من الفكر الإسلامي فكرة الحوار بين الأديان فكرة خاطئة وخطرة
2016/10/30م
المقالات
2,746 زيارة
من الفكر الإسلامي
فكرة الحوار بين الأديان فكرة خاطئة وخطرة
بقلم . الدكتور توفيق الحاج
فكرة الحوار بين الأديان التي بدأت في أوائل الستينات ، والتي تعني التقارب بين الأديان السماوية ومحاولة إزالة الفوارق بينها فكرة غريبة خطيرة وخبيثة فبمقتضاها يتوجب على المسلمين التنازل عن دينهم، ا, على الأقل عن أشياء كثيرة من دينهم الحنيف ، وإبطال الجهاد في سبيل الله والقعود عن حمل الدعوة الإسلامية. وكان القصد الظاهري من هذه الفكرة هو جمع القوى وحشدها ضد الاتحاد السوفيتي والأفكار الشيوعية، ولكن القصد الحقيقي فيها هو ضرب الإسلام والعمل على عدم عودته المبدأ الوحيد الصحيح المؤثر في العالم كما كان سابقا وكما أراد الله له ،وذلك بإنزاله عن منزلته الحقيقية وهو أنه الدين الصحيح ولا يشاركه في ذلك أي دين وهو الدين الذي خاطب الله فيه البشر منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لا يقبل الله من البشر غيره، وقد طلب الله من جميع البشر ترك أديانهم واعتناق الإسلام، وقد نسخ الله فيه جميع الأديان وأصبحت كلها باطلة وأصبحت كلها كفرا قال الله تبارك وتعالى ( إن الدين عند الله الإسلام ) ، وقال تبارك وتعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ، وأصبح جميع معتنقيها كفار لا يقبل الله منهم صرفا ولا عدلا ومن بقي منهم على دينه المنسوخ فهو مخلد في النار، قال الله تبارك وتعالى ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) ، وجعل الإسلام مساو لليهودية والنصرانية يخالف مخالفة صريحة ما جاء في القران الكريم وتعطيل لحمل الدعوة الإسلامية ووقف للجهاد وهذه أمور أرادها الكافر حتى لا يظهر الإسلام على الدين كله، وتعود الأمة الإسلامية أمة واحدة تحمل هذا الضياء للبشرية كما حملته بالأمس ، ولكن ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
من هنا بدأ الحوار
وقد بدأ الملحق الثقافي للأردن – التي هي بمثابة مملكة الكرك الصليبية في عدائها وحربها للإسلام – في جنيف في أوائل الستينات للترويج لهذه الفكرة وخاصة في مجلته التي كان يصدرها هناك، وقد تتابعت الاتصالات والمناقشات وحصلت لقاءات في الفاتيكان بين وفود إسلامية ونصرانية ويهودية، وقام السادات بعمل مثل هذه اللقاءات بين المشايخ واليهود والنصارى في جبل الطور في سيناء.
ثم أخذت هذه الفكرة تزداد ظهورا في أوروبا وانساق بعض المسلمين وراء هذه الفكرة وأخذوا يفسرون الإسلام وبعض أحكامه تفسيرا لا تحتمله نصوصه وتجاهلوا بعض أحكامه لإنجاح هذه الفكرة ، ووصل بهم الحال كذلك أن ساووا المسلمين بالنصارى واليهود في الجرائم التي حصلت ولا تزال مثل الحروب الصليبية، وأحداث الأندلس وما يحصل الآن في بالد المسلمين فادعوا زورا وبهتانا أن المسلمين كانوا طرفا مساويا للآخرين في هذه الاحداث الإجرامية ثم فسروا الجهاد على أنه حرب دفاعية، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر الفتوحات الإسلامية بأنها خطأ كبير ومخالفة صريحة للإسلام على حد زعمهم. فهذا كله كذب متعمل فإن كل من يعرف التاريخ ويدرك أحداث الحاضر يرى الفارق الشاسع بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى، فإن الفتح الإسلامي كان خيرا للبشرية لأنه جاءها بالضياء والنور وحقق لها السعادة وكان بعيدا كل البعد عن الظلم والاستبداد والقتل والتشريد الذي سلكه النصارى ولا زالوا وكذلك اليهود. فنظرة بسيطة إلى تاريخ الحروب الصليبية تري الفارق الشاسع بين معاملة النصارى للمسلمين ومعاملة المسلمين للنصارى، فإن النصارى كان ديدنهم القتل والتشريد حتى أنهم لما دخلوا القدس الشريف جمعوا سكان القدس من المسلمين الذين بلغ تعدادهم أكثر من سبعين ألف في ساحة المسجد الأقصى وقتلوهم عن بكرة أبيهم وكتبوا بكل فخر واعتزاز إلى بابا روما يخبرونه بذلك وبأن خيولهم الآن تمر عباب بحر من دماء المسلمين. ولكن كيف كانت معاملة المسلمين للنصارى حين استعاد المسلمون القدس؟ لقد كانت كلها رحمة وسماحة ومساعدة لم يشهد التاريخ مثلها.
وكذلك الجرائم التي حصلت في الأندلس والتي قام بها النصارى من قتل وتشريد يندى له جبين البشر إذ البشاعة التي سلكها النصارى هناك لا يستطيع إنسان تصورها . مقابل ذلك كانت معاملة المسلمين الطيبة والتسامح الذي لاقاه أهل الأندلس من النصارى واليهود من المسلمين الفاتحين. وما يرتكب الآن من مذابح في الشيشان والبوسنة وفلسطين ظاهر للعيان، فكيف يمكن لعاقل أن يساوي المسلمين بهؤلاء في السابق والحاضر ؟!
معنى الإسلام
يفسر دعاة الحوار الإسلام بأنه السلام، وهذا تحريف متعمد، والتغني بالسلام وجعله مقدسا هو خطأ كذلك، فيس السلام مقدسا كما أن الحرب ليست مقدسة، فإن سياسة الدولة والدعوة هي التي تقرر متى يكون السلام ومتى تكن الحرب وعلى ذلك سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيلة وجوده في المدينة المنورة فكان صلى الله عليه وسلم يسالم ويحارب حسب ما يقتضيه القيام بواجب حمل الدعوة الإسلامية .
والإسلام معناه الاستسلام لله سبحانه وتعالى وليس السلام كما يقولون زورا وبهتانا ، يقول الإمام القرطبي : والإسلام في كلام العرب هو الخضوع والانقياد، و يقول الدكتور الصاوي: أن حقيقة الإسلام هي، الاستسلام لله وحده فمن استسلم له ولغيره كان مشركا ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته ، والشرك والتكبر عن عبادته كفر، والاستسلام له وحده يعني عبادته وحده وطاعته وحده فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره . ولذلك لا يجوز مساواة الأديان الأخرى بالإسلام ولا نرضى من الدين غير ما رضيه الله ألا وهو دين الإسلام، وكل من لم يؤمن بالإسلام فهو كافر بالإجماع.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معنى الإسلام في جوابه لجبريل عليهما السلام حين قال له : يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله : ( الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) ، ولم يقل له بأنه السلام، فهل يقوم أهل الكتاب بهذه الأشياء الخمسة؟
ويقول القرطبي في تفسير قوله تعالى ( ان الدين عند الله الإسلام) الدين في هذه الآية الطاعة والملة والإسلام بمعنى الإيمان والطاعات . ويقول الله تعالى ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد) يعني اليهود والنصارى ( والأميين) الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب. (أأسلمتم) استفهام معناه التقرير وفي ضمنه الأمر، أي اسلموا، كذل قال الطبري وغيره وقال الزجاج : ( أأسلمتم) تهديد، هذا حسن ، لأن المعنى أأسلمتم أم لا ؟ يقول الأستاذ محمد علي الصابوني في صفوة التفاسير: الإسلام في اللغة الاستسلام والانقياد التام، فالإسلام معناه إخلاص الدين والعقيدة.
ويقول في تفسير قوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام) : أي الشرع المقبول عند الله هو الإسلام و لا دين يرضاه الله سوى الإسلام، ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم ): أي وما اختلف اليهود والنصارى في أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من بعد أن علموا بالحجج النيرة والآيات الباهرة حقيقة الأمر، فلم يكن كفرهم عن شبهة وخفاء وإنما عن استكبار وعناد فكانوا من ضل عن علم، ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن) أي إن جادلوك يا محمد بشأن الدين فقل لهم : أنا عبد الله فقد استسلمت بكليتي لله و أخلصت عبادتي له وحده لا شريك له ولا ند وصاحبة ولا ولد، ( ومن اتبعن) أي أنا وأتباعي على ملة الإسلام مستسلمون منقادون لأمر الله. ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد) أي اليهود والنصارى والوثنيين من العرب ( أأسلمتم) أي هل أسلمتم أم أنتم باقون على كفركم فقد آتاكم من البينات ما يوجب إسلامكم ( فإن أسلموا فقد اهتدوا أي فإن أسلموا كما أسلمتم فقد نفعوا أنفسهم بخروجهم من الضلال إلى الهدى ومن الظلمة إلى النور.
عموم رسالة الإسلام
قال الله تبارك وتعالى ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) أي عاليا عليه ومرتفعا وناسخا فرسالة الإسلام نسخت جميع الرسائل السابقة، ولن يقبل الله من أحد بعد بعثته صلوات الله وسلامه غير دين الإسلام.
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي: كان كل رسول يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس كافة . وقد غضب رسول الله عندما رأى عمر بين الخطاب يقرأ صحيفة من التوراة وقال له : الم آت بها بيضاء نقية ولو أ، أخي موسى أدركني لما وسعه الا اتباعي.
وقال الله تعالى ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) فلو كان الإسلام والنصرانية واليهودية متساوية ومقبولة عند الله عز وجل لما طلب الله من النصارى واليهود الإيمان بمحمد صلى الله عليه واعتناق الإسلام وترك ما هم عليه من أديان، ولما اعتبرهم كفارا والآيات الدالة على كفرهم وخلودهم في النار كثيرة جدا ولا خلاف في ذلك بين جميع المسلمين.
كفر أهل الكتاب أمر مقطوع به في كتاب الله
قال تعالى ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) وروى القرطبي : من أهل الكتاب : يعني اليهود والنصارى. منفكين أي منتهين عن كفرهم مائلين عنه. حتى تأتيهم البينة: أي أتتهم البينة: أي محمد صلى الله عليه وسلم. وقال قوم في المشركين: أنهم من أهل الكتاب ، فمن اليهود من قال: عزير ابن الله. ومن النصارى من قال: عيسى هو الله،ومنهم من قال هو ابنه: ومنهم من قال : ثالث ثلاثة. وقيل أهل الكتاب كانوا مؤمنين، ثم كفروا بعد أنبيائهم، والمشركون ولدوا على الفطرة فكفروا حين بلغوا. وقيل : المشركون وصف أهل الكتاب أيضا، لأنهم لم ينتفعوا بكتابهم، وتركوا التوحيد. فالنصارى مثلثة ،و عامة اليهود مشبهة، الكل شرك. وقيل : إن الكفر هنا هو الكفر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والكتب القيمة هي القرآن الكريم.
وقال الله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) أي ماثلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام.
معنى لا إكراه في الدين
وأما الاستدلال بالآية ( لا إكراه في الدين) إنما هو في ظل حكم الإسلام لا يكره أحد على ترك دينه واعتناق الاسلام. ولكن يبقى كافرا يدفع الجزية مقابل كفره، أي أن الكفار حين يخضعون لأحكام الإسلام إما بعد قتال أو بدون قتال فإنهم لا يجبرون على ترك أديانهم واعتناق الإسلام، وإنما لا بد من خضوعهم لسلطان الإسلام وحكم شرع الله ، مع مراعاة الأحكام الشرعية الخاصة بهم. وهذا ما سار عليه الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم عندما افتتحوا البلدان ونشروا فيها الهدي وطبقوا على الناس أحكام الإسلام لم يكرهوا أحدا على ترك دينه وإنما اعتنق أغلب الناس دين الإسلام طوعا، بعد أن رأوا عدله واقتنعوا بصحته.
حمل الدعوة واجب على المسلمين تجاه أهل الكتاب
وقال الله تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فلو كانوا مؤمنين كما يزعم البعض ودينهم مثل دين الإسلام لما طلب الله سبحانه وتعالى منهم ترك أديانهم ولما اعتبرها باطلا فهو يقول ( ولا يدينون دين الحق) ودين الحق هو دين الإسلام، فاعتبر أديانهم سواء اليهودية والنصرانية بأنها ليست حقا ولذلك طالبهم بتركها واعتناق الإسلام وإلا فلن يقبل منهم ذلك ، وقد أمر الله عز وجل المسلمين أن يقاتلوهم إن امتنعوا عن الخضوع لحكم الإسلام، فإما أن يدخلوا في هذا الدين او يخضعوا لأحكام هذا الدين بدفعهم الجزية وهم صاغرون لأحكام الإسلام.
أفبعد هذه الآيات البينات يأتي أحد المسلمين ويجعل الإسلام مساويا لهذه الأديان؟
واقع الحوار المطلوب شرعا
وأما الآية الكريمة ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دونالله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) وروى القرطبي : الخطاب لليهود والنصارى جميعا. وفي كتاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى هرقل: ” بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم. وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الاريسيين، قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون … ) لفظ مسلم.
فالمعنى أجيبوا إلى ما دعيتم إليه وهو الكلمة العادلة المستقيمة التي ليس فيها ميل عن الحق وقد فسرها بقوله تعالى : ألا نعبد إلا الله .
وقوله تعالى: ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، أي أن لا نطيع أحدا في التحليل والتحريم غير الله سبحانه وتعالى.
فإ، تولوا: أي أعرضوا عما دعوا إليه فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. أي متصفون بدين الإسلام منقادون لأحكامه…. ، غير متخذين أحدا ربا لا عيسى ولا عزيرا لأنهم بشر مثلنا ولا ملائكة.
ولذلك فإن الحوار بيننا وبين أهل الكتاب لا بد أن ينحصر في حمل الدعوة لهم أي دعوتهم إلى الإسلام.
كيف يكون الحوار
وذلد بشرح الإسلام لهم وتبيان أحكامه واظهار الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واظهار الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والطلب إليهم ترك أديانهم واتباع دين الله الذي لا يقبل الله غيره وهو الإسلام. وقد فرض الله علينا تطبيق أحكام الشرع على جميع البشر بعد حمل الدعوة لهم والقيام بالجهاد في سبيل الله لفتح البلدان وفرض سيطرة الإسلام على الناس.
إن كون الإسلام جاء ليكون شريعة البشر إلى يوم القيامة وكون القرآن الكريم ناسخا للكتب السماوية السابقة لا يناقش في مسلم فالآيات المتضافرة تدل على ذلك والله سبحانه وتعالى لا يقبل من أحد بعد رسالة محمد أي دين غير دين الإسلام فهو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى وجعل الخسران لمن لم يعتنقه وأنذره بجهنم خالدا بها.
وآيات الجهاد التي تأمرنا بقتال الكفار حتى يظهر هذا الدين على الدين كله كثيرة جدا وأعمال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جهادة للكفار معروفة لدينا ورسول الله يقول أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله فإن قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها.
حياة الرسول دليل قطعي على وجوب حمل الدعوة
وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت جهادا دائما وقد أقام الدولة الإسلامية في المدينة وطبق الإسلام ووحد المسلمين وقام بالجهاد داخل الجزيرة العربية حتى وحدها على الإسلام وأزال الشرك ثم توجه إلى الروم فكانت غزوة مؤتة ثم غزوة تبوك التي سار فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه ثم قام الصحابة رضوان الله عليهم بعده فساروا على سنته ففتحوا البلدان وطبقوا شرع الله . فكيف يمكن لعاقل أن يقول بأن الجهاد كانت حربا دفاعية فهل هاجم الروم المدينة؟ وهل هاجم الفرس المدينة؟ هل جاء البربر من شمال إفريقيا لمهاجمة المسلمين في مكة؟
والله سبحانه وتعالى يقول : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) . ويقول ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ويقول ( قل يا أيها الناس إني رسول اله إليكم) أبعد هذه الأدلة الناصعة الواضحة يأتي أحد المسلمين ويدعي زورا وبهتانا بأن الجهاد كانت حربا دفاعيأ؟
معنى الجهاد وحقيقته
والجهاد معناه كسر الحواجز المادية التي تقف دون وصول الإسلام للناس وهو قتال لتكون كلمة الله هي العليا وليست كحروب الكفار التي هي لإستعمار البشر وامتصاص دمائهم ونهب خيراتهم. فالجهاد فيه الرحمة للناس ولذلك حينما كان يكسر المسلمون الحاجز المادي يطبقون الإسلام على أهل البلاد ويتساوى الغالب والمغلوب ، فيصبح المسلمون معلمين لهؤلاء الناس، يطبقون عليهم شرع الله الذي هو الحق والعدل والرحمة، ولذلك دخلت هذه الشعوب والأمم في دين الله طوعا واختيارا وامتزحت جميعها بعضها ببعض لتكون هذه الأمة الإسلامية المترامية الأطراف.
وبقيت هذه الشعوب مسلمة رغم انحسار ظل الإسلام وذهاب دولته،وأما البلدان الإسلامية التي لم يبق فيها مسلمون مثل أسبانيا فإن السبب في ذلك ليس ارتداد أهلها عن الإسلام وإنما لما قام به النصارى عملية افناء للمسلمين بلغت من البشاعة ما يتصوره إنسان ، وكان ذلك كله بأمر من بابا الكنيسة الكاثوليكية في روما.
الأساس الوحيد للحوار
إن المحاورة بيننا وبين أصحاب الأديان الأخرى، لا بد أن تكون مبنية على أساس واحد وهو أن الإسلام هو الحق وهو دين الله وأهن الأديان الأخرى كفر وباطل ، ومحاورتنا لهم إنما تنحصر بإظهار حقيقة الإسلام ، ومحاورتنا لهم إنما تنحصر بإظهار حقيقة الإسلام ودعوتهم لاعتناقه وترك ماهم عليه دون أي تنازل عن أي حكم من أحكام الله ، وهم لن يرضوا عنا حتى لو تنازلنا عن بعض الأمور، وقد أخبرنا بذلك رب العالمين حين قال وقوله الصدق والحق ( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم) ، وليحذر المسلمون من هذه الدعوات، أي دعوات الحوار التي يقصد منها التنازل عن أحكام الإسلام وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من ذلك حيث يقول ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك).
وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) أي يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب أن يطفئوا نور الإسلام وشرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأفواههم بمجرد جدالهم وافترائهم وهو النور الذي جعله الله لخلقه ضياء، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخة ولا سبيل إلى ذلك. ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ذلك.
أفبعد هذه الآيات الواضحة يقبل مسلم أن يحاور الكفار على سبيل المساواة.
الجدال بالتي هي أحسن
إن المحاورة بمعنى المناقشة لبيان أفكار الإسلام وأحكامه، ودعوتهم لاعتناقه وترك ما هم عليه من أديان. ولا بد أن تكون حجة المسلم ظاهرة واضحة متحدية كل أفكار الكفر مبينة زيفها بالحجة البالغة وبالحسنى مصداقًا لقوله تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، ويكون ذلك دون ضغط عليهم لترك دينهم، ولكن لا بد أن نوضح لهم الأمر بكل صراحة وصدق وجرأة بأن الإسلام هو الحق وما عداه باطل، ولا توجد منزلة بين المنزلتين.
موقف أهل الكتاب من المسلمين
وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الركون إليهم وقال تعالى (ودّت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون) وقال الله تعالى (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدا) وقيل في تفسير “من” في هذا الموضع تعني جميع أهل الكتاب، فتكون “من” لبيان الجنس، “لو يضلونكم” أي يكسبونكم المعصية بالرجوع عن دين الإسلام والمخالفة له، وما “يشعرون” أي لا يعلمون بصحة الإسلام، وواجب عليهم أن يعلموا لأن البراهين ظاهرة والحجج باهرة.
فالحذر الحذر من مثل هذه الدعوات التي يقصد منها إبعاد المسلمين عن الإسلام ودعوتهم إلى القعود عن حمل الدعوة الإسلامية وتوضيح أفكار الإسلام على حقيقتها، ومن ثم منهم من القيام بفريضة الجهاد التي هي ماضية إلى قيام الساعة، لأن حمل الدعوة الإسلامية لا يتأتى بغير الجهاد، وأدعو المسلمين الغيورين على إسلامهم عدم الانزلاق في المنزلق، وأن يبقوا متمسكين بينهم يناقشون الناس بالحجة وبالتي هي أحسن لدعوتهم إلى الإسلام وعدم قبول المهادنة والحلول الوسط ولا بد أن يظهر الله دينه ويعز أهله ويذل الشرك وأهله، وبذلك يفرح المؤمنون بنصر الله وما ذلك على الله بعزيز.
2016-10-30