بسم الله الرحمن الرحيم
سعي الأمة من أجل وحدتها بخلافتها،
وخطط حثيثة خفية يكرسها الاستعمار لمنع ذلك
دكتور حازم بدر- فلسطين
قال تعالى: (إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ ٩٢) سورة الأنبياء 92، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم، وأمركُمُ جميعٌ على رجلٍ واحدٍ، يُريدُ أن يَشُقَّ عصاكم، أو يُفَرِّقَ جماعتكُم، فاقتلوه» رواه مسلم. وبعد،
إن المتتبع لأحداث السياسة والتاريخ في منطقتنا ليجد بكل وضوح أن أبرز صنيع سياسي للكافر المستعمر يحمل نفورًا طبيعيًا في ذاكرة ووجدان أبناء الأمة هو اتفاقية سايكس بيكو، والتي أصبح ذكرها عندهم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفرقتنا، وذهاب قوتنا، وتسلط أعدائنا علينا، فهناك إجماع في فكر الأمة وشعورها أن الاتفاقية كانت – ولا زالت – من أكبر معاول هدم الإسلام ونظامه.
لكن مشكلتنا – والحالة هذه – تكمن في أن من أبناء المسلمين، للأسف، من يتفنن في استحضار بشاعة التاريخ الذي رسمته وخطته لنا سايكس بيكو وغيرها من أدوات الفرقة وأساليبها، لكنهم يتيهون عن أسباب الداء الحقيقية والحلول اللازمة!
ما هي اتفاقية سايكس بيكو، وماذا كان الهدف منها؟ تعتبر اتفاقية مارك سايكس البريطاني، وجورج بيكو الفرنسي تفاهمًا سريًا أبرم في 1916م أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بموافقة روسيا، على تفكيك الخلافة العثمانية، وتقسيم المناطق التي كانت خاضعة لها، وهي سوريا والعراق ولبنان وفلسطين إلى مناطق تخضع للسيطرة البريطانية، وأخرى للفرنسية. وكان الهدف منها إقصاء نفوذ دولة الخلافة والقضاء عليها، وإبدالها بدويلات تابعة للغرب، تقصي الإسلام وتحارب وحدة الأمة، وتسلم بلاد المسلمين سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وثقافيًا للغرب.
ماذا كانت آثار اتفاقية سايكس بيكو على الأمة الإسلامية؟ لا ينكر إلا كل مكابر أن سايكس بيكو، وغيرها من أعمال ومخططات هدم الخلافة العثمانية، على يد الكفار وعملائهم، أورثت الأمة الإسلامية كل شر إلى الآن، فلا دولة جامعة للمسلمين تتصدر المشهد الدولي وتسيطر على الموقف فيه كما كانت، ولا دين يطبق، ولا عزة للأمة ولا منعة، بل تشرذم وتفرق ودويلات وعصبيات وعرقيات، وهوان وملاحقة للإسلام والمسلمين، وقتل بالجملة ونهب للخيرات، واستكبار أعداء الدين على خير أمة أخرجت للناس، تذوق خلاله ألوان العذاب كل يوم وكل حين.
واتفاقية سايكس بيكو، وغيرها من أعمال الكافر المستعمر أعمال طبيعية جدًا قام بها لضرب الخلافة، وتقويض الإسلام ونظامه، ومنع وحدة الأمة، فهو في حرب ضروس مع الأمة وإسلامها إلى ما شاء الله، ولا يتوقع منه إلا ذلك، قال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ). لكن القضية، مرة أخرى، تتعلق بنا نحن المسلمين: كيف ندرك أمرنا؟ وماذا يجب أن نفعل لننهض من جديد، ونعود سيرتنا الأولى؟
الأمة الإسلامية تمرض لكنها لا تموت، والإسلام قادم، فبعد مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو يرى العالم، غربيه قبل شرقيه، أن أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، بدأت تتململ وتتحرك من أجل عودة الإسلام مطبقًا في دولته، ولا يشك عاقل أن ذلك أصبح قريبًا ومسألة وقت لا أكثر، اعترف به سياسيو الغرب وقادتهم، ويدل عليه تحرك المسلمين الأخير في أكثر من دولة، وسقوط الخوف من حكام الجور وأنظمتهم المجرمة، وتضحيات المسلمين العظيمة في غير مكان في سبيل خلاصهم، رغم كل المؤامرات التي تطبخ في أروقة السياسة الغربية، لتدجين الأمة مرة أخرى، وتخويفها من عواقب نضالها وثورتها على واقعها المرير، وسعيها للتحرير الحقيقي. يقول توينبي، وهو مؤرخ بريطاني شهير: «إن الوحدة الإسلامية نائمة، لكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ» (كتاب الإسلام والغرب والمستقبل، صفحة 73)، ويذكر تقرير خطير صادر عن مؤسسة روبير لافون للنشر في باريس بعنوان (كيف ترى المخابرات الأميركية العالم عام 2020) فيقول: «سوف يتمتع الإسلام السياسي من هنا إلى عام 2020 بانتشار واسع على الصعيد العالمي، ونتوقع أن ترتبط الحركات الإسلامية العرقية والوطنية ببعضها البعض، وتسعى إلى تأسيس سلطة تتجاوز الحدود القومية» صفحة 83، وهذا ما يتوقعه علماء أميركيون مشهورون مثل عالم الاجتماع، وأكبر خبراء استشراف المستقبل، ألفين توفلر، صاحب كتاب (صدمة المستقبل) والعالم تيد غوردن أكبر خبراء مشروع ميلينيوم بروجكت، الذي أنجزته منظمة الأمم المتحدة، والعالم جيم ديوار من مؤسسة راند كوربوريشن.
بعد مائة عام على سايكس بيكو كيف يفكر الكافر المستعمر وكيف يعمل؟ على الرغم من وعي المسلمين المتنامي على حالهم وقضاياهم، يستمر الكافر المستعمر اليوم، دون تعب أو كلل، في عمله الشيطاني ضد أمة الإسلام، ويستمر في خطته التي بدأت مع سايكس بيكو الأولى من أجل هدفين: الأول عدم عودة الأمة قوة واحدة في دولتها، دولة الخلافة. والثاني الاستمرار في سلب مقدراتهم وثرواتهم ليستقوي بها عليهم، وعنده في جعبته أسلحة كثيرة يرمي بها المسلمين، تجاوزت حدود سايكس بيكو الأولى، فأساليب الاستعمار لديه تطورت وتنوعت، منها المباشر، ومنها الخفي المضلل، وأصبحت لدية سايكس بيكو ثانية وثالثة، وأصبحت قريحته تنتج معاول هدم كثيرة يضربنا بها. فالغرب – والحالة هذه- بات يلمس اليوم قوة أمة الإسلام إن هي أخذت زمام أمرها أكثر من كثير من أبناء المسلمين، الذين لا يدركون ما هم قادرون على فعله وتحقيقه إن تحركوا التحرك الرشيد، وهذا يفسر استعار هجوم الغرب المستعمر على الأمة مؤخرًا، وعلى جبهات متعددة، ما يشير إلى ارتعابه من فكرة وحدة المسلمين في خلافتهم، رغم كل ما يحاك ضدهم. يقول القس سيمون: «إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية، وتساعد على التملص من السيطرة الأوروبية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أن نحوِّل بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية» (كتاب كيف هدمت الخلافة، صفحة 190)، أما المبشر براون فيقول: «إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرًا، أما إذا بقوا متفرقين، فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير» (كتاب جذور البلاغ، صفحة 202).
من أدوات الغرب المستعمر وأساليبه اليوم لتكريس فرقة المسلمين، والحيلولة دون عودة الإسلام والخلافة والوحدة.
أما أبرز أساليب الغرب في ضرب وحدتهم الواجبة في دولتهم العالمية، الخلافة، فالتالية:
-
استمرار سايكس بيكو الأولى، التي أنتجت للمسلمين دويلات عميلة قزمة، أورثت بلاد المسلمين كل شر وكل تشرذم وضعف.
-
استمرار دعم الغرب للأنظمة التابعة له في بلاد المسلمين بكل ما أوتي من قوة، ومنع سقوطها لصالح وحدة الأمة وخلافتهم الضائعة. يقول المستشرق الأميركي سميث: «إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي، في ظل أنظمة ديمقراطية، فإن الإسلام سوف ينتصر في هذه البلاد، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها» (كتاب جند الله، صفحة 29).
-
تفريخ أكثر من سايكس جديدة في المنطقة، لتصبح الدويلات دويلات أكثر تفتتًا، تلفها الفرقة والنزاع، فالسودان بات سودانين، ودارفور تنتظر نفس المصير، والعراق (لا قدر الله) على طريق ثلاثي: دولة شيعية في الجنوب، وسنية في الوسط، وكردية في الشمال. وسوريا وليبيا واليمن والسعودية والأردن ومصر وغيرها يراد لها نفس المصير، على أساس نظرية تجزئة المجزَّأ وتفتيت المفتَّت لمنع الوحدة الواجبة. وقد بدأ ترسيخ حدود الدم لتفكيك الدول العربية والإسلامية إلى دويلات، على أساس ديني وعرقي ومذهبي وطائفي منذ عهد كارتر، بعد موافقة الكونجرس على ذلك في جلسة سرية في 1983م. ففي شمال أفريقيا اتفق على إنشاء دولة البربر ودولة البوليساريو ودولة الأمازيغ. وفي مصر دولة إسلامية سنية، ودولة قبطية، ودولة النوبة وعاصمتها أسوان، ودولة للبدو في سيناء. ودولة فلسطينية محتملة في شمال سيناء بعد ضم غزة. وفي الجزيرة العربية دولة الإحساء الشيعية تضم البحرين وقطر وعمان والإمارات والكويت، ودولة نجد السنية، ودولة الحجاز السنية. وفي العراق دولة شيعية وسنية وكردية، وفي سوريا دولة علوية شيعية على الساحل، ودولة سنية في حلب، ودولة سنية حول دمشق، ودولة للدروز في الجولان. وكل ذلك يخدم أعداء الأمة قطعًا، فذلك عندهم معناه قتل وحدة المسلمين، وإمكانية قيام دولة وحدة تجمع المسلمين في خلافتهم كما كانوا.
-
ترسيخ الاستقطابات السياسية المشحونة بين دول المنطقة، فلا يكفي أننا نعيش في دول كرتونية لا تقوى على شيء، بل لا بد لهذه الدول أن تستمر في النزاع والخلاف فيما بينها، تسعى لذلك من خلال محاور وأحلاف سياسية تفت في قوتها خدمة للكافر المستعمر، فهذا يطلق مشروعًا، وذلك يطلق مبادرة تعارضها، وهذا يصطف مع هذا وذلك مع غيره إقليميًا وخارجيًا، وهذا يدخل في حلف وذلك في آخر، والوضع لا يحتاج إلى بيان.
-
البطش بكل ثورة تقوم على حكام المسلمين هنا وهناك، فلا مجال عند الغرب المستعمر لأن يتغير الحال مهما كلف ذلك، فإن لزم الالتفاف على تحرك المسلمين بأساليب أقل عنفية (وأكثر مكرًا وتضليلًا)، كما حصل في تونس ومصر، فلا بأس، وإلا فالقتل بالجملة والتشريد والسحق والتدمير، كما يحصل الآن في سوريا واليمن.
-
الإمعان في قتل المسلمين وسحقهم، وتدمير مقدراتهم وتشريدهم وتهجيرهم من أجل إيصال رسالة للأمة ترعبها وتردعها، مفادها أن من يفكر في الثورة والخروج على حكام الضرار، الموالين للغرب، سيكون مصيره وعاقبته وخيمة، ولعل مثال ما يحصل في الشام أوضح مثال على ذلك، وهذه سياسة إرهاب نفسية يؤمن بها الغرب (الديمقراطي) ويمضي في تنفيذها بكل قوة.
-
ولأن ثورة الشام استعصت بفضل الله على النظام، المدعوم من التحالف الغربي الصليبي، فإن عملًا خاصًا يجري فيها، تقوده أميركا وكل دول الكفر ومعها روسيا، لمنع قيام خلافة حقيقية فيها، تكون نواة لدولة جامعة للمسلمين، توحدهم وتنهضهم وتعيد عزهم. أما أساليبهم فبدأت بالقتل الجماعي والسحق والتدمير والتهجير، ومحاولة استبدال العميل أسد بعملاء علمانيين (وبمسحة إسلامية للتضليل) من جنسه ينزلون بالبراشوتات على الشعب، بعد تدريبهم وتأهيلهم في دول الجوار، كتركيا والسعودية وقطر، ثم الاستعانة بإيران وحزب الله، وفرق عسكرية من دول عربية وإسلامية لمواجهة المخلصين هناك، مرورًا بإعلان خلافة مزعومة للتحايل على من يحب الإسلام واستقطابه، وتشويه صورتها، حتى ينفر منها المسلمون، وأخيرًا الاستعداد لتقسيم سوريا إلى كانتونات ممزقة كحل نهائي، ولا شك أن الشام تشكل تحديًا كبيرًا للغرب، فكل مؤامراته تكسرت على صخرة إخلاص وبطولة أبناء الشام الصادقين.
-
إنتاج نسخ محسنة شكلًا للأنظمة في بلاد المسلمين، لتضليل أبناء الأمة، سواء في البلاد التي قامت فيها ثورات ضد الحكام، أم في غيرها. ففي تونس ومصر مثلًا التف على المسلمين بأنظمة من جنس النظام المجرم البائد، ولكن بحلة جديدة، لم تغير في الواقع الفاسد شيئًا، حتى إن كثيرًا من رموز العهد البائد استمرت في قيادة البلد والحكم. وفي البلاد الأخرى تقوم الأنظمة بتحسينات صورية، في جوانب هامشية في بنيان الحكم وهيكلياته، لم تغير من دكتاتوريتها، وواقعها المزري، وتبعيتها بالكامل للغرب، ليظن الناس أن الأمور السياسية والاقتصادية وغيرها في تطور وتقدم، فيقبلوا بها ويهدؤوا ويستكينوا، وهذه السياسة يعمل بها الآن في كل دول المسلمين من أجل التضليل، وتفتير العمل ضد الأنظمة لتغييرها جذريًا.
-
إلصاق تهمة ما يسمى بالإرهاب بدين الإسلام والمسلمين، والترويج لذلك؛ ليكون رأيًا عامًا، على أساس نظرية أن هذا الاتهام يجعل الأمة الإسلامية في موقع دفاع مستمر عن نفسها، ويجعلها تهاب من أن تعلن عن هويتها وأفكارها ومشاريعها، فلا تدعو لدين، ولا لعمل سياسي يعيد خلافتها ووحدتها. وقد بات هذا الأسلوب من أنجع أساليب الغرب، وهو يروج له بقوة من خلال إعلامه المضلل، ومن خلال الأنظمة في بلاد المسلمين ومؤسساتها الدينية التي باعت دينها بعرض من الدنيا قليل، ومن خلال جيش من العلمانيين، في بلاد المسلمين، ممن يسمون مثقفين ومفكرين وإعلاميين، والذين يشيعون الكذب ليل نهار عن (إرهاب) الإسلام ومبدأ الإسلام، وعن الداعين المخلصين العاملين للإسلام، بعد أن أنابهم الكافر المستعمر عنه للقيام بهذا العمل الخسيس. أما شعار هؤلاء المنتفعين المتربين في سراديب المخابرات الغربية، فأن رددوا أكاذيب الغرب حتى تصدقوها؛ لتحفظوا ماء وجوهكم أمامه، فيرضى عنكم ولا يلاحقكم. كما أن الغرب يستخدم سلاح التهمة بالإرهاب ضد المسلمين في بلاده لتخويفهم هناك، حتى يتبرؤوا من دين الله، ومن أي عمل يخدم الإسلام. كل هذا يحصل في ضوء خطة خبيثة، ينتهجها الغرب وأدواته، وهي إطلاق الأكاذيب والافتراءات ضد الإسلام والمسلمين، والحديث المستمر عنها (لتصبح) حقيقة يصعب تفنيدها بعد ذلك. إن كذبة الإرهاب باتت مكشوفة اليوم للكثيرين من الواعين من أبناء المسلمين، والذين يدركون جيدًا من الذي يصدِّر الإرهاب والقتل والتدمير للعالم اليوم. إنه الغرب الديمقراطي المجرم، فأعماله في جنبات العالم، وتاريخه الأسود الاستعماري شاهد عليه، فهو الذي شن الحروب العالمية، وقتل الملايين، واستخدم الأسلحة الفتاكة والنووية ضد البشرية، وهو الذي يستعبد الكون باستعماره. ذكر موقع جلوبال ريسيرتش البحثي، في كندا، أنه بعد هجمات 11 سبتمبر أعلنت الولايات المتحدة الحرب على الإسلام، وليس الإرهاب، كما تدعي، لتبرير استهداف المسلمين، وتضييق الخناق عليهم، وبث الكراهية ضدهم، وجعلهم أداة لتخويف العالم، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، حيث باتوا اللعبة العادلة التي يملكها الغرب وواشنطن!
-
إنابة أميركا لعملائها في المنطقة، ليقوموا بعمل ملاحقة المسلمين وقتلهم، تحت ذريعة «محاربة الإرهاب والتطرف» فطلبت من السعودية أن تقود تحالفًا عسكريًا كبيرًا من الدول الإسلامية ليقوم بضرب المسلمين هنا وهناك، ويرسل جنوده من أبناء المسلمين إلى جبهات، تحددها أميركا، كسوريا واليمن وغيرها، وبهذا يقتل المسلمون بعضهم بعضًا بأمر من أميركا بينما هي تتفرج، شعارها في ذلك: سنقاتل المسلمين حتى آخر جندي مسلم؟!
-
ترسيخ الفرقة المذهبية على أساس سياسي بين أبناء المسلمين، خصوصًا ما بات يعرف بالخلاف الشيعي السني، وهذا ملف أوكلته أميركا لإيران، لتركيزه فكريًا وسياسيًا في العالم الإسلامي، من خلال إطلاق يد إيران فكريًا، وحتى عسكريًا، في أكثر من مكان، كسوريا واليمن والبحرين والسعودية وغيرها. كما أن أميركا أوعزت للدول (السنية) ودوائرها الدينية لأن تتصدى للمد الإيراني المفتعل، حتى تستمر النار مشتعلة، فلا يلتقي الإخوة، ويكون بأسهم بينهم شديدًا. وهذا الأسلوب يلقى، للأسف، رواجًا سلبيًا اليوم بين ظهراني المسلمين؛ ما يشير إلى قوته كأسلوب خبيث أرادته أميركا لتكريس الفرقة بين أبناء الأمة، باسم الدين.
-
التركيز على رفع شأن الدولة الوطنية القطرية في العالم الإسلامي، بزعم أن الإسلام لا يوجب وجود الخلافة، وأنه يجوز أن يكون للمسلمين مليون كيان. فإعلام الدول الإسلامية الوطنية الضيقة ينعق، ليل نهار، بالوطنية والوطن، والدفاع عنه وعن حدوده، وعن حبه وعشق ترابه، وتقديس علمه الذي رسمه لهم سايكس وبيكو (على وجه الحقيقة لا المجاز)، فذلك عند أهل الوطنية دونه حز الرقاب، وقضيتهم المركزية!! يساعدهم في ذلك دوائر الإفتاء المنافقة للحكام؛ لإلباس الدعاوى الوطنية لباس الدين. وعندما يذكر هؤلاء بمفاهيم وحدة المسلمين والخلافة، تراهم يخذِّلون عنها، ويدعون إلى العمل من أجل (مصلحة) الوطن، فالوطن كل شيء عندهم، وهو أعلى سقفهم، أما الخلافة والوحدة فهي ليست في قاموسهم، فالغرب – بحسبهم- لن يسمح بها، ولا نريده أن يعادينا، في مشهد تخاذل واستسلام وانبطاح مفضوح؟! ولا شك أن دعاة الوطنية والقطرية المفرقة يعانون من انفصام كبير في عقلياتهم، فهم يدركون، تمام الإدراك، أن الدويلات التي يحيون فيها نتاج سايكس بيكو الأول والمباشر، ولا ينكرون ذلك، لكن عندما يذكرون بالحلول اللازمة، يصمون آذانهم ويستكبرون؟!
-
تشجيع ودعم الغرب للحركات الوطنية العلمانية في بلاد المسلمين، لتكون ولتظل بديلًا عن أي طرح إسلامي يدعو لوحدة المسلمين الجامعة، وتطبيق الإسلام في خلافته. أما أعمال تلك الحركات الوطنية العلمانية، منذ سايكس بيكو، وإلى الآن، فلم تنتج شيئًا يخدم الأمة الإسلامية، بل على العكس كانت وبالًا عليها، فهي الداعمة للأنظمة المجرمة في بلاد المسلمين التي تعمل عند الغرب، وهذا معناه أن ما يسمى بحركات التحرر الوطني، في بلادنا، حركات أقل ما يقال فيها أنها مشبوهة، وتنفذ أجندة الغرب، وأنها تكرس الفرقة لصالح الأوطان والدول القطرية، التي يعمل الغرب على استمرارها، فلا تقوم للأمة قائمة. فهل في ظل عمل تلك الحركات الوطنية العلمانية، ومشاركتها الأنظمة الغاشمة منظوماتها الفاسدة، تغير حال المسلمين للأحسن ولو قليلا؟! هل نهضنا؟ هل تحررنا؟ هل توحدنا؟ كفى دعاة الوطنية نفاقًا و كذبًا على الشعوب، التي تتوق للوحدة والتغيير الحقيقي، والحكم الرشيد، الذي يرفع عنها المآسي التي تنزل على رأسها كل يوم، وتكاد لا تنتهي. إن الحركات الوطنية العلمانية في بلاد المسلمين ابن شرعي لاتفاقية سايكس بيكو، وخنجر في خاصرة أمة الإسلام ووحدتها.
-
تشجيع الغرب ومباركته للحركات الإسلامية التي تسمى (معتدلة)، والتي تختلف عن الحركات الوطنية العلمانية في شيء واحد فقط هو اللحية. فالغرب أدرك وجوب وجود حركات وأحزاب (إسلامية) في بلاد المسلمين، لا تقود المسلمين للعمل السياسي المنتج، وهو عودة الإسلام الذي يحتكم إليه في دولة الخلافة، بل تقودهم لكل شيء دون ذلك، لا يغير من حال الأمة شيئًا، ويديم شقاءها وفرقتها. وهذه الحركات الإسلامية تشارك وتبارك الأنظمة المأجورة، وتطيل من عمرها، كما يشتهي الغرب. ومثالها الحركات الإسلامية التي تتحالف اليوم مع السيسي في مصر، ومثالها حركة النهضة في تونس، والتي قدمت في مؤتمرها العاشر الأخير في 21-5-2016م قربانًا للنظام التونسي والغرب، بإعلانها الفصل بين الدين والسياسة، تحت سمع ومباركة ومشاركة الرئيس التونسي الباجي القائد السبسي، الذي كان ركنًا من أركان النظام السابق. أبعد هذا ينعق من ينعق عن حركات إسلامية هذا حالها؟! إنها سياسة التدجين لمسلمين، وحركات (إسلامية) لا علاقة لها بالإسلام والعمل الإسلامي الصحيح الرشيد.
-
محاربة من يعمل لوحدة المسلمين، وإعادة مجدهم المفقود، ودولتهم المغيبة قسرًا، دولة الخلافة، من خلال البطش بهم وملاحقتهم، والتعمية على أعمالهم في توعية الأمة على قضيتها المركزية: الخلافة والحكم بالإسلام ووحدة الأمة الواجبة.
-
تشويه فكرة الخلافة، وحتى نفيها، وتشويه تاريخها الناصع، حتى يبتعد المسلمون عنها ولا يعملوا لها، وإظهارها، تضليلًا، كدولة شمولية وكهنوتية، يتسلط فيها الحكام. فالأقلام المأجورة في بلاد المسلمين، وأبواق الإعلام البهلوان المنبطح، تدأب في تشويهها بأساليب شتى؛ فتبرز، مثلًا، الخلافات السياسية بين مكونات الطبقة السياسية في عصر الخلافة السابقة، باعتبار ذلك دليل على عدم صلاحية عودتها اليوم! وأن الخلافة كانت راشدة ثم تراجع أداؤها! إضافة إلى إخفائهم المقصود لمكانة الخلافة السابقة، وبطولاتها وفتوحاتها وقيادتها للعالم، وأنها كانت قبلة العالم في كل شيء، في التشريع والعلوم والسياسة والفكر والعدل والرعاية. وهذا التشويه المبرمج للخلافة والهجوم عليها، تقوده، وللأسف، ما تسمى المراجع الشرعية في العالم الإسلامي، كالأزهر ومنظمة المؤتمر الإسلامي، تحت عناوين خبيثة مثل «تجديد الخطاب الديني» و«الإسلام المعتدل» و«الإسلام الحداثي المتطور المعاصر» و«حوار الحضارات» و«التعايش مع الغرب» و«الوسطية» إرضاءً للحكام والغرب المستعمر. وهذا شيخ الأزهر الأول أحمد الطيب يصل إلى باريس في 24-5-2016م ليؤكد للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ضرورة التصدي للإرهاب العالمي (طبعًا إرهاب المسلمين كما يفهم هولاند) وأن الأزهر مستعد لتقديم العون لفرنسا، في كل ما يمكنها من محاربة الإرهاب، ولا ينسى الشيخ أن يوجه التحية لفرنسا عاصمة الفكر الحر، ومهد الثورة الكبرى على الظلم والقهر، وينسى – بل يتناسى- شيخنا (ممثل الإسلام أمام الغرب المستعمر) ما تفعله فرنسا بالمسلمين اليوم في سوريا ومالي وغيرها، من قصف وقتل وتهجير، وما تفعله تجاه المسلمات الحرائر على أرضها، وما فعلته في الجزائر، عندما قتلت مليون مسلم، وبقرت بطون نساء المسلمين الحوامل، وأجرت على المسلمين هناك التجارب النووية؟!
التضليل الفكري للمسلمين أهم أساليب الغرب (بل الأسلوب الرئيس) في تكريس فرقة المسلمين ومنع وحدتهم.
فسايكس بيكو ليست مجرد حدود جغرافية، بل هي منظومة متكاملة من أساليب التعمية والتضليل، في فكر الأمة الإسلامية؛ حتى تظل تائهة لا تعرف طريق الخلاص، فحدود الدم بين دول المسلمين، وغيرها من عقبات الوحدة، ما هي إلا نتائج لشيء واحد، وهو غياب وعي الأمة على دينها وكيفية خلاصها. فالغرب يدأب في تخريب فكر الأمة بكل فكر هدام؛ ليبعدهم ويضللهم عن العمل الرشيد الذي يخلصهم ويحررهم بالفعل، كالديمقراطية بديلًا عن تشريع الإسلام، والحريات المتفلتة، والإباحية، والإلحاد، وحقوق الإنسان، وتحديدًا ما يسمى حقوق المرأة لإفسادها وإفساد المجتمع المسلم، والوطنية والمذهبية الضيقة والعرقية، وحرية الفكر والاعتقاد، والطعن والتجرؤ على مقدسات الإسلام، باسم الاجتهادات العصرية الحرة لنصوص الدين، والإعلام الفاسد المفسد، واستثارة أمور اجتهادية بين المسلمين تديم خلافهم، وغير ذلك… فالغرب يعي أنه طالما ظلت هذه الأفكار وغيرها تسيطر على فكر أبناء المسلمين، فسيظل يعبث بهم كيف يشاء، ولن يستطيعوا الانعتاق من هيمنته السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وبغياب الفكر الصحيح الموحد عند الأمة، فلن تتحرك للتغيير والتوحد في دولة الخلافة.
الغرب المستعمر شيطان في لباس الواعظين، فهو يقوم بكل أعمال الفرقة في جسد الأمة الواحد، بينما يؤمن بالوحدة ويقدسها ويقاتل من أجلها في بلاده. فأميركا (الولايات المتحدة) دخلت في حرب أهلية من أجل وحدتها السياسية، وهي مستعدة اليوم لأن تمسح من الوجود أي عمل يمس ويخرج عن هذه الوحدة. أما أوروبا (الاتحاد الأوروبي) فقد دخلت دوله أيضًا في حروب ونزاعات قبل أن تقبل لنفسها بالوحدة، والتي مكنتها من البقاء في الموقف الدولي. وكم خسر الاتحاد السوفياتي وضعف بعد أن تشظى وانفصلت عنه الكثير من جمهوريات حلف وارسو، بعد سقوط مبدئه ابتداء من 1990م. وهكذا فالكافر المستعمر يتوحد هو، ويحارب وحدتنا، ويكرس فرقتنا، معتبرًا ذلك قدرًا ليس لنا أن نرده، في دجل ونفاق سياسي مفضوح مكشوف. ألا يعي الناعقون بالدولة القطرية الوطنية في بلاد المسلمين واقعهم؟ أهم جهلاء إلى هذا الحد؟ أم أنهم عملاء مخلصون لأكاذيب وتضليل أسيادهم في الغرب؟! إن الذي يحصل اليوم للمسلمين مهزلة ما بعدها مهزلة، فالحقائق بينات، لكن القوي الفاجر هو من يكتب التاريخ ويرسم الجغرافيا للضعفاء والجبناء والمنبطحين والعملاء.
دليل العمل للإسلام يجب أن يبنى على تشخيص الداء تشخيصًا دقيقًا، ثم العمل على مواجهته مباشرة، وعدم الانصراف عنه والتلهي بغيره، فالتعرف على المشكلة والإقرار بها والتفنن في وصفها، دون تناول أدوات علاجها الحقيقية، فهو إما جهل، أو تضليل متعمد، أو خوف من العمل للإسلام، أو عمالة وخيانة للدين. إن مشكلة وقضية المسلمين الأولى والمصيرية هي غياب حكمهم بالإسلام في كيانهم الخلافة، وليست في قضاياهم الوطنية القزمة، هنا وهناك، والتي يسهر الغرب على رسمها لهم. فقضية المسلمين ليست في بناء الفلسطينيين للدولة الفلسطينية تحت حراب يهود لتكريس اغتصاب يهود لفلسطين، وليست قضيتهم في محافظة أهل مصر على كيان القطر المصري وهويته الفرعونية، ومحاصرة المسلمين في غزة، وملاحقة الدعاة إلى الله، وليست في دفاع أهل ليبيا عن حدودها خوفًا من تسلل المسلمين إليها من مصر وتونس، وليست مشكلة الأمة في تمكين المسلمين الأكراد من إقامة دولتهم القومية في شمال العراق على حساب وحدته، وليست في المحافظة على هوية البحرين (وهي دولة توضع كلها في مدينة) أمام المد الشيعي، وليست قضية الأمة ومصلحتها في شن حرب مسعورة من آل سعود على اليمن السعيد ليذعن السياسيون فيه لما تريده أميركا، وليست في مشروع بناء سور بالمليارات على حدودها مع الشقيقة العراق، وليست في دفاع الأردن ولبنان وتركيا عن حدودهم أمام لاجئي سوريا أخوتنا في العقيدة والمصير، ومحاصرتهم في مخيمات كأنهم عبيد سقطوا من كوكب المريخ، وليست مشكلتنا في قرع تركيا لأبواب أوروبا منذ عقود استجداء للعضوية في الاتحاد الأوروبي على الرغم من احتقار أوروبا لها… إن مشكلة الأمة الإسلامية ليست في كل ذلك، فهذه المشاكل كلها تحل بحل القضية الرئيسية، وهي وقف تغييب دولة المسلمين، الخلافة، عن الوجود، وإقامتها من جديد، والقضاء على دول الضرار التي قامت على أنقاضها، بإشراف الغرب الكافر ودعمه إلى الآن. كفانا مغالطة للحقائق، كفانا كذبًا على أنفسنا، كفانا استغباء لعقولنا. نحن المسلمين أحق أن نكون صادقين مع أنفسنا من أعدائنا الذين يعملون ويقاتلون من أجل مصالحهم وهيمنتهم في بلاد المسلمين، رغم عدم مشروعيتها. ألا تدفعنا نخوتنا ومروءتنا وشهامتنا لنفهم ونعي ما نحن فيه من تمزق وهوان، فنتحرك للتغيير الواجب والصحيح؟ والله، إن أعداء الدين لا يقبلون لأنفسهم ما نحن فيه، لكنها خيانة الحكام وأنظمتهم وتبعيتهم للكافر المستعمر؟!
إدراك قضية المسلمين المصيرية يرشد إلى كيفية التغيير الصحيح. إن قضية المسلمين الوحيدة هي أن ربهم فرض عليهم أن يحتكموا للإسلام ونظامه في دولة جامعة لهم اسمها الخلافة (الخلافة الحقيقية طبعًا)، وأن ينعموا بعدلها، ويقيموا الدين، ويحملوه للعالم دعوة رحمة، ويعزوا بها، ويكونوا أسياد العالم، كما كانوا. والأمة الإسلامية تتوق لذلك، وهي مؤهلة وقادرة لأن تعيد مجدها المسلوب، وها هي اليوم تتقدم، والحمد لله، في وعيها على مبدئها ودينها، وباتت تعرف الكثير عن ما يوجبه إسلامها عليها، وباتت ترتقي في فكرها وذكائها على واقع الحكم المفروض عليها، وعلى مخططات أعدائها، وباتت مستعدة للتضحية في سبيل إسلامها، وقد تجاوزت مرحلة سكونها وخوفها من الأنظمة البوليسية، التي تجثم فوق صدرها، وصارت تلتفت بقوة إلى الدعاة المخلصين بين ظهرانيها الذين يصدقونها القول والفعل، ولا يدجلون عليها ويضللونها، وصارت تلمس صدق الدعوة إلى وحدة المسلمين في دولة المسلمين الجامعة، وتلمس الحاجة الملحة لها، وصارت تكفر بالحركات الوطنية العلمانية والإسلامية المنافقة التي تشارك الأنظمة الحكم، وصارت تلمس أن فرقة الأوطان والحدود وبال عليها، وباتت تدرك وتقطع أن فقرها وعوزها وهوانها وضعفها مفروض عليها، وأنه غير طبيعي، وأنه خلاف الأصل، وأنها تحتاج لأن تنقلب عليه. لكن الأمة تحتاج أكثر لأن تدرك كيف تنهي معاناتها ونزفها المستمر.
نحن المسلمين يصدق فينا اليوم قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول.
إن طريق خلاص الأمة واضح جلي مهما حاول أعداء الدين والأنظمة والمضللون أن يصرفوها عنه. ولن تقوم للأمة قائمة إلا إذا انقلبت على حكامها وأنظمتهم البالية بالكامل، وأبدلتهم بدولة الخلافة الجامعة، تنتخب فيها حكامها الذين يقودونها لكل رفعة وعزة وقوة. لن تقوم للأمة قائمة إلا إذا وضعت يدها في يد المخلصين الذين يدعونها لذلك وليس سواه. لن تقوم للأمة قائمة إن ظلت تستصعب تحركها وإمكانية حصول التغيير الحقيقي. لن تقوم للأمة قائمة إن يئست واستعجلت وقبلت ورضيت بالفتات من الحلول المسكنة التي ترميها بها الأنظمة التي يحركها الغرب، فالله تعالى يقول: (إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا)، فعدم وصول الأمة لغايتها إلى الآن لا ينبغي (بل ويحرم في حقها) أن يجعلها تركض خلف كل حل، وكل قضية، وكل سراب لا يسمن ولا يغني من جوع، يرفضه دين الله، ويكرس فرقتها. لن تقوم للأمة قائمة إن ظلت تراهن على حكامها المجرمين الذين يسومونها ألوان العذاب ليل نهار، وإن ظلت تراهن على القوى السياسية الوطنية التي تستغبيها وتستقطبها لصالح الأنظمة. ألا ترى الأمة كيف أن الأمم الأخرى ودولها تعمل ليل نهار من أجل مصالحها، وكيف أنها تقاتل وتصارع وتعاظم من قواها لتكون المهيمنة والمسيطرة في العالم؟ أهم أحق بهذا أم أمة الإسلام، خير أمة أخرجت للناس؟ قال تعالى: (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ).
على الأمة أن تقطع أنها موعودة بالنصر والاستخلاف والتمكين، إن عبدت الله حق العبادة، وأقامت الدين في كل نفسها، فالله تعالى يبشرها بالجائزة الكبرى بقوله: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥) فإلى الوحدة الإسلامية، عبر العمل إلى إقامة الخلافة الإسلامية، ندعوكم، أيها المسلمون، فهيَّا إلى سبيل الخلاص.