوع والسجود من الصلاة والتعويض عنها بشيء آخر. ولا يقال مثل ذلك كذلك لکل من الحج والنكاح والطلاق والجهاد وإقامة الحدود والقصاص وغيرها… لا يقال ذلك؛ لأن تكبيرة الإحرام والقيام والقراءة والركوع والسجود… هي من الصلاة، والصلاة هي من أحكام الفكرة. وكذلك الحج، فإن المبيت بمنى والوقوف في عرفة والطواف والسعي بين الصفا والمروة… كلها من أحكام الحج، والحج من أحكام الفكرة. فالموضوع من حيث الأساس هو: ما هي الأحكام التي تجعل أحكام الفكرة منفذة على أرض الواقع؛ فإن الناظر في الأحكام التي تجعل من حكم الصلاة أو حكم الزكاة أو حكم الصيام… منفذًا هي أحكام العقوبات التي تقيمها الدولة على تارك الصلاة أو تارك الزكاة أو تارك الصيام… فأحكام الطريقة هي التي تجعل جميع أحكام الإسلام المتعلقة بالفكرة منفذة على أرض الواقع بأحكام شرعية أخرى. وبهذه الأحكام الشرعية المتعلقة بالفكرة وبالطريقة يقوم الإسلام، ولولا أحكام الطريقة لبقي الإسلام مجرد أفكار تطويه الكتب، ولما وجد له أثر على أرض الواقع، ولكان مجرد مواعظ كلامية، فوجود أنظمة الحياة في الإسلام يحتاج إلى دولة إسلامية ليكون لها وجود في الواقع. ولولا ذلك لكان الإسلام طوى جناحيه منذ بواكير وجوده ولم ينتشر، فكل الأحكام التي توجده وتحافظ عليه وتنشره هي التي تجعل، إلى جانب أحكام الفكرة، الإسلام مبدأ. وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وقدم له التضحيات مع صحابته الأكارم. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان هاديًا ومبشرًا ونذيرًا ومجاهدًا وحاكمًا وقاضيًا… وكل ما كان يفعله لم يكن يفعله إلا عن أمر ربه. هكذا يؤخذ الإسلام، وهكذا يتعامل المسلم مع أحكام الطريقة كما يتعامل مع أحكام الفكرة سواء بسواء. ولا يقال هنا إن أحكام الفكرة هي من الإسلام، وأما أحكام الطريقة فهي متروكة للمسلم، بل هي من الله جميعها، والالتزام والتأسي بها مطلوب شرعًا، ويحرم تركها؛ فلا يجوز ترك عقوبة الردة عن من يرتد عن الإسلام، ولا ترك عقوبة الصلاة عن تاركها، ولا يجوز تغيير حكم الجهاد لنشر الإسلام على الطريقة الشرعية التي بيَّنها الشرع، وطبَّقها الرسول، ولا يجوز تغيير شكل نظام الحكم في الإسلام الذي هو الخلافة … فهناك آيات كثيرة وأحاديث أكثر تبين وجوب الأخذ بها، وتحذر المسلم من عدم أخذها. ثم إن عدم أخذها سيكون منطبقًا عليه قوله تعالى: [أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ٨٥] [البقرة] “فالدين كلُّ، لا يقبل أن يتجزأ من جهة القبول به والإذعان له، وأن من رفض حكمًا من أحكام الله – سبحانه وتعالى – وكفر به واعتقد أنه لا يصلح لهذا الزمان، وأن تطبيقه يجب أن يُعرضَ على العقل، أو على التصويت، فإن وافق ذلك أحكام الله – سبحانه وتعالى – كان بها ونعمت، وإن لم يوافق أحكام الله – سبحانه وتعالى – تركنا ما أنزل الله – سبحانه وتعالى – وراء ظهورنا، واتبعنا عقولنا ونتيجة التصويت… فتطبيق شرع الله واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال أمره في كتابه: [وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ ] [المائدة:49]”
إن أحكام الطريقة هي أحكام شرعية لها أدلتها التفصيلية مثلها مثل أحكام الفكرة، وهي موجودة تذخر بها أمهات كتب الفقه الإسلامية حتى يومنا هذا، ومن أنكرها جملة يكون قد أحدث في الدين ما يجعله على خطر عظيم.
ولو عدنا إلى موضوع مقالنا الذي يتعلق بـ “طريقة تأسيس الدولة الإسلامية وتغيير المجتمع” فإننا نقول، واعتمادًا على ما قدمنا، إن حكم وجود الكتلة، وحكم الأعمال التي ستقوم بها هذه الكتلة إنما هو أحكام شرعية يجب على هذه الكتلة أن تتأسى بها بالرسول الأكرم، وأن هذه الأعمال يجب أن يدل عليها الدليل الشرعي، وأن يتم استنباطها بطريقة الاجتهاد الشرعية المنضبطة. وليس للعقل، ولا للظروف، ولا للأهواء، ولا للمصالح، ولا لأي شيء آخر… أي تدخل فيها، فالعقل عليه فقط أن يفهم حكم الله في الطريقة، ولا بد أن تحيط بالعاملين لإقامة دولة إسلامية ظروف شديدة؛ فعليهم أن يصبروا عليها كما صبر الرسول صلى الله عليه وسلم هو ومن معه من غير أي حيد عنها، ولا يجوز أن يكون للهوى أي حظ في العمل إذ إنه اتباع للشيطان، أما اتباع المصالح فإن التأثر بالمصالح فإنها تخرج عن الطريق الشرعي المستقيم إلى الطرق التي تفرَّقَ عن سبيله، وتجعل للكافرين سلطانًا على المسلمين.
نعم إن الأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي كان من شأنها أنها أدت إلى قيام الدولة الإسلامية هي أحكام شرعية ملزمة، ولا يجوز تركها، ومن أراد أن يتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة الإسلامية فما عليه إلا أن يتقيد بها تمامًا. وما نشأ في هذه الأيام العجفاء من القول بأن لا دولة في الإسلام، أو بأن الدولة الإسلامية في الإسلام ليس بالضرورة أن تكون دولة الخلافة، أو إن دولة الخلافة إن هي إلا مرحلة تاريخية قد مرت وليس حكمًا شرعيًا حكمه ثابت مستمر إلى قيام الساعة، أو… أو… جل هذا يدل على أن القائلين بمثله قد فقدوا بوصلة فهم الإسلام، وضاعت عليهم قواعد الفهم الصحيح؛ فراحوا يشرِّقون ويغرِّبون في الفهم، وهدفهم أن يرضى عنهم من لا خلاق لهم من الكفار، وأن يتركوا لهم فسحة للوصول إلى الحكم كيفما اتفق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.
وهناك من يقول أن لا طريقة في الإسلام محددة لإقامة الدولة الإسلامية، بل إن أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة لإقامة دولة الإسلام إنما كانت أساليب، وهي متروكة لنا على الخيار. وهنا نجيب أنه، ومن باب الدقة في التأسي في فهم أحكام الطريقة لإقامة الدولة الإسلامية، فإن كل عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم وكان من شأنه أنه أدى مع غيره إلى إقامة الدولة الإسلامية، هو حكم شرعي يجب التزامه، فمثلًا كان الرسول يدرس من يؤمن بدعوته لتأسيسه على الإسلام، قال تعالى: [ هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ ] فكان التدريس من الأعمال التي قام بها الرسول ويجب التأسي به فيها، ولكن كيف كان يتم التدريس، وبأي شكل، أو بأي أسلوب، فهذا متروك للحزب أو الجماعة التي تلتزم بالسير بطريقة الرسول في الدعوة أن تفعله بالشكل الذي يحقق الغاية منه، وهو إيجاد الثقافة المركزة، فقد درَّس الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين آمنوا معه في دار الأرقم وسمح به في بيوت الصحابة، وفي الشعب… فنحن هنا بين حكمين حكم التدريس لإيجاد الثقافة المركزة لدى أعضاء التكتل، وهو حكم شرعي دل عليه الدليل الشرعي، وهناك حكم آخر متعلق به وهو حكم فروعي يتعلق بالشكل وبالأسلوب الذي يمكن أن يتخذه هذا التدريس والتركيز، والأساليب هي من المباحات، ويتحرى فيها أن تكون مناسبة للعمل وفعالة وتحقق الهدف منها وهو التدريس والتركيز، فقد تكون عن طريق حلقات أو أسر، وتكون بعدد مناسب من الأعضاء من شأنه أن يحدث لهم التركيز، ويختار لها الأساليب الإدارية التي تضبط الدراسة فيها. وهكذا. وقل مثل ذلك في الثقافة الجماهيرية التي يراد منها إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام على إسلام الحكم، فهذه قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم حين كان يغشى المنتديات ويتلو ما ينزل عليه أمام الناس، وهذا نحن من باب التأسي يجب أن نقوم به، أما ما هي الأساليب والوسائل التي يمكن اتخاذها لذلك فهذا أمر متروك لنا؛ فقد تكون عن طريق الخطب أو المنشورات أوإلقاء الكلمات أو عن طريق البث الصوتي أو استعمال الفيديو ونشر مقاطع فيه، أو عن طريق المحاضرات أو الندوات أو المسيرات مما هو متاح، وقد تكون عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه الذريعة من أن أعمال الرسول لإقامة حكم الله كلها أساليب يكذبها الواقع والشرع. فمن حيث الواقع فإنه إذا كانت أعمال الرسول في مكة لإقامة الدولة الإسلامية كلها أساليب، والإسلوب متعلق بحكم هو أصل بالنسبة له، فما هي الأحكام الأصل التي جاءت أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم لتكون أسلوبًا لها. وأما من الناحية الشرعية فإن هناك أدلة واضحة أن الرسول لم يكن يفعلها عن أمره، فعندما نزل قوله تعالى: ]فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ[ صدع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهر بالدعوة بناء على أمر الله، إذاً يوجد أمر لله، وهذا معناه أنه حكم شرعي بحق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده بحق المسلمين، وهذا الأمر متعلق بالطريقة. وكذلك عندما طلب منه الذين بايعوه في بيعة العقبة الثانية أن يميلوا على أهل منى بأسيافهم قال لهم صلى الله عليه وسلم : “لم يؤذن لنا بعد”. ومعنى هذا أن هناك إذن من الله، ومطلوب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمتثل به. وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى: [ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ ].
وهكذا نرى أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالطريقة جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية. وهي ملزمة للمسلمين كما كانت ملزمة للرسول صلى الله عليه وسلم [كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ] [فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ ] “لم يؤذن لنا بعد”. ولم تكن كلها أساليب. بل لا يمكن أن تكون كلها أساليب. بل هي أحكام شرعية جاء بها الدليل، ومن ثم تعلق بها حكم الأساليب التي هي بالإجمال على الإباحة.
وفيما يتعلق بالأساليب وتعلقها بالأحكام الشرعية، فقد جاء في الشخصية الإسلامية ج2 تحت عنوان “تبني الخليفة للأحكام والأساليب أي سن القوانين” ما يلي: “أما القسم الثاني من القوانين فهو الذي ينظم الأفعال الفرعية التي لأصلها حكم عام، وليس لها حكم خاص بها، والذي ينظم الوسائل، يعني هي الأساليب التي تؤدى بها الأفعال الأصلية التي لها حكم عام، وليس لفرعها حكم خاص به، والتي تنظم الأدوات، ويقال لها قوانين إدارية أو أنظمة إدارية أو ما شاكل ذلك”. ومثل ذلك قوله تعالى للرسول بوصفه حاكمًا: [ خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ].فأخذ صدقة الزكاة هو من الأفعال الأصلية التي لها حكم عام، ولكن ليس لفرعها حكم خاص به، بمعنى أن الشرع لم يعين للرسول صلى الله عليه وسلم كيفية جبايتها، بل ترك له أن يستعين لذلك بموظفين، وأن يهيئ لها أماكن ليوضع فيها ما يجبى منها من زروع وثمار وأنعام وأموال نقدية… فهذا متروك للحاكم هو أن يختار المناسب من الوسائل والأساليب التي تحقق تحصيل صدقة الزكاة، فالحكم الشرعي المتعلق بالزكاة جاء به حكم شرعي، أما أسلوب تحقيقه فترك للرسول صلى الله عليه وسلم بوصفه حاكمًا، ولحكام المسلمين من بعده صلى الله عليه وسلم . وهذه الأساليب أو الوسائل قد تختلف من حاكم إلى حاكم. فمن قبل كانت تستعمل لها الدفاتر، أم الآن فيمكن الاستعانة بالكمبيوتر… وهكذا… وكذلك الأمر هو بالنسبة للأحكام الشرعية المتعلقة بطريقة العمل لإقامة الدولة الإسلامية، فما جاء به حكم عام يجب التزامه، وما تعلق به من حكم فروعي (الوسائل والأساليب) لا بد منه ليتحقق الحكم الشرعي؛ فإنه متروك للمكلف أن يختار الأنسب والأنجع منه.
طريقة تأسيس الدولة الإسلامية:
کما أشرنا في المقدمة فإن تأسيس الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية كحكم من الأحكام الشرعية، له طريقته المأخوذة من السنة النبوية الشريفة، وهي متمثلة في مراحل ثلاث: مرحلة التثقيف، ومرحلة التفاعل وفيها تطلب النصرة، ومرحلة استلام الحكم. والسنة النبوية الشريفة تدل على تلك المراحل الثلاث في إقامة دولة الخلافة، وعلى هذا الأساس فإن اتباع هذه الطريقة المتمثلة في المراحل الثلاث المذكورة أعلاه يعتبر واجبًا.
وبمقارنة إجمالية بين مجتمعاتنا الحالية والمجتمع المكي في عصر الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، تتضح لنا وجوه الاشتراك والافتراق بين هذين المجتمعين؛ حيث إن مجتمعاتنا الحالية تشبه المجتمع المكي في عصر النبي عليه الصلاة والسلام من حيث الأفكار والشعور العام والنظام المسيطر على الناس؛ وذلك لأن المجتمع المكي كان يعتقد أن الإسلام هاجمهم وتعرض لهم في عدد من المفاهيم والأفكار، كالتقليد الأعمى للآباء، ووأد البنات والشعور بالذلة والاستخفاف عند إنجاب البنات، كما أن الإسلام شمر عن ساعد الجد للوقوف في وجه النظام القبلي الحاكم في المجتمع الجاهلي، وفي وجه جميع الأنظمة النابعة من العقل البشري الناقص، وطرحَ عوضها نظامًا إلهيًا متينًا.
و کذلك الأمر في مجتمعاتنا الموجودة الآن، فالأفكار والمشاعر والأنظمة الحاکمة تخالف ما أنزله الله تبارك وتعالى لهدايتنا؛ حيث إن المبدأ الرأسمالي هو الحاکم علينا بأفکاره المختلفة، مثل حکم الشعب، وحقوق الإنسان، والحريات الأربعة وغيرها من الأفکار المتعلقة بالمبدأ المرأسمالي، وأصبح أبناء الأمة الإسلامية يتحاكمون إلى الأنظمة الكفرية المقيتة بدل أن يتحاكموا إلى شريعة الله ودينه! وأصبحوا وكأنهم ينتمون إلى الحضارة الغربية أكثر من انتمائهم إلى حضارة الإسلام العريقة، ويمنع على شريعة الإسلام أن تتدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والأنظمة الاجتماعية، وفرض عليهم أن لا يمارسوا من الإسلام إلا ما يتعلق بالعبادات والأخلاق. وهکذا نرى أن کلًّا من الأفکار والمشاعر الحاکمة في بلاد الإسلام لا علاقة لها بالإسلام البتة.
وأما الأنظمة الحاكمة في البلاد الإسلامية، فهي إما جمهورية، أو ملكية، أو ديكتاتورية ظالمة… وجميعها منقادة لدول الکافر المستعمر، وهي تربعت على عروشها بالجبر والإكراه لتؤمن مصالح الكفار!
والفارق البارز بين مجتمعنا والمجتمع المكي في عصر الرسول، هو أن الناس في المجتمع المکي کانوا مشرکين، بينما الناس في مجتمعنا يعتنقون الإسلام دينًا، ولكنهم يحتاجون إلى بث الأفكار الإسلامية المتعلقة بوجوب الحكم بالإسلام وإقامة الدولة الإسلامية وأن يدرکوا الهدف الأساس من الحياة الدنيا، والذي يتمثل في تحکيم شرع الله جل علاه في الأرض، وجعل توجههم في الحياة قائمًا على هذل الأساس.
ومن هنا يلاحظ أن مجتمعنا يشبه المجتمع المكي في أفکاره ومشاعره وأنظمة الكفر التي كانت تسود فيه… ويخالفه من حيث اعتقاد الأفراد؛ ولذلك نحن نعتقد أن ما بذله الرسول عليه الصلاة والسلام من جهود لتغيير معتقدات الناس في المجتمع المكي، لا يكون ضرورة في مجتمع لا يؤمن أفراده بالله وبالرسول؛ لأنه ليس من المعقول والحكمة أن ندعو إلى الإسلام من جديد من اعتنق الإسلام دينا ونحلة! بل ندعو إلى استئناف الحياة الإسلامية، وهذه يتم فيها دعوة المسلمين إلى الإيمان الصافي النقي، فيبعد عنه كل غبش أو غشاوة طرأت على أعين المسلمين وعقولهم، أي يدعى إلى تجديد الإيمان في النفوس حتى يكون إيمانًا صادقًا يؤدي إلى التزام صادق وتوجه صحيح نحو إقامة الدين على طريقة الإسلام الشرعية.
وأما فيما يتعلق بتغيير الأفکار والشعور العام والأنظمة الحاكمة في البلاد الإسلامية فلاشك أن مجتمعنا يشبه المجتمع المكي الجاهلي تمامًا. من هذا المنطلق يجب القيام والتأسي بكافة ما قام به الرسول في مكة لتغيير المجتمع المكي، لنتمكن من إنبات جذور الفكر الإسلامي في قلب المجتمع سلوكًا وعملًا.
إن الالتزام بالمراحل الثلاث المذكورة (مرحلة التثقيف، ومرحلة التفاعل وفيها تطلب النصرة لإقامة الدولة الإسلامية، ومرحلة الحكم) والمثابرة عليها يستنبط بوضوح من السنة النبوية الشريفة، وهي الطريقة التي يدعو اليها حزب التحرير في إقامة الخلافة الإسلامية.
وأما قول البعض بأن طريقة حزب التحرير اجتهادية کطرق غيره من الأحزاب، وبما أن كل طريقة اجتهادية تحتمل الإصابة والخطأ، ويرى هؤلاء أنه على حزب التحرير أن يساعد غيره من الأحزاب التي لها نفوذ سياسي في بعض البلاد في طريقتها الاجتهادية حتى تتمکن هذه الأحزاب من تأسيس الخلافة؛ ولكي يتضح موقف الحزب أمام هذه الأقوال والتوقعات، نورد مايلي:
– صحيح أن طريقتنا اجتهادية، ومأخوذة من السنة النبوية الشريفة، وصحيح أن كل اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب، ولا تستثنى طريقة حزب التحرير في إقامة الخلافة الإسلامية من ذلك، غير أنه يجب أن ننتبه إلى أن الحكم الشرعي بالنسبة للأفراد والجماعات لا يتغير ولا يتعدد، وعلى هذا فإنه يجب على حزب التحرير أن يتمسك بفهمه في طريقة إقامة الدولة الإسلامية. ولا يجوز له أن يأخذ بغيرها من الطرق، حتى وإن کانت قد استنبطت باجتهاد صحيح وكانت حكمًا شرعيًا بنظره، ثم يترکها ويعود إلى طريقته حينًا آخر؛ لأن هذا بالنسبة للحزب يعني ترك ما هو حكم شرعي بحقه، وذلك لايجوز.
– وهنا يجب ذكر هذه النقطة، وهي أن كل طريقة يجب أن تتسم بالطريقة الاجتهادية المستنبطة من الأدلة التفصيلية، وقد اتضح لنا خلال دراستنا لبعض الجماعات والأحزاب الإسلامية أنهم يخطئون في فهم معنى الطريقة؛ ولهذا السبب فهم يغيرون طريقتهم فور أن تواجههم مشکلة صغيرة تغييرًا تامًا، ويجنحون إلى غيرها من الطرق والمناهج. وهذا يعني أن موضوع كون طريقة عملها شرعية هو موضوع غائب عن أذهانهم وأفهامهم، وفيما يتعلق بتغيير طريقتهم بسهولة فإنهم يستدلون بأنهم يعملون وفق المصلحة العامة معتبرين المصلحة حكمًا من الأحكام الشرعية. بينما الاستدلال بالمصلحة هو استدلال خاطئ وذريعة لإعطاء المحرمات صبغة شرعية. وهذا لا يجوز.
– رغم أننا لا نعتبر المصلحة دليلًا شرعيًا، إلا أن الفقهاء الذين اتخذوها دليلًا شرعيًا، لم يجعلوها سبيلاً إلى تحليل المحرمات، كما أن كلًا من الفقه المالكي والحنبلي الذي يعتبر أن المصلحة حکماً شرعياً ويسميها المصالح المرسلة، هي عندهم المصلحة التي لم يورد الشرع عنها نصًا فيما يخص جوازها أو تحريمها. والمصالح المرسلة في الحقيقة على ثلاثة أقسام: القسم الأول هي المصالح التي أوجبتها النصوص. والقسم الثاني هي التي حرمتها النصوص. والقسم الثالث هي التي لم توجبها النصوص ولم تحرمها، كتنظيم الجنود وإنشاء الدواوين وغيرها من الأمور. فالقسمان الأول والثاني لا خلاف على شرعيتهما بين العلماء. أما القسم الثالث فهو لا يعدو أن يتناول الوسائل والأساليب التي تحدثنا عنا من قبل. وعليه، يستنتج من آراء الفقهاء المالكيين والحنابلة أن المصالح المرسلة عندهم يجب أن تكون في دائرة المباحات الشرعية، ولا يمكن أخذ المصلحة في المحظورات والمحرمات، واستنادًا إلى هذه الأقوال نقول: إن موضوع المصلحة المرسلة يندرج في خانة الأسلوب وليس في خانة الطريقة كما يزعم بعض الأفراد والجماعات الإسلامية.
– إن القائلين بحجية المصالح المرسلة يستدلون بالشروط التالية:
الأول: يجب أن تكون المصلحة عامة وليست خاصة.
الثاني: يجب أن تكون المصحلة حقيقية وليست وهمية.
الثالث: يجب أن لا تتعارض المصحلة مع أي أصل من الأصول الشرعية المعتبرة.
إن المراد من عدم مخالفة المصلحة مع الأصول الشرعية؟ ألا تخالف صريح ما جاء من الآيات القرآنية، ولا صحيح ما جاء من الأحاديث النبوية الشريفة؟ والإجابة واضحة وضوح الشمس، إن الله تبارك وتعالى سمَّى الحكم بغير ما أنزل الله في كل من آيات: 44 و 45 و 47 من سورة المائدة، كفرًا و ظلمًا و فسقًا بالترتيب.
[وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٤٤]
[وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٥]
[وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤٧]
والسؤال – كما ذكرناه فيما سبق – أنه: هل هناك من مصلحة للمسلمين في الدنيا کلها تستحق غض النظر عما وصفه الله سبحانه وتعالى کفراً وظلماً وفسقاً؟ والرد واضح تمامًا، ليست مصلحة أكبر وأعظم من تطبيق حكم الله في المجتمع.
إذًا، الطريقة التي لم تستنبط من الأدلة التفصيلية وعبر الاجتهاد الصحيح، وكانت معتمدة على الاستدلالات الخاطئة لا تعتبر عندنا طريقة إسلامية ولا طريقة اجتهادية، وإنما هي طريقة قائمة على هوى النفس وليس فيها صواب ولا صحة.
– نؤمن بأنه في مجال التطبيق والواقع، فإن الطريقة التي تبناها حزب التحرير هي مستنبطة من السنة النبوية الشريفة. والمراحل الثلاثة المتمثلة في التثقيف والتفاعل وطلب النصرة للوصول إلى مرحلة الحكم هي الطريقة الوحيدة التي يمکن استنباطها من السنة في تأسيس الدولة. وعلى هذا لا يمكن الاجتهاد بيما يتعلق بالطريقة بعيدًا عن طريقتنا التي أوضحناها.
ولکن لابد من القول إننا وإن کنا نرفض آراء سائر الجماعات والأحزاب الإسلامية في طريقتهم لتأسيس الدولة الإسلامية، إلا أن ذلك لا يعني – کما يظن بعض قصارى الفکر – أننا نرفض تلك الجماعات رفضًا باتًا، بل نعتبر أعضاءها إخواننا في الإسلام؛ ولکننا نراهم يرتکبون خطأ کبيرًا بتجافيهم عن الفهم الشرعي الصحيح لطريقة عملهم؛ فلذلك نلزم أنفسنا کإخوة لهم في الإسلام أن نأمرهم بالمعروف کواجب شرعي؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل الأمر بالمعروف فريضة على عاتق جميع المسلمين، وحکم ذلك ثابت في القرآن الکريم، حيث يقول الله تعالى في آية 104 من سورة آل عمران: [وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤]؛ ولذلك يعتبر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب على المسلمين. ونحن في حزب التحرير كجماعة من الجماعات المسلمة نأمر الحکام والجماعات الإسلامية وعامة المسلمين بالمعروف كفريضة من فرائض شريعة الإسلام.
– وهنا يجب التنبيه إلى نقطة أخرى أيضًا، وهي أنه إن أقيمت الخلافة الإسلامية على يد إحدى الجماعات الإسلامية، أيًّا كانت، فيجب على المسلمين جميعًا أن يبايعوهم. وحزب التحرير كإحدى الجماعات الإسلامية يرى البيعة لها والدفاع عنها واجباً شرعياً عليه، شريطة أن لا تكون وراء تلك الدولة مؤامرة ضد المسلمين والأمة الإسلامية. غير إننا، كجماعة مسلمة، نعتبر دعم الدول غير الإسلامية حرامًا، وحرمته قطعية.
طريقة تغيير المجتمع:
إنه لا يمكن إقامة دولة إسلامية تتسم بالداوم والاستمرار دون حصول تغيير جذري في عروق المجتمع. وهناك نقطة يجب الانتباه لها، وهي أن طريقة تأسيس الدولة الإسلامية تلتقي مع طريقة تغيير المجتمع. فالمجتمع حتى يكون مجتمعًا إسلاميًا لا بد أن يقوم بغالبيته على مسلمين أفكارهم ومشاعرهم إسلامية ويحكمون بالنظام الإسلامي. فهذا الحكم على المجتمع هو حكم عقلي؛ لأنه حكم على واقع. وكذلك فإن أي مجتمع يأخذ الحكم عليه من لون الأفكار الطاغية والمشاعر السائدة والنظام الحاكم فيه، فإن كانت رأسمالية فهو مجتمع رأسمالي، وإن كانت اشتراكية فهو مجتمع اشتراكي. وإن كانت إسلامية كان مجتمعًا إسلاميًا؛ وهذا يتناسب تمامًا مع ما تتطلبه إقامة الدولة الإسلامية من أعمال. فالعمل لإقامة الدولة الإسلامية، بحسب طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم تتطلب إيجاد الرأي العام على إسلام الحكم (المشاعر) المنبثق عن الوعي العام على ضرورة ووجوب قيام الحكم بالإسلام (الأفكار) وتتطلب إقامة الحكم بالإسلام عن طريق النصرة (النظام)، وهذا التوافق بين العمل لتغيير المجتمع وهو عقلي، والعمل لإقامة الدولة الإسلامية وهو شرعي يعطي قوة للتغيير لأنه توافق بين ما هو شرعي وبين ما هو عقلي، ويؤدي إلى تغيير حقيقي، ويعطي ثقة أكبر بالتغيير الإسلامي، وهذا التناسب يقوى أكثر وأكثر عندما تتسع الدولة الإسلامية ليشمل توسعها مختلف المجتمعات حين يذيبها الإسلام ببوتقته فيجعلها تسلم بأفكاره، ويجعلها تخضع لنظامه، كون كلٍّ من هذه الأفكار وهذا النظام عالميًا. إذًا، فالطريقة الوحيدة التي يقبلها العقل السليم لتغيير أي مجتمع إنساني إنما هي التي شرحناها.
وفي الختام نقول: إن بذرة قيام دولة إسلامية هي بذرة قيام دولة عالمية، وإن أوان هذه الدولة الإسلامية العالمية، وهي التي يسميها الغرب (إمبراطورية) ونسميها نحن “دولة الخلافة” قد حان، وخاصة بعد ما سقطت الحضارة الاشتراكية، وباتت الحضارة الغربية مشرفة على السقوط. وما هذه الحرب الشرسة التي تخوضها دول العالم على الإسلام باسم “الحرب على الإرهاب” إلا محاولة يائسة من دول الغرب الرأسمالي الكافر، وعلى رأسه أميركا، لمنع إقامة دولة الخلافة. ولكن أنَّى لهم ذلك والله تعالى يقول: [ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢١].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2017-10-24