الإعلامُ فنٌ وإدارةٌ وسياسةٌ
2012/12/29م
المقالات
1,759 زيارة
الإعلامُ فنٌ وإدارةٌ وسياسةٌ
أصدرت دار أطلس للنشر في القاهرة كتاب «السياسات الإعلامية» للدكتور خالد عزب تناول فيه قضايا إعلامية هامة بالنسبة للمؤسسات والدول والأفراد، موضحاً أن مثل هذا العلم لا يبنى على العشوائية بل يخضع لقواعد وخبرات متراكمة لا تخرج في نهاية الأمر عن كونها تخضع للتخطيط وتعني به توظيف الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة من أجل تحقيق أهداف معينة مع الاستخدام الأمثل لهذه الإمكانيات، ويقوم على مجموعة عناصر: المدى الزمني، معرفة الواقع، تحديد الأهداف والوسائل. وتطرق الكاتب إلى مسائل مهمة في هذا الإطار نستعرض بعض أهمها:
– تمثل إدارة السياسات الإعلامية تحدياً جديداً أمام كل من يريد أن يكون له تأثير في هذا العالم. لهذا كان لا بد من اعتماد سياسات إعلامية واضحة ترتبط بأهداف محددة. فإدارة سياسات الإعلام فن من فنون الدبلوماسية الرفيعة الذي يتطلب قراءة جيدة يومية من شخص ما للحياة السياسية والثقافية والأحداث الجارية حتى يتسنى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. ومن ثم تحديد نوع المادة التي ستقدم للجمهور من خلال الوسائط الإعلامية المتعددة. لكن هنا يبقى الفيصل، هل حدد هدفه؟ هل حدد نوعية المادة؟ هل حدد وسيلة الاتصال المناسبة؟ هل يستخدم كل الوسائط أم بعضها؟
– إن تفهم طبيعة الجمهور المخاطب وسيلة أساسية من وسائل النجاح الإعلامي، لهذا يلجأ الساسة إلى حيل عديدة لكسب الجمهور استناداً لهذا الفهم، فها هو نابليون عند غزوه لمصر يشهر إسلامه ويتبنى منشورات تدعو المسلمين في مصر لمساندته ضد “الظلمة” المماليك، ويحضر الموالد الإسلامية. كذلك برع الرئيس السادات في هذا حين كان يرتدي أحدث الأزياء عند سفره خارج مصر، فيما يلبس الجلباب والعباءة في قريته ميت أبو الكوم، فالأولى لديه فيها طبقة وجمهور معين يتناسب معه البذلة وربطة العنق المتناسقة معها، والثانية كان لدى السادات فيها جمهور آخر يخاطبه هو جمهور الفلاحين والعمال وأهل المدن الصغيرة، الذين كان يهدف إلى إقناعهم بأنه واحد منهم يأكل البط والأوز في المولد النبوي على الطبلية، بل نشأ مثلهم، وأن لديه قيم الريف الأصيلة.
– إن الاتصال المباشر الحي، وهو أقدم الوسائط التي عرفها الإنسان، لا يزال أكثر الوسائط فاعلية وأكثرها صعوبة على صعيد التأثير الفردي، لأن فيه إما أن يفقد المتصل تأثيره على الجمهور إلى الأبد، أو يكسبه إلى الأبد؟! لذلك ما تزال العديد من المؤسسات بل حتى الحكومات تلجأ إلى الاتصال المباشر بالجماهير، لأن العلاقة المباشرة تحمل حميمية التواصل الإنساني. لذلك تلجأ الولايات المتحدة الأميركية إلى مثل هذا النوع من الدعاية، وقد ابتدعت “برنامج الزائر”، حيث تستضيف من خلاله أحد الأشخاص المرشحين في بلد ما للصعود السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي لزيارة الولايات المتحدة لمدة شهر، لتبهره. ويتم إعداد ملف خاص عن كل زائر مسبقاً، تحدد من خلاله ميول وأهواء هذا الشخص ليتم غرس نوع من الحب والانبهار بأميركا.كما أن المرافق للزائر، يعمل بتعليمات تتوافق مع طبيعة الزائر، وعادة ما تكون تركيبته الشخصية أو كيمياؤه النفسية تتكامل معه، لكي يتحول الاثنان إلى أصدقاء… هكذا تنشئ الدول العظمى لها أصدقاء (عملاء) في مختلف أنحاء العالم.
2012-12-29