في ذكرى المولد: أيها المسلمون، قفوا منها وِقفة إحياءٍ لدينه ونصرة لدعوته وإقامة لدولته… لا وِقفة أطلال
2021/11/07م
كلمات الأعداد
3,319 زيارة
يقف المسلمون كل سنة وقفة أطلال على ذكرى مولد أشرف الخلق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دون الوقوف وقفة إحياء وإعمار للرسالة التي جاء بها، والتي تركها أمانة بين أيديهم فضيعوها. وكأني بالرسول صلى الله عليه وسلم يسأل المسلمين، كلٌّ على صعيده: ماذا يفعل لاستردادها وحملها إلى الناس كافة امتثالًا لقول الله تعالى: (وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا )… يسأل العلماء، يسأل الحكام، يسأل الوجهاء، ويسأل المسلمين جميعًا: ألم آتكم بها بيضاء ناصعة؟! ألم أسلك سبيل الدعوة على بصيرة لكم؟! أين علماؤكم الذين ورثوا علم النبوَّة، هل فرَّطوا بالإرث؟! كيف تبقون مئة عام من دون خليفة، بينما الشرع لم يسمح لكم بأكثر من ثلاثة أيام؟! ألم تقرؤوا أن الصحابة بفهمهم الصحيح قد أخَّروا دفني ثلاثة أيام لسبب واحد هو اختيار خليفة؟!… ومع كل ذلك، ماذا تفعلون اليوم من أجل إحياء الدين بإقامته في حياتكم كما أمر الله سبحانه وتعالى. إنكم تتلاومون على أحقَّية إحياء ذكرى المولد دون إحياء الدين في حياتكم، فمنكم من يقول إنها ذكرى عزيزة على النفس لا يمكن أن تمرَّ دون الاحتفاء بها والوقوف على معانيها الطيبة! ومنكم من يتهم بأن ذلك بدعة! وإننا لنتوجه إلى الفريقين بالقول: أنتم الفريقان واقعان في إثم ترك فرض إقامة دولة الخلافة التي لا يعذر مسلم بجهل فرضيتها، فضلًا عن العمل الواجب لإقامتها. فهذا ما يجب أن تتلاوموا عليه؛ وإلا فإن ملامة الله عليكم جميعًا، وستكون ثقيلة!… وكلمة حق تقال في هذا المجال: هناك جهة واحدة هي من تحتفل بهذه الذكرى، ليس كل سنة، بل كل لحظة من حياتها، وهي الفئة التي تعمل لإقامة ما أقامه الرسول في حياته لنا، ووصَّانا أن نعضَّ عليه بالنواجذ، فقد روى الترمذي بسند صحيح عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فقال:«فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِىي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» هذا الكلام قاله صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم لأولِّنا وآخرنا كلامًا تشريعيًا يجب أن تنتظم عليه حياتنا من أولها إلى آخرها؛ فلا انتظام لحياتنا بشكل يرضي الله سبحانه وتعالى خارج هذا الفرض الذي بوجوده يقام كل الدين، وبغيابه تتعطل الكثرة الكاثرة من أحكامه!.
إن إقامة الدين عن طريق إقامة الخلافة هو من المعلوم من الدين بالضرورة بحيث لا يعذر مسلم بجهله، سواء أكان عالـِمـًا أم عاميًّا. فالحكم جزء جوهري من الإسلام، ويعتبر الإسلام من دونه ناقصًا نقصانًا مخلًّا لا يجوز السكوت عنه أو القبول به؛ وإلا فهو قبول وسكوت عن إسلام منقوص. والقرآن زاخر بالآيات التي تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله، ألم يقرأ المسلمون آيات الله الواضحات البيِّنات المحكمات غير المشكلات والتي لا تحتاج إلى تفسير المفسرين حتى تفهم، ومنها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر قوله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٥١) [النور:51]، وقوله:(وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ ٤٩ أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠) [المائدة: 49-50]، وقوله: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا ٦٥) [النساء:65]، وقوله:(وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ[المائدة:44]،وقوله:(وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ )[المائدة: 45]، وقوله: (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ) [المائدة: 47]، وقوله: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا ٦٠) [النساء: 60]… إلى غيرها من الآيات الكريمة الكثيرة، فهل بعد ذكر هذه الآيات من عذر لمعتذر.
ثم ها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يتحفنا بأحاديث ذكرت في أمهات كتب الحديث الصحيحة وخاصة البخاري ومسلم حتى لا ينافق فيها منافق، ولا يرجف في تأويلها من في قلبه مرض، كذلك نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، فقد روى البخاري ومسلم: «عن أَبي هريرةَ قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم». وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية» رواه مسلم. وكذلك فإن حديث: «فعليكم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ» فيه تصريح بذكر الخلفاء الراشدين. ثم هناك الحديث الذي رواه أحمد والذي يصف حال الأمة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر الزمان من زاوية الحكم؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».
أما إجماع الصحابة فقد دل عليه ما فعله الصحابة أنفسهم عندما تركوا جثمان الرسول صلى الله عليه وسلم مسجَّى من غير دفن، مدة ثلاثة أيام، حتى انتهاء عقد البيعة لأبي بكر الصِّدِّيق خليفة على المسلمين؛ لأن عقد الخلافة فرض يتقدم على فرض دفن الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما اتفاق الأئمة (رحمهم الله تعالى)، فقد جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) 5/416 ما يلي: «اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن الإمامة فرض، وأنه لا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين، وعلى أنه لا يجوز أن يكون للمسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان، لا متفقان ولا مفترقان».
وأما عن اتفاق العلماء على وجوب عقد الخلافة وأنها لا تكون إلا لواحد، ذكر النووي في (شرح صحيح مسلم) ج12/232 ما يلي: «واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا».
أما اليوم، ما الذي على المسلمين (علمائهم وحكامهم ووجهائهم وعامتهم) أن يقوموا به تجاه هذا الفرض العظيم، فرض إقامة الدين بإقامة الخلافة الراشدة والتي تكون على منهاج النبوة؟
بداية، لا بد من القول إن هذا الفرض من فروض الكفايات، وهو فرض جماعي لا يمكن أن يقيمه أفراد، وقد دلَّت طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامته على أنه لا بد له من جماعة أو حزب يقيمه امتثالًا لقوله تعالى: (وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤) ولفعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين قام في مكة بإيجاد كتلة حملت الدعوة معه، وتحملت عذاباتها معه، وحوصرت في الشعب معه، وهاجرت إلى المدينة معه… وكذلك من باب القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)؛ إذ إن الدولة الإسلامية لا يمكن أن يقيمها أفراد وإنما جماعة، وليست أية جماعة بل جماعة تتصف بالمواصفات الشرعية اللازمة لها حتى تبرأ ذمتها في العمل أمام الله، وهي أن تكون جماعة تسير على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم فتقوم بالأعمال التي قام بها الرسول في مكة والتي من شأنها أنه أقام بها الدولة الإسلامية في المدينة… والجماعة أو الحزب هذا لا بد له من أمير يقود هذه الجماعة أو الحزب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمّروا أحدهم»… والعمل مع جماعة عليها أمير لإقامة الدين لا بد له من علم وعلماء يقومون بتحديد معالم الطريق وتفصيلات سيره، ويقومون باستنباط أحكامه وتبني كل ما يتعلق بإقامته من أفكار وأحكام وآراء إسلامية؛ فمن يستجيب لهذه الدعوة منهم يسقط الإثم عنه، ومن لا يستجيب يبوء بالإثم ولا يسقط عنه حتى يقام الفرض… ولا بد لهذه الجماعة من دعوة عامة المسلمين للعمل معهم وبهم لإقامة هذا الأمر؛ من أجل أن تعم فكرة فرضيته الأمة، وأن تكون الأمة جزءًا من عملية التغيير؛ فمن يستجيب لهذه الدعوة منهم يسقط الإثم عنه، ومن لا يستجيب يبوء بالإثم ولا يسقط عنه حتى يقام الفرض… ولا بد له من دعوة الوجهاء وأهل الرأي من المسلمين؛ فمن يستجيب لهذه الدعوة منهم يسقط الإثم عنه، ومن لا يستجيب يبوء بالإثم ولا يسقط عنه حتى يقام الفرض… ولا بد من دعوة أهل القوة من المسلمين لنصرة هذه الدعوة وضرب كل من يحاول منع إقامتها، فمن يستجيب لهذه الدعوة منهم يسقط الإثم عنه، ومن لا يستجيب يبوء بالإثم ولا يسقط عنه حتى يقام الفرض…
واليوم، نرى من بين كل أولئك، أن هناك حزبًا يعمل في الأمة منذ وقت طويل فأصبح له باعًا طويلًا، يعمل بوعيٍ وإخلاصٍ، يصل ليله بنهاره؛ لإقامة هذا الأمر على ما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم «خلافة على منهاج النبوة» حتى بات اسمه مرتبطًا بعمله، وهو حزب التحرير: فإن ذُكر ذُكرت الخلافة معه، وإن ذُكرت ذُكر حزب التحرير معها. وهو في سلوك طريق دعوته التي لم يحد بها قيد أنملة عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم قد ذاق الأمرَّين، ومرَّ بكل مراحل الدعوة التي مر بها الرسول أثناء سيره في مكة لإقامة هذا الدين، وما غيَّر وما بدَّل… نرى حزبًا مؤهلًا بكل معنى الكلمة لأن تقوم به دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ففيه رجال دعوة ورجال دولة استوت معهم الدعوة على ساقها وأعدُّوا دستور دولة الخلافة، وخبروا الألاعيب السياسية العالمية، وأقاموا أنفسهم على طريقة الفهم السوية لاستنباط الأحكام الشرعية على أصولها الفقهية المنضبطة، والتي تمكِّنهم من استنباط الأحكام الشرعية للمسائل المستجدَّة… نرى حزبًا فيه من عامة المسلمين، ومن علمائهم، ومن وجهائهم من أهل الرأي والوزن فيهم، مَن استجاب له، وبقي من يشرفه الله من أهل القوة لينصره كما فعل أنصار المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا نرى أن الدعوة قد وصلت مع هذه الجماعة إلى مسافة قريبة من نقطة الوصول إلى إقامتها، والتي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وإنه لا ينقصها اليوم حقيقة إلا أهل القوة والنصرة من المسلمين الذين ستقوم الدولة اعتمادًا على قوتهم ونصرتهم تمامًا كما حدث مع الرسول عندما بدأ يبحث عنهم في زعماء القبائل القوية ويطلب نصرتهم، وقد حقَّقها الله له بمن شرفهم من (الأنصار) وسمَّاهم بها لعِظَمِها عنده سبحانه، وأَنْعِمْ بها وصفًا. وكان لسيد الأنصار سعد بن معاذ، رضي الله عنه وأرضاه، بها منزلة، وأنعم بها منزلة، فقد اهتزَّ عرش الرحمن لموته، وأن الملائكة شاركت في جنازته، وهذا ما يجعل كل مسلم مخلص تقي من أهل القوة يسعى لنصرة الدعوة بقوة وحرص طمعًا برضى الله… ومن هنا نقول للمسلمين: لا تعجلوا أمر ربكم، فإنه هو العليم الخبير بمن يستحقها اليوم، وإنا لنطلبها جادِّين مجدِّين، ولا نعرف إلا ظاهر الأمر فيها، ولكننا نعلم أن لها أهلًا مُصْطَفَين لا يعلمهم إلا العليم الخبير. وإننا على يقين أن ساعة النصر تقرب ولا تبعد رغم أنف الكافرين.
نعم، هناك أمة أصبحت متعطشة لإقامة هذا الأمر، وهذا ما استشعره قادة الغرب ومفكروه؛ فقاموا بإجرام ما بعده إجرام بحق المسلمين، واحتلوا بلادهم (العراق وأفغانستان) ودمروا ومازالوا يدمرون بلاد المسلمين الأخرى من أجل منعه كما نرى اليوم؛ إلا أنه، ومع كل ما قام به الغرب من مكر وإجرام، فإنه باء ويبوء بالخسران المبين، وازداد معه ويزداد وعي الأمة وإصرارها على التغيير… فالأمة مخلصة، وترى كل ما يحدث للمسلمين في كل بلد من مصائب هي مصائب لها، وما يحدث من نصر هو نصر لها. وهذا ما أظهرته من فرحة النصر في أفغانستان وكأنه نصر لها.
والآن ما على القائمين على أمر أفغانستان من واجب شرعي تجاه واقع المسلمين ككل، إنهم مطلوب منهم شرعًا أن ينصروا الدعوة إلى إقامة الخلافة كونها الفرض الذي تعلق بذمة كل المسلمين، وهم منهم… مطلوب منهم شرعًا أن يبحثوا عن الجماعة التي تحمل شعار هذا الفرض، وأن يؤووهم وينصروهم ويعزِّروهم ويؤَمِّنوا لهم الحماية حتى يقيموا الدولة الإسلامية على أراضيهم… كما هو مطلوب من هذه الجماعة أن تبحث عنهم، فإن كانوا من أهل الخير الذي يختص الله به من يشاء من عباده كان لهم قسم السبق إليه، وسموا بأنصار الله… وإلا فاتهم الخير العظيم، وفوَّتوا على الأمة هذا الخير، وعندها الذي سيخسر ويبوء بالإثم هو الذي لم يستجب، وعندها نعرف أن الذي لم يستجب ليس أهلًا لأن يكون مثل سعد بن معاذ.
إن جماعة الدعوة لإقامة حكم الله في الأرض يعلمون أنهم على موعد لا يخلف مع أهل النصرة. فالنصر عندما يؤون أوانه، ويحين حينه، سيهيئه الله وييسره؛ لذلك ننام ونستيقظ ونحن مطمئنون أن الله منجز وعده، وناصر دعوته، ومعز دينه، وهازم دول الكفر وحده. وهنيئًا لمن رضي الله عنه ووفقه لأن يكون قائمًا بأمر الله في هذا الفرض العظيم. اللهم اجعلنا من عمَّاله وعمَّاره، وشهوده وجنوده… اللهم آمين.
قال تعالى: (يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ) .
2021-11-07