علاقة المودة بين اليهود والهاشميين منذ الثلاثينيات
1995/03/31م
المقالات
2,033 زيارة
صحيفة Die Zeit الألمانية نشرت هذه المقالة للسيدة لورا بلومن فيلد بتاريخ 05/08/94 تحت عنوان “فترة لم يكن الصلح فيها ورداً في الحسيان التقى سياسيون أردنيون وآخرون إسرائيليون لعقود عديدة سراً،… جولدا مائيرا التقت الملك عبد الله سنة 1947 متنكرة في زي بدوية”
لقد أثارت الملابس الغير مهندمة وقبعة البحار شكوك الفتاة، إذ ترك والدها لباسه الدبلوماسي المعتاد. فسألت الفتاه أمها: “هل يذهب والدي إلى الصيد؟ الصيد؟… بشكل من الأشكال نعم!!. وبعد مرور ما يقارب الثلاثين عاماً رأت بتينا هرتسوغ عن قرب زعماء الأردن وإسرائيل في 25 سبتمبر 1994 في واشنطن يحضن أحدهما الآخر، عندها قررت أن تحكي لابنتها الحقيقة. إن الوالد [وبشكل أدق المعروف باسم يعقبو هرتسوغ، وهو سياسي إسرائيلي] كان في فترة غيابه يصطاد من على يخت الملك حسين، لقد كان يحاول اصطياد فريسته الزئبقية المتفلتة من بين يديه، إنها السلام، إنها الصيد الذي يوجد في المنطقة.
لقد طالب هرتسوغ بإجراء محادثات سرية مع الملك الأردني سنة 1963، وقد التقيا فعلاً في لندن في مكتب الطبيب الخاص بحسين اليهودي محل الثقة، إن بتينا أرملة هرتسوغ وبعض من بدأوا بمثل هذه المحادثات كانوا في واشنطن عندما التقى رابين حسيناً وصافحه لأول مرة علناً، معلناً بذلك نهاية الحرب. إن ملابس التنكر – ملابس غولدا مائير البدوية – لا حاجة لارتدائها الآن، وإن الهدايا السرية – إذ أهدى رابين حسيناً بندقية جليل الإسرائيلية – بالإمكان تبادلها الآن رسمياً.
إذا وجد عندك انطباع في واشنطن بأن رابين وحسيناً أصدقاء مقربون فذلك لأنهم بدرجة ما فعلاً أصدقاء، على مأدبة الغداء أشار رابين إلى حسين إشارة خفية، وفي وسط كلمة الترحيب التي ألقاها نظر باتجاه حسين وقال بشكل غير واضح “لن أذكر التفاصيل – قبل عشرين سنة – ولكن اعتقد بأن الملك حسيناً يفهم قصدي”، ويبدو أن رابين أشار بذلك إلى لقائهما سنة 1974، هذا اللقاء الذي لا يمكنهما الاعتراف به، تماماً كباقي اللقاءات التي تمت فيما بعد، وذلك لأن أي اتصال بإسرائيل كان يعتبر بالنسبة للعالم العربي أمراً غير محتمل. لقد كان أنور السادات أو رئيس عربي يوقع اتفاقية سلام مع الدولة اليهودية، وكان أن قتل من قبل “متطرفين إسلاميين”، ولذلك فإن تاريخ علاقة إسرائيل بالأردن يعتبر مسألة حساسة حتى هذا اليوم.
“إن اللقاءات التي أعلن عنها رسمياً قد تمت بالفعل، أما بالنسبة للقاءات السرية فنفضل عدم التعليق عليها “هكذا صرح السفير الأردني الذي رفض أن يذكر اسمه. ولكن الإسرائيليين في واشنطن يتحدثون عنها. فبالنسبة لموشي ساسون البالغ من العمر 69 عاماً فإن مسألة تحطيم الكبار متأصلة في عائلته، فهو يصرح بأن والده التقى الملك عبد الله سنة 1936 أي قبل تأسيس دولة إسرائيل باثنتي عشرة سنة. لقد بدأ ساسون جونيور رحلاته السرية إلى القصر الملكي سنة 1951، إذ كان يعبر الحدود إلى الأردن عندما يخيم الظلام عبر فتحة في السلك الحدودي الفاصل بين شطري القدس، فيجد سائقاً بسيارة بنية تحمل شعار التاج الملكي بانتظاره.
لتنقله إلى الأردن مارة بين الجنود الذين يسمحون لهم بالعبور إذ لا يعرفون شيئاً مما يدور. وفي عمان التي كانت آنذاك قرية صغيرة رحب عبد الله الذي كان يرتدي ملابسه البيضاء بساسون الذي كان يلبس بدلة زواجه الزرقاء الوحيدة، وأكلوا معاً من الصحون الفضية. يقول ساسون بأن الملك كان يغادر الغرفة تاركاً أمور المساومة لساسون وصديق يهودي آخر مع مندوبين أردنيين، ثم يعود كل نصف ساعة لسأل عما إذا كانوا قد انهوا الحديث قائلاً: «إن بإمكاني أن أحل كل المشاكل خلال خمس دقائق». وقد كان السائق يعود به (ساسون) بعد منتصف الليل إلى الحدود. لقد حصل في مرة أن نفذ البنزين من السيارة الملكية، في مرة أخر لاحظ ساسون مندهشاً أنه لم يكن على الجانب الإسرائيلي أي جندي إسرائيلي، فقال في نفسه: «إن باستطاعة الأردن أن يحتل إسرائيل في ليلة» لقد استمرت هذه الحال عدة شهور.
يقول ساسون الذي كان من المفروض أن يصبح أول سفير إسرائيلي في مصر «لقد سألت الملك. لم يفعل كل ذلك؟ (العلاقة مع إسرائيل) وكنت أردت أن أنبهه إلى لمخاطر» لقد عرف الملك أن تعويض خسائر حرب مضت لا يكون عن طريق حرب أخرى، ولكنه لم يعش طويلاً من أجل قطف ثمار هذه المعرفة ففي 20 يوليو 1951 وقبل بضع ساعات من موعد طعام ضربه الملك مع ساسون قتل عبد الله رصاصة في رأسه أطلقها “متطرف فلسطيني
في المسجد الأقصى. لقد رأي حسين وكان وقتها في سن المراهقة كيف هوى جده إلى الأرض، لكن ذلك لم يخفه إذ أكمل وهو في سن التاسعة والعشرين الحوار (مع إسرائيل). إن الجارين اللذين عاشا حالة حرب كانت لهما مصالح مشتركة، إذ حاول الاثنان كما يشير أشير سوسير – وهو باحث متخصص في مسألة الأردن إسرائيل – القضاء على المقاومة الفلسطينية، فعندما التقى رابين حسيناً للمرة الأولى ناقش الاثنان مستقبل الضفة الغربية بعيداً عن منظمة التحرير الفلسطينية. لقد كان حسين مستعداً لمواجهة المخاطر وإن كان ذلك بشكل غير ملفت للنظر، فبعد موت قائد طائرة الملك، كان الملك يطير بالهليكوبتر إلى الحدود من أجل مقابلة سياسيين إسرائيليين، لقد قابلهم في باريس، في مطعم غولد مائيرا في تل ابيب، على يخته في العقبة وتحت نور القمر بين آثار قلعة صليبية، لقد كانت اللقاءات قليلة أيام الحروب والأزمات.
بعد حرب الأيام الستة في يونيو 1967 أعلن موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي بأنه باستطاعة حسين الآن أن يتصل بنا، ولكن يعقوب هرتسوغ لم ينتظر دقات التلفون، إذ سارع للقاء الملك في سبتمبر ثلاثة أشهر بعد انتهاء الحرب. في سنة 1977 عندما فاز قائد الليكود اليميني مناحم بيغن في الانتخابات وأصبح رئيس وزراء إسرائيل لاحظ ديان تغيراً من قبل حسين فقد كتب ديان حول ذلك “لقد أظهر (الملك) تحفظاً ولم تبد عليه علامات الانبساط والرضى فكل المواضيع السياسية التي أثرتها أمامه لم تكن تحرك عنده ساكناً، لقد كان كالمقيد فإجاباته على أسئلتي لم تتعد قوله نعم أو لا”. ولكن الانبساط عاد مرة أخرى فبعد سنين طويلة توصل أخيراً إلى اتفاق.
كان في واشنطن أيضاَ إبراهيم داسكال الإسرائيلي البالغ من العمر 89 عاما. إنه رأى حسيناً لآخر مرة سنة 1935 عندما كان الأخير طفلاً. لقد دعاه عبد الله حينها لحضور احتفال ذكرى مولد حفيده، فأحضر داسكال معه هدية مكونة من ثلاثة أطقم من الأطباق، والآن يلتقي حسيناً مرة أخرى في حديقة البيت الأبيض فيصافحه الملك بيده ويقبله على وجنتيه. “إنك تشبه جدك” هكذا علق داسكال ثم تابع قائلاً بأنه قد جمع بين عبد الله وغولد مائير في فيلاته الواقعة قرب نهر الأردن، ثم أخرج ساعة ذهبية تحمل إشارة التاج ومحفور عليها اسم بعد الله باللغة العربية وأبرزها لحسين، لقد كانت هذه هدية من عبد الله أعطاه إياها بمناسبة احتفال تتويجه ملكاً سنة 1946، عندها ابتسم حسين دون أن يقول شيئاً، فتابع داسكال قائلاً: “كل هذه السنوات!”.
إن دقات هذه الساعة القديمة منذ أيام عبد الله تسمع حتى اليوم.
«الوعي»: ليس هذا الذي ذكر بجديد، فقد نبه أبناء الأمة الواعون المسلمين لذلك ومنذ الخمسينات، واليوم وقد سقط الستر وافتضح الأمر، فهل حان وقت القصاص ممن خان الله ورسوله…
عرفات يعد بتصفية الحركة الإسلامية في فلسطين
وبيريز يدعو لكونفدرالية اقتصادية
مقابلة صحفية مع وزير خارجية إسرائيل، نشرتها مجلة دير شبيغل الألمانية بعددها رقم 65 بتاريخ 06/03/95، وهذا نص المقابلة:
ش: معالي الوزير، المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير عالقة، والصلح التاريخي يصيبه الضرر بسبب الإرهاب الدموي والتردد السياسي، هل يعني كل هذا انهيار عملية الإسلام.
بيريز: كلا، إننا ما زلنا نواصل عملية السلام، فهنالك بعض الأمور الظاهرة، كالمحادثات حول انتخابات مجلس الحكم الذاتي، وهنالك بعض الأمور الأخرى تتم في السر.
ش: ولكننا لا نستطيع رؤية أي تقدم الآن، بل إن قسماً كبيراً من الإسرائيليين والفلسطينيين يرون أن اتفاق أوسلوا قد فشل.
ب: لقد كان البلد دائماً في حالة انقسام عندما يتعلق الأمر بإيجاد حل لقضية الفلسطينيين، فالمسألة فعلاً معقدة، وليس هناك من شيء بالإمكان الرجوع إليه. إذ لم تكون هنالك دولة فلسطينية فيما سبق، لا تحت حكم العرب ولا العثمانيين ولا البريطانيين، إنه لم يكن هنالك حتى شعب فلسطيني، إن التاريخ لم يترك في هذه المنطقة أي علامات لحدود.
ش: هل ما زال يوجد في إسرائيل من يؤيد مواصلة عملية السلام بعد التفجيرات التي أودت بحياة 21 ضحية في بيت ليد.
ب: إننا نحظى بتأييده 56% من الشعب الإضافة إلى أكثرية برلمانية تدعونا إلى الاستمرار بهذه السياسة، ثم إننا لا نحكم من قبل بابا، بل نحن نعيش في بلد ديمقراطي، ولكننا لا نذهب كل يوم المستشفى لنقيس درجة حرارة المريض.
ش: إن رئيس الدولة عيزر وايزان قد طالب الحكومة بتجميد المفاوضات مع منظمة التحرير، ورئيس المعارضة بنيامين نتانياهو يعتبر أن اتفاق أوسلوا قد انتهى.
ب: هل بإمكان نتانياهو أن يقول عير ذلك؟ أيريد منا أن نزحف بجنودنا مرة أخرى إلى غزة!
ش: ووايزمان؟
ب: إنه رئيس الدولة، وأنا لا أعلق على تصريحاته، ولكنه يجب أو يوضع حد للقتل.
ش: إذن تقرير المستقبل يقع في يد الإرهابيين ممن هم على استعداد للقيام بأي عمل ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم؟
ب: إن على عرفات أن يظهر عزماً ووضوحاً أكثر في محاربة الإرهاب في مناطقه. نحن لا نطالبه بنجاح كامل، ولكنه يتحمل المسؤولية عندما يقوم فلسطينيون من غزة والضفة الغربية بعمليات في إسرائيل.
ش: لقد قامت شرطة عرفات منذ فترة وجيزة بالقبض على مئات من أتباع حماس والجهاد الإسلامي.
ب: نعم، ولكنه لم يقدم أي إرهابي حتى الآن للمحاكمة، إنه لم يحاول حتى الآن تجريد هذه المجموعات من السلاح، لقد أكد لنا أنه سيقوم بذلك بعد انقضاء رمضان، فنحن بالانتظار.
شك عرفات يوجد الآن في حالة صعبة، فإنه كلما فقد التأييد من قبل الفلسطينيين كلما قلت قدرته على إيجاد الاستقرار في مناطق الحكم الذاتي.
ب: يجب عليه أن يبرهن أن الاستمرار في عملية السلام يهمه، فإذا ما كان ضعيفاُ أو لا يملك الإرادة للسير في ذلك فلماذا نحن ملزمون بالتفاوض معه؟ يجب أن يظهر من خلال الصراعات الفلسطينية الداخلية أنه هو القائد الذي يستطيع أن يثبت نفسه مقابل مناوئيه الذين في معسكره، انظر إلى ما فعله بن غورينون، لقد أعرق السفينة كاملة بأسلحتها وطاقمها حتى لا تقع هذه الأسلحة في الأيدي الغير مناسبة.
ش: هكذا يجب أن يفعل عرفات إذن مع حماس؟ ويسبب بذلك حرباً أهلية في غزة.
ب: إذا لم يغلب عرفات حماس فستغلبه هي، يجب أن يسيطر على الأسلحة من مناطق نفوذه يجب عليه أن يحاول فرض سلطته، وعنده من أجل تنفيذ ذلك 9 آلاف شرطي.
ش: حركة المقاومة الإسلامية تحظى بتأييد كبير في أوساط الشعب، والناس في قطاع عزة والضفة الغربية يشعرون بخيبة أمل عميقة بسبب عدم تحسن الظروف المعيشية بعد العملية السلمية.
ب: هذا أكيد، ويجب أن تنجز أشياء كثيرة فنحن بصدد إنشاء سوق عمل للفلسطينيين، عن طريق بناء مجمع صناعي في غزة والضفة الغربية، إذ عندما لا يتمكن العمال الفلسطينيون من المجيء إلى إسرائيل فسيأتي العمل الإسرائيلي إليهم.
ش: هل باستطاعتكم تقديم المزيد؟
ب: اسمع ما زال هنالك بلاد تهدد الوجود الإسرائيلي كإيران، ما زال هناك إرهاب، ما زال هناك مقاطعة اقتصادية وسياسية ضد إسرائيل من دول عربية، أكثر من ذلك ليس باستطاعتنا أن نقدم، فلأول مرة في التاريخ يحصل الفلسطينيون على مناطق سيادة، ولأول مرة يملكون السيادة في تربية أولادهم، وفي إدارة الجهاز الصحي، ونحن الذين نمول ذلك، لقد خاطرنا بما فيه الكفاية، والآن حان دور الآخرين ليخاطروا بعض الشيء.
ش: المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تعتبر شوكة في حلق الفلسطينيين، تماماً كما يعتبر الإرهاب شوكة في حلق إسرائيل. كيف يمكن حل مثل هذه المشكلة المتأزمة.
ب: إن مجرد وجود المستوطنات اليهودية لا يؤدي إلى تفجير الموقف، المهم كيفية التعامل بين المستوطنين والفلسطينيين، ففي الضفة الغربية يعيش 130 ألف مستوطن أي أقل من نسبة 10% من السكان، في حين يعيش في إسرائيل بعض مئات الألوف من عرب إسرائيل بسلام مع اليهود. بالإمكان تحقيق ذلك لو وجدت الإرادة.
ش: وهذا لا يمكن أن يحصل، فرئيس الوزراء رابين وصف المستوطنات بأنها حمل سياسي، بل اعتبر بعضها مخاطرة أمنية والآن تتحدث سيادتك ببساطة عن معاملة حسنة بين الفلسطينيين والمستوطنين؟
ب: ما كان أحد سيفعل ما فعلناه فنحن نعطي الأرض ونعطي السلطة دون أن نحصل على شيء.
ش: بلى.. السلام.
ب: الأرض شيء ملموس، بينما السلام شيء غير ملموس خصوصاً في الوقت الذي لا يأتي معه بالأمن.
ش: لماذا لا تتنازلون عن بعض المستوطنات الصغيرة على الأقل، كتلك التي في الخليل، والتي تتسبب دائماً في مواجهات.
ب: الأمر ليس بهذه السهولة، فنحن مقيدون بالقوانين، يجب علينا أن نقبل بقرارات الحكومة السابقة، ولكننا أوقفنا البناء الجديد للمستوطنات، ونراقب المتطرفين من المستوطنين بشكل دقيق.
ش: إنه من غير المعقول أن تبقى كل المستوطنات في الضفة الغربية بعد اتفاق السلام.
ب: هذا في تصورك. أما بالنسبة لي فإن الأمر متصور. إن الإرادة موجود أيضاً في بلدان ليس فيها مستوطنات يهودية، أنظر مثلاً إلى الجزائر أو إلى مصر، فالسبب الرئيسي هناك هو الأصولية الإسلامية، التي ظهر بعد نهاية الشيوعية كإحدى التهديدات الكبيرة للسلام العالمي. إن هذه الأصولية ليس لديها أي احترام للحياة البشرية، إذ كيف يمكن تفسير مثل هذه العمليات الانتحارية البشعة؟ الأصولية هي محاولة لحل مشاكل مستعصية في مجتمع متغير بوسائل العصور الوسطى.
ش: إن ظهورها هو ردة فعل للظروف المعيشية الغير كريمة، ولخيبات الأمل، وللإذلال.
ب: صحيح، ولذلك فإننا نريد أن نتحدث مع جيراننا العرب بشكل خاص حول التطور الاقتصادي، والعلوم والثقافة. إن التصورات والمقاييس السابقة لم تعد صالحة، فالحدود القومية أصبحت قضايا قديمة كما ظهر جلياً من خلال الوحدة الأوروبية. إن كونفدرالية اقتصادية بين الرد، ومناطق الحكم الذاتي وإسرائيل ستعطي المجال للشرق الأوسط أن يزدهم.
ش: ولكن بد سوق مشتركة تنادي حكومتكم بالفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إن هذا إقرار بأن التعايش السلمي الثنائي غير ممكن بين الشعبين.
ب: نحن نفكر بفصل قومي، ولكن في نفس الوقت بعمل اقتصادي مشترك شبيه بما هو في أوروبا.
ش: ولكن هناك سقطت الأسلاك الشائكة والحواجز الحدودية.
ب: إنه يتوجب علينا أن نحمي أنفسنا من تسلل الإرهابيين، ولكننا لا نريد بناء حائط بيننا وبين الفلسطينيين. طبعاً يجب التنبه إلى عدم التسرع في إيجاد وحدات قومية. الأمر في السياسة كما هو في المطبخ، يستطيع المرء أن يصنع من البيض عجة، ولكنه لا يستطيع أن يصنع من العجة بيضاً.
ش: إن فكرة الفصل تتضمن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. لماذا تمنعون أنفسكم من التصريح بذلك علناً؟
ب: نحن نعتقد أن الحل النهائي هو إيجاد كونفدرالية أردنية فلسطينية. فقد اعترفنا بالشعب الفلسطيني، وفي الأردن يوجد كثير من الفلسطينيين، فيجب على الفلسطينيين والأردنيين أن يصلوا إلى كيفية لتنظيم أمورهم. بالنسبة لنا لا يمكننا الموافقة على أن يمر الجيش الفلسطيني أمامنا هنا. هذا ما لا يقصنا.
ش: لكن عرفات يريد كل ميزات الدولة ذات السيادة، وضمن ذلك عاصمة خاصة، شرق القدس.
ب: بأي حق يستطيع المطالبة بذلك؟ إن القدس لم تكن في يوم من الأيام عاصمة لبلد عربي، وفي القدس يعيش اليوم يهود أكثر من ضعفي العرب الذين يعيشون هناك، إننا لن نسمح بجعل القدس برلين أخرى مقسمة.
ش: إن القدس بالنسبة للعرب مسلمهم ونصرانيهم مدينة مقدسة.
ب: حين يتعلق الأمر بالدين فالقدس مفتوحة للجميع، ولكن لن نسمح بانقسام سياسي فيها أبداً.
ش: إن هذه الشدة من جهتكم تؤدي فقط إلى اتهام عرفات من قبل أعدائه بأنه إلى جانب الإسرائيليين. لماذا لم تسمحوا حتى الآن بإجراء انتخابات فلسطينية؟ فحسب اتفاق أوسلو كان يجب أن يتم ذلك منذ فترة طويلة.
ب: عرفات يصر على خروج القوات الإرهاب من مراكز الكثافة السكانية الفلسطينية قبل الانتخابات. ما هي النتيجة من ذلك؟ لقد رأيناها. فبعد عملية بيت ليد رقص الناس في شوارع عزة، نحن لا نستطيع سحب قواتنا قبل التأكد من أمننا.
ش: ولهذا السبب أيضاً لم تطلقوا سراح المساجين الفلسطينيين؟
ب: نعم. فبعض الذين أطلق سراحهم عادوا للإرهاب.
ش: هنالك بعض الاتفاقات الأخرى لم تنفذها إسرائيل. مثلاً إنشاء طريق تنقل آمنة بين قطاع غزة وأريحا.
ب: الفلسطينيون أيضاً لم ينفذوا كل ما وعدوا به لقد وظفوا على سبيل المثال عدداً من الشرطة أكثر مما يسمح لهم به الاتفاق، وهم لم يستطيعوا السيطرة إلى الإرادة. إذا لم يستطع عرفات تحقيق ذلك في غزة فلماذا نسلمه الضفة الغربية؟ نحن لا نهدم مكانته، ولكننا لا نريد أن نقدم له الجزاء قبل العمل. الآن سيتم كل شيء خطوة خطوة.
ش: كيف سيكون رد فعل إسرائيل لو خسر عرفات سلطته أمام القوى الراديكالية كحماس مثلاً. هل سيكون ذلك نهاية المسيرة السلمية؟
ب: أنا أشك في إمكانية مشاركة القوى الراديكالية في الانتخابات، فالذي يقتل لا يطمع في الفوز بالأغلبية.
ش: هل ستتحدثون معهم؟
ب: هم لن يتحدثوا معنا.
ش: من أجل الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة يجب عليكم أن تحققوا نجاحاً. يجب عليكم أن تظهروا أن الطريق الذي سلكتموه منذ اتفاق أوسلو هو في صالح إسرائيل. ولكنكم إذا جمدتم المحادثات مع منظمة التحرير فمن الممكن أن تخسروا الأمرين السلام والانتخابات.
ب: إذا خيرت بين كسب الانتخابات والسلام فإن السلام بالنسبة لي هو الأهم.
ش: حسب استطلاعات للرأي فإنكم لن تحصلوا على الأغلبية في حال لو تمت الانتخابات الآن، ماذا سيكون مصير المسيرة السلمية لو تسلم اليمينيون الحكم؟
ب: إن استطلاعات الرأي كالعطور، استنشاقها يعتبر أمراً مقبولاً، ولكن شربها خطير. يجب علينا أن نسير في طريقنا، فالمسيرة السلمية لا يمكن الرجوع عنها. إنه ليس بالإمكان جعل النهر يسير باتجاه قمة الجبل، كما أنه ليس بإمكان أي سد أن يكون مرتفعاً لدرجة منع فيضان تاريخي أن يحصل.
1995-03-31