وفي الختام:
الطـائفة الظّـاهرة
أحد المسلمين قال: إنّ أيّة حركة أو جماعة أو جماعة أو حزب يعمل للإسلام يجب أن يتّصف “بالقتال” وإلاّ كان خارج الطائفة الظاهرة التّي مدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلّم بقوله:” لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ، ظاهرين إلى يوم القيامة” [مسلم].
إنّ فهم هذه المسألة مهّم جدّا، ولذلك سنحاول إلقاء بعض الأضواء عليها.
لقد ورد هذا الحديث بروايات عدّة ، وألفاظ متعدّدة. وهناك من اعتبر هذا الحديث متواترا في جانب من معناه.
من هذه الروايات: “لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرني حتّى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون” [البخاري]
“لن يبرح هذا الدّين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتّى تقوم الساعة”
[مسلم].
يوم القيامة” [مسلم].
“لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوّهم لا يضرّهم من خالفهم حتّى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ” [مسلم].
وجاء في أوصاف هذه الطائفة الظاهرة عند [الإمام أحمد]: “إنّهم ببيت المقدس”, وعند [الطبراني في الأوسط]: “يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها”. وهناك روايات و ألفاظ أخرى كثيرة.
ونريد لفت النظر إلى الاتصاف بالقتال أنّه ليس مجرّد قتال، وليس أي قتال، بل هو القتال الذّي من شأنه أن يحقق قهر العدّو والظهور عليه. انظر قوله “قاهرين لعدوّهم” وقوله “ظاهرين على من ناوئاهم”. فإذا كان القتال في ظرف من الظروف لا يحقّق هذه الغاية لا يقام به، بل يجري الإعداد له. والإعداد يكون بإقامة دولة إسلاميّة كبيرة قويّة، لأنّ الأعداء كثر وأقوياء ولهم دول ولا يتمّ قهرهم إلاّ بدولة.
أما عبارة “لا يزال” فهي لا تعني أنّه لا يحصل انقطاع أبدا، بل قد تحصل انقطاعات تكون صغيرة بالنسبة إلى عمر الأمم. وهذا المعنى نفهمه من واقعنا بمقارنته مع كلمة “لا يزال”. فالآن لا نرى هذه الطائفة قاهرة لأعدائها، سواء فسّرت هذه الطائفة بأنّها مؤلفة من عدّة حركات أو حركة واحدة. وكذلك إذا نظرنا في الحديث الشريف: “لن يزال أمر هذه الأمّة مستقيما حتّى تقوم الساعة” [البخاري]. فأمر الأمّة الإسلامية الآن ليس مستقيما، والانقطاع حصل منذ هدم الخلافة.
وأملنا بالله أن ينتهي هذا الانقطاع في وقت قريب، وتعود الطائفة الظاهرة إلى الظهور ويعود أمر الأمّة مستقيما، حيث يستقر الأصل ويزول الاستثناء.